الشارع المغاربي : العربي الوسلاتي : لم يكن أكثر المتشائمين من جمهور الترجي الرياضي التونسي يتوقّع أن يكون فريقهم عرضة لذلك الكم الهائل من الاخطاء التحكيمية القاتلة في مباراة ذهاب نهائي رابطة الأبطال الافريقية أمام الأهلي المصري في ملعب برج العرب بالاسكندرية. سيناريو الذهاب كان خارج اطار التكهنات وكلّ التوقعات التي سبقت المواجهة سقطت بعيدا جدا عن خانة التخمينات… الحكم الجزائري مهدي عبيد الشارف دخل المباراة محمّلا برزمة من التعليمات والنتيجة كانت فضيحة تحكيمية بامتياز منحت ممثّل كرة القدم المصرية أسبقية زائفة بثلاثية لن تمحيها سوى موقعة الاياب.
قبل انطلاق المباراة لم يدر في ذهن الجماهير التونسية باختلاف انتماءاتها وتباين ألوانها أن تفقد قمّة برج العرب كل حيائها وحيادها وتصطف الصفّارة الجزائرية خلف طابور أصحاب الدار خاصة أن المباراة كانت تدور تحت أنظار رئيس الاتحاد الافريقي للعبة وتطبّق فيها لأوّل مرة في تاريخ افريقيا قوانين الـ”فار”… وتقنية حكم الفيديو المراقب التي لا تفوتها شاردة ولا واردة حتى تحت سبق الاصرار والاضمار لم تغيّر شيئا في واقع المباراة وكل تلك الضمانات والتطمينات التي سوّق لها الجماعة داخل أسوار الـ”كاف” قبل بداية المواجهة العربية الخالصة لم نشهد لها أيّ عنوان في حضرة حكم عربي أصيل أهان شرف المهنة وشوّه اللعبة ودنّس قدسية الرهان… حكم بدا منذ الوهلة الأولى أنّه مكلّف بمهمّة قذرة في مباراة لن تمحى من ذاكرة النسيان… حكم غادر نزع عنه عباءة الحياد وتواطأ مع الشيطان.
في مثل هذه المواعيد الرياضية الكبيرة عادة ما تحوم حول بعض المباريات جملة من الشبهات خاصة في ما يتعلّق بحديث النوايا وبما يسكن الذات… وفي أحيان كثيرة يبقى الجدال بين قذف النوايا وتبرئة الخطوات والنظرات عقيما سقيما لأنّ دليل الادانة في حالة موت وحديث الضمائر أخرس بلا صوت… لكن ما حدث في مباراة الأهلي والترجي له صوت ولون ورائحة كريهة… الحكم الجزائري مهدي عبيد الشارف فعل ما اشتهى وأراد وتلاعب بميثاق المباراة وتعدّى على قانون اللعبة وظلم الترجي ظلما صارخا بشهادة الفار وحكّام الدار…
كان يمكن أن تكون الهفوات التي ارتكبها الحكم الجزائري عفوية وتدخل في خانة الاجتهادات البشرية وكان يمكن أن تكون تلك السقطات مجرّد حماقات شخصية لا علاقة لها بالتحامل أو التخاذل أو التواطئ لكن “الشارف” أتيحت له أكثر من فرصة للتكفير عن سيّئاته ومحو غلطاته عندما دعي لإعادة مشاهدة لقطات ضربة الجزاء الأولى ومع ذلك أصرّ على احتساب ركلة الجزاء الظالمة رغم معارضة طاقم تحكيم الفيديو المراقب ورغم وضوح الصورة. ونفس السيناريو أعاده الحكم في لقطة هديّة ضربة الجزاء الثانية التي منحها للأهلي في وقت أثبتت اللقطات التلفزية وجود هفوة من مهاجم الأهلي وليد أزارو في حقّ مدافع الترجي شمس الدين الذوادي ولكن رغم دعوة حكّام الـ”فار” ورغم وضوح اللقطة خلال الاعادة التلفزية أصرّ الشارف مرّة أخرى على ارتكاب المحظور بشكل بدا أنه متعمّد وكأنّه كان ينتظر الفرصة لكي يُجهز على الترجي نهائيا تنفيذا لتعليمات فوقية تأكّدت نظريتها بعد إنذار الذوادي وفرانك كوم اللذين سيُحرما من خوض مباراة العودة.
ما حصل خلال المباراة وحتى قبل انطلاقتها كان يوحي بوجود شيء ما دُبّر في الكواليس ومردود الحكم الجزائري خلال المواجهة يؤكّد وجود فرضية “الرشوة” لأنّ أخطاءه كانت متعمّدة ومقصودة ومدروسة وهو الأمر الذي أغضب العائلة الترجية وكلّ الجماهير التونسية على حدّ السواء لأنّها اعتبرت أنّ السرقة في حقّ الترجي كانت موصوفة وفيها مسّ متعمّد من هيبة وسمعة تونس لأنّ الاعتداء على فريق الترجي كان في العلن هذه المرّة ولم يقتصر على حديث الكواليس وتحرّكات العتمة.
المواقف التونسية الرسمية المتتالية تؤكّد خطورة المظلمة التي تعرّض لها الترجي في ملعب برج العرب وتدخّل رئاسة الحكومة والجامعة التونسية لكرة القدم يقيم الدليل على الشعور السائد في الشارع الرياضي بحصول انتهاك للحرمة وللسيادة الرياضية التونسية وحالة الاحتقان الحالي لها ما يبٍرّرها على الأٌقلّ ظاهريا ودخول الـ”كاف” على الخطّ لتصحيح الموقف من خلال تجميد نشاط الحكم الجزائري حتى إشعار لاحق يعني بدوره الإقرار بوجود مظلمة كبيرة في حقّ شيخ الأندية التونسية لكن هذا لا يُجيز ما نلمس الآن من تجييش وتوظيف غير بريء للحادثة لأنّه من غير المعقول أن ندفع جميعا فاتورة حكم ظالم وجائر وتتحوّل مجرّد مباراة كرة قدم بين فريقين عريقين من بلدين شقيقين وبسبب وسوسة شيطان الى ساحة حرب تتكسّر على أسوارها كلّ روابط الأخوّة والتحابب التي تجمع بين البلدين على غرار ما حصل سابقا بين مصر والجزائر في واقعة أم درمان يوم صمت العقل وعربد الشيطان…
الترجي ظُلم لكنّ جرحه سيلتئم قريبا فالترجي يمرض لكنه لم ولن يموت… ومصيره مازال بأقدام لاعبيه وموقعة رادس قد تعيد الحقوق المسلوبة الى أصحابها. وجماهير الترجي الهادرة الثائرة قادرة على قلب الموازين ودفع فريقها بالأصوات والآهات الى منصّة التتويج لكن هذا يجب أن يحصل دون الوقوع في فخّ الاستفزازات ودون الاستسلام والانصياع لمنطق العنف والترهيب الذي يشرّع له البعض بتلعّة الثأر وردّ الاعتبار من لصوص حاولوا سرقة حلم الانتصار والانتقام من حكم مارق على القانون لم يوقظه ضميره ولا عدالة الـ”فار”…
وفد الأهلي سيكون بيننا في تونس معزّزا مكرّما بلا تخويف ولا أضرار لأننها عاداتنا وأخلاقنا ككل أهل الدار والمنتخب التونسي سيطير قريبا الى مصر بين إخوانه في أرض الجار فحذار أن تجرّنا عصبية الكرة وعمى الألوان جميعا الى محرقة من نار…