الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اجتمع وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد يوم أمس الأربعاء 16 فيفري 2022 بنائب رئيس البنك الدولي المكلف بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط فريد بالحاج بحضور مدير مكتب البنك لمنطقة المغرب ومالطا ومدير مكتب تونس ومدير مكتب المؤسسة المالية الدولية وعدد من إطارات الوزارة.
وكان اللقاء فرصة حسب الوزارة تمّ خلالها التطرق إلى سير التعاون المالي والفني بين تونس والبنك للسنة الجارية وبرامج العمل للسنة القادمة.
وجرى التأكيد على استعراض سمير سعيّد بالمناسبة، صعوبة الأوضاع الاقتصادية المتراكمة التي تعيشها تونس وازدياد حدّتها في الفترة الأخيرة جراء تداعيات الجائحة العالمية كوفيد 19 وآثارها السلبية على مختلف محركات النمو، مع اشارته في هذا السياق إلى اعتزام الحكومة التونسية وضع برنامج إصلاحي عميق يتم حاليا التشاور بشأنه مع مختلف الشركاء على المستوى الوطني وكذلك الشركاء الماليين لاسيما صندوق النقد الدولي والعمل على الانطلاق في تنفيذه تدريجيا، والى أن هذه الإصلاحات أصبحت ضرورة حتمية لإعطاء دفع جديد للنشاط الاقتصادي واستعادة الاستقرار للتوازنات المالية وتحسين الأوضاع الاجتماعية.
ورغم حديث الوزير عن عمق الإصلاحات وهو حديث مستهلك منذ عشر سنوات فانه لا وجود فعليا اليوم لاي أثر إصلاحي في مجمل البرامج الحكومية الاقتصادية والاجتماعية، بل ان الحكومة ماضية في نفس سياسيات التداين وخاصة الانفاق بسخاء على مسؤوليها وهي التي تعتزم قريبا الزيادة في أجور المديرين العامين بالقطاع العمومي اضعافا مضاعفة بتعلة الحفاظ على “الكفاءات” كما ان مناداتها بسياسة التقشف لا تشملها هي بقدر ما تشمل المرفق العمومي اضافة الى ان الاستثمارات في الجهات أصبحت شبه منعدمة.
كما ان وزير الاقتصاد الذي عرف باستمرار بتناقض تصريحاته سيما بخصوص استهداف الدعم وتوجيهه لمستحقيه لم يتطرق بالمرة منذ تعيينه بشكل منهجي لمشاكل الاقتصاد التونسي الحقيقية كتلك المرتبطة بمنظومة التراخيص والفساد والاحتكارات باسم القانون والعجز عن إيجاد أي حل للحد من الفقر والبطالة وهي مشاكل تستفيد منها اليوم وفي الواقع عدة أطراف اقتصادية نافذة في تونس.
وبين الوزير لمسؤول البنك الدولي – الذي اعلمه رئيس الدولة بقرب القيام بتدقيق في القروض الخارجية – انه سيتم إصلاح منظومة الاستثمار خاصة على مستوى تبسيط الإجراءات وإنشاء آليات تمويل محفزة بما يمثل أحد أبرز عناصر الإصلاح التي يتم العمل عليها في الوقت الراهن باعتبار دور الاستثمار الخاص في خلق الثروة والرفع من نسق النمو.
ولكن كل وثائق الحكومة وخططها لا تشير من قريب او من بعيد الى وجود أي برنامج بخصوص تطوير منظومة الاستثمار، بل على العكس من ذلك فان عدة وضعيات جديدة أصبحت تزيد في تكريس تعطيله وايقافه خصوصا ان رئيس الجمهورية كان قد أعلن في ماي الفارط من فرنسا على هامش مشاركته في قمة تمويل اقتصادات افريقيا ان المناخ السياسي غير ملائم للاستثمار في البلاد.
وأكد الوزير في ذات السياق، لفريد بلحاج على أهمية دعم من البنك الدولي ينسجم مع الأولويات الوطنية والوضعية الاستثنائية التي تمر بها البلاد وخاصة برامج الدعم ذات البعد الاجتماعي ومساندة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وغيرها. ومن جانبه، أفاد بلحاج بأن البنك يتابع تطور الأوضاع في تونس ومدى التقدم في إعداد البرنامج الإصلاحي، مجددا استعداد البنك الدولي لمرافقة تونس حتى تنجح في تنفيذ الإصلاحات الضرورية وتتجاوز أزمتها الراهنة مع مواصلة برامج التعاون القائمة وخاصة منها برنامج الحماية الاجتماعية الذي سيحظى بدعم يناهز 400 مليون دولار وبرنامج لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وذلك من خلال وضع خط تمويل بمبلغ 50 مليون دولار.
ويتمثل فعليا برنامج الأمان الاجتماعي في توزيع منح تناهز زهاء 300 دينار (100 دولار) على نحو مليون عائلة فقيرة وهي منح لا يمكن ان تخرجها من الفقر باي شكل من الاشكال.
كما كان للوزير لقاء مع وفد من البنك تناول بالخصوص الوضع الاقتصادي والمالي وما يتطلب من إصلاحات وخاصة منها المتعلقة بمزيد تحسين مناخ الاعمال ودفع المبادرة الخاصة وتوسيع مجالات الرقمنة والتركيز على القطاعات الواعدة على غرار الاقتصاد الأخضر واقتصاد المعرفة، والطاقات المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها. وبيّن الوزير في هذا الصدد أن دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة – التي أفلس اغلبها – وخاصة منها المتضررة من جائحة كوفيد، تعد من الأولويات في المرحلة الراهنة حتى تتمكن من مجابهة هذا الظرف وتستعيد نسق نشاطها وتحافظ على مواطن الشغل، إذ أن الدعم المسند إلى حد الآن لم يكن في مستوى حدة الأزمة نظرا لمحدودية الإمكانيات المالية للدولة في الظروف الراهنة.