الشارع المغاربي – سفير‭ ‬إندونيسيا‭ ‬بتونس‭ ‬لـ"الشارع‭ ‬المغاربي"‬‭ :‬نسعى لتأمين مليون سائح إندونيسي سنويا لتونس بعد إلغاء التأشيرة 

سفير‭ ‬إندونيسيا‭ ‬بتونس‭ ‬لـ”الشارع‭ ‬المغاربي”‬‭ :‬نسعى لتأمين مليون سائح إندونيسي سنويا لتونس بعد إلغاء التأشيرة 

قسم الأخبار

28 مارس، 2023

الشارع المغاربي-التقاه صالح سويسي: الحديث‭ ‬مع‭ ‬سفير‭ ‬إندونيسيا‭ ‬بتونس‭ ‬زهيري‭ ‬مصراوي‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬طرافة،‭ ‬فالابتسامة‭ ‬لا‭ ‬تفارق‭ ‬محيّاه‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬الموضوع‭. ‬يسوق‭ ‬المعلومة‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬يمزج‭ ‬بين‭ ‬الجد‭ ‬والهزل‭ ‬ويُمرّر‭ ‬فكرته‭ ‬بأسلوب‭ ‬مباشر‭ ‬وواضح‭ ‬وبكثير‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬والتفاؤل‭ ‬بغدٍ‭ ‬أفضل‭.‬

يحب‭ ‬تونس‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يوصف‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬عنها‭ ‬وعن‭ ‬تاريخها‭ ‬وأعلامها،‭ ‬ومُدنها‭ ‬وقراها‭ ‬وحضارتها،‭ ‬ولا‭ ‬يفوّتُ‭ ‬فرصة‭ ‬ليعبّر‭ ‬عن‭ ‬محبّته‭ ‬تلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تصوير‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬لتهنئة‭ ‬تونس‭ ‬والتونسيين‭ ‬بحلول‭ ‬عيد‭ ‬وطني‭ ‬أو‭ ‬مناسبة‭ ‬دينية،‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬تهنئته‭ ‬بحلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المعظم‭ ‬وهو‭ ‬يرتدي‭ ‬الجبّة‭ ‬التونسية‭.‬

يعمل‭ ‬منذ‭ ‬وصوله‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬العلاقات‭ ‬التاريخية‭ ‬العريقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬ويتحرك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات‭ ‬كي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬نقطة‭ ‬جذب‭ ‬للسائح‭ ‬الإندونيسي‭ ‬ويسعى‭ ‬لإرساء‭ ‬جسر‭ ‬جوي‭ ‬بين‭ ‬جاكرتا‭ ‬وتونس‭ ‬العاصمة‭ ‬وجدة‭ ‬ليمرّ‭ ‬المعتمرون‭ ‬الإندونيسيون‭ ‬بتونس‭ ‬قبل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬البقاع‭ ‬المقدسة‭.‬

كما‭ ‬يسعى‭ ‬لمضاعفة‭ ‬تصدير‭ ‬التمور‭ ‬التونسية‭ ‬لبلاده،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬زيت‭ ‬الزيتون‭ ‬والفسفاط‭ ‬والمنتوجات‭ ‬البحرية‭.‬

يتحدث‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬الصداقة‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬بين‭ ‬الزعيمين‭ ‬بورقيبة‭ ‬وسوكارنو،‭ ‬وتقارب‭ ‬الأفكار‭ ‬والتطلّعات‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭.‬

ويوغل‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬الذي‭ ‬يتبرّك‭ ‬به‭ ‬الإندونيسيون‭ ‬ويعتبرونه‭ ‬مرجعا‭ ‬للإسلام‭ ‬المعتدل،‭ ‬بل‭ ‬يدرّسون‭ ‬كتبه‭ ‬ويطبقون‭ ‬أفكاره‮…‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬حاولنا‭ ‬أن‭ ‬ننطلق‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬العلاقات‭ ‬التونسية‭ ‬الإندونيسية‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬سعي‭ ‬محدثنا‭ ‬لمزيد‭ ‬تعميقها‭ ‬ودعمها‭.‬

كيف‭ ‬تقدّمون‭ ‬العلاقة‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وإندونيسيا؟‭ ‬وكيف‭ ‬انطلقت؟

العلاقة‭ ‬بين‭ ‬إندونيسيا‭ ‬وتونس،‭ ‬هي‭ ‬بالأساس‭ ‬علاقة‭ ‬صداقة‭ ‬وأخوة،‭ ‬نحن‭ ‬كالعائلة‭ ‬الواحدة،‭ ‬حيث‭ ‬لما‭ ‬غادر‭ ‬الزعيم‭ ‬بورقيبة‭ ‬سنة‭ ‬1951‭ ‬جزيرة‭ ‬قرقنة‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬ثم‭ ‬القاهرة‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬إندونيسيا،‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬الزعيم‭ ‬أحمد‭ ‬سوكارنو‭ ‬دعم‭ ‬إندونيسيا‭ ‬تونس‭ ‬ومساعدتها‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬الاستقلال‭.‬

والحمد‭ ‬لله‭ ‬لبّى‭ ‬سوكارنو‭ ‬طلب‭ ‬بورقيبة‭ ‬وفتحنا‭ ‬المكتب‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬جاكرتا‭ ‬وأرسل‭ ‬بورقيبة‭ ‬رشيد‭ ‬إدريس‭ ‬ليكون‭ ‬رئيسا‭ ‬لذلك‭ ‬المكتب‭ ‬أين‭ ‬أعدّ‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬لاستقلال‭ ‬تونس،‭ ‬ورفعنا‭ ‬علم‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬جاكرتا،‭ ‬وكانت‭ ‬اندونيسيا‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬تعترف‭ ‬بتونس‭ ‬سنة‭ ‬1951‭.‬

وفي‭ ‬المؤتمر‭ ‬الآسيوي‭ ‬الإفريقي‭ ‬لعدم‭ ‬الانحياز‭ ‬اعترفنا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بتونس‭ ‬وخصصنا‭ ‬لها‭ ‬كرسيّا‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭. ‬

أنا‭ ‬أعتز‭ ‬وأفتخر‭ ‬دائما‭ ‬بالزعيم‭ ‬بورقيبة‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬أفكار‭ ‬مستنيرة‭ ‬وتطلّعات‭ ‬مستقبلية،‭ ‬زعيم‭ ‬فكّر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬السفر‭ ‬لإندونيسيا‭ ‬أين‭ ‬أرسى‭ ‬جسر‭ ‬تواصل‭ ‬وعلاقة‭ ‬ليست‭ ‬ديبلوماسية‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬علاقة‭ ‬صداقة‭ ‬بين‭ ‬إندونيسيا‭ ‬وتونس‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬خمسينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وتتواصل‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.  ‬وبعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬دعا‭ ‬بورقيبة‭ ‬سوكارنو‭ ‬لزيارة‭ ‬تونس‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬استقبال‭ ‬رهيب‭ ‬وهائل،‭ ‬حيث‭ ‬كتبت‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬وقتها‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬تونسي‭ ‬استقبلوا‭ ‬زعيمنا،‭ ‬وقد‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬بلدية‭ ‬تونس‭ ‬إطلاق‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الشوارع‭ ‬تقديرا‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬استقلال‭ ‬تونس‭.‬

علاقتنا‭ ‬بتونس‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬علاقة‭ ‬تاريخية،‭ ‬علاقة‭ ‬جميلة،‭ ‬تتواصل‭ ‬مع‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬علاقة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬أفكار‭ ‬متقاربة‭ ‬لزعيمين‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬وتوجهاتها‭ ‬حول‭ ‬اللامركزية‭ ‬مثلا‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالفقراء‭ ‬والأرياف‭ ‬وكيفية‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬قومية‭ ‬وطنية،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬إندونيسيا‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬نفتخر‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬ونعتز‭ ‬ونطبق‭ ‬أفكار‭ ‬سوكارنو‭ ‬وبورقيبة‭ ‬ونجحنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والثقافة‭.‬

ثمّة‭ ‬علاقة‭ ‬خاصة‭ ‬تجمع‭ ‬الإندونيسيين‭ ‬بالشيخ‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور،‭ ‬كيف‭ ‬تفسّرون‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة؟

محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬عالم‭ ‬نعتز‭ ‬به‭ ‬ونفتخر‭ ‬به‭ ‬كما‭ ‬نفتخر‭ ‬بالزعيم‭ ‬بورقيبة،‭ ‬ولمؤلفاته‭ ‬أثر‭ ‬كبير‭ ‬ودور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬إندونيسيا،‭ ‬فهي‭ ‬أفكار‭ ‬تعطي‭ ‬الأمل‭ ‬للتقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬للدول‭ ‬المسلمة،‭ ‬وسوف‭ ‬نطبع‭ ‬كتابا‭ ‬جديدا‭ ‬له‭ ‬حول‭ ‬‮”‬أسس‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬الإسلام‮”‬‭ ‬ومؤلفاته‭ ‬القديمة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬‮”‬مقاصد‭ ‬الشريعة”‬‭ ‬ورسائل‭ ‬التحرير‭ ‬والتنوير‮”‬‭ ‬و”أصول‭ ‬النظام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الإسلام‮”‬‭ ‬و”أليس‭ ‬الصبح‭ ‬بقريب؟”‬‭ ‬وغيرها‭ ‬مشهورة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬إندونيسيا‭ ‬وأفكار‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬مقروءة،‭ ‬مدروسة‭ ‬ومطبقة‭ ‬عندنا‭.‬

بلادنا‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬المعتدلة،‭ ‬ولكن‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يدري‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬الاعتدال،‭ ‬والذي‭ ‬يعود‭ ‬للعلامة‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬تزور‭ ‬المساجد‭ ‬والمعاهد‭ ‬والجامعات‭ ‬لتجد‭ ‬مؤلفاته‭ ‬كمراجع‭.‬

وحين‭ ‬حللت‭ ‬بتونس،‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬هو‭ ‬زيارة‭ ‬ضريحه،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬سائقي‭ ‬سألني‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬أعرفه‭ ‬فأجبته‭ ‬‮”‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أعرفه‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬قلبي‮” ‬ولليوم‭ ‬أزوره‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬15‭ ‬من‭ ‬الشهر،‭ ‬ونحن‭ ‬محظوظون‭ ‬كأجيال‭ ‬جديدة‭ ‬بأننا‭ ‬قرأنا‭ ‬له‭ ‬ودرسناه،‭ ‬وحتى‭ ‬سيّاحنا‭ ‬حين‭ ‬يأتون‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬يذهبون‭ ‬مباشرة‭ ‬لزيارة‭ ‬ضريحه‭. ‬

نحن‭ ‬نتبرّك‭ ‬بالعلامة‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬فلولاه‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬إندونيسيا‭ ‬معتدلين،‭ ‬ولولاه‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتطلع‭ ‬للتقدم‭ ‬في‭ ‬إندونيسيا‭. ‬والعلامة‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬يكتب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خير‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والعالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬تونسي‭ ‬أن‭ ‬يفتخر‭ ‬به‭ ‬ويطبق‭ ‬أفكاره،‭ ‬لأنها‭ ‬أفكار‭ ‬معاصرة‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬نحتاجه‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬وفيها‭ ‬دعوة‭ ‬لحب‭ ‬الوطن‭ ‬والتسامح‭ ‬والعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإصلاح‭ ‬فهو‭ ‬يدعو‭ ‬للاجتهاد‭ ‬كي‭ ‬نساير‭ ‬المستجدات‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬حتى‭ ‬نبدع‭ ‬وننتج‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصلحتنا‭.‬

وكنا‭ ‬نظمنا‭ ‬ملتقى‭ ‬العلامة‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور،‭ ‬والعام‭ ‬المقبل‭ ‬سنعمل‭ ‬على‭ ‬إحياء‭ ‬الذكرى‭ ‬الخمسين‭ ‬لوفاته،‭ ‬وطبعا‭ ‬هناك‭ ‬علماء‭ ‬آخرون‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬مثل‭ ‬أبي‭ ‬سعيد‭ ‬الباجي‭ ‬وبلحسن‭ ‬الشاذلي‭ ‬وابن‭ ‬خلدون‭ ‬وهم‭ ‬علماء‭ ‬مرموقون،‭ ‬ولكن‭ ‬مكانة‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬أكبر‭ ‬لأنه‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬المعاصر‭ ‬ومؤلفاته‭ ‬لامست‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭.‬

على‭ ‬مستوى‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬حضور‭ ‬طلبة‭ ‬إندونيسيا‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬التونسية؟

حاليا،‭ ‬هناك‭ ‬حوالي‭ ‬150‭ ‬طالبا‭ ‬إندونيسيا‭ ‬يزاولون‭ ‬تعليمهم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الزيتونة‭ ‬وجامعة‭ ‬منوبة،‭ ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬القادم‭ ‬سيأتي‭ ‬طلبة‭ ‬آخرون‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬جامعات‭ ‬المنار‭ ‬والقيروان‭ ‬وقرطاج‭ ‬وجامعات‭ ‬أخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬غالبيتهم‭ ‬يعرفون‭ ‬الزيتونة‭ ‬فيأتون‭ ‬للدراسة‭ ‬فيها،‭ ‬وسأسعى‭ ‬كسفير‭ ‬ليدرس‭ ‬الطلبة‭ ‬الإندونيسيون‭ ‬في‭ ‬جامعات‭ ‬أخرى‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬السفارة‭ ‬تطمح‭ ‬لفتح‭ ‬‮”‬زوايا‭ ‬إندونيسيا‮”‬‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬أعلام‭ ‬حضارة‭ ‬إندونيسيا‭ ‬وتاريخها‭ ‬وثقافتها‭ ‬وأفكارها‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬اللغة،‭ ‬وكانت‭ ‬أولى‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬استجابت‭ ‬لدعوتنا‭ ‬هي‭ ‬جامعة‭ ‬سوسة،‭ ‬والآن‭ ‬شرعت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإندونيسية‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬تمتع‭ ‬طلبة‭ ‬تونسيين‭ ‬بمنح‭ ‬دراسية‭ ‬في‭ ‬إندونيسيا‭ ‬وهناك‭ ‬فعلا‭ ‬طلبة‭ ‬يدرسون‭ ‬مراحل‭ ‬الماجستير‭ ‬والدكتورا،‭ ‬ونحن‭ ‬نسعى‭ ‬لفسح‭ ‬المجال‭ ‬أكثر‭ ‬أمامهم‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬أربعين‭ ‬تونسيا‭ ‬يتحدثون‭ ‬الإندونيسية‭ ‬بطلاقة‭ ‬وهم‭ ‬يحبون‭ ‬بلادنا‭ ‬كما‭ ‬أحب‭ ‬أنا‭ ‬بلادكم‭ ‬كثيرا‭ ‬والأكيد‭ ‬سيكون‭ ‬هذا‭ ‬التبادل‭ ‬التربوي‭ ‬والثقافي‭ ‬أقوى‭ ‬وأحسن‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

ماذا‭ ‬يُعيق‭ ‬توافد‭ ‬السياح‭ ‬الإندونيسيين‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬رغم‭ ‬عمق‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين؟

هناك‭ ‬مشكلان‭ ‬أساسيان‭ ‬أمام‭ ‬قلّة‭ ‬توافد‭ ‬السياح‭ ‬الإندونيسيين‭ ‬على‭ ‬تونس‭.‬

المشكل‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬فرض‭ ‬السلطات‭ ‬التونسية‭ ‬التأشيرة‭ ‬على‭ ‬السائح‭ ‬الإندونيسي،‭ ‬وكنت‭ ‬تحدثت‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬ووزير‭ ‬السياحة‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬تسهيلات‭ ‬للسياح‭ ‬الإندونيسيين،‭ ‬فعدد‭ ‬السياح‭ ‬الذين‭ ‬يسافرون‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬سنويا‭ ‬يعادل‭ ‬24‭ ‬مليون‭ ‬إندونيسي،‭ ‬يزورون‭ ‬أوروبا‭ ‬وتركيا‭ ‬ومصر‭ ‬وأمريكا‭ ‬وطبعا‭ ‬السعودية‭ ‬ليناهز‭ ‬العدد‭ ‬45‭ ‬مليونا‭.‬

أمّا‭ ‬السبب‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬قلة‭ ‬الدعاية‭ ‬عن‭ ‬جمال‭ ‬تونس،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬مشهورة‭ ‬ومعروفة‭ ‬في‭ ‬إندونيسيا‭ ‬بجمالها،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬‮”‬فيديوهات‮”‬‭ ‬عن‭ ‬تونس‭.‬

فأنا‭ ‬مثلا‭ ‬حين‭ ‬أريد‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬سأبحث‭ ‬في‭ ‬‮”‬غوغل‮”‬‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬‮”‬يوتيوب‮”‬‭ ‬فلا‭ ‬أجد‭ ‬المعلومة‭ ‬الكافية‭ ‬عن‭ ‬المهدية‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬القيروان‭ ‬حاضرة‭ ‬الإسلام‭ ‬أو‭ ‬المنستير‭ ‬أو‭ ‬سوسة‭ ‬أو‭ ‬جربة‭ ‬أو‭ ‬الجنوب‭ ‬التونسي‭ ‬أو‭ ‬بنزرت‭ ‬أو‭ ‬جندوبة‮…‬‭ ‬وجميعها‭ ‬نماذج‭ ‬لجمال‭ ‬الطبيعة‭ ‬الرائع‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الفيديوهات‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬تحدثت‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬السياحة‭ ‬وقلت‭ ‬إنني‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أساعد‭ ‬مثلما‭ ‬فعل‭ ‬رئيسنا‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬وساعد‭ ‬على‭ ‬استقلال‭ ‬تونس،‭ ‬فأنا‭ ‬سأساعد‭ ‬على‭ ‬مجيء‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬إندونيسي‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬لزيارة‭ ‬مغارة‭ ‬أبي‭ ‬الحسن‭ ‬الشاذلي‭ ‬وضريح‭ ‬العلامة‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭.‬

نحن‭ ‬نسعى‭ ‬لتنظيم‭ ‬زيارات‭ ‬سياحة‭ ‬روحية‭ ‬إلى‭ ‬القيروان‭ ‬وإلى‭ ‬مقامات‭ ‬سيدي‭ ‬أبي‭ ‬سعيد‭ ‬الباجي‭ ‬وسيدي‭ ‬محرز‭ ‬وجامع‭ ‬الزيتونة‮…‬

اليوم‭ ‬عدد‭ ‬المعتمرين‭ ‬الإندونيسيين‭ ‬يبلغ‭ ‬حوالي‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬معتمر‭ ‬سنويا،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬يمرّ‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬عبر‭ ‬تونس‭ ‬قبل‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬السعودية،‭ ‬لنمدّ‭ ‬جسرا‭ ‬للمعتمر‭ ‬الإندونيسي‭ ‬يبدأه‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬ويكمله‭ ‬في‭ ‬البقاع‭ ‬المقدسة،‭ ‬ونحن‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬وقد‭ ‬تحدثت‭ ‬مع‭ ‬سعادة‭ ‬سفير‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬جاكرتا‭ ‬رياض‭ ‬الدريدي‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تكثيف‭ ‬عدد‭ ‬السيّاح‭ ‬من‭ ‬الاندونيسيين‭ ‬المتوجهين‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭.‬

ولا‭ ‬أخفي‭ ‬أنني‭ ‬متفائل‭ ‬بالمستقبل‭ ‬وسيكون‭ ‬القادم‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التسهيلات،‭ ‬ومن‭ ‬جانبنا‭ ‬سنعمل‭ ‬على‭ ‬تكثيف‭ ‬عدد‭ ‬السياح،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬السائح‭ ‬الإندونيسي‭ ‬طبع‭ ‬خاص‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يمكث‭ ‬في‭ ‬النُّزُلِ‭ ‬والشواطئ،‭ ‬بل‭ ‬يتجول‭ ‬كثيرا‭ ‬ويتسوق‭ ‬كثيرا،‭ ‬ويحب‭ ‬تونس‭ ‬ويتحدث‭ ‬عنها‭ ‬وعن‭ ‬شعبها‭ ‬بكل‭ ‬حب‭ ‬واحترام‭.‬

ماذا‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وإندونيسيا؟‭ ‬وإلى‭ ‬ماذا‭ ‬تطمحون‭ ‬في‭ ‬المستقبل؟

من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬الخاصة،‭ ‬أرى‭ ‬أنّ‭ ‬تاريخنا‭ ‬العريق‭ ‬والجميل‭ ‬يجعلنا‭ ‬نسعى‭ ‬ليكون‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬أحسن‭ ‬وأكثر‭ ‬وأقوى‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

الآن‭ ‬تحتلّ‭ ‬تونس‭ ‬المرتبة‭ ‬الثالثة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التصدير‭ ‬بعد‭ ‬مصر‭ ‬والسعودية،‭ ‬وأنا‭ ‬أطمح‭ ‬لتكون‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى،‭ ‬وقد‭ ‬بدأنا‭ ‬في‭ ‬تكثيف‭ ‬تصدير‭ ‬التمور‭ ‬وهي‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬طن‭ ‬وأنا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬أي‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬وهذا‭ ‬ممكن‭ ‬جدا،‭ ‬والتمور‭ ‬التونسية‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المنازل‭ ‬والبيوت‭ ‬الإندونيسية،‭ ‬والآن‭ ‬أنا‭ ‬أعمل‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬زيت‭ ‬الزيتون‭ ‬لأننا‭ ‬استوردناه‭ ‬من‭ ‬إسبانيا‭ ‬ولكن‭ ‬بأسعار‭ ‬مرتفعة،‭ ‬لذلك‭ ‬نريد‭ ‬استيراده‭ ‬من‭ ‬تونس،‭ ‬كذلك‭ ‬الفسفاط‭ ‬والمنتوجات‭ ‬البحرية،‭ ‬والفرص‭ ‬كثيرة‭ ‬وأنا‭ ‬أتحرك‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اتجاه‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اتفاقية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التجارة‭ ‬لرفع‭ ‬مستوى‭ ‬التوريد‭ ‬والتصدير‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬ونرجو‭ ‬أن‭ ‬تتوفر‭ ‬تسهيلات‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

نترك‭ ‬لك‭ ‬حرية‭ ‬إنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الحوار،‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬رسالة‭ ‬توجهها‭ ‬للشعب‭ ‬التونسي؟

نحن‭ ‬نريد‭ ‬الخير‭ ‬لتونس‭ ‬ونتمنى‭ ‬لها‭ ‬الازدهار‭ ‬والتقدم،‭ ‬وكما‭ ‬أقول‭ ‬إنّ‭ ‬لتونس‭ ‬كل‭ ‬الخيرات،‭ ‬الطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬والطبية‭ ‬وكل‭ ‬المقومات،‭ ‬وينبغي‭ ‬عليها‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬وليس‭ ‬العمل‭ ‬الفردي‭ ‬مثل‭ ‬إندونيسيا،‭ ‬وأنا‭ ‬كسفير‭ ‬عندي‭ ‬خبرة‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬بحوالي‭ ‬17‭ ‬عاما‭ ‬وكنت‭ ‬وضعت‭ ‬خطة‭ ‬ازدهار‭ ‬بلادي‭ ‬وأنا‭ ‬أعمل‭ ‬بها،‭ ‬واذا‭ ‬كانت‭ ‬اندونيسيا‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬280‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬قد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬يمنع‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬ذلك؟

أنا‭ ‬أقول‭ ‬دائما‭ ‬‮”‬إن‭ ‬مع‭ ‬العسر‭ ‬يسرا‮”‬‭ ‬وتونس‭ ‬محروسة‭ ‬بأوليائها‭ ‬وبالعلامة‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬وستكون‭ ‬دائما‭ ‬بخير‭.‬

* نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 28 مارس 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING