الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أظهرت نتائج المؤشر الشهري للإنتاج الصناعي خلال السبعة أشهر الأولى من سنة 2020، التي أصدرها يوم أمس الإثنين 5 أكتوبر 2020 المعهد الوطني للإحصاء تراجع حجم الإنتاج الصناعي بنسبة 7.4% مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2019.
وأبرزت بيانات المعهد ان التراجع المسجل يخص كافة فروع نشاط القطاع الصناعي باستثناء قطاع الصناعات الفلاحيّة والغذائيّة الذي أشارت الى انه عرف ارتفاعا بنسبة 6.2% نتيجة الارتفاع المسجل في صابة زيت الزيتون للموسم 2019-2020. ويستمر انخفاض المؤشر من شهر الى اخر حسب المعطيات الإحصائية وبنسق حثيث منذ نحو ثلاث سنوات لعدة أسباب وفي سياق يعتبره المتابعون للشأن الاقتصادي الوطني ممنهجا ومقصودا.
في جانب اخر صرحت اليوم الثلاثاء سلوى الصغير وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم على هامش تقديمها نتائج الاستبيان الذي قامت وكالة النهوض بالصناعة والمعهد العربي لرؤساء المؤسسات حول الوضعية الاقتصادية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة ومدى جاهزيتها في ظل الموجة الثانية من الازمة الصحية أن حجم الاستثمار الفعلي في القطاع الصناعي تطور إيجابيا بنسبة 3 % حسب تعبيرها مما يعتبر مؤشرا إيجابيا في ظل الازمة الاقتصادية ولكنها “غفلت” عن كونها تناقض بشكل صارخ في ذات الوقت معطيات صادرة عن هيئة حكومية هي معهد الإحصاء اذ تؤكد بياناته بوضوح تراجع الإنتاج الصناعي بشكل واضح وجلي.
ومما يزيد الطين بلة على مستوى تضارب الأرقام والاحصائيات ما أفادت به أيضا الهيئة التونسية للاستثمار الراجعة بالنظر لوزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي حديثا من مؤشرات تتعلق بارتفاع الاستثمارات المصرح بها أواخر سبتمبر 2020 بنسبة 56 % الى 1.8 مليار دينار مشيرة الى انها تخص احداث مؤسسات وتوسعة مشاريع قائمة (39 %) وعمليات تجديد بنسبة 5%.
ويعتبر العديد من الخبراء أن نسب الانخفاض في مجال الاستثمارات سيما الصناعية منها وبغض النظر عن تأثير الجائحة الصحية هي اعلى بكثير مما يتم التصريح به هنا وهناك اذ ان وزارة الصناعة تفننت سيما منذ سنة 2017 في المغالطات وإصدار ارقام لا تمت لواقع انهيار القطاع الصناعي بصلة.
ويرجع جل المتخصصين في الشأن الصناعي الوطني ما يشهد القطاع من احتضار الى السياسة الممنهجة لرئيس الحكومة الاسبق يوسف الشاهد ومجموعة من اعضاده خدمة للوبيات التوريد التي حققت سنة 2019 رقم معاملات فاق 64 مليار دينار (54% من الناتج المحلي الإجمالي) ولأصحاب عدد من المجمعات التي تسعى للقضاء على المؤسسات الصغرى والمتوسطة لاحتكار السوق وهو ما نجحت فيه الى حد بعيد حيث توصلت الى الاجهاز على أكثر من 400 مؤسسة منها خلال الأعوام الاخيرة وذلك في قطاع النسيج والجلود لا غير. وأدت هذه الوضعية المحزنة الى فقدان 40 ألف موطن شغل.
ومن المثير للاشمئزاز، ان الشاهد كان قد كلف أحد مستشاريه وهو عفيف شلبي بصفته رئيس مجلس التحاليل الاقتصادية لإيجاد “حلول” لإنقاذ البلاد من التصحر الصناعي. وأصدر جهابذة المجلس ورئيسه في جانفي الماضي تقريرا اوصى باتخاذ 87 اجراء لإنعاش القطاع الصناعي والرفع من تنافسية المؤسسات التونسية إلى المستوى الدولي !
يذكر ان الصناعة في تونس تلعب منذ أوج تأسيسها مع فجر الاستقلال دورا حيويا في الحياة الاقتصاديّة بالبلاد من حيث طاقتها التشغيليّة ومردوديّتها الماديّة إذ تبلغ مساهمتها في الناتج القومي الخام 28.6%، إضافة إلى 34% من نسبة التشغيل من السكان الناشطين حسب البيانات الصادرة عن المعهد التونسيّ للإحصاء لسنة 2018. وتضم الصناعة التونسية عدة قطاعات هي: الصناعات المعلمية وغير المعلمية والمناجم والتنقيب عن النفط والأشغال العامة.
ويمثل القطاع غير المهيأ (الصناعات الخفيفة) نسبة 96.9% من النسيج الصناعي، بينما يناهز عدد مؤسسات القطاع المهيأ (الصناعات الثقيلة) 17.6 ألف وحدة إنتاج، منها 14.9 ألف مؤسسة صغيرة وهو ما يمثل 2.5% من إجمالي المؤسسات. وبصرف النظر عن القطاع غير المهيأ، تمثل المؤسسات الصغرى والمتوسطة 95.6% من القطاع المهيأ في حين تمثل المؤسسات الكبرى 4.4% منه بواقع 806 وحدات إنتاج.
كما يتواجد أكثر من ثلث القطاع الصناعي في منطقة تونس الكبرى وفي القطاع غير المهيأ، فإن 35.3% من المؤسسات تتواجد في منطقة تونس الكبرى و23.6% في الوسط الشرقي و 13.4% في الشمال الشرقي.