الشارع المغاربي: أخطر سيناريو على تونس هو أن تواصل التداين دون القيام بإصلاحات.
اقتصاد تونس أصبح معطّلا فهو لا يوفّر نموّا ولا يخلق ثروة ولا مواطن شغل.
كل القطاعات تشكو وتحتاج الى إصلاحات عاجلة.
منظومة الوظيفة العمومية، صندوق التعويض، المؤسسات العمومية، النظام الجبائي، منظومة التعليم العمومي، قطاع الصحة، القضاء، الأمن، كل هذه القطاعات تستدعي التدخل العاجل والشروع في إصلاحات عميقة.
من جهة أخرى بلغ التداين العمومي مستويات خطيرة. وصل إلى ما يسمى بالتداين المشط. وكالات التصنيف الإئتماني وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنوك الجهوية الكبرى كلها تعتبر أن تونس أصبحت في وضع ينبئ بخطر التعثر في تسديد ديونها الخارجية.
ولكن يبدو أن السلط العمومية التونسية متخوّفة من تأثير الإصلاحات على الوضع الاجتماعي. نعم لكلّ اصلاح تأثير إيجابي ولكن له أيضا تأثير سلبي على الأوضاع الاجتماعية. ولكن هل يبرر هذا تأجيل الإصلاحات إلى ما لا نهاية له؟ ان كان للإصلاحات تأثير سلبي على الوضع الاجتماعي فما بالك بتأثير عدم القيام بإصلاحات على الوضع الاجتماعي وعلى تونس بأكملها؟
مواصلة التداين دون القيام بالإصلاحات الضرورية والتي لا مفر منها والتي تأخرت كثيرا هو قطعا أخطر سيناريو على تونس.
مواصلة التداين بهذا الشكل يعني :
- مزيد اثقال كاهل الدولة بالديون.
- اللجوء الى حلول تداين أقصر أجلا وأكثر كلفة.
- مواصلة تأجيل أي إعادة جدولة مستحقات الدين الداخلي بالدينار وبالعملات الأجنبية.
- والأخطر من هذا كله مواصلة تأجيل الإصلاحات التي تصبح مع الوقت أصعب وأكثر كلفة إن لم تصبح مستحيلة في بعض الأوقات.
تونس في وضع محادثات تقنية ومفاوضات مع صندوق النقد الدولي منذ أكثر من سبعة وعشرين شهرا أي منذ أفريل 2021 قصد الحصول على قرض بـ1,9 مليار دولار. ولكنها لم تحصل عليه الى حدّ الآن. الواضح أن تونس تريد الحصول على القرض دون القيام بأية إصلاحات. وهذا طبعا غير ممكن اذ أنّ برنامج الإصلاحات المرافق لطلب القرض تقدمت به السلط التونسية وهي في مصلحة تونس.
مستوى مخزون البلاد من العملات الأجنبية يدلّ على أن تونس وضعت نفسها أمام خيار صعب : إمّا تسديد مستحقات الدين الخارجي وإمّا تمكين المؤسسات العمومية من توفير المواد الأساسية من دواء وغذاء ومحروقات. الحلّ الوحيد للخروج من هذه المعادلة الصعبة هي التعجيل بالدخول بتونس في إصلاحات عميقة.
الإصلاحات أهم وأجدى بالنسبة لتونس من قرض صندوق النقد الدولي ومن مذكرة التفاهم مع الاتحاد الأوروبي ومن قرض البنك الافريقي للتصدير والتوريد ومن قرض المملكة السعودية.
نمط انفاق الدولة وصل الى طريق مسدود. تركيبة التجارة الخارجية التونسية أصبحت غير مجدية اقتصاديا وتؤدي حتما إلى مزيد التداين الأجنبي. وضع المؤسسات العمومية جعلها تفقد دورها الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
الإصلاحات التونسية التونسية هي الحل وهي الحل الوحيد.
*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 25 جويلية 2023