الشارع المغاربي – تقرير: جل بلدان العالم تحرم النساء من حقوقهن الاقتصادية فأين تُصنّف التونسيات ؟

تقرير: جل بلدان العالم تحرم النساء من حقوقهن الاقتصادية فأين تُصنّف التونسيات ؟

قسم الأخبار

3 مارس، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أصدر يوم أمس الأربعاء 2 مارس 2022 البنك الدولي تقريره السنوي حول “المرأة وأنشطة الاعمال والقانون 2022″ بين فيه ان الفرص الاقتصادية المتساوية لا تتاح في العالم لنحو 2.4 مليار امرأة في سن العمل وان 178 بلدا تضع حواجز قانونية تحول دون مشاركتهن الاقتصادية الكاملة. واضاف انه يوجد في 86 بلدا شكل من اشكال القيود على عمل المرأة بالإضافة الى ان 95 بلداً لا تكفل للنساء المساواة في الأجر للعمل المتساوي القيمة.

وعلى مستوى العالم، لا تتمتع النساء، وفق التقرير إلا بثلاثة أرباع الحقوق القانونية الممنوحة للرجال – إذ يبلغ مجموع النقاط للنساء 76.5 من 100 نقطة يمكن تسجيلها، وهو المستوى الذي يشير إلى المساواة القانونية الكاملة. ورغم التأثير الكبير على حياة النساء وسبل كسب أرزاقهن نتيجة تفشي جائحة كورونا العالمية قام 23 بلدا بتعديل قوانينه في عام 2021 من اجل اتخاذ خطوات ضرورية نحو تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة.

ويقيس تقرير المرأة وانشطة الاعمال والقانون 2022 القوانين والانظمة في 190 بلدا في ثماني مجالات تُؤثِّر على مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي هي التنقل، ومكان العمل، والأجور، والزواج، والوالدية، وريادة الأعمال، والاصول، والمعاش التقاعدي. وتقدم البيانات معايير موضوعية وقياسية للتقدم الذي أحرزه العالم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين مبرزا ان النساء يتمتعن بوضع قانوني مساو لوضع الرجل في 12 بلداً فقط -كلها بلدان أعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. والجديد في تقرير هذا العام هو مسح تجريبي شمل 95 بلدا للقوانين التي تنظم رعاية الطفل وهو مجال مهم تحتاج فيه المرأة للمساندة حتى تنجح في العمل المأجور. كما يتضمن التقرير أيضا تحليلا تجريبيا لكيفية تنفيذ القوانين التي تُؤثِّر على التمكين الاقتصادي للمرأة، حيث يبرز الاختلاف بين القوانين المدونة والواقع الذي تعاني منه المرأة.

وسجَّلت منطقتا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب صحراء أفريقيا أكبر تحسينات في مؤشرات تقرير المرأة والعمل والقانون في 2021، لكنهما لا تزالان متأخرتين عن مناطق العالم الأخرى بشكل عام.

وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تتمتع المرأة في المنطقة، عموما حسب التقرير إلا بنصف الحقوق القانونية التي يتمتع بها الرجل. بيد أن المنطقة شهدت أكبر تحسن في قوانينها نتيجة للإصلاحات في خمس دول. سنَت البحرين نظام الأجر المتساوي عن العمل ذي القيمة المتساوية، ورفعت القيود عن قدرة النساء على العمل ليلاً. وألغت أيضا أحكاما تعطي السلطة المختصة صلاحية حظر أو منع النساء من العمل في وظائف أو صناعات مُعيَّنة. وسنَّت مصر تشريعا يحمي النساء من العنف الأسري ويقضي بتيسير الحصول على الائتمان للنساء بحظر التمييز ضد المرأة في الخدمات المالية، وحظرت الكويت التمييز ضد المرأة في العمل واعتمدت تشريعا للتحرش الجنسي في مكان العمل، وسن لبنان تشريعا يجرم التحرش الجنسي في مكان العمل، وسمحت عُمان للنساء بتقديم طلب للحصول على جواز سفر مثلما يُسمح للرجال.

اما في تونس فقد كشفت بيانات التقرير ان مؤشر تونس في مجال المساواة في الحقوق الاقتصادية والقانونية جد ضعيف ولا يتجاوز 64.4 نقطة من أصل حد اقصى يساوي 100 نقطة مما يجعلها في المرتبة 14 بمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في محور حقوق الشغل بواقع 75 نقطة في حين يناهز رصيد المرأة التونسية 25 من 100 في مجال المساواة في الاجر وهي مرتبة متدنية للغاية حتى على الصعيد الدولي.

واظهر التقرير ان تونس تبقى على الصعيد القانوني في مراتب متأخرة في مجال ريادة الاعمال (75 نقطة) والحضانة (40 نقطة) وحق الملكية والتوريث (40 نقطة) والحقوق المرتبطة بالزواج (60 نقطة).

يذكر انه كثيراً ما يتباهى التونسيون بأن للمرأة مكانتها اللائقة في المجتمع، بحكم حصولها على حقوق مهمة منذ الاستقلال لكن النظر في التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة التونسية يثبت حقيقة مفادها أن هناك الكثير الذي ما زال يجب القيام به في سبيل تكريس منظومة حقوقية متكاملة تحفظ للمرأة التونسية كرامتها رغم أن ما تحقق يعتبر مكسباً ًفي حد ذاته ومطمحاً لعديد البلدان.

وتعتبر الحقوق الاقتصادية نقطة ضعف منظومة حقوق المرأة في تونس، إذ يعرف البلد فراغاً تشريعياً لافتاً لا يتلاءم مع ما تتعرض له النساء من استغلال وهضم للحقوق في قطاعات عديدة مشغلة لليد العاملة النسوية، على غرار الفلاحة، وصناعة النسيج، والملابس، وغيرها. لذلك تعرض البعض لانتقادات واسعة حين اختصر المساواة الاقتصادية في الحقوق والواجبات بين المواطنين، في المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، وذلك بعيداً حتى عن الجدل الديني الذي يأخذ بين الحين والاخر الحيّز الأهم من النقاشات.

ومن بين القطاعات الهشة التي تتعرض فيها المرأة التونسية للاضطهاد وسوء المعاملة وهضم الحقوق، القطاع الفلاحي بشكل خاص حيث اهتمت وسائل الإعلام التونسية كثيراً خلال الأعوام الأخيرة بمعاناة العاملات فيه، سيما مع حوادث المرور المتكررة التي تحصل أثناء نقلهن إلى أماكن العمل في الأراضي الفلاحية. لكن رغم هذا الاهتمام الإعلامي الذي فرضه الواقع المرير، تعتبر الجهود المبذولة من قبل الدولة لحماية هذه الشريحة النسوية المنسية محدودة وغير كافية ولا تلبي حاجاتهن في تحقيق الكرامة وتأمين لقمة العيش في أفضل الظروف.

كما انه ورغم صدور قانون تونسي في سنة 2017 لمناهضة العنف ضد المرأة، توسع في مفهوم العنف المسلط على المرأة ليشمل التمييز الاقتصادي لها على غرار منحها أجراً أدنى واستغلالها لساعات طويلة وحرمانها من التغطية الاجتماعية فإن هذا القانون، الذي اعتبره البعض ثورة حقيقية في مجال التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة، لم يغيّر الشيء الكثير على أرض الواقع. والحقيقة يبدو غريباً وفقا للعديد من المهتمين بالمساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن تتواصل معاناة النساء في بلد مثل تونس رائد ظاهريا في محيطه في مجال حقوق المرأة، وبهذه الكيفية، أي بعد عقود من الاستقلال والانطلاق في بناء الإنسان من قبل الآباء المؤسسين، وعلى رأسهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.

فقد رفع هؤلاء منذ الاستقلال شعار النهوض بأوضاع المرأة التونسية وسعوا إلى تكريسه على أرض الواقع عبر سن التشريعات والعمل على تطبيقها من أجل محاربة الجهل والتخلف الذي تركه الاستعماران الفرنسي والتركي وعهود الاستبداد السابقة سيما مع الرومان و غيرهم.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING