الشارع المغاربي: سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الامريكية الاضواء على المشاركة في الاستشارة الوطنية بتونس التي انتهت يوم الاحد مؤكدة ان الشكوك بدات تحوم حول ما وصفته بخطة الاصلاح الاستبدادي في اشارة الى اجراءات 25 جويلية التي اعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وفي تقرير اعدته الكاتبة ” فيفيان يي” تحت عنوان”خطة الاصلاح الدكتاتوري تواجه شكوكا ” نشرته الصحيفة على موقعها يوم امس الاثنين 21 مارس 2022 جاء ان ان الرئيس التونسي قيس سعيد راكم سلطات مطلقة بين يديه وانه اعلن عن استشارة وطنية قال إنها ستقود إلى كتابة دستور جديد للبلاد ومن ثمة الى انتخابات جديدة مؤكدة ان الكثيرين رفضوا هذه العملية.
وقالت الكاتبة ان الرئيس سعيد استولى على معظم السلطات في البلاد خلال الأشهر الثمانية الماضية مذكرة بانه كان قد علق البرلمان وعزل رئيس الحكومة واعتقل المعارضين وبانه بدأ يحكم من خلال المراسيم الرئاسية باسم الشعب التونسي.
واضافت “في حملة فردية لإنقاذ الشعب التونسي من الفساد وإصلاح الاقتصاد دعا سعيد الشعبَ إلى حوار وطني هذا الشتاء للمساعدة على ارساء دستور جديد.”
وتابعت “لكن لم يشارك في العملية سوى نصف مليون من أصل 12 مليوناً في استشارة دامت شهرين وانتهت يوم الأحد وذلك حسب الأرقام الحكومية.”
واعتبرت الكاتبة أن المشاركة المتدنية تعكس مشكلة ولوج المواطنين للعملية وغياب تغطية الإنترنات خاصة في المناطق الريفية.
ونقلت عن عدد ممن اسمتهم محللين تونسيين تاكيدهم أن العديد من افراد الشعب فقدوا الثقة بإصلاحات سعيد ووعوده التي استقبلوها بحماس في 25 جويلية بعد استيلائه على السلطة مؤكدة انه لم يف بها.
ونقلت عن زينب غنوشي (23 عاما) وطالبة الاقتصاد قولها : “هذا نظام مجنون ومزيف في نفس الوقت ”. مضيفة ” إنها تجاهلت عدة رسائل من الحكومة تدعو للمشاركة في الحوار وفي النهاية لن تؤدي هذه العملية إلى نتيجة حقيقية. ولا أعتقد أن قيس سعيد سيغير أي شيء في الواقع”.
واشارت الصحيفة إلى أن الاقتصاد التونسي انتقل من الركود إلى وضعية أسوأ والى ان الوظائف التي يبحث عنها الشباب باتت نادرة مؤكدة ان الدولة لم تعد تصرف رواتب الموظفين في أوقاتها.
وذكرت بارتفاع اسعار المواد الاساسية مثل السميد والسكر والزيت مشيرة الى انها كانت في ارتفاع مستمر حتى قبل الغزو الروسي لاوكرانيا والى انها ازدادت ارتفاعا نظرا لاستيراد معظم احتياجات العالم من القمح والنفط وغيرها من المواد من البلدين.
وقالت الكاتبة “حكومة سعيد تقوم بالتفاوض على حزمة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي وعلى أي اتفاق يعتمد على موافقة تونس على تخفيض دعم المواد الأساسية ورواتب القطاع العام وهو قرار بالإضافة لكونه غير مستساغ سيزيد من معاناة الشعب التونسي.”
واشارت الى ان حوالي الفين من المحتجين نزلوا للشارع يوم الأحد في مظاهرة ضد سعيد في العاصمة التونسية لافتة الى انها واحدة من عدة مظاهرات نظمت في الفترة الماضية في اشارة الى المظاهرات التي نظمها “مواطنون ضد الانقلاب “وشارك فيها عدد من الاحزاب المناهضة لاجراءات 25 جويلية.
ونقلت الصحيفة عن يوسف الشريف مدير مراكز كولومبيا العالمية في تونس قوله: “ اغلبهم لا يهتمون بالنظام السياسي ويريدون تغييرا في الظروف الاجتماعية- الاقتصادية”.
واكدت انه “لاحظ أن اغلب التونسيين رحّبوا بسعيد لأنهم اعتقدوا أنه قد يغير الظرف الاقتصادي و”ليس لأنهم كانوا يريدون المشاركة في مشروع سياسي كبير مثل الذي يعرضه الرئيس عليهم”.
وذكرت الصحيفة بان سعيد انتخب عام 2019 وبانه قام في 25 جويلية بتعليق البرلمان وعزل رئيس الحكومة واستولى على السلطة في عملية وصفها النقاد بالانقلاب. واضافت “منذ الخريف الماضي بدأ يحكم عبر المراسيم الرئاسية، وقيّد من حرية الإعلام .. كما ألغى مؤسسة القضاء واستبدلها بمؤسسة اختارها بنفسه في ما وصف بأنه تهميش لآخر مؤسسة مستقلة في البلاد”.
وتابعت “ألغى الرئيس معظم ابواب دستور سنة 2014 الذي كان حجر أساس الديمقراطية التونسية، التجربة الوحيدة التي نجت من اضطرابات الربيع العربي عام 2011. بحسب خطة الطريق التي حددها العام الماضي بضغط من القوى الغربية والمانحين الدوليين فإنه سيرعى حوارا وطنيا يقود إلى إعادة كتابة الدستور ومن ثمة الاستفتاء عليه هذا الصيف وتنظيم انتخابات في نهاية العام الحالي.”
واشارت الكاتبة ” الى ان الكثيرين كانوا يأملون في أن تشمل عملية الحوار الوطني الأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني على غرار عام 2013 عندما تدخل اتحاد الشغل القوي بما أوقف أزمة سياسية بشكل منح تونس جائزة نوبل مستدركة ” لكن نسخة سعيد لم تكن سوى دراسة مسحية عبر الإنترنات تحتوي على سؤال وجواب للمواطنين بشأن السياسة والاقتصاد والتعليم والشؤون الاجتماعية وبقية المواضيع .”
وذكرت بانه حسب ما ورد في موقعها “ستسمح الاستشارة للشعب التونسي، مالك السلطة الحقيقي،باختيار الإصلاحات السياسية والاقتصادية الكبرى التي يطمح اليها وسيضع إطارا ديمقراطيا للاستشارة بشأن اقتراحات عدة ستساعد على مواجهة التحديات المتعددة التي تواجه المواطنين التونسيين في مختلف المجالات”.
وقالت الكاتبة في خاتمة تقريرها “في النهاية أظهرت إحصائيات الحكومة أن من ضمن النسبة القليلة التي شاركت في الاستشارة كانت نسبة الرجال ضعف نسبة النساء. وان من أعمارهم فوق الثلاثين في بلد تشكل فيه نسبة الشباب “15- 29 عاما” مثلوا الغالبية.”
ونقلت عن طالب الاقتصاد عمر نيجا (19 عاما) تاكيده إنه تطوع للمساعدة على أمل حدوث تغيير، وانه لاحظ أن الناس فقدوا الاهتمام بالكامل وقالوا إنهم لا يريدون المشاركة في أية استشارة .
وختمت الكاتبة تقريرها قائلة “في ظل خريطة الطريق ستتولى مجموعة من الخبراء الذين سيختارهم الرئيس كتابة تعديلات الدستور غير انه لم يكشف عن الخطة بعد.