الشارع المغاربي-محمد الجلالي: لطالما مثّل تضارب المصالح ضربة قاصمة في خاصرة عديد المؤسسات العمومية في ظل تطبيع عديد الادارات مع الامر رغم الانعكاسات الوخيمة على المالية العمومية.
في وزارة التجهيز توجه عدد من الموظفين بشكاية الى رئاستي الجمهورية والحكومة ولوزيرة التجهيز ومحكمة المحاسبات والهيئة العليا للرقابة الادارية والمالية للإبلاغ عن وجود رئيس ديوان الوزيرة منذ تولي مهامه في جانفي 2022 في وضعية تضارب مصالح بعد نُقلة زوجته للعمل تحت إشرافه بالديوان. الخطة الجديدة التي تولتها زوجة رئيس الديوان خوّلت لها التمتع بوضعية ادارية تفاضلية مقارنة ببقية زملائها ممن يفوقونها تجربة ورتبة وفق تأكيد مصدر بالإدارة.
المصدر أفاد بأن زوجة رئيس الديوان تمتّعت بامتيازات رئيسة مصلحة التنسيق والمراقبة بالادارة العامة للمصالح المشتركة رغم التحاقها بالديوان معتبرا أن في ذلك بعث خطة وظيفية صورية من أجل عيون الزوجة فضلا عن تمتعها بسيارة ادارية جديدة دون احترام معيار الاقدمية مقارنة ببقية الاطارات وتسميتها عضوا بمجلس ادارة الشركة الوطنية العقارية الخاضعة لاشراف الوزارة.
في مؤسسة عمومية أخرى هي الوكالة الوطنية لحماية المحيط كان تضارب المصالح حاضرا بقوة عبر اشراف زوجين على ادارتي تقييم دراسات التأثير على المحيط ومراقبة التلوث.
صناعيون شددوا في تصريح لـ أسبوعية “الشارع المغاربي” على تضرّرهم من الخطتين اللتين يشغلهما الزوجان ملاحظين انهم لمسوا في أكثر من مناسبة ان الادارة التي يشرف عليها الزوج تُسارع الى اجراء عمليات رقابة مكثفة على وحداتهم الصناعية ثم تفرض عليهم خطايا مالية بعد إيداعهم مطالب لإزالة التلوث لدى ادارة تقييم دراسات التأثير على المحيط التي تترأسها الزوجة.
وفي الشركة الوطنية لاستغلال البترول )عجيل( كاد خالد بتين الرئيس المدير العام ان يعيٍّن مديرا مركزيا في خطة مدير عام مساعد لولا تدخل بعض الاطارات وتنبيهه إلى وجود المدير في وضعية تضارب مصالح باعتبار انه كان يشرف في السابق على التصرف في ميزانية الاستثمار والاستغلال وعلى اعداد وتنفيذ ومراقبة صفقات انجاز مشاريع تطوير الشركة وأن زوجته كانت مسؤولة على مراقبة الصفقات وعلى اذون التزود التي ينجزها زوجها.
موظف بعجيل اعتبر ان وضعية الزوجين كانت غير سليمة وأنها لا توفر الشروط الدنيا لضمان تأمين مصالح الشركة لافتا الى أن الادارة العامة وضعت منذ قرابة 8 أشهر حدا للوضعية بالتخلي عن تعيين الزوج في خطة جديدة وألى ان ذلك دفعه الى طلب نقلة الى مؤسسة أخرى.
اللافت ان المدوّنة التشريعية شهدت منذ 2018 اصدار قانون يتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وبتضارب المصالح وينص على ضرورة اعلام الاعوان العموميين رئيسهم المباشر او سلطة الإشراف بوجودهم في وضعية تضارب مصالح اثناء ممارسة عملهم.
كما نص القانون على ضرورة امتناع أي موظف عمومي موجود في وضعية تضارب مصالح عن اتخاذ أي قرار اداري او المشاركة في اتخاذه فارضا على سلطة الاشراف او الرئيس المباشر للموظف الموجود اتخاذ الاجراءات الضرورية لوضع حد لذلك.
ونص القانون ايضا على ان تنشر هيئة مكافحة الفساد بموقعها الالكتروني قائمة في الهياكل العمومية التي لم تتخذ التدابير الضرورية لوضع حد لوضعيات التضارب في المصالح.
قانون يبدو انه بقي حبرا على ورق في ظل تواتر وجود عديد الموظفين العموميين في وضعيات تضارب مصالح دون ان تتحرك اداراتهم او سلطة الإشراف لفرض احترام القانون والتقيد بأحكامه خاصة بعد اغلاق مقر هيئة مكافحة الفساد منذ أوت 2021.
*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 29 اوت 2023