الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: كشف التقرير الأخير للهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية ان السمة الأبرز للسنوات الأخيرة تمثلت في تراجع منظومة التصرف العمومي على مستوى العديد من الهياكل العمومية.
وارجع التقرير ذلك الى تدهور منظومة المعلومات بشكل عام والتصرف في الوثائق والأرشيف صلب هذه الهياكل بشكل خاص.
واوضحت الهيئة ان ذلك يرتبط نسبيا بانخفاض عدد الإطارات ذات الكفاءة والتجربة مبينة ان هذا الانخفاض ناجم بالأساس عن ارتفاع المغادرين في إطار تحسين مساراتهم المهنية او التعاون الفني وبطء تعويضهم.
واكد التقرير ان الهيئة رصدت ان 1680 مؤسسة عمومية من أصل 2954 مؤسسة عمومية منتفعة بمنحة دعم من الدولة سنة 2021 بمقتضى قانون المالية، تتصرف في هذه المنح بشكل يدوي بما يعيق توثيقها محاسبيا وتمكين الهيئات الرقابية من ملفات منظمة ووثائق مُحكمة الحفظ حتى تتمكن من متابعة التصرف فيها.
وافاد التقرير السابع والعشرين للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية (2020-2021) في ذات السياق بتسجيل نقائص وإخلالات شملت نشاط المركب الصحي بجبل الوسط، لا سيما التصرف في ارشيفه لافتا الى رصد تراكم الملفات في أغلب المكاتب وعدم تصنيفها وتنظيمها بطريقة تمكن من الوصول إلى الملفات الجارية باستمرار وسهولة.
كما جرى ، وفق ذات التقرير، رصد عدة إخلالات على مستوى منظومة التصرف الإلكتروني في الوثائق بمركز الإعلامية لوزارة المالية وذلك بالتوازي مع وجود ضعف وصفه التقرير بالكبير في ما يخص نسق تضمين العقود صلب المنظومة على مستوى جملة من مكاتب المراقبة رغم توفر الإمكانات الماديّة واللوجستية والتحفيز مشددا على ان ذلك يحدّ من الدور المعهود لهذه المكاتب.
وللإشارة مرت تونس بعد 2011 بأوضاع مختلفة كانت لها تداعيات على العديد من المجالات بما في ذلك مجال الأرشيف وهو ما خلق تحديات على مستوى التصرف في الوثائق والأرشيف.وفي هذا الإطار، تشرف مؤسسة الأرشيف الوطني على تطبيق النظام الوطني للتصرف في الوثائق والأرشيف وهي تعمل، من حيث المبدأ، مع مصالح التصرف في الوثائق والأرشيف بالوزارات والمؤسسات العمومية على حسن استعمال الوثائق عبر كافة مراحل المسار الذي تمر به.
وحسب التراتيب المنظمة لعمل المؤسسة، توجد بها تفقدية مسؤولة عن إجراء أعمال التفقد والرقابة لدى المرافق العمومية والهيئات العمومية في مجال إعداد برامج التصرف في وثائقها ووضعها حيز التنفيذ ومراقبة ظروف الحفظ والتصرف في الأرشيف الجاري غير انه يتضح بالاطلاع على موقع مؤسسة الأرشيف الوطني انه لا يوجد حسب تقرير – أعدته وكالة تونس افريقيا للأنباء – أي تقرير نشاط يتعلق بما أنجزت التفقدية التابعة لهذه المؤسسة.
وبيّنت الأحداث الأخيرة لاسيما حل المجالس البلدية التي تخللتها مزاعم حول الاستيلاء على ملفات أرشيف أو إتلافها للتغطية على شبهات فساد، غياب المتابعة الحقيقية لهذه الملفات علما ان مؤسسة الأرشيف الوطني لم تتخذ في هذا الظرف الخاص على الاقل إجراءات محددة لمنع إتلاف وسرقة الأرشيف. كما انها لا تفصح في بياناتها المنشورة عن قيامها بأي مهمة رقابية أو تفقدية للتأكد من صحة التدمير المفترض أو سرقة الأرشيف.
يذكر ان والي تونس دعا المؤسسة الأمنية إلى حماية مقرات البلديات والمؤسسات الراجعة لها بالنظر من كافة الاعتداءات وحماية كل الوثائق وحفظ المكاتب ويمنع إخراج اية وثيقة او ما شابهها من مكاتب البلديين.
وكان لمغادرة المتخصصين في التصرف في الوثائق والأرشيف إلى القطاعات الأخرى خاصة خلال السنوات الاخيرة تأثير كبير على قطاع الأرشيف.
وبالإضافة إلى ذلك، كان لخسارة الإطارات والمختصين تداعيات على رقمنة الوثائق، مما أدى إلى إبطاء عملية وضع الأرشيف على الإنترنت.
وتؤكد عدة دراسات متخصصة وتقارير تدقيق ورقابة رسمية انه ينبغي تفعيل تفقدية الأرشيف الوطني، بتكثيف المهام الرقابية في الإدارات والمؤسسات العمومية وتمكينها من الوسائل والإمكانات الضرورية للقيام بمهامها على أحسن وجه.
واوصى مختصون بإنشاء مجلس أعلى للأرشيف، تتمثل مهمته في ضمان التطبيق السليم للأحكام القانونية المتعلقة بالأرشيف، وتعزيز دور القطاع في حماية الوثائق العمومية وحوكمة الوثائق والأرشيف بالوزارات والمؤسسات العمومية وتعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد.