الشارع المغاربي- عواطف البلدي: أثار كتابه جدلا واسعا منذ طبعته الأولى في بلاده المغرب، بلغ حدّ تحبير الردود والكتب والتهديد بهدر دمه من جماعات متشددة دينيا. وحقق منذ طبعته الثانية الصادرة عن دار «سوتيميديا» للنشر بتونس نسبة مبيعات عالية في الدورة 34 بمعرض تونس الدولي للكتاب.. هو الباحث والإعلامي والشاعر المغربي رشيد أيلال صاحب مؤلَّف “صحيح البخاري نهاية أسطورة“..اسبوعية “الشارع المغاربي” التقته للحديث عن هذا الأثر وعن الزلزال الذي أحدثه…
من كتب “صحيح البخاري” ؟
جاء تأليف “صحيح البخاري” تدريجيا وعبر العصور إذ أن أول ظهور له كان في شكل مخطوطة اسمها ” الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه“.. وكان ذلك في القرن الخامس هجري يعني بعد وفاة البخاري بأكثر من مائتيْ سنة. هذه المخطوطة التي تعتبر الأقدم لصحيح البخاري فيها اختلاف عن “صحيح البخاري” المتداول بيننا اليوم وهي واحدة من 13 مخطوطة دُوّنت طيلة 9 قرون على امتداد 36 جيلا أي بعد وفاة البخاري بـ 600 سنة. وتختلف نسخة النسفي تلميذ البخاري مثلا عن نسخة الفربري لأنها تقل عنها بـ 250 حديثا ..إذا ما هي النسخة الحقيقية التي ألّفها البخاري الذي مات قبل أن يكمل كتابه وفق ابن الباجي في كتابه “التعديل والتجريح“.. كما يقول ابن حجر العسقلاني في مقدمة “فتح الباري” الذي شرح فيه “صحيح البخاري” انه يتداول 13 نسخة “الصحيح” تحدّث عنها وعن أسانيدها وأضاف “فليقع الشروع في الشرح على أوثق النسخ عندنا وهي نسخة أبي ذر الهروي” لأنه أشعري مثله وهذه موالاة مذهبية إيديولوجية وليست علمية ولكنه عقّب بجملة خطيرة قال فيها “مع مراعاة ما تحتاج إليه في غيره..” معنى ذلك أن ابن حجر أنتج نسخة أخرى مكوّنة من عصارة 13 نسخة.
صرّحت أنّه تمّ تسييج “صحيح البخاري” بجملة من الاطلاقات كاعتباره أصحّ الكتب بعد القرآن وتمّ توظيفه ليصبح في النهاية مقدّسا. كيف ذلك؟
عندما يكون هناك اسم تفضيل في اللغة العربية فإن المفضَّل مع المفضّل عليه يشتركان في الصفة ولكن هنا لا تجوز مقارنة القبيح بالجميل.. يعني أن البخاري يشترك مع القرآن في الصحّة في حين أن القرآن يفْضُل الشيء القليل وهذا يعني مقارنة النسبي بالمطلق مما يؤدي الى التعالي وانتهاك لحرمة كتاب الله. فعندما يقول مثلا رئيس جامعة الأزهر السابق احمد عمر هاشم في لقاء صحفي قبل سنتين “لا يجب أن يقاس البخاري بمقياس البشر” فهذا يجعل البخاري فوق البشر. وأيضا عندما يقول ابن كثير في كتابه “البداية والنهاية” عن قصائد أوردها عن البخاري “صحيح البخاري لو أنصفوه لما خُطّ إلا بماء الذهب” ويضيف “به قام ميزان دين الرسول ودان به العجم قبل العرب” وهذا في تقديري أمر خطير ويعني أن ميزان دين الإسلام لم يكن معتدلا رغم أن القرآن لما نزل لم يكن وراءه لا صحيح البخاري ولا صحيح مسلم.. هذه الأبيات التي أوردها ابن كثير تقول إن ميزان دين الرسول اعتدل بالبخاري.. هذا يعني أن الأمة بقيت 200 سنة في ضياع وتدين بدين غير مكتمل “حتى جاء البخاري كي يعدل هذا الميزان” وهنا تتجلى خطورة تحويل النسبي إلى مطلق وفي النهاية صحيح البخاري هو عمل نسبي لأنه عمل بشري ولو عاش البخاري في عصرنا لأصيب بصدمة حضارية.. كيف نحوّله إلى إله في عصره ؟ بل وصفه ابن كثير بأنه يُستسقى به الغمام يعني نطلب الغمام بصحيح البخاري وهذا هو السياج الذي تم وضعه حول هذا الكتاب وبشخصية البخاري حتى لا تنتقد لأن هناك أمورا كثيرة دُسّت في صحيح البخاري باسم الدين كي تحقق أهداف السلطة آنذاك وأهداف التجار لأنهم كانوا يملكون الإبل ولكي يبيعوا أي شيء فيها وضعوا أحاديث تقول بأن “أبوالها” يتداوى بها بدليل أن الخليج يصدّر لنا اليوم “بول البعير” في علب ويباع بأثمان باهظة… كذلك “الحبّة السوداء” التي تنبت في الجزيرة العربية وتصدّر على أنها دواء وضعوا لها حديث “الحبة السوداء تشفي من كل داء” فلماذا لا تشفي مثلامرضىالسيداوالسرطانوكلالأمراضالمستعصية؟
هل أساءت بعض الأحاديث الموجودة في صحيح البخاري إلى الرسول والذات الإلهية مثلما قلت؟ وهل من أمثلة على ذلك؟
عندما نجد في “صحيح البخاري” أن جهنّم يُلقَى بها كل الكفار حسب رؤية البخاري ولكنها لا تمتلئ فيأتي الله ليضع قدمه حتى تصيح جهنّم.. فهل لله قدم؟ بل الأخطر من هذا يقول البخاري إن كل فئة تعبد اله من الآلهة يظهر لها فتتبعه الى النار حتى تسقط في جهنّم إلا المسلمون ينتظرون الله فيأتيهم ويسألهم “هل لديكم علامة” فيقولون نعم فيكشف الله لهم عن ساقه..” فيسجدون له لكن المنافقين تتصلّب ظهورهم ولا يستطيعون السجود وهي أحاديث تشبّه الله كأنه كائن بشري بل هناك أحاديث تقول ان الله خلق على صورة الانسان في حين ان هذه الروايات أخذت عن كتب اليهود ونسبت للرسول.. هذه الخرافات مثل غياب الشمس التي تسجد عند عرش الرحمان حتى الصباح يأذن لها فترفع رأسها كذلك شروقها فلنتخيل ان طفلا يبحث في العلوم ويقرأ أن سبب تعاقب الليل والنهار وغروب الشمس وشروقها هو دوران الكرة الارضية حول نفسها ثم يدرسه استاذ الاسلامية فيقول له:” لا انها تسجد عند عرش الرحمان“ فنسبب له بذلك انفصاما في الشخصية اما ان يلحد وهذا من حقه أو أن يكفر بهذه العلوم. ويمكن ان نستمر الى ما لا نهاية في الاهانات الموجودة في هذا الكتاب للرسول وللذات الإلهية.
لماذا يحتلّ صحيح البخاري هذه المكانة عند المسلمين؟
لأن عقل المسلم هو عقل قياسي وليس تجريبيّا اتخذ من العصور الثلاثة الاولى نموذجا مزدهرا ناجحا فالمعرفة كلها لخصت هناك وعلى العقل المسلم ان يرجع الى القرون الاولى في كل شيء فحتى عندما ظهر الهاتف والتلفاز حرّمهما وكل جديد عندهم محرّم لانه لم يكن موجودا في القرون الاولى ولذلك ابتدعوا مقولة “الخير في اتباع من سلف والخير في ابتداعه من خلف“. والله في القرآن وصف نفسه بالبديع والابداع جميل لكن هؤلاء حوّلوه الى جريمة وعندما يفكّر علماء الغرب اليوم في وضع حد للمجاعة التي تتهدد البشرية ولمشكل البيئة ولمستقبل البشرية والمياه مازال فقهاؤنا يفتون في ذبح الحلزون.. هل نقيسه على المُنخنقة أم على الجراد؟ يعني هل هو منخرق ولا يجوز أكله حتى أنه عندما صعد الغرب إلى القمر وجاؤوا بترابها ليبحثون مصادر الطاقة فيها تساءل فقهاؤنا ما اذا كانت تربتها تجوز للتيمم ام لا؟ الغرب يبحث لأنه عقل تجريبي.. صحيح أن البخاري أنتج في القرن الثالث هجري حسب ادعائهم ويجب ان يكون مصدرهم الحقيقي … هذه الأمة قطعت نفسها عن واقعها وتعيش على الأطلال…
في رفضك للكتب التي جمعت الاحاديث ضرب لمشروعية كتابة السُّنّة في حين يردّ عليك البعض أنّه بدون السنّة لا يمكن أن نعرف مثلا المواقيت الخمس للصلاة أو نصاب الزكاة أو أركان الحج وسننه؟
اولا اريد ان اوضح نقطة في هذه المسألة وهي الكذب الكبير للشيوخ… نأخذ مثلا صحيح البخاري اذ لا يمكن ان نتعلم الصلاة من صحيح البخاري لأنه لم يتطرّق للصلاة أبدا ولكنه ذكر فقط عدد ركعات صلاة الفجر وقال إنها أربعة وقد أخطأ لأن عدد ركعاتها اثنين فقط. كنت إمام مسجد في المغرب وخطيب يوم الجمعة وكنت احاور بعد صلاة المغرب بأن اتحدث كل يوم عن شخصية يوم عمر بن الخطاب ويوم فيكتور هيغو فجاءني احد الملتحين وطلب مني الحديث عن تعلّم الصلاة لا الحديث عن فيكتور هيغو قلت له وهل الناس لا يعرفون الصلاة؟ فقال لي : “لا، هم يخطئون كثيرا، خذ كتاب “صفات صلاة النبي” للشيخ الألباني وعلّمهم الصلاة“. فقلت له: “الألباني لا يعرف كيف يصلّي“.. وعدنا إلى الكتاب في طبعته العاشرة ووجدت تقديما فيه عبارة “نسخة مزيدة ومنقحة راجعت فيها بعض الأخطاء التي وقعت في النسخة السابقة وحاولت أن أصححها..” هذا يعني ان الناس الذين اشتروا النسخة الخامسة كانوا يصلون خطأ؟ … كيف ننقح الصلاة وهي واحدة؟ لو عاش الرجل إلى هذا اليوم لوصل الى الطبعة الثلاثين وكل مرة يرينا كيف يصلي الناس.. ولكن قبل ان توجد كتب السنة وصحيح البخاري وصحيح مسلم .. كيف كانوا يصلون ؟ هل كانوا في ضلال؟ طبعا لا. فعندما صلى الرسول صلّت الامة وراءه. وبذلك تواتَر الخبر. والتواتر له حكم القرآن من حيث الثبوت.. هذه الكتب أصبحت هي الدين فحرمت المرأة من حقّها الحقيقي في الميراث بدعوى تفسيرات حديثية لآية الميراث كما رفضوا الوصية للوارث بنصوص حديثية وبتحيّل على القرآن صنعوا الحديث.. ليس هدفهم هنا الصلاة بل هدفهم النصوص التي تجعل المسلمين عبيدا ينقادون وراء الكهنوت الديني والسياسي. لأن هناك أحاديث أيضا تقول بالطاعة العمياء للحاكم مثل حديث “من مات وفي عنقه بيعة حاكم فقد مات ميتة جاهلية“.. أمور خطيرة حدثت باسم الرسول استعبدت الناس قرونا تلو قرون.
تقول أرفض تدوين السنّة على أساس أنها دين، في حين يرى السواد الاعظم من المسلمين انها ركن ركين من الدين .. كيف السبيل لحلّ هذا الإشكال؟
الإشكال عندهم وليس عندي لان الله أرسل رسالة عبر ساعي بريد اسمه محمد واصطفاه لأنه الأرجح عقلا وأرفع أخلاقا وأسوى الأسوياء وهو كفء لهذه الرسالة ولكنه ماذا يمثل فيها؟ إنّه ناقل ولكن مشكل المسلمين انهم انشغلوا بساعي البريد وتركوا الرسالة .. هم تشبهوا بـ“ساعي البريد“.. الرسول جاء بالقرآن وهذا ما فهمه الصحابة فعندما طلب عمر بن الخطاب احاديث الرسول من الناس ظن الناس أنهم يكافؤون بجائزة فجاؤوا بما دوّن الرسول فأحرق عمر كل شيء وقيل له : “ماذا فعلت يا عمر؟“. فردّ: “أكتاب مع كتاب الله؟” وروى الدارميّ : يقول الرسول لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب عني غير القرآن فليمحُه ومن كذب عليّ فليتبوّأ مقعده من النار.. يعني أن الرسول كان يعلم أنهم سيكذبون عليه وسيحوّلونه إلى صنم.. كما سُئلت زوجة الرسول عائشة عن سيرته فأجابت “كان خلقه القرآن” يعني أن سنّة الرسول هي القرآن على عكس دعاة السنة الآن الذين ينسبون له أحاديث مثل “أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله“.. في حين أنه يقول “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر“.
ولكن هناك آيات في القرآن تدعو إلى القتال وكان المفكر المصري سيّد القمني دعا إلى تركها..
في نظري هذا إجحاف في حق القرآن لأن آيات القتال لم تكن قتالا دينيا وإنما كانت لأسباب سياسية وقد نزلت عندما طُرد الرسول من وطنه مكّة وهاجر إلى المدينة ولما أصبح قويا أراد العودة فرفضوا فحاربهم ليعود لأنه كان مظلوما.. الرسول لم يخض حربا لأجل الدين بل خاضها كقائد دولة.. هم من صنعوا أحاديث لاستعمار بعض الدول تحت مسمّى الفتوحات الإسلامية.. هم قتلوا بعضهم البعض وكان تاريخهم حافلا بالدماء لأنهم أقحموا الدين في السياسة.
تتهمون العلماء بأنهم جعلوا الحديث مرجعا فوق القرآن وتركوا الرسالة وانشغلوا بحاملها… كيف ذلك؟
هم ليسوا علماء هم كهنوت ديني ولكنهم سموا أنفسهم بالعلماء لسبب بسيط جدا لان العالم في القرآن هو عالم العلوم الحقّ وعندما قال الله “انما يخشى الله من عباده العلماء” أوردها في سياق حديثه بين اختلاف الليل والنهار واختلاف النبات والجبال … فتحدّث عن علماء الجيولوجيا والفيزياء وغيرهم من العلماء وهم من تحدث عنهم الرسول “العلماء ورثة الأنبياء” فالنبوة وان كانت قد ختمت على مستوى النبوة الكلاسيكية فهي مستمرة بهؤلاء العلماء الذين يكتشفون وحي الله في الكون وهم الذين يقضون على الأمراض والأوبئة ويبحثون في النواميس الكونية فيسهّلون الاستفادة منها إلينا..
هل أنت قرآني؟ وما رأيك في التيار القرآني؟
لا أنا لست قرآنيا أنا أعمق من ذلك .. الانتماء إلى القرآن شرف ولكني لست قرآنيا ولان القرآني هو كهنوت جديد آخر باسم القرآن هؤلاء كهنوت باسم السنّة والآخرون كهنوت باسم القرآن في حين أنني ضد الإفتاء وضد أن يكون هناك شخص يعلّمني ما قال الله لأن الأصل في الدين أن يكون شأن فردي والقرآن يقول لقد اتبعنا وهؤلاء فيعذّبون يوم القيامة .. أنا أقرأ القرآن وافهم وعلينا أن نتمحّص في هذا الدين ونعرف ما هو وماهي خاتمته ولماذا لم نطرح مثلا سؤال لماذا محمد خاتم النبيئين ؟… هذا يعني أن البشرية لم تعد بحاجة إلى وحي منزل عليها وإنه بإمكانها أن تصل إلى جميع الحقائق الموجودة بالقرآن بلا وحي وبلا واسطة أيضا.. فهل نحتاج اليوم مثلا إلى أية قرآنية تقول لي “اعدل..” كي أكون عادلا ..؟ نحن نتعلّم اليوم العدل والحرية والأخلاق والذوق والضمير من الغرب .. البشرية اليوم اصبحت واعية لذلك جاء الاعلان الاخير بختم النبوة.
مررت بتجربة الإسلام السياسي عبر عضويتك في جماعة العدل والإحسان لتنتقل إلى ضفة مقابلة أي نقد التراث الديني.. كيف تحكم على راهن الإسلام السياسي ومستقبله؟
الإسلام السياسي اليوم يحتضر… في المغرب مثلا هم يفشلون مرة بعد اخرى لانهم لا يعيشون زمانهم ولأن الاسلام السياسي هو نظام شمولي لا مجال فيه للتعدد وهو نظام مشرك بالله تقول السورة “قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد“ فهو الوحيد غير المتعدد وكل من مارس الشمولية ورفض التعدد فهو مشرك بالله أو ينازع الله في شموليته .. نذكر مثلا من المجتمعات المشركة كوريا الشمالية فهي لا تعترف بالتعددية في حين أن أمريكا نظامها متعدد ولذلك هو ناجح ولم ينازع الله في شموليته..
من تجربة الإسلام السياسي إلى “العلمانية هي الحل“.. قفزة مذهلة !؟
لأنه لا توجد ببساطة منزلة بين المنزلتين… الفترة التي التحقت فيها بجماعة العدل والاحسان هي فترة المراهقة وقد دامت 7 سنوات ومنها سنتان متذبذبتان فهي شكّلت مرحلة من مراحل تكويني وهي ليست جماعة سلفية وان كانت من الاسلام السياسي هي منفتحة مقارنة بالتيارات الاخرى المنتمية للاسلام السياسي فكان تديّني منفتحا نوعا ما… ولكن حدثت القطيعة في ما بعد لسبب واحد، كان ذلك سنة 1996 عندما تم اختياري رفقة 14 شابا من النجباء في الجامعة الصيفية كي يهيّئونا لنحمل مشعل الفكر مستقبلا بالجماعة فطلبوا منا تأليف دراسة وكتبت بحثا عنونته “الدين والعبادة تصحيح التصوّر وضبط المفهوم” فكانت الصدمة وقالوا لي : نحن نكوّنكم كي تشرحوا فكر الشيخ” فقلت لهم انا لست الشيخ انا رشيد أيلال..”.فحدثت القطيعة وانطلقت في مرحلة الشكّ..
هُوجمتَ ومُنع كتابك واعْتُبِر أنّ فيه مسّا بـ“الأمن الروحي للمواطنين“.. ماذا تنتظر من المؤسسات الدينية الرسمية والنخب عامّة؟
لا، عبد الله عيّاش هو من أفتى بقتلي وبحرق كتابي وهو شيخ سلفي وهّابي معروف وهناك أيضا من كتب كتابا يوهم الناس انه ردا على كتابي وهو طالب فلسطيني اتهمني بالسرقة والحال انه يرد على مقدّمة الناشر .. ان تتهم كاتبا بالسرقة وترد على مقدمة الكتاب فأنت تبيع الوهم وتكذب على الناس في ردّك.. كذلك ردَّ رئيس المجلس العلمي بِوَجْدَة وهو مؤسسة دينية رسمية وقد شتمني ووصفني بأوصاف فادحة رغم انه لم يقرأ الكتاب وقد أقر بذلك.. اعتقد انه يجب أن يردّ على كتابي رجل خبير في المخطوطات وليس رجل دين ثمّ ان الفقهاء لا يستطيعون الرد على كتابي لأنه دراسة “كوديكولوجية” في علم المخطوطات… وبالنسبة للمؤسسات الدينية الرسمية في المغرب لم ترد الى الان بطريقة رسمية وأعتقد انها اكثر انفتاحا على مثل هذه الافكار لان هناك الكثير من الشخصيات انتقدت “صحيح البخاري” من داخل المؤسسة الدينية الرسمية“..
أمام هذا العدد الضخم من الشيوخ والفقهاء في الفضاء العام وفي وسائل الإعلام والاتصال تتحدث أنت عن “انتحار الفقيه“..؟
عندما نجد الفقيه يفتي بأن الحمل يمكن أن يصل إلى 5 أو 7 سنوات في حين أن العلم الحديث يثبت انه يمكن أن يصل إلى 10 أشهر على أقصى تقدير ونجد أن الفقيه أقحم نفسه حتى في أمور جينيكولوجية ألا يسمى هذا بانتحار الفقيه؟ وعندما نجد فتوى تبيح معاشرة الزوج زوجته الميّتة قبل مرور 6 ساعات على وفاتها فهذا انتحار للفقهاء إذ كيف يحلو لشخص اغتصاب جثة وهل تحلو له اللذة وزوجته ورفيقة عمره توفيت؟.. هناك فتوى اخطر من هذه.. وهي إباحة المذهب الشافعي للرجل أن يتزوج ابنته غير الشرعية لأنها ابنة زنا ولا تعتبر ابنته شرعا ولا تلحق به نسبا لذلك يمكنه أن يتزوجها… أليست هذه بلادة؟ .. عندما نجد شخصا يفتي مثل هذه الفتوى الخطيرة في القرن 21 ماذا ننتظر؟.. وعندما نجد فتوى في المذهب الحنفي تقول إنّ وطأ البهيمة في الحج لا يفسده.. أليس هذا انتحارا للفقيه؟ ومن الفتاوى الغريبة أنه بعد ممارسة الجنس على هذه البهيمة يجب أن تُقتل في ما بعد. وفتاوى كثيرة غريبة تعجّل انتحار هؤلاء الفقهاء. تحدثت عن انتحار الفقهاء لأنهم لم يعودوا أبناء عصرهم وفتاواهم مليئة بالخرافات رغم أن هناك فقهاء متنوّرون ولكن تبقى فئة محدودة جدّا.. لأن أغلبهم يجلسون في أبراجهم العاجية ويكفّرون الناس ومن لا يطلب رحمتهم فإنه خارج هذه الرحمة.