الشارع المغاربي: أجمع عدد من أساتذة القانون الدستوري اليوم الجمعة 26 جويلية 2019، على أنّ تحديد تاريخ 15 سبتمبر لهذه السنة موعدًا للانتخابات الرئاسيّة يمثل الفرضيّة الأفضل لاجرائها في اطار احترام الآجال الدستورية مذكرين بتزامن هذا التاريخ مع ما ينصّ عليه الفصلان 84 و85 من الدستور في ما يتعلق بإجراء الانتخابات في أجل لا يتجاوز 90 يوما .
ونقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء عن الاساتذة تأكيدهم أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ستجد نفسها أمام ضغوطات وتحديات جرّاء المواعيد المتقاربة بين الرئاسية والتشريعية مبرزين في المقابل أنها مجبرة على ذلك حتى تتمكن من احترام آجال الرئاسيّة المؤقتة.
وفي هذا الصدد قال عبد الرزاق المختار أستاذ قانون عام بكليّة الحقوق بسوسة إنّ “تقديم موعد الانتخابات الرئاسيّة إلى 15 سبتمبر القادم على إثر وفاة رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي، كاف لاحترام الآجال القانونيّة التي قال إنه ينصّ عليها الدستور والمتمثلة في انتخاب رئيس للجمهورية في أجل لا يتجاوز 90 يوما في حالة الشغور النهائي”مشيرا في المقابل إلى أنّ تتمّة المرحلة الانتخابية ستطرح عديد النقاط من بينها “الضغط اللوجستي الكبير والسلوك الانتخابي وكيفية التعامل معه خاصّة أنّ الفترة ستشهد أكثر من موعد انتخابي”.
وأوضح المختار، أنّ تقديم الانتخابات الرئاسيّة كان “إجراء لا مناص منه لكن الإبقاء على التشريعية في موعدها سيطرح ضغطا كبيرا على الإدارة الانتخابية وعلى السلوك الانتخابي الذي سيتأثّر بسبب تقارب المواعيد الانتخابيّة”، موضّحا إنّ “ما قامت به الهيئة جيّد لكنّه سيطرح تحديات كبيرة على المستوى السياسي والاقتصادي”.
من جهة أخرى أشار أستاذ القانون إلى أنّ الحل الذي تمّ اعتماده أمس لنقل السلطة كان ضمن مبدأين دستوريين تمثّلا أساسا في استمراريّة الدولة واحترام قواعد النظام الديمقراطي، لافتا إلى أنّه تمّ الإستناد إلى رأي الهيئة الوقتية لمراقبة دستوريّة مشاريع القوانين وقال إنّ “اعتماد شهادة طبيّة معاينة لحالة الوفاة ضروري لإقرار حالة الشغور النهائي، ومن ثمّة المرور إلى أداء اليمين رغم انّ النص الدستوري ينصّ على ان عمليّة الانتقال تَتمّ في ظلّ وجود محكمة دستوريّة”، مشيرا الى ان هذه القراءة تتنزّل ضمن منطق الفوريّة بقوله إنّه “كان من الممكن استدعاء جلسة عامة لكن مبدأ الفورية اقتضى تأدية اليمين أمام مكتب البرلمان”.
وأفاد بأنّ النص القانوني “لا يمنح الهيئة الوقتيّة مثل هذه الصلاحية لكنّ الحل كان متفقا عليه مؤسساتيّا بما يضمن عمليّة نقل السلطة، وهو حلّ كان ضمن قراءة مرنة في التعامل مع النص الدستوري اعتمد التأكّد والفوريّة بما يسمح باستمرارية الدولة وينسجم مع نواميس النظام الديمقراطي”.
وحول مهام رئيس الجمهوريّة المؤقّت ونقلا عن نفس المصدر، أكّد عبد الرزاق المختار إنّها “نفس مهام رئيس الجمهورية، لكن غير مسموح له بتعديل الدستور والاستفتاء أو حلّ مجلس نواب الشعب أو تقديم لائحة لوم” مشيرا إلى أنّ مهمّته الأساسيّة هي “تثبيت الوضع مؤسساتيا بالنظر إلى أنّه بات من المطروح على رئيس الجمهورية المؤقّت محمد الناصر استحقاقاتٌ انتخابية وأخرى تحكيميةٌ وتجميعيةٌ بالنظر إلى أنّ الدولة في حاجة إلى رمز للحفاظ على وحدتها”.
من جانبه أوضح رافع بن عاشور أستاذ القانون العام بجامعة قرطاج، أنّ الرزنامة التي وضعتها هيئة الانتخابات إثر تقديم الانتخابات الرئاسيّة، “تحترم الآجال الدستورية وتتفق مع ما ينصّ عليه الفصلان 84 و85 من الدستور” .
وأكّد إنّ “إجراء الإنتخابات الرئاسيّة قبل الإنتخابات التشريعية هو الأصل ومعمول به في أغلب دول العالم، لكنّ ما حدث في تونس سنة 2014 بالإتفاق خلال الحوار الوطني على تقديم التشريعية على الرئاسية، كان بسبب حسابات سياسيّة لعدد من الأحزاب التي لم يكن لها مرشّح ينافس الباجي قائد السبسي آنذاك للانتخابات الرئاسيّة” حسب ما نقلت عليه وكالة تونس افريقيا للانباء.
وحول الضغط الذي ستحدثه الرزنامة الجديدة، قال بن عاشور إنها “حالة استثنائيّة وضرورة تطلّبتها المرحلة الحاليّة إثر وفاة رئيس الجمهورية ووجب التأقلم معها في إطار الدستور”، مؤكّدا بالقول إنّ” الحديث عن عدم جاهزيّة الأحزاب أو عن ضيق الوقت لتقديم الترشحات خطابٌ يخرج عن النص القانوني ويدخل في إطار الحسابات السياسيّة والسياسويّة الضيقة التي تتعارض ومصلحة البلاد “.
أمّا أستاذة القانون سلسبيل القليبي، فقد رأت أنّ الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات الرئاسيّة “قامت بمجهود يذكر لها وذلك من خلال وضع رزنامة جديدة للإنتخابات الرئاسيّة في ظرف قياسي وإثر انطلاقها في قبول الترشحات للإنتخابات التشريعية”، مُبيِّنة أنّ الهيئة “اضطرّت لعكس رزنامة الانتخابات في التزام بمقتضيات الدستور والآجال المنصوص عليها في صورة حدوث شغور نهائي بمنصب رئيس الجمهوريّة”.
وقالت إنّ “الهيئة أمام تحدّيات وضغوطات تتطلّب من الجميع تفهّم قراراتها التي سعت من خلالها إلى احترام الدستور، إذ أنّ هذه الضغوطات والإكراهات تتمثّل أساسا في إجراء دورة ثانية من الانتخابات الرئاسيّة في صورة عدم حصول أيّ من المترشحين على أكثر من 50% من الأصوات وأيضا في إجراء الانتخابات التشريعية التي انطلقت في قبول الترشحات بشأنها”، مؤكّدة أنّ تحديد موعد 15 سبتمبر المقبل لإجراء الانتخابات الرئاسيّة كان “الفرضيّة الأفضل بالنسبة للهيئة التي تحترم نصّ الدستور وآجال الرئاسيّة المؤقتة”.