الشارع المغاربي – عبد اللطيف المكي: "النهضة لـم تحكم"!! "عمّار بالزّور" إذن ؟

عبد اللطيف المكي: “النهضة لـم تحكم”!! “عمّار بالزّور” إذن ؟

قسم الأخبار

3 يوليو، 2021

الشارع المغاربي-منير الفلّاح: يعتبر الدكتور عبد اللطيف المكي من أكثر قيادات حزب حركة النهضة شعبيّة وخير دليل على ذلك ورود إسمه في نتائج سبر الآراء الدوريّة كواحد من الأسماء التي تحظى بنسبة هامّة من الثقة لدى النّاخبين.

طبعا مروره بوزارة الصحّة إبّان تفشي الموجة الأولى لجائحة كوفيد 19 وحرصه على تنظيم ندوات صحفيّة بزيّ الطّبيب وحضوره الدائم في وسائل الإعلام وتوفّقه في صنع صورة لنفسه بعيدا عن إنتمائه الحِزبي وأخيرا توظيف إقالته من قِبل إلياس الفخفاخ كقرار بالغ الخطورة على البلاد في مواجهة كورونا، هو الذي يفتخر بوصفه “الجنرال” القائد لجيش أبيض، أي الألوف المؤلّفة من الطّبيبات والأطبّاء وسائر الإختصاصات شبه الطبيّة، أولائك الذين، ومنذ سنوات، رفعوا أصواتهم للمطالبة بالإهتمام بالقطاع الصحّي ،بِنيةً تحتيّة وإطارات وأعوان وخَارطة ومنظومة تكوينيّة إلخ، ولم يجدوا من وزراء الصحّة المُتعاقبين ومنهم د.عبد اللّطيف المكّي، سوى التّسويف في أفضل الحالات خلال عهدته الأولى في حكومتي الترويكا أو بعدهما.

الدكتور عبد اللطيف المكي هو الآن نائب رئيس حزب حركة النّهضة المكلّف بالعلاقات بالمنظمات الوطنية، وهو ما “يُفسِّر” حضوره شبه الدائم في برامج حواريّة. فالرّجل طبيب ووزير صحّة سابق وكذلك يدير ملف علاقات حزبه مع المنظّمات الوطنيّة وهو بالتّالي “الورقة” الأمثل التي يضعها حزب النّهضة على الواجهة في هذه المرحلة الخطيرة، وقد تكون الأخطر، بتاريخ البلاد: وباء مستشر وأزمات شلّت كلّ السلط ومعها كلّ دواليب الدّولة.

وجود عبد اللّطيف المكي في الواجهة الآن دفع بالبعض، بتشجيعٍ من حزب النّهضة أم تلقائيّا إلى ترشيحه لمنصب رئاسة الحكومة خلفا لهشام المشيشي.

مرّة أخرى، مربط الفرس هو مزيد التّمكين للنّهضة بتعيين أحد رجالاتها في القصبة، رجالاتها بالمعنى الكامل والواضح، مثلما كان الشأن مع حمّادي الجبالي وعلي العريض والإطباق، ولو إلى حين، على إثنين من مراكز السّلطة الثلاثة.

كلّ المنابر الإعلاميّة تقريبا تتناول هذه الأيّام الوضع الصحّي الكارثي والحوار الوطني المنشود من قبل جزء من المشهد السّياسي والمرفوض جملة وتفصيلا من طيفٍ آخر. وفي هذا الباب الثّاني من الحوار، تستثمر النّهضة وقياداتها من الصفّ الأوّل ليلا نهارا وأيّام الأحد ولا تكلّ ولا تملّ من ترديد مقولاتها المعهودة بأنّها من دعاة الحوار والتّوافق وكذلك الإستشهاد بتجربة التّوافق مع المرحوم الرّئيس الرّاحل الباجي قائد السّبسي !كما أنّهم لا يُفوّتون فرصة للتّذكير بأنّهم لم يحكموا أبدا، رغم وجودهم الأغلبي بالبرلمان، بحثا عن مصلحة البلاد…

الدكتور عبد اللطيف المكي لا يشذّ عن هذا النّهج ولا الخطاب فقد استغلّ حضوره في البرنامج الصّباحي على موجات الإذاعة الوطنيّة للتعبير عن ترحيبه بلقاء الرئيس قيس سعيّد براشد الغنوشي واعتباره بداية إذابة للجليد بين الرّجلين. أمّا بالنسبة لرئيس الحكومة هشام المشيشي فقد اعتبره صديقا للنّهضة مؤكدا أنها وهي لن تتخلّى عنه وأضاف: “ومع ذلك ندعو لحوار غير مشروط!”

وانخرط المكّي تماما في مقولة “النّهضة لم تحكم ولم تتمكّن من تنفيذ برامجها” وطبعا استشهد بما قال رئيس الحكومة الأسبق وصديقهم زمن رئاسة المرحوم الباجي قائد السّبسي، يوسف الشاهد !

تزايد وتيرة ظهور عبد اللطيف المكي ليس إذن وليد الصّدفة بل بتخطيط مسبق من العقول المدبّرة داخل التّنظيم الإسلامي ومحاولة لتقديم بيدق على رقعة الشطرنج السّياسي الذي تُصرّ الأطراف السّياسيّة الفاعلة على التّسلّي به في زمن كورونا ولمزيد التّعمية، يقع الاختيار على “الجندي عبد اللطيف المكّي” باعتباره كان من دعاة إدخال إصلاحات داخل النّهضة وقد تنطلي على البعض صفة الحمامة عليه!

وما إطنابه في الحديث عن القطاع الصحّي وكيفيّة مواجهة الجائحة إلّا كساء لإقناع الجمهور غير المُسيّس بأنّه ليس فقط سياسي وأنه الأقدر على إدارة الحرب!

لكن هل يمكن لعاقل/عاقلة أن ينسى أنّ عبد اللطيف المكي كان وزيرا للصحّة بُعيد الثّورة وطيلة حكم رئيسي الحكومة النهضويّين الجبالي والعريض؟

ما هي الإصلاحات الكبرى للقطاع الصحّي التي وضع بالأدنى خطوطها؟ هل نسي الجميع أنّ تلك الفترة إتّسمت بموجة من التعيينات والانتدابات على أساس الانتماءات الحزبيّة المُوالية؟ هل استمع حينها “الجنرال” المكّي لدعوات نقابات الأطبّاء والصّيادلة وأساتذة الطبّ لمراجعة الخارطة الصحيّة؟ هل تمّ بناء مستشفى بل مستوصف واحد طيلة ما يزيد عن السّنتين؟

خلال مروره الثّاني بوزارة الصحّة، في حكومة إلياس الفخفاخ، وبالإضافة للحملة التّسويقيّة لشخصه ولحزبه واستمالة الرّأي العام بالإطناب في إظهار احترامه وإجلاله للدّكتورة بن عليّة، هل تناول مع ديوانه والأطبّاء والباحثات والباحثين إمكانيّة التّعاون في مجال التّلاقيح وربط الصّلة بالمخابر الأجنبيّة والتّموقع في أيّ عمليّة بحث وتجارب وتصنيع وإقتناء ؟

في المحصّلة، ظهورات الدكتور عبد اللطيف المكي بصفتيه الحزبيّة والطبيّة هي الورقة الجديدة لحزب حركة النّهضة ورئيسها تحديدا.

المكي هو الإسم الذي يتمّ الاشتغال عليه بكلّ ما أوتيت الحركة من قوّة وعلاقات وإمتدادات في مسار إستعادة زمام المبادرة السّياسيّة والبحث عن بديل نهضوي لهشام المشيشي وتشكيل حكومة جديدة بالاستعانة ببعض الحلفاء في البرلمان خاصة بعد تلطيف الأجواء مع رئيس الجمهورية وإلغاء البرلمان جلسة التداول في رفض قيس سعيد الامضاء على تنقيح القانون الأساسي للمحكمة الدستورية.

بقي أن نتساءل فقط عن مدى صدق النّهضة ورئيسها في إعتبار الدكتور عبد اللطيف المكي مرشّحا حقيقيا، أم أنّه مجرّد بالونة اختبار تتخلّى عنها عند البدء في مرحلة التفاوض والتّسوية ولعلّ البعض يذكر أنّ المكي كان أيضا إسما مُتداولا عند استقالة حمادي الجبالي…ليؤول الأمر بعد ذلك لعلي العريض.

أما إن النهضة لم تحكم تونس طيلة عشرية الدمار، فيمكن اعتبار هذا الجزم السريالي من باب الفدلكة الخاصة بالتونسيين… فمن حكمها يا ترى اذن؟ ربما الأستاذ “عمار بالزّور”!.

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر بتاريخ الثلاثاء 29 جوان 2021


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING