الشارع المغاربي: اعتبر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والبرلمان المحل ان ملخص الوضع السياسي في تونس انها “امام انقلاب يعيش حالة اختناق سياسي بعد أن اتسعت معارضاته وتحرك الشارع ضده يهتف بشعار “يسقط الانقلاب ويسقط المنقلب ” وان هناك “وضعا اقتصاديا يزداد اختناقا ويقترب من الإفلاس ان لم يكن وقع فيه” مؤكدا ان ذلك “دفع قادة الانقلاب وأنصاره إلى محاولة صرف الأنظار إلى ملفات أخرى مثل ملف النهضة في محاولة لإرضاء الاستئصاليين.”
وقال الغنوشي في حوار نشره اليوم الثلاثاء 31 ماي 2022 موقع “عربي 21 “القطري: “ان الاستئصاليين الذين لم يقبلوا حتى الآن الديمقراطية مصرين على إقصاء النهضة بعد ان عجزوا المرة تلو المرة عن اقصائها ومنافستها بالوسائل السياسية فالنهضة لا تزال الحزب الأول حسب آخر منافسة انتخابية نزيهة عام 2019،..لقد عجزوا عن منافستها أمام صناديق الاقتراع ولم يبق لهم إلا محاولة افتعال قضايا عنف ضدها وتحويلها من ملف سياسي يُعالج بالوسائل السياسية إلى ملف أمني يُعالج بالوسائل الأمنية والقضائية التي تنطلق من فكرة الديمقراطية والإقصاء وليس من مبدأ المنافسة الديمقراطية الادماجية التي عجزوا عنها..”
وحول مسؤولية حركة النهضة في ما الت اليه الاوضاع بتونس في السنوات الاخيرة اعتبر الغنوشي ان هناك “محاولة الان لصرف الأنظار عن العشرة أشهر التي أعقبت ما اسماه الانقلاب والتي قال انها كانت أسوأ فترة في تاريخ تونس بعد الاستقلال وبعد الثورة .”
واضاف “هذه الأشهر العشرة التي عاشتها تونس في ظل الانقلاب هي التي أصبحت البلاد فيها مهددة بالمجاعة ومرتبات الموظفين مهددة بعدم الصرف والمواد الأساسية غدت مفقودة في الأسواق اكثر من مرة ومُنعت فيها وسائل اعلام وكسرت اقلام واعتقل مدونون وحبس برلمانيون على يد قضاء عسكري وهددت احزاب بالحل. وأسوأ من ذلك أوصدت أبواب البرلمان بدبابة وجرد النواب من حصانتهم وتم تجويعهم وحُلت الحكومة وحُل مجلس القضاء، وأصبحت البلاد مهددة بمختلف الأخطار.”
وتابع “العشرية التي يصمونها بأنها العشرية السوداء نحن لا نقول انها كانت عشرية ازدهار وانها جنة على وجه الأرض اذ كانت عشرية انتقال ديمقراطي لم تحقق ازدهارا اقتصاديا حقيقيا ولكن التونسين عاشوا لأول مرة في تاريخهم الحرية والديمقراطية بمقاييس اعرق الديمقراطيات المعاصرة. حيث كتبت أعظم دساتيرها سنة 2014، الدستور الذي انقلب عليه الدكتاتور ..الدستور الذي تمت ترجمته في مؤسسات ديمقراطية منتخبة ومستقلة تعبر بجد عن مبدإ استقلال السلطات وتوازنها . جرت عديد الانتخابات لم يرمها احد بتزوير لأول مرة في تاريخ البلاد.”
واكد ان كل العائلات السياسية والمنظمات الوطنية ساهمت في العشرية بدرجات متفاوتة وان حزبه تصدر فيها المشهد لسنتين وشارك بأقدار مختلفة خلال بقية الفترة. مبرزا ان لحزبه الشجاعة لتحمل المسؤولية على قدر مساهمته ولإجراء مراجعات وتقبل حكم الشعب في الانتخابات على هذه الفترة مضيفا ان العديد من الاطراف التي ساهمت بشكل كبير في هذه العشرية إما اختفت من الساحة أو تنكرت لمسؤوليتها لتلقيها على النهضة معتبرا ذلك تلبيسا ومغالطة.
وقال الغنوشي” العشرية السوداء” ردد هذه الفرية الذين لم يفرحوا بفرح التونسيين بالحرية ولم يفرحوا بحصول تونس على جائزة نوبل تتويجا لديمقراطيتها ولم يفرحوا بدستور الحرية ويحدثون أنفسهم بعودة تونس إلى ما قبل 2011 وهم يقولون لا عودة إلى الوراء وهم عائدون إلى ما وراء الوراء، إلى ما قبل الثورة وإلى مرحلة الحزب الواحد، والنظام البوليسي الذي قامت عليه الثورة. بل قد ارتدوا الى ما قبل الاستقلال إلى عهد البايات عهد الحماية الذي استساغوه. لقد عادوا بنا إلى حكم الفرد ومريديه في شكل سياسي لم تشهد له البلاد مثيلا.” متابعا “هذه العشرية التي يهاجمونها فتحت للتونسيين أبواب الحرية والانتماء إلى عالم الحداثة السياسية الديمقراطية بديلا عن نظام الحزب الواحد والإعلام المزيف والانتخابات المزورة.”
من جهة اخرى استبعد الغنوشي ما يروج حول نهاية الاسلام السياسي بعد ما حصل في بلدان الربيع العربي قائلا :”طال التبشير بنهاية ما يسمى الإسلام السياسي لكن يبدو أن للإسلام السياسي أكثر من سبع أرواح.. إذا فقد واحدة تحل أخرى محلها..”
وتابع “الحقيقة القائمة تشهد أن من سينتهي ليس هو الإسلام السياسي وإنما الأنظمة الدكتاتورية الاستئصالية العلمانية المتطرفة ولا أقول كل العلمانيات وإنما العلمانيات الاستئصالية المتطرفة هي التي تحتضر في العالم العربي ولا تجد لها طريقا إلى الحكم إلا عبر الانقلابات.. أما الإسلام “السياسي” فبيّن أكثر مرة أنه يمكن أن يتراجع لكنه سرعان ما يعود ليتقدم مجددا لأنه متأصل في شعوبنا وعريق وبالتالي يمكنه أن يتأخر وأن يخرج من السلطة بالصندوق لكنه ما يلبث ان يعود إليها لأنه متأصل.. أما الذين يخرجون ولا يعودون إلا عبر الانقلابات فهم معروفون وليس من بينهم الإسلاميون..”