الشارع المغاربي: سفراء مباشرون وسابقون وشخصيات دبلوماسية ظهروا ضمن ملف قضية التآمر على أمن الدولة والتي أصدرت فيها بطاقات إيداع بالسجن في حق عدد من السياسيين وجلّهم من الناشطين في “جبهة الخلاص الوطني” المعارضة لمسار 25 جويلية.
تضمّنت وثائق ملف قضية التآمر على أمن الدولة تفاصيل لقاءات واتصالات ومراسلات عبر تطبيقات “واتساب” جمعت خاصة السياسي ورجل الأعمال خيام التركي بعدد من سفراء دول اجنبية. ملف القضية أصبح متداولا للعموم بعد تسريب أجزاء منه على صفحات التواصل الاجتماعي كحال جلّ القضايا المنشورة تحت مسمى “المحاسبة”.
اتصالات
انطلقت الايقافات في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة منذ 3 اسابيع تقريبا دون صدور أية توضيحات رسمية بخصوصها رغم ثقل التهم الموجهة لعدد من السياسيين المعارضين الذين شملتهم الايقافات على غرار خيام التركي وعبد الحميد الجلاصي ولزهر العكرمي وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى وعصام الشابي ورجل الاعمال كمال اللطيف .
الجديد في القضية كشفته يوم أمس هيئة الدفاع عن الموقوفين في ندوة صحفية اكدت خلالها وجود مُخبِر وشاهد قالت ان كلاهما متّهمان ايضا في قضيتي التأمر على أمن الدولة وأن الاول مسجون والثاني في حالة سراح. وانتقد عدد من لسان الدفاع عدم تحرّك الدولة التونسية ازاء أي من الدول التي ذُكر سفراؤها في ملف القضية فيما تم اصدار بطاقات ايداع بالسجن في حق منوبيهم على خلفية اتصالاتهم بهؤلاء السفراء.
ووفق ما تسرّب من ملف القضية فقد ذُكرت ” الجهات الاجنبية” كالآتي:
عبد الحميد الجلاصي القيادي السابق في حركة النهضة: تم استفساره عن لقاء جمعه بوفد تركي وعن مصدر معلومات أدلى بها الجلاصي خلال اللقاء وأكد خلالها انطلاق مشاورات بين الولايات المتحدة الامريكية وتركيا وقطر قد تُفضي الى قطع الدعم عن تونس.
كمال اللطيف (رجل الاعمال): تم استفساره عن علاقاته بسفيري ايطاليا السابق والحالي بتونس وعن طرحه اسم محافظ البنك المركزي الأسبق مصطفى كمال النابلي لأوساط فرنسية كرئيس للحكومة في الفترة القادمة في صورة حصول تغيير سياسي.
رضا بلحاج القيادي الأسبق بحزب حركة نداء تونس: استفسار حول لقاء بالمستشارة السياسية بسفارة الولايات المتحدة الامريكية.
شيماء عيسى الناشطة في جبهة الخلاص الوطني وجوهر بن مبارك: استفسار حول لقاء جمعهما بالمستشارة السياسية بسفارة الولايات المتحدة الامريكية.
عصام الشابي: استفسار حول لقاء جمعه بالقائمة بأعمال سفير الولايات المتحدة الامريكية بتونس.
غازي الشواشي الامين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي: استفسار حول لقاء برئيسة القسم السياسي بسفارة الولاية المتحدة الامريكية.
لزهر العكرمي: استفسار حول دعوته للتنسيق مع تركيا خلال لقاء جمعه بخيام التركي.
خيام التركي القيادي السابق بحزب التكتل: الشخصية المحورية في ملف القضية ومنظم اللقاءات بعدد من السفراء من ذلك تنظيم لقاءات بين احمد نجيب الشابي زعيم جبهة الخلاص الوطني وسفيرة انقلترا وسفير ايطاليا وسفير اسبانيا والقائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة الامريكية.
ووفق الوثائق المُسرّبة تضمّن الملف سجلّ اتصالات ومحادثات عبر تطبيقتي و”اتساب” و”سينيال” جمعت خيام التركي بعدد من السفراء (فرنسا واسبانيا وايطاليا والمانيا والجزائر) وشخصيات دبلوماسية.
الجدل متواصل
ينتقد محامو الموقوفين ما يعتبرونه إخلالات جسيمة شابت عمليات الايقاف ومداهمات المنازل والاحالات على قطب مكافحة الارهاب وما يسمّونه بعمليات تركيب التهم عبر النبش في هواتف موكليهم. كما يؤكد المحامون خلو الملفات من أية أدلة مادية أو قرائن تتماشى مع التهم الخطيرة الموجهة لمنوبيهم والتي يقولون إن الابحاث فيها انطلقت بتدخّل مباشر من رئيس الجمهورية في اطار تصفية حسابات سياسية .
وحسب هيئة الدفاع فقد تمحورت الاستنطاقات حول تقارير أمنية بخصوص لقاءات حديثة وأخرى تعود لأكثر من 9 أشهر تاريخ إطلاق مبادرة سياسية تهدف لتجميع مختلف أطياف المعارضة فيما يتناقل مساندون لمسار 25 جويلية تفاصيل حول “وثيقة آليات انتقال السلطة” التي كانت ضمن نقاشات عدد من الموقوفين. وتضمنت “إجراءات نقل السلطة ومهام القائم بمهام رئيس الجمهورية ومهام البرلمان الحالي ومهام حكومة الانقاذ” وهي اقتراح خارطة طريقة لانهاء “الانقلاب” والعودة الى” المسار الدستوري”.
وإضافة إلى الجدل حول التهم الموجهة للموقوفين والانقسام الحاد الدائر حول خلفيات الإيقافات ومدى تدخل السلطات القائمة في المسار القضائي بعد ان كانت وراء بداية التتبّع أُثير جدل جديد حول “الواشي” و”الشاهد” اللذين تم إخفاء هويتيهما وقالت هيئة الدفاع عن الموقوفين أنها تمكنت من الكشف عنهما “بمجرد قراءة المحاضر”. محور الجدل هو مدى صدقية الشخصيتين المذكورتين لاعتماد أقوالهما في قضية بحجم قضية التآمر على أمن الدولة.
المعلومات المتوفرة تشير الى وجود عداوة معلومة بين “الشاهد” ورجل الأعمال كمال اللطيف من جهة وعدد من الموقوفين من جهة أخرى ممن يعتبر “الشاهد” القابع في السجن منذ أكثر من 5 سنوات انهم كانوا وراء “قرار سياسي” يقضي بايقافه في قضية تآمر على أمن الدولة. أما “الواشي” فيبدو انه قريب من “منظومة 25 جويلية” وهو محل تتبّع في قضية أخرى تتعلق أيضا بالتآمر على أمن الدولة وهو في حالة سراح.
القضية ستشهد قطعا خلال الأيام القادمة تطوّرات ستفرض على الجهات المعنية الرد على ما شابها من إخلالات جسيمة. وستفتح باب النقاشات حول علاقة السياسيين بالسفارات وحدودها في ظل حالة الانفلات التي سادت المشهد منذ 2011 .
*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ 28 فيفري 2023