الشارع المغاربي : قسم الرياضة : لا شيء جديد داخل معقل النادي الافريقي سوى أنّ نسمات الأزمة المالية الخانقة تواصل الهبوب وسط صمت رهيب من الجدران والحيطان وكلّ العائلة الافريقية بدءا من المحبّ الصغير وصولا الى الربّان… الأزمة تستفحل يوما بعد يوم والحديث عن الحلول الآنية والعملية لا يتعدّى طور الوعود التي ترفرف بعيدا عن أرض الواقع…
مع ذلك تستمر الحياة داخل هذه القلعة الرياضية الشامخة وكأنّ شيئا لم يكن… تحضيرات واستعدادات لمباراة هامة ومصيرية قد تقلب كلّ المعطيات وتضع حدّا لهدير الآهات المتعالية منذ فترة طالت للأسف أكثر من اللزوم… الموعد الليلة سيكون مع مباراة العودة للدور التمهيدي الأوّل لكأس رابطة الأبطال الافريقية إذ يلاقي ممثّل كرة القدم التونسية فريق الجيش الرواندي على أمل مواصلة المغامرة الافريقية ولم لا الذهاب فيها بعيدا رغم تواضع الامكانات الفنيّة والبشرية وتواضع العباد والعتاد. المباراة قد تكون في ظاهرها مجرّد فسحة لفريق باب الجديد بالنظر الى تباين مستوى وإمكانات الفريقين لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير. فالإفريقي يدخل مباراة الليلة لتحقيق العبور أوّلا وطمأنة الجمهور ثانيا لأنّ الانسحاب لا قدّر الله سيكون بمثابة القشّة التي ستقسم ظهر البعير وتقلب المركب الأحمر بمن عليه…
كلمة الشعب في وجه الإخوان
رحلة النادي الافريقي الى رواندا كلّفت خزينة النادي المثقلة بالديون قرابة 250 ألف دينار وهو مبلغ كبير بالنسبة لناد يكابد يوميا من أجل توفير سيولة مالية لتصريف شؤون الفريق والفرصة تبدو مواتية أمام جماهير النادي الافريقي لردّ الدين للهيئة الحالية ومساعدتها على تجاوز بعض من أزمتها من خلال الحضور بأعداد كبيرة في مباراة الليلة أوّلا لمساعدة اللاعبين ومنحهم شحنة معنوية كبيرة لتقديم مردود يليق باسم وعراقة النادي الافريقي وثانيا لتوفير عائدات مالية محترمة تساهم في تسديد بعض النفقات المستعجلة.
جمهور الافريقي الذي كان ولازال نقطة القوّة في النادي والذي كان بالأمس القريب مضرب الأمثال وحديث عديد المحامل الإعلامية المحلية والدولية بفضل وفائه منقطع النظير لناديه حتى في أحلك الفترات مطالب اليوم بنسيان كلّ خلافاته واختلافاته والتوحّد خلف راية الأحمر والأبيض لأنّ الوضع لم يعد يحتمل مزيدا من الانقسام والتفرقة. “شعب الافريقي” مطالب الليلة بالتواجد بأعداد كبيرة لدفع قاطرة فريقهم نحو الأمام وهذا الشعب مطالب بالتصدّي فعلا وليس قولا لكلّ محاولات التشويش والعرقلة التي تلاحق خطوات الهيئة الحالية… الوقت لم يعد وقت كلام وشعارات على مواقع التواصل الاجتماعي فحسب بل إنّ الضرورة تقتضي اليوم أن تعود الحياة الى المدراج الشمالية التي غابت عنها مؤّشرات الحياة منذ فترة ولا بدّ لها من انتفاضة حقيقية في وجه “الاخوان” قبل الأعداء المتربّصين بالنادي. الجميع يعرف أنّ السبب الأوّل في أزمة النادي الافريقي هو انقسام أبنائه و”تنبير” بعض أولاده الذين يبحثون عن مصالحهم الشخصية قبل مصلحة الافريقي… الفريق اليوم يدفع فاتورة لعبة الكواليس التي يقودها بعض “الإخوان” ممّن مرّوا سابقا بدفّة التسيير في القلعة الحمراء وهؤلاء لا بدّ من وقفة حازمة لهم حتى يولّوا الدبر ويتركوا الافريقي في شأنه وهذا لن يحصل سوى بتحرّك “شعب” الافريقي للإطاحة بـ”الجيش”…الرواندي…
جولة مكوكية
رئيس النادي الافريقي عبد السلام اليونسي يتواجد منذ أيّام في العاصمة الفرنسية باريس من أجل قضاء بعض الشؤون المهنيّة واستغل الفرصة لإجراء بعض الفحوصات الطبّية… وقد تحوّل الى رواندا يوم الاربعاء الماضي لمتابعة مباراة الذهاب أمام الجيش الرواندي قبل أن يعود الى باريس مجدّدا وكان في الحسبان أن يلتقي اليونسي بممثّلين عن فريق أولمبيك مرسيليا لتسوية ملّف المهاجم صابر خليفة والمستحقات المالية المتخلدة بذمّة الأفارقة لكن هزيمة الفريق الفرنسي في الدوري الأوروبي لخبطت كلّ الحسابات وجعلت الجلسة تتأجّل الى موعد لاحق. وحسب ما رصد “الشارع المغاربي” اتفق اليونسي مع مسؤول من الفريق الفرنسي على الإجتماع يوم غد أو بعد غد على أقصى تقدير على أمل الخروج بحّل يرضي الطرفين.
ومباشرة بعد طيّ صفحة صفقة صابر خليفة اذا سارت الأمور على النحو الأفضل سيطير رئيس الهيئة المديرة للنادي الافريقي مباشرة الى الجزائر للقاء رئيس مولودية شباب العلمة لأجل النظر في تفاصيل الاتفاق المرتقب بشأن مستحقات صفقة اللاعب الجزائري ابراهيم الشنيحي. اليونسي يبدو غير متفائل بهذا اللقاء المرتقب بسبب شطحات وتقلبّات مواقف رئيس المولودية الذي سبق أن أعطى موافقته على تسوية ودّية لهذه القضيّة لكنه سرعان ما تراجع عن تعهداته واشترط الحصول على المبلغ المالي كاملا.
في الانتظار…
مباشرة بعد الانتهاء من خوض مباراة الايّاب الليلة أمام الجيش سيدخل الفريق في تربّص خاطف استعدادا لاستئناف نشاط البطولة التي يبحث من خلالها الافريقي على القطع مع سلسلة النتائج السلبية والتقدّم في سلّم الترتيب خاصة بعد تحقيق الانتصار في المباراة الماضية على مستقبل قابس. النادي الافريقي هيئة وإطارا فنيّا يدرك جيّدا أنّ الفترة الصعبة شارفت على نهايتها وأنّ الفرصة ستكون مواتية للتصالح مع النتائج الايجابية في صورة تخطّي عقبتي المتلوي وتطاوين سيّما أنّ الهيئة تجهّز للقيام ببعض الصفقات النوعية من أجل تدعيم الرصيد البشري للفريق غير أنّ الاشكال الوحيد الذي يقلق الجميع هو أنّ الفريق مازال الى حدّ اللحظة ممنوعا من دخول سوق الانتدابات بحكم القرار المفروض من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم والقاضي بمنع النادي الافريقي من الانتدابات بسبب تراكم الديون.
الهيئة تبحث في مختلف الاتجاهات عن رفع الحظر المفروض عليها على أمل اقتحام الميركاتو القادم بكّل ثقل خاصة أنّ اليونسي وضع على طاولته بعض الأسماء المهمّة والقادرة على مدّ يد العون للمجموعة الحالية. المراكز التي تبدو في حاجة ماسة الى التعزيز هي قلب الهجوم والرواق الأيسر إضافة الى مدافع محوري يتمتّع بمواصفات خاصة جدّا.
في قفص الاتهام
نتيجة المباراة والعبور الى الدور التمهيدي الثاني قد تكون مهمّة جدا ومؤثّرة بشكل كبير على مستقبل الفريق وخاصة على الجوّ العام الذي يحيط بالجمعية في ظلّ الأزمة الخانقة التي تطوّق النادي.
أزمة لم تنكشف فصولها بعد وتورّط داخلها أكثر من طرف في ظلّ التهم المتبادلة بين هذا الجانب وذاك والتي احتكر منها سليم الرياحي الحيّز الأكبر. لكن الرياحي ليس المذنب الوحيد في ما آل اليه حال النادي الافريقي بما أنّ مصادر موثوق فيها كشفت لـ”الشارع المغاربي” أنّ الهيئة التسييرية هي الأخرى متوّرطة في استفحال أزمة النادي الافريقي وتكبيده خسائر بالمليارات. هذه المصادر كشفت أنّ الهيئة التسييرية هي المتسببة في قضيّة المدرّب الايطالي ماركو سيموني وفي ارتفاع مهر طلاقه بما أنها عجزت عن توفير مبلغ 75 ألف أورو لفكّ الارتباط بين الطرفين وهو ما تسبب في ارتفاع المبلغ الى أكثر من مليار. كما أنّ الهيئة التسييرية هي المتسببّة في تشعّب قضيّة المدرّب الهولندي رود كرول لأنّها تغاضت عن استئناف القضيّة وهي متّهمة كذلك بتسهيل خروج أهمّ لاعب في الفريق وهو القائد والهدّاف صابر خليفة الذي فعّل البند التسريحي الموجود في عقده لأنّه لم يجد رغبة حقيقية من الهيئة آنذاك في مواصلة التجربة. أخطاء بالجملة ارتكبتها الهيئة التسييرية ودفع فاتورتها النادي الافريقي وهناك حديث عن جملة من الهفوات الأخرى التي ارتكبت في ذلك الوقت والتي قد يكشف عنها تباعا.