الشارع المغاربي : نشرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تقريرها لسنة 2017 تضمن جملة من التقارير الدولية حول تونس من بينها تقرير مجموعة الأزمات الدولية كشف عن وجود من أسماهم بـ”رجال الظل” وأصحاب الأعمال (رجال أعمال) الذين قال إنهم استفادوا من المشاورات السياسية في أعلى هرم السلطة بما فيها السرية منها بين رئيس الجمهوية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
واتهم ذات التقرير الأطراف المذكورة بـ”التحكم بخيوط اللعبة السياسية في الكواليس دفاعا عن مصالحها الإقتصادية “وان ذلك تسبب في شعور لدى الشعب بأن الدولة تعمل بطريقة “مافيوزية” بما أضعف الثقة في حكومة يوسف الشاهد”.
واعتبر التقرير أن “كثرة الإجراءات الإقتصادية وضبابيتها واستخدامها من طرف موظفي الإدارة عزّز شبكات الحماية والزبونية التي تساهم في إحكام غلق المجال الذي يحمي النخبة الإقتصادية التقليدية “مؤكدا أنه بقدر ما تكون التشريعات تقييدية وغامضة وزاجرة يكون هامش مناورة الموظفين كبيرا.
وأكد أيضا أن “عددا من المواطنين نزعوا نتيجة لهذا وبغرض حماية أنفسهم من تعسف الدولة ّإما إلى السعي المتواصل للبحث عن أموال تمكنهم من إنشاء شبكة علاقات أو بدفع الرشاوى المطلوبة، وإما بدعم أشكال التضامن المختلفة سواء منها القطاعية أو المهنية أو النقابية أو السياسية أو الجهوية أو العائلية”.
واشار التقرير إلى أن أكثرهم نفوذا يتواجدون في حوالي 100 مجلس إدارة بداية من البنك المركزي، مرورا بالمؤسسات المصرفية والمكاتب الحكومية وفي آخر السلسة الاتحاد الوطني للصناعة والتجارة.
وأبرز التقرير أن العديد من الموظفين يقيمون علاقات زبونية مع كوادر الإدارات العمومية بما فيها وزارات الداخلية والعدل والمالية ومع أعضاء الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والإعلام وعمادة المحامين مشيرا الى ان “مجموعة العائلات التقليدية النافذة تطالب بمزيد من الحرية للحصول عىل مشاريع في قطاعات تسعى الى غزوها، وانها تصارع في نفس الوقت لإحكام غلق القطاعات المحمية أو التنافسية التي تعمل بها”.
يذكر ان التقرير الذي استندت اليه الهيئة تشر في ماي 2017 وأثار جدلا واسعا في المشهد السياسي خاصة بتأكيده وجود حوالي 300 “رجل ظل” يتحكمون في أجهزة الدولة بتونس ويعرقلون الإصلاحات، وأن “بعضهم” يعطل تنفيذ مشاريع تنموية بالمناطق الداخلية ويحرك الاحتجاجات الاجتماعية فيها.
وحذرت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان “الانتقال المعطَّل: فساد وجهوية في تونس” من أن مظاهر “الإثراء من المناصب” السياسية والإدارية و“المحسوبية“ و“السمسرة” أصبحت “تنخر“ الإدارة والطبقة السياسية “العليا” في تونس(الأحزاب، البرلمان..) .
وجاء في التقرير الذي أعدته المنظمة اعتمادا على أكثر من 200 مقابلة مع فاعلين اقتصاديين وسياسيين ونقابيين وغيرهم، أن مجلس نواب الشعب أصبح “مركز التقاء الشبكات الزبائنية” وأن “عديد” النواب أصبحوا “مختصين في السمسرة وترقية الأعمال“.
وحسب التقرير فإن ” الفاعلين الاقتصاديين الذين مولوا الحملة الانتخابية لبعض الأحزاب” السياسية التي وصلت الى الحكم اثر انتخابات 2014 أصبحوا “يؤثّرون مباشرة في تعيين الوزراء وكتاب الدولة وكوادر الإدارة المركزية والجهوية والمحلية بما في ذلك الديوانة وقوات الامن الداخلي“.
ولفتت المنظمة إلى أن “بعض” ممن يتم تعيينهم في هذه المناصب “مجبرون على الإذعان (للتعليمات) كما كان الحال زمن الدكتاتورية، لتفادي فضح ملفاتهم الأخلاقية والجبائية وفسادهم ، في حين يذعن البعض الآخر خوفا من عزله” من المنصب.
ونبهت الى أن تونس تعيش في ظل “منظومة مافيوزية” وأن الفساد بلغ “مستويات خطيرة” خصوصا في “وزارة الداخلية والديوانة والقضاء“.
وحذرت من ارتفاع “الاستقطاب” و“الصراع” في صفوف رجال الأعمال (بعضهم البعض) في الساحل والمركز (العاصمة تونس) من ناحية، وبين أثرياء جدد هم “بارونات الاقتصاد الموازي وخصوصا التهريب” بالمناطق الداخلية، من ناحية أخرى.
وقالت إن المهربين بالمناطق الحدودية مع ليبيا والجزائر راكموا بعد الثورة، ثروات طائلة بمليارات الدولارات وأنهم يريدون اليوم مكانة وحظوة سياسية واقتصادية مثل تلك التي يحظى بها رجال أعمال “النخبة” في الساحل والعاصمة تونس والذين“يعطلون” (وفق المنظمة) إقامة مشاريع تنموية بالمناطق الداخلية حتى لا تؤثر على مشاريعهم ومصالحهم.
وأشارت المنظمة إلى ان “بعض” الأثرياء الجدد بالمناطق الداخلية “ساندوا” الاحتجاجات العنيفة ضد السلطة المركزية في تلك المناطق. كما لفتت الى “تنامي نفوذ رجال الظل في التحركات الاحتجاجية” بالبلاد.
واعتبرت ان حل المشاكل التي يطرحها الفساد في تونس اليوم يتطلب وضع وتطبيق قوانين صارمة لمكافحة الفساد، وإرادة سياسية قوية “ليست متوفرة” حتى اليوم.
يُذْكر أن “مجموعة الأزمات الدولية” منظمة غير حكومية دولية تأسست سنة 1995 وتتمثل مهمتها في منع حدوث النزاعات الدموية حول العالم وتسويتها من خلال تحاليل ميدانية وعبر إسداء المشورة للدول والمنظمات الأممية.وتُعدّ المنظمة من المصادر العالمية الأولى للتحاليل والمشورة التي تقدمها للحكومات، والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي.