الشارع المغاربي – في أوجه الشبه بين الرئيسين زين العابدين بن علي وقيس سعيّد/بقلم أنس الشابي

في أوجه الشبه بين الرئيسين زين العابدين بن علي وقيس سعيّد/بقلم أنس الشابي

قسم الأخبار

4 مارس، 2023

الشارع المغاربي: وأنا‭ ‬أتابع‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬ينتهجها‭ ‬قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬خصوصا‭ ‬منذ‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬الحاكم‭ ‬الوحيد‭ ‬للبلاد‭ ‬وجدتُ‭ ‬أنه‭ ‬يشترك‭ ‬مع‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التطابق‭ ‬في‭ ‬تناولهما‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حاكم‭ ‬كالتعامل‭ ‬مع‭ ‬معارضيهما‭ ‬ونوعية‭ ‬مساعديهما‭ ‬والشروط‭ ‬التي‭ ‬يحبّذان‭ ‬توفرها‭ ‬فيهم‭ ‬ومدى‭ ‬التزامهما‭ ‬بتعهداتهما‭ ‬وأي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإعلام‭ ‬يرضيهما،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سنأتي‭ ‬على‭ ‬ذكره‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭:  ‬

1) ‬لمّا‭ ‬استفاق‭ ‬الشعب‭ ‬صبيحة‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬1987‭ ‬واستمع‭ ‬إلى‭ ‬البيان‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬أنهى‭ ‬حكم‭ ‬الزعيم‭ ‬بورقيبة‭ ‬خرج‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬مظاهرات‭ ‬شعبيّة‭ ‬عفويّة‭ ‬عبّرت‭ ‬عن‭ ‬مساندتهم‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬البيان‭ ‬وما‭ ‬تعهّد‭ ‬به‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬كإيجاد‭ ‬نظام‭ ‬ديمقراطي‭ ‬يُمكَّن‭ ‬فيه‭ ‬الشعب‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬الحرية‭. ‬في‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬خرج‭ ‬الشعب‭ ‬فرحا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فعّل‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬الفصل‭ ‬80‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬السابق‭ ‬بتجميد‭ ‬البرلمان‭ ‬منهيا‭ ‬بذلك‭ ‬مرحلة‭ ‬سوداء‭ ‬تحكّمت‭ ‬فيها‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وأوصلتها‭ ‬إلى‭ ‬الإفلاس‭ ‬المادي‭ ‬والسياسي‭ ‬والأخلاقي‭. ‬يومها‭ ‬انزاحت‭ ‬غمّة‭ ‬واعتقد‭ ‬الشعب‭ ‬أن‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬ستلي‭ ‬إغلاق‭ ‬البرلمان‭ ‬ستكون‭ ‬أساسا‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬والإرهاب‭ ‬وإنهاء‭ ‬حكم‭ ‬العشريّة‭ ‬السوداء‭. ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬الحالتين‭ ‬أُصبنا‭ ‬بخيبة‭ ‬أمل‭. ‬ففي‭ ‬فترة‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وبعد‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬تبخّرت‭ ‬كل‭ ‬الآمال‭ ‬وعُدنا‭ ‬إلى‭ ‬حكم‭ ‬الرجل‭ ‬الواحد‭. ‬وفي‭ ‬فترة‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬تأكّدنا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬وجود‭ ‬البرلمان‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بقصد‭ ‬إصلاح‭ ‬ما‭ ‬أفسد‭ ‬الغنوشي‭ ‬وجماعته‭ ‬وإنما‭ ‬لسبب‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬التمهيد‭ ‬لبناء‭ ‬نظام‭ ‬آخر‭ ‬مُضمر‭ ‬لدى‭ ‬الرئيس‭ ‬لم‭ ‬يقع‭ ‬التصريح‭ ‬به‭ ‬ولكنه‭ ‬ينفّذ‭ ‬بتؤدة‭ ‬وتخفّ‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تفطّنت‭ ‬إليه‭ ‬النخب‭ ‬وهي‭ ‬بصدد‭ ‬مواجهته‭.‬

2) ‬بعد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬عرف‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الدستوري‭ ‬انخراط‭ ‬أفواج‭ ‬من‭ ‬المعارضين‭ ‬السابقين‭ ‬فيه‭ ‬ممّا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬اسمه‭ ‬ليصبح‭ “‬التجمع‭” ‬وأذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مجلة‭ ‬7‭ ‬نوفمبر‭ ‬التي‭ ‬فتحت‭ ‬صفحاتها‭ ‬لمختلف‭ ‬الأقلام‭. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬بعث‭ ‬حيوية‭ ‬فكرية‭ ‬وسياسية‭ ‬في‭ ‬التجمع،‭ ‬لكن‭ ‬بمرور‭ ‬الزمن‭ ‬تآكل‭ ‬الحزب‭ ‬لعاملين‭ ‬اثنين‭: ‬أوّلهما‭ ‬تحوّله‭ ‬إلى‭ ‬هيكل‭ ‬ملحق‭ ‬برئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬بحيث‭ ‬تُعيّن‭ ‬وتُعزل‭ ‬قياداته‭ ‬بمجرد‭ ‬بلاغ‭ ‬فانتفت‭ ‬عنه‭ ‬صفة‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬يؤطّر‭ ‬ويعدّ‭ ‬الكوادر‭ ‬للمواقع‭ ‬القياديّة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬ويتمّ‭ ‬تصعيدها‭ ‬بالطرق‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭. ‬ثاني‭ ‬العوامل‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬تحوّل‭ ‬الحزب‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬لا‭ ‬هي‭ ‬بالإدارة‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬للكفاءات‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬بالحزب‭ ‬الذي‭ ‬يخضع‭ ‬للتكوين‭ ‬السياسي‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬مؤسّسة‭ ‬تقوم‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬الولاءات‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ينظمها‭ ‬ناظم‭ ‬فغصّ‭ ‬بالانتهازيين‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬والمندسّين‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬خصومه‭ ‬لنجد‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للتجمع‭ ‬يحتفل‭ ‬باليوم‭ ‬الذي‭ ‬سقط‭ ‬فيه‭ ‬حزبه‭ ‬مع‭ ‬المحتفلين‭ ‬بما‭ ‬سمّوه‭ ‬ثورة‭ ‬ويقبل‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬مستشارا‭ ‬لدى‭ ‬من‭ ‬خاصم‭ ‬حزبه‭ ‬منذ‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬خلال‭ ‬العشرية‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬حكمه‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الحزب‭ ‬وأن‭ ‬عُمدته‭ ‬أساسا‭ ‬كانت‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الأحزاب‭ ‬تمثل‭ ‬صمام‭ ‬الأمان‭ ‬لأي‭ ‬نظام‭ ‬تحفظ‭ ‬به‭ ‬جماهريتها‭ ‬ووجودها‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬المجتمع‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬التجمع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فقد‭ ‬مقوّمات‭ ‬أي‭ ‬تنظيم‭ ‬سياسي‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حكمه‭ ‬واقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬طواف‭ ‬سيارات‭ ‬اكتراها‭ ‬وجالت‭ ‬ببعض‭ ‬الشوارع‭ ‬والأنهج‭ ‬ردّا‭ ‬على‭ ‬المظاهرات‭ ‬التي‭ ‬اكتسحت‭ ‬البلاد‭ ‬أيامها‭. ‬أما‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬فإن‭ ‬حاله‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬خلال‭ ‬العشرية‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬حكمه‭ ‬بحيث‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬مهيكل‭ ‬ومنظم‭. ‬هذا‭ ‬الفراغ‭ ‬حوله‭ ‬جمع‭ ‬شتاتا‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬لا‭ ‬ينظمها‭ ‬ناظم‭ ‬منها‭ ‬القومي‭ ‬ومنها‭ ‬النهضوي‭ ‬ومنها‭ ‬اليساري‭ ‬ومنها‭ ‬الانتهازي‭ ‬ومنها‭ ‬السلفي‭ ‬ومنها‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬دين‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬ملة‭. ‬إنها‭ ‬نِحَلٌ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمثّل‭ ‬عامل‭ ‬استقرار‭ ‬لأي‭ ‬نظام‭ ‬فلا‭ ‬جامع‭ ‬يجمعها‭ ‬سوى‭ ‬السعي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المنافع‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تضمنها‭ ‬السلطة‭ ‬القائمة‭.‬

3) ‬خلال‭ ‬العشر‭ ‬سنوات‭ ‬الثانية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬نظام‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجمع‭ ‬به‭ ‬الناس‭ ‬حوله‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نكص‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬سيرة‭ ‬سابقيه‭ ‬في‭ ‬الاستفراد‭ ‬بالحكم‭. ‬هذا‭ ‬الفراغ‭ ‬جعل‭ ‬المحيطين‭ ‬به‭ ‬ممّن‭ ‬يساهمون‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار،‭ ‬وأتحفظ‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬الأسماء،‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬أعداء‭ ‬وهميّين‭ ‬وافتراضيّين‭ ‬يشغلونه‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ويشعرونه‭ ‬بأنهم‭ ‬بالمعارك‭ ‬التي‭ ‬يفتعلون‭ ‬يحافظون‭ ‬على‭ ‬نظامه‭ ‬من‭ ‬السقوط‭. ‬لذا‭ ‬تكاثر‭ ‬أعداء‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬العشرية‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬الرجل‭. ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬رابطة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ومحمد‭ ‬الطالبي‭ ‬وبن‭ ‬بريك‭ ‬وغيرهم‭ ‬وحتى‭ ‬خميس‭ ‬كسيلة‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬التجمع‭ ‬صُنِّف‭ ‬خصما‭ ‬وتشفّى‭ ‬منه‭ ‬النظام‭ ‬بشكل‭ ‬تأباه‭ ‬الأنفس‭ ‬السليمة‭ ‬وكذلك‭ ‬خميس‭ ‬الشماري‭ ‬الشخصية‭ ‬الحقوقية‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬عليه‭ ‬النظام‭ ‬صديقا‭ ‬ولكن‭ ‬الدائرة‭ ‬المضيّقة‭ ‬حول‭ ‬الرئيس‭ ‬فضّلت‭ ‬دفعه‭ ‬إلى‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالمعارضة‭ ‬وكذا‭ ‬سي‭ ‬محمد‭ ‬الشرفي‭ ‬وغيرهم‭ ‬ممّن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لخصومتهم‭ ‬أي‭ ‬معنى‭ ‬سوى‭ ‬اختلاق‭ ‬العداوات‭ ‬الوهمية‭ ‬للإبقاء‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الأسماء‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬القرار‭  ‬بدعوى‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬منافع‭ ‬المنصب‭. ‬وأذكر‭ ‬أن‭ ‬محمد‭ ‬بنور‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشتغل‭ ‬أيامها‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬سراس‭ ‬للنشر‭ ‬قدّم‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬أيامي‭ ‬الأخيرة‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬مسودّة‭ ‬كتاب‭ ‬محمد‭ ‬الشرفي‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬والحرية‭ ‬وكان‭ ‬المرحوم‭ ‬أيامها‭ ‬قد‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬المعارضة‭ ‬فكتبت‭ ‬تقريرا‭ ‬للرئاسة‭ ‬أدعو‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬السماح‭ ‬بترويج‭ ‬الكتاب‭ ‬وفي‭ ‬الأثناء‭ ‬أطردت‭ ‬من‭ ‬الداخلية‭. ‬بعدها‭ ‬علمت‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬صدر‭ ‬بمنع‭ ‬الكتاب‭ ‬ليعمّق‭ ‬من‭ ‬خصومة‭ ‬الشرفي‭ ‬للنظام‭ ‬دون‭ ‬موجب‭. ‬كلّ‭ ‬ذلك‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تآكل‭ ‬مصداقية‭ ‬الحكم‭ ‬واجبار‭ ‬النخب‭ ‬التي‭ ‬عاضدته‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬على‭ ‬الانكفاء‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬وقت‭ ‬الشدة‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬لمساندته‭. ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬أيامها‭ ‬نشاهده‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬بحيث‭ ‬نجده‭ ‬بقراراته‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬تجميع‭ ‬خصومه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يجتهد‭ ‬فيه‭ ‬لتشتيت‭ ‬مناصريه‭ ‬بالجهد‭ ‬والمعين‭ ‬الله،‭ ‬وإلا‭ ‬بماذا‭ ‬نفسر‭ ‬موقفه‭ ‬المعادي‭ ‬لاتحاد‭ ‬الشغل‭ ‬وللحزب‭ ‬الدستوري‭ ‬الحر؟‭ ‬وما‭ ‬الفائدة‭ ‬من‭ ‬طرد‭ ‬النقابية‭ ‬الأوروبيّة؟‭ ‬ولِم‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬حراسة‭ ‬بؤرة‭ ‬القرضاوي‭ ‬والتمكين‭ ‬لحزب‭ ‬التحرير‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬محاسبة‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬على‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬أتتها‭ ‬في‭ ‬حقّ‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد‭ ‬كالتسفير‭ ‬واغتيال‭ ‬مواطنينا‭ ‬وأمنيينا‭ ‬وجنودنا‭ ‬والتنظيم‭ ‬السري‭ ‬وغير‭ ‬ذلك؟‭ ‬والحصيلة‭ ‬ممّا‭ ‬ذُكر‭ ‬أن‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬عانى‭ ‬من‭ ‬فراغ‭ ‬في‭ ‬الكفاءات‭ ‬ومن‭ ‬تجمّع‭ ‬من‭ ‬الانتهازيين‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬حكمه‭ ‬وكذلك‭ ‬حال‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬تتأملوا‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬تدّعي‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬سلطته‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أصولها‭ ‬وانتماءاتها‭ ‬لتستنتجوا‭ ‬أن‭ ‬الخيط‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬بينها‭ ‬هو‭ ‬نفس‭ ‬الخيط‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬التجمعيّين‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬بن‭ ‬علي‭.‬

4) ‬أما‭ ‬عن‭ ‬الصحفيين‭ ‬فحدّث‭ ‬ولا‭ ‬حرج‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬حكمي‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وقيس‭ ‬سعيد‭ ‬استعانا‭ ‬بنفس‭ ‬الأسماء‭. ‬فالذي‭ ‬كان‭ ‬يمتدح‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الاتصال‭ ‬الخارجي‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬غيرها‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬يمتدح‭ ‬اليوم‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬وبذات‭ ‬الأسلوب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬مصداقيّة‭ ‬فيه‭ ‬وبذات‭ ‬الألفاظ‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يصدّقها‭ ‬حتى‭ ‬قائلها‭. ‬ولكم‭ ‬أن‭ ‬تتأملوا‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الإعلامي‭ ‬لتجدوا‭ ‬أن‭ ‬صحفيي‭ ‬السلطة‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬صحفيو‭ ‬البارحة‭ ‬واليوم‭. ‬وكما‭ ‬كانوا‭ ‬نذير‭ ‬شؤم‭ ‬لحكم‭ ‬المرحوم‭ ‬والبلاد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مستقرّة‭ ‬هم‭ ‬اليوم‭ ‬كذلك‭ ‬نذير‭ ‬شؤم‭ ‬والبلاد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إفلاس‭ ‬وهوان‭. ‬

‭”‬ولله‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ومن‭ ‬بعد‭”. ‬

*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 28 فيفري 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING