الشارع المغاربي-منى المساكني: تأجيل وراء تأجيل ، هكذا يمكن تلخيص تصريحات رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي واخرها اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2019 . فمنذ اسبوع تقريبا كان من المنتظر الاعلان عن التشكيلة الحكومية واعلن رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي ان مكتب المجلس بقي في حالة انعقاد دائم تحسبا لأي طارئ في اشارة الى امكانية موافاة البرلمان بمراسلة من القصر الرئاسي تطلب تحديد جلسة عامة للمصادقة على الحكومة.
خرج الجملي من قصر قرطاج بعد جلستي عمل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد معلنا انه سيواصل ” التمحيص” في السير الذاتية للمرشحين لتولي حقائب وزارية ، وفي الاجتماعات الخاصة نُقل عنه تأكيده على ان ” البطاقات عدد 2″ لعدد من المرشحين بينت ” الانتماء ” لأحزاب بعينها او وجود شبهات تنفي الشرطين اللذين شدد عليهما الجملي وهما “الاستقلالية” و” النزاهة” .
هذه التطورات ، وتحديدا معطى “البطاقة عدد 2″ أشعل فتيل الغضب داخل النهضة وجعل عددا من قيادييها يخرج عن أي تحفظ كان غالبا في العادة لدى قيادات الحركة في مثل هذه المناسبات التي تتم وسط”تكتم” شديد ، ومنهم من دوّن على صفحاته الفايسبوكية تدوينات عبر فيها عن رفض قاطع للنبش في الماضي و”اقصاء ” بتهمة الانتماء تماما مثلما كان الحال في “زمن الاستبداد” عندما كان “النهضوي وابناؤه وحتى جيرانه” يحرمون من حقوقهم بسبب الانتماء للحركة .
واستنادا الى ذلك ، ظهر تيار يضم شقا واسعا من الحركة يرفض “حكومة الكفاءات المستقلة” داعيا للتراجع عن هذا التمشي باعتباره يتناقض مع “خيارات مجلس الشورى” الذي دعا الى “حكومة سياسية” وفتح المجال أمام ” قيادات الحركة للتوزير” وتحمل مسؤولية الحكم ، بل ووصل الامر الى حد التهديد بعدم التصويت للحكومة واسقاطها ” ان اصر الجملي على تشكيلها بوزراء مستقلون ” .
ويقول مصدر من الحركة لـ”الشارع المغاربي” ان بطاقة عدد 2 ، عطلت الاعلان عن الحكومة وتسببت في أزمة حادة داخل الحركة ، وفي ظهور “معارضة” للجملي ولمستشاره في الظل ، رضا السعيدي ،المتهم بالوقوف وراء هذا الخيار ، لـ”التحكم في الحكومة القادمة” ، و”اقصاء كفاءات الحركة منها” ، ويذكر نفس المصدر ان السعيدي هو من رشح الجملي وأنه من كان وراء تكليفه برئاسة الحكومة وخلق له “لوبي” صلب مجلس الشورى.
ويوم امس عقدت النهضة 3 اجتماعات بالتمام والكمال ، للجنة التفاوض ثم للمكتب السياسي واخيرا لمكتبها التنفيذي ، التقى بعدها رئيسها راشد الغنوشي برئيس الحكومة المكلف وقدم له عصارة الاجتماعات الثلاثة ، واقتراحا بتعيين “بغض القيادات على راس وزارات فنية على الا تكون من الصف الاول مع الالتزام بالاستقالة من الحزب حتى انتهاء العهدة الوزارية” بما يمكن من ” عدم المس من مصداقيته من جهة واحتواء الغضب داخل النهضة من جهة اخرى”.