الشارع المغاربي – عواطف البلدي: افتتح مهرجان قرطاج الدولي أمس الخميس دورته 56 بعرض “عشّاق الدنيا” للمخرج عبد الحميد بوشناق صاحب مسلسل “نوبة – عشّاق الدنيا” وسط حضور غفير لجماهير متعطّشة لأجواء قرطاج ولحنين وذكريات تسعينات القرن الماضي.

انطلق العرض بتكريم لاعبة التنس أنس جابر على ركح قرطاج بحضور وزيرة الثقافة ووزير الرياضة ومدير المهرجان ووالدة وزيرة السعادة مثلما يلقّبها التونسيون.. أطلت عروس تونس بفستانها الابيض شامخة أبية فيما وشّحتها وزيرة الثقافة ببرنس أبيض بلا أكمام غطى جسمها من الكتفين حتى القدمين وقلنسوة غطت رأسها.. علما ان لهذا اللباس دلالات رمزية ضاربة في القدم كالشموخ والقيمة والعزة والإباء.. فذكرتنا بأمجاد قرطاج مهد الحضارة ورسمت بذلك تاريخا جديدا لـ”عليّسة” هذا الزمان.. 

بعد لحظات من الهتافات والاحتفاء ببطلة تونس عبر ترديد النشيد الوطني وعبارات “Tunisie  يا  Tunisie  معاك ربي والنبي” انطلق عرض بوشناق الابن بمشاهد من قناة “إت ت”  زمن التسعينات.. وجوه اشتاق الجمهور لسماع صوتها أو لمصافحتها كالراحل نجيب الخطاب والمنشطة هالة الركبي ولطفي البحري واشهارات ومسلسلات الزمن الجميل والرسوم المتحركة التي تربى عليها جيل التسعينات..

 بدا الديكور للوهلة الاولى بسيطا جدا “ديار عربي في الربط” بفناءات فسيحة وأثاث تقليدي رثّ وآلات فرقة موسيقية شعبية وفنانين وعازفين وراقصات بلباسهنّ البرّاق والملوّن وعَشّاق لا يخلو لسانه من ذكر النبي والصلاة عليه لا يغادر “كانون” البخور يده… وهذه كلها مشاهد من مسلسل عبد الحميد بوشناق “نوبة – عشاق الدنيا”  بجزئيه الاول والثاني.. 

لحظات من الرقص والانتشاء والغناء الشعبي عاشها الجمهور ليلة أمس بعد انقطاع عامين بسبب جائحة كورونا على أنغام المزود والدربوكة والبندير التي اعادته الى أجواء مهرجان قرطاج  وخاصة عرض “نوبة” للفاضل الجزيري وسمير العقربي (1992). كان العرض أشبه بـ”ربوخ في حومة شعبية” هناك حيث المزود سيد الآلات.. لكن هذه اللحظات سرعان ما كانت تقطعها مشاهد مسرحية لأبطال وبطلات مسلسل “عشاق الدنيا” بنص قال صاحبه إنه كتب بطريقة جيّدة ونقول إنه كان بامكانه أن يكون أفضل مما كان لو استعان بوشناق بمؤلف مسرحيات أو بممثل قدير علما أن العرض لم يخل من وجوه فنية ومسرحية متضلّعة وهامة على غرار حسين المحنوش (غنّوش) وبحري الرحالي (بابا الهادي) وريم الرياحي (نجوى) و”الشاذلي العرفاوي (برنقة) وعزيز الجبالي (وجدي) وأميرة الشبلي (حبيبة) وهالة عياد (وسيلة) وغيرهم رغم أن عددا من ممثلي المسلسل  تخلّفوا عن المشاركة لأسباب مختلفة على غرار فتحي الهداوي ولسعد بن عبد الله وكمال التواتي ..

نجوم الفن الشعبي حضرت بقوة أيضا وأعادت تجربة مشاركتها بالمسلسل على ركح قرطاج،  فبالاضافة الى مشاركة  لطفي بوشناق أثث كل من سمير لوصيف والحبيب الشنكاوي والتليلي القفصي وهشام سلام وغيرهم من فناني الموسيقى الشعبية سهرة أمس فيما عوّض الفنان صالح الفرزيط  نظيره الهادي حبوبة الذي كان قد شارك في الجزء الثاني من مسلسل “عشاق الدنيا” ورفض المشاركة في الافتتاح بحجّة انه يستحق عرضا بمفرده على مسرح قرطاج مثلما كان ذلك في السابق..

مسرحية غنائية بلوحات فنية مختلفة من رقص وتمثيل وغناء وعزف رافقتها أحاسيس ثنائية تجمع بين الالم والفرح وبين الحب والكره وبين الخير والشر وبين الامن والاجرام وهي كلها نوازع بشرية يعيشها الانسان يوميا خاصة في الاحياء المهمشة التي يعلو فيها صوت الباطل على صوت الحق في أغلب الاحيان.. 

مسرحية موسيقية صاخبة افتتح بها المخرج عبد الحميد بوشناق الدورة 56 لمهرجان قرطاج الدولي في عرض أول يليه عرض ثان الليلة بسبب نفاد تذاكر العرض الاول كاد أن يكون مميّزا وخاليا من الشوائب لو لم يكن مطوّلا الامر الذي جعل عِقد ” العشّاق ودنياهم ينفرط من بين يدي بوشناق” فبدا العرض مشتتا في اخره  الى درجة مغادرة  عدد من الحضور العرض قبل انتهائه.. 

بوشناق الابن قال خلال الندوة الصحفية المنعقدة في نهاية عرضه إنه “مازال يتعلّم” وأنه حقق “حِلمة” قديمة بانجاز عرض لم ولن ينجزه أحد مثله مشيرا الى أنه جمع وجوها فنّية من المستحيل جمعها مجددا في عرض واحد .. ونقول له بدورنا على طريقة والده “بابا ولدي ما نتعلّموش على ركح قرطاج” وفي افتتاح مهرجانه..