الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: شهد قطاع التجارة الإلكترونية سيما خلال السنوات الأخيرة تطورا لافتا في معاملاته رغم تواضعها لأسباب تشريعية بالأساس اذ لا تمثل سوى 0.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. غير ان القطاع تدعم بشكل ملحوظ مع ظهور جائحة كورونا وما نتج عنها من تغبير في العادات الاستهلاكية.
وبلغ حسب أحدث الإحصائيات عدد مواقع الواب التجارية التونسية المنخرطة في منظومات الدفع الإلكتروني 1436 موقع واب تجاري وخدماتي سنة 2021 مع تسجيل أكثر من 9 ملايين و937 ألف معاملة، علما أن 80 بالمائة من المعاملات تتّم بالدفع نقدا.
وفي هذا الإطار، أبرز المرصد التونسي للاقتصاد في مذكرة نشرها بداية هذا الأسبوع ان مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية يواصل انجاز برنامجه الخاص بالتجارة الإلكترونية في تونس وانه تم عقد ندوة في منتصف جوان الفارط عُرض خلالها الاستنتاجات والتوصيات الرئيسية لتقييم جاهزية التجارة الإلكترونية في تونس.
وشدد المرصد على أن الرهانات المرتبطة بالتجارة الإلكترونية تتجاوز بكثير الصعوبات المطروحة وطنيا، خصوصا في ظل الصعوبات التي يواجهها العالم في علاقة بإخضاع عمليات هذا القطاع للضريبة وعدم وجود إطار قانوني واضح ينظمها. وفي هذا الإطار، تطرح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منذ سنة 2019 حلا ضمن إطار شامل، يهدف إلى تقنين المسائل المتعلقة بالشروط الضريبية لهذه الخدمات، وهو حلّ انخرطت فيه تونس رفقة 136 بلدا آخر.
وفي حين فرضت تونس في الفصل 27 من قانون المالية لسنة 2020 ضريبة تقدر بـ 3 بالمائة على الخدمات الرقمية لمبيعات برامج الكمبيوتر والخدمات التي تجريها شركات غير مقيمة في تونس عبر الإنترنت فإنها اختارت الانخراط في هذه الاتفاقية التي تحظر عليها تحصيل الضرائب المتأتية من مثل هذه العمليات وبالتالي تلغي العمل بهذا الفصل. وعلى ضوء كل هذه المعطيات، أوضح المرصد انه من المشروع التساؤل عن درجة وعي المسؤولين التونسيين بالرهانات المرتبطة بالتجارة الإلكترونية منبهين الى انه إذا كانت تونس تعتزم تعزيز تنمية التجارة الإلكترونية على المستوى الوطني فإنها بذلك تخاطر على المستوى الدولي، بالتنازل عن حقها في فرض الضرائب على الخدمات الرقمية.
يذكر ان صندوق النقد العربي كان قد أصدر أواخر افريل 2021 دراسةً بعنوان ” الضرائب على الاقتصاد الرقمي في الدول العربية” استندت إلى نتائج استبيان أعده الصندوق لرصد التحديات التي تواجه الدول العربية في تطبيق الضرائب على الاقتصاد الرقمي، وطبيعة الجهود المتخذة والمخططة للتصدي لتلك التحديات المرتبطة بقدرة القواعد الضريبية الحالية على التعامل مع الأنشطة القائمة على الرقمنة، في ظل غياب توافق دولي حول توزيع الحقوق الضريبية بين الدول.
وأبرزت الدراسة أهمية الاقتصاد الرقمي من حيث التوسع والنمو والموارد المالية التي تجنيها الشركات القائمة على الرقمنة. كما أشارت إلى التداعيات المترتبة عن عدم اخضاع أنشطة الاقتصاد الرقمي للضرائب، المتمثلة في تآكل القواعد الضريبية الوطنية وغياب العدالة الضريبية والمنافسة الاقتصادية. كذلك تناولت الدراسة التحديات التي تواجه تطبيق الضرائب على الاقتصاد الرقمي على مستوى الدول العربية والصعيد الدولي، وتطور الجهود الدولية للتصدي لها، وطبيعة التدابير والإجراءات المخططة والمتخذة على مستوى الدول العربية في هذا الصدد.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك إدراكا على المستويين الإقليمي والدولي بأهمية فرض ضرائب على الاقتصاد الرقمي من حيث ضرورة مساهمة هذا القطاع في الموارد العامة للدول قياساً بحجمه والربحية التي يحققها، علاوة على الحاجة لتصحيح تفاوت الأعباء الضريبية بين الشركات الرقمية والتقليدية. وابرزت الدراسة أن هناك صعوبة تحول دون تطبيق القواعد والمعايير الضريبية الدولية والمحلية الحالية على المعاملات الرقمية.