الشارع المغاربي – "ستاندرد آند بورز" تتوقع عودة الاحتقان الاجتماعي بتونس وتؤكد أن عدم الاستقرار السياسي سيفرض تحديات مالية كبيرة على البلاد مع تفاقم المديونية

“ستاندرد آند بورز” تتوقع عودة الاحتقان الاجتماعي بتونس وتؤكد أن عدم الاستقرار السياسي سيفرض تحديات مالية كبيرة على البلاد مع تفاقم المديونية

قسم الأخبار

10 سبتمبر، 2021

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: نشرت وكالة التصنيف الدولية “ستاندرد آند بورز” يوم أمس الخميس 9 سبتمبر2021 تقريرًا حول “التحديات التي تواجه الدول والشركات والبنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سياق ما بعد الجائحة“.واستعرضت الوكالة التطورات الأخيرة وآفاق التنمية الاقتصادية والمالية في ستة بلدان بالمنطقة هي تونس ومصر والمغرب وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتونس هي الدولة الوحيدة التي لم تنشر الوكالة بعد تصنيفها الجديد.

تقديرات حذرة باستعادة النمو

وأبرز التقرير بشكل أساسي أن الاعتماد الكبير لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على صادرات الطاقة والسياحة وقطاع النقل الجوي تسبب في تسجيل خسائر كبيرة لاقتصاداتها زمن احتداد جائحة كوفيد-19. واستدرك التقرير بان المنطقة شهدت مع ذلك استعادة نسبية للنمو ابتداء من الربع الثالث من عام 2020 رغم تواتر الموجات الأخيرة للوباء. وقدر التقرير ان وتيرة الانتعاش غير كافية للارتقاء بهذه الاقتصادات إلى مسارات الناتج المحلي الإجمالي قبل انتشار الوباء وذلك على الأقل بحلول عام 2024.

بالإضافة إلى ذلك، أوضحت “ستاندرد آند بورز” ان الثروات الطاقية لا تزال تصنع الفارق بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول شمال إفريقيا وان ذلك “ينعكس على الأوضاع المالية المتراجعة والتي تلقي بثقلها على دول شمال إفريقيا، في حين أن تراكم مستويات عالية من الاستثمارات والأصول المالية العمومية في دول مجلس التعاون الخليجي يدعم أوضاعها وارصدتها المالية وتوازناتها الخارجية”.

وتتوقع الوكالة انتعاشًا تدريجيًا في معظم القطاعات مشيرة الى ان الشركات تظل حذرة سيما في ما يهم قرارات دعم استثماراتها. كما تقدر استمرار الضغوط في بعض قطاعات النشاط، لا سيما السياحة وقطاع النقل الجوي، مع انتعاش تدريجي في قطاعات اخرى كقطاع العقارات.

وبينت الوكالة أن ارتفاع أسعار النفط شكل داعما رئيسيا للمالية العامة بدول مجلس التعاون الخليجي، مبرزة، في جانب اخر، أن جل البنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ظلت متماسكة على الرغم من شدة التداعيات الاقتصادية للوباء.

وترى “ستاندرد آند بورز” أن خسائر مخاطر نشاط الإقراض البنكي ستبلغ ذروتها في معظم أنحاء المنطقة في عام 2021 لتتجه تدريجيًا نحو مستوياتها الاعتيادية لما قبل الجائحة اعتبارًا من عام 2022. ومع ذلك، تعتقد الوكالة أن القروض المتعثرة ستستمر في التراكم ببعض البلدان بسبب عوامل هيكلية مختلفة. وابرز التقرير انه من المنتظر تسجيل انتعاش اقتصادي بطيء بسبب الاعتماد تقليديا وهيكليا على السياحة في مصر والمغرب وذلك على عكس تونس التي تعرف، حسب تقييم الوكالة مرحلة تتسم باشتداد الاضطرابات السياسية.وتشدد الوكالة على أن أداء البنوك الخليجية سيتحسن بحكم دعم ارتفاع أسعار النفط منذ العام الماضي لاقتصادات بلدان المنطقة.

الغموض في تونس يربك الوضع الاجتماعي والقطاع المالي

خصصت وكالة “ستاندرد آند بورز” قسما مهما من تقريرها لتحليل الأوضاع في تونس بشكل مستفيض.وأكدت في هذا الإطار أن الاضطرابات السياسية الأخيرة خلقت وضعية يكتنفها الغموض، وذلك على الأقل على المدى القصير وانه من المرجح أن تشهد البلاد حسب تقديراتها أبطأ انتعاش للنمو بين بلدان شمال إفريقيا الثلاثة وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصفة عامة وذلك بواقع نسبة نمو في حدود 3.8 بالمائة فقط هذا العام وب2.1 بالمائة في المتوسط على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مستندة في ذلك على معطيات صندوق النقد الدولي.

ويأتي هذا الانخفاض بعد تقلص نسبة النمو الى 8.6 العام الماضي. وحسب تقرير الوكالة، تصاعدت التوترات السياسية في تونس منذ جويلية 2021، حين علق رئيس الجمهورية قيس سعيد نشاط البرلمان لمدة 30 يومًا وأقال الحكومة وأعلن أنه سيحكم بمراسيم رئاسية. غير انه تم تمديد التعليق إلى أجل غير مسمى بعد ذلك، مما يجعل من المراحل القادمة غير واضحة في تونس، حسب وكالة “ستاندرد آند بورز”، التي تعتبر أن تطور الوضع العام في البلاد يمكن أن يؤثر على نشاط البنوك التونسية، على نحو خاص.

ووفقا لتقرير الوكالة ” تزيد حالة عدم اليقين من توتير مناخ عمل البنوك المتقلب أصلا بسبب تداعيات كوفيد-19 والتي تفاقمت في الأسابيع الأخيرة بعد زيادة عدد الحالات الجديدة، وهو ما أدى إلى تباطؤ نسق تطور القطاع السياحي”. كما يؤكد تقرير وكالة التصنيف الدولية أن الوباء تسبب في انكماش غير مسبوق للناتج المحلي الإجمالي بنسبة ناهزت 8.6 بالمائة في عام 2020، حسب البيانات الإحصائية لصندوق النقد الدولي، مما أدى إلى تفاقم اشكالات الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس بعد عقد من عدم تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتسجيل مستويات نمو متدنية.

وفي هذا السياق، من المرجح حسب التقرير أن يشهد الاقتصاد التونسي عودة جد بطيئة إلى مستويات ما قبل الجائحة مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4 بالمائة لا غير سنويًا وفي المعدل على مدى الاعوام الخمس المقبلة، بناءً على توقعات صندوق النقد الدولي. ومن غير المرتقب أن يكون هذا المستوى من النمو كافياً لمجابهة معدلات البطالة المرتفعة وتدهور مستوى المعيشة في البلاد، مما يمكن أن يؤدي إلى تأجيج الاحتقان الاجتماعي من جديد.

واعتبرت الوكالة أن العجز المرتفع في الميزانية أدى إلى جعل الدين العام غير مستدام وانه من المنتظر ان تتفاقم المديونية في صورة عدم التعامل والاعتماد على المؤسسات المالية الدائنة متعددة الأطراف. كما اعتبرت ان عدم الاستقرار السياسي الحالي يؤدي إلى تعريض التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للخطر ويفرض تحديات مالية كبيرة على البلاد.

من جهتها قال التقرير ان البنوك التونسية ستواجه وضعية اقتصادية كلية وتشغيلية أكثر صعوبة مع دعائم مالية محدودة ومخاطر متنامية علاوة على إمكانية تراجع مداخيلها بصفة عامة لافتا الى أنها تنشط في بيئة شديدة التنافسية وتتصف بالتجزؤ مع آفاق نمو متقلبة واحتمالات لتزايد الخسائر المرتبطة بنشاط الإقراض.

وتؤكد الوكالة أن الهيكلة الحالية للنظام البنكي تتسم بالمنافسة الشديدة على مستوى هوامش الفوائض والعمولات التي يتحملها الحرفاء خصوصا ان البنوك تسعى للتعامل مع عدد قليل من كبار الحرفاء من ذوي القدرة على تسديد ديونهم والايفاء بالتزاماتهم تجاهها.

وتعتقد “ستاندرد آند بورز” أن هذه العوامل ستؤدي إلى زيادة تآكل مكونات الأموال الذاتية البنكية غير الكافية اصلا، خاصة في ما يتعلق بالبنوك صغيرة الحجم وانه من المرجح أن تحتفظ البنوك بمخصصات عالية لتغطية الخسائر المحتملة في ما يهم نشاطها في منح القروض نظرًا لإقراضها العالي لقطاعات التجزئة والسياحة والعقارات وبعض قطاعات التصدير التي تجابه صعوبات مبرزة ان ذلك سيؤثر في النهاية على ربحيتها ورساميلها.

وخفض البنك المركزي سعر الفائدة مرتين في مارس وأكتوبر، بمعدل تراكمي يناهز 150 نقطة أساس (إلى 6.25 بالمائة)، مع الاستمرار في ضخ السيولة للبنوك ودعمها، على هذا المستوى. ولكن “ستاندرد آند بورز” تعتقد أن هذا الدعم سيستمر خلال الأشهر القليلة المقبلة لمساعدة النظام البنكي على التعامل مع حالة عدم اليقين السياسي. وتعتبر الوكالة ان استمرار هذا الدعم أمر بالغ الأهمية نظرا لانخفاض مستويات التمويل للبنوك التونسية.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING