الشارع المغاربي-حاوره: محمد الجلالي: اتهم المستثمر حافظ حميد عددا من مسؤولي شركات “سيكار” باعتماد تخطيط ممنهج لتفليسه والاضرار بشركاته بعد ان موّلوا ثلاثة مشاريع له في مجال المياه المعدنية وتربية الأسماك.
حميّد الذي سبق له شغل خطة رئيس للنجم الساحلي تحدّث ايضا في الحوار الذي ادلى به لأسبوعية “الشارع المغاربي” عن تفطنّه الى وجود ما اسماها محاولات تدليس وثائق وانتحال صفة من قبل ممثلي شركات “سيكار” للاستيلاء على أملاكه وافتكاك تراخيص باسمه مرجّحا ضلوع عدد من المسؤولين في شبهات اهدار اموال عمومية وتبييض اموال والتلاعب بمصالح الغير داعيا رئاسة الجمهورية وعددا من الوزارات والهياكل الرسمية لفتح تحقيق جدي في ملف التصرف في المشاريع التي موّلتها شركات “سيكار”.
من ملياردير الى فقير في ظرف سنوات معدودات.. ما الذي حدث معك تحديدا؟
انا مهندس معماري سبق لي ان اشتغلت في مجال البعث العقاري ثم عملت في السوق المالية لفترة فأصبحت مرجعا في القطاع.. خلال العقدين الاخيرين اعتقدت انه بامكاني افادة بلدي والمساهمة في انعاشه اقتصاديا فخضت غمار تجربة تعليب المياه المعدنية وتربية الأسماك قبل ان اواجه مخططات ممنهجة لافلاسي والاضرار بشركاتي.. قررت إذن الاستثمار في المياه المعدنية والمشروبات العصرية بالاعتماد على طريقة تعليب جديدة وعصرية تحافظ على صحة المستهلك (زجاجات ملونة ومضادة للأشعة فوق البنفسجية) ومن خلال ترويج مشروبات طاقية ورياضية دون مواد حافظة أو ملوّنة.. في 2010 أسست بمعتمدية الكريب من ولاية سليانة نواة أولى لمعمل المياه المعدنية. وبسوسة بعثت شركتين لتربية الاسماك.. وبعد وقوفي على ضخامة المشاريع اتصلت ببعض البنوك وشركات الاستثمار ذات رأس المال المخاطر المعروفة باسم “سيكار” للحصول على تمويل. وبالفعل لقي طلبي تجاوبا من بنوك عمومية وخاصة على غرار البنك الوطني الفلاحي وبنك الاسكان والبنك العربي لتونس اضافة الى شركات “سيكار” اخرى مثل UGFS.. فاتني حينها الاطلاع على تقارير البنك الدولي حول تونس التي لخصت مشاكل اقتصادنا في عائقين اثنين هما الفساد والنموذج الاقتصادي القائم على احتكار خمس أو ست عائلات أغلب مجالات الاستثمار بما يعني ضرب كل مستثمر دخيل عليها.. كما فاتني اتخاذ احتياطاتي من شركات “سيكار” بعد أن ذهب في ظني ان الدولة بعثت هذا النموذج من التمويل للتخفيف من البطالة وتشجيع التنمية الجهوية.. حين غامرت لم انتبه الى ان شركات “سيكار” التي تتمتع بأموال معفاة من دفع الضرائب خدعة كبرى.. ولو تثبتنا في الشركات التي تساهم فيها “سيكار” لوجدنا ان ثلاثة أربعاها فالسة وهو تفليس ممنهج. ثم إنه لا أساس من الصحة لمصطلح رأسمال مُخاطر بما ان شركات “سيكار” لا تمول المشاريع الا بعد اجراء دراسات جدوى وبعد التأكد من ضمان استرجاع أموالها وهي لا تساهم إلا في شركات مُهيكلة ومُنظمة وقانونية وتسيطر على مجالس ادارة الشركات بالنظر لحيازتها النسبة الاكبر من الأسهم وتتخذ قراراتها بصفة تضامنية في ما بينها.
ألا ينص القانون المنظم لشركات “سيكار” على منعها من التمتّع بأغلبية الأسهم في الشركات التي تموّلها؟
القانون يرفض دخولها في تكتّلات في ما بينها للحصول على الأغلبية في اتخاذ القرارات وهو ما حصل معي.. وقد لاحظت انهم غالبا ما يقفون وراء تعيين مراجع الحسابات والذي عادة ما تكون مصلحته معهم لا مع المستثمر.. ورغم احترامي وتقديري الشديدين لمهنة مراجعي الحسابات فإن هناك منهم من يتواطؤ مع الممولين عوض التقيد بالقانون. كما يمكن لهذه الشركات أن تؤثّر على بعض القضاة والمحامين والاداريين.
وما قصتك مع شركات “سيكار”؟
حصلت على تمويل في حدود 35 مليون دينار بين قروض بنكية واستثمارات تابعة لشركات “سيكار” في مشاريعي الثلاثة Royale Drinks وFresh Fish وExcel Fish من بينها 30 مليون دينار من أموال عمومية… ورغم اني شغلت خطة رئيس مدير عام للشركات الثلاث فقد فرضوا عليّ مديرا عاما مساعدا يدعى غازي الجبالي قبل ان يصبح المخاطب الرئيسي لهم ويشرف على مجالس ادارة شركاتي ويجمع بين يديه كل السلطات المالية والاقتصادية والمحاسبية.. كما جلبوا معهم مديرا ماليا يدعى سنان باشا. ومنذ أن فُرض قرارا التعيين بدأ التفليس الممنهج لمشاريعي.
وفيم تمثّل التفليس الممنهج؟
تعيين غازي الجبالي مديرا عام مساعدا وسنان باشا هو في حد ذاته تخطيطا لتفليس شركاتي.. في أواخر سنة 2018 وبعد استقالة المدير المالي سنان باشا من منصبه اكتشفت في مكتبه وجود فواتير شراء تجهيزات طبية باسمه واخرى باسم الجبالي لفائدة مصحة خاصة بولاية أريانة رغم انهما كانا في أواخر 2014 يعملان موظفين بشركاتي والغريب ان قيمة الفواتير كانت في حدود 327 ألف دينار بالنسبة للجبالي و240 ألف دينار بالنسبة لباشا وانه تم خلاصها نقدا… استشرت في الحين محاميّ بخصوص إقدام موظفين اثنين بشركاتي على اقتناء معدات طبية بآلاف الدنانير نقدا ولفائدة مصحة خاصة فأكد لي ان الجبالي وعددا من ممثلي شركات “سيكار” شركاء في مصحة خاصة واثبت لي انطلاقا من منشورات بالرائد الرسمي ان الجبالي من بين مؤسّسي المصحة رفقة سيف الدين البجاوي مدير عام Atd Sicar الممولة لمشاريعي ورياض جعيدان المسؤول السابق بنفس “سيكار” وزهيّر بن منصور زوج موظفة بشركة الخليج المتّحد للخدمات المالية – إفريقيا الشمالية المموّلة ايضا لشركاتي وممثّلة لها بمجلس ادارة شركة المياه المعدنية. فهل يعقل ان يدخل ثلاثة ممثّلين للشركات المموّلة لمشاريعي في شراكة مع المدير العام المساعد بمؤسساتي في مشروع آخر؟ هل يعقل ان يشاركوه في بعث مصحة خاصة ثم يموّلون هذه المصحة تزامنا مع عمله كموظف بشركاتي؟ ولماذا سجّل الموظفان الجبالي وباشا فواتير اقتناء معدات المصحة باسميهما ودفعا مئات الالاف من الدنانير نقدا رغم أن المصحة موجودة قانونا؟ الا يعتبر ذلك تبييضا للأموال وتحيّلا على مصحة تم بعثها منذ ماي 2014 ؟ وما مصدر الاموال التي دفعاها ؟ الا يعتبر ذلك تضخيما في قيمة الشراءات وتحيلا على المصحة وعلى المساهمين وعلى الدولة؟ مع العلم اني تفطنت الى اربع فواتير باسميهما… المفزع ان ممثلي شركات “سيكار” دخلوا في شراكات ومصالح ضيقة عوض المحافظة على الشركات المشغّلة لهم.. انا اطالب كمتضرر بالتدقيق في كل عمليات التصرف المالي والاداري التي قام بها كل من الجبالي وباشا بالنظر الى الشراءات التي انجزاها لفائدة المصحة الخاصة…
عمليا كيف تم تفليس شركاتك تفليسا ممنهجا ؟
التفليس الممنهج تم عبر تعيين غازي الجبالي مديرا عاما مساعدا لي. وتم ايضا عبر سيطرة شركات “سيكار” على لجنتي التفقد والمالية وعلى المدير المالي نفسه فيما تم تغييبي حين كنت رئيسا مديرا عاما عن دقائق التسيير.. ففي شركة المياه المعدنية (Royale Drinks) مثلا طلبوا مني اضافة أصولي في معمل المياه بعين سكرة التابعة لولاية سليانة الى اصول الشركة المذكورة الموجودة في معتمدية الكريب بدعوى استغلال رخصتي استغلال المياه في كل من عين سكرة والكريب. ثم اقترحوا علي بعث شركة للتوزيع طالبين مني اقتناء وسائل نقل والاستثمار في الشركة الجديدة في انتظار التحاقهم وتوفير بقية التمويلات وهذا موثّق في محاضر جلسات مجالس الادارة وفي تقارير مراجع الحسابات. كما قرّر ممثّلو شركات “سيكار” الترفيع في قيمة الاستثمار من 30 الى 59 مليون دينار مقابل حصولهم على أموال ضخمة من شركة المياه المعدنية بدعوى انجاز دراسات من أجل المرور الى عملية اكتتاب بالبورصة.. في هذا الاطار حصلوا سنة 2013 على موافقة من الهيئة العامة للسوق المالية وبعد ذلك جلبوا مكتبا مختصا في مراجعة الحسابات لاجراء جرد لكل مصاريف الشركة واستثماراتها ثم كلفوه بمراقبة حسابات الشركة مع العلم ان احد خبراء هذا المكتب هو شقيق مسؤول بشركة “سيكار” ممولة لمشروعي.. ادّعوا أيضا ان المدير العام المساعد انجز مخططا للانطلاق في الاستغلال يوم 15 ديسمبر 2013 في معمل عين سكرة وفي سبتمبر 2014 في معمل الكريب وتم اعلام مجلس الادارة والمساهمين بهذه الآجال مع احاطتهم علما بضرورة انفاق 3 ملايين دينار كتسبقة لشراء معدات اضافية وكراء مقرات اخرى وانتداب عملة اضافيين استعدادا لانطلاق الاستغلال.. وفي هذا السياق تم انجاز استثمارات منقوصة وغير مجدية لانهم لم يستوفوا اجراءات الاكتتاب.. لقد سعوا عبر كل هذه المراوغات إلى تبديد أموال الشركة وتكبيدها خسائر مالية كبيرة.. بل حرموني حينها من استغلال معمل عين سكرة وورّطوا الشركة في استثمارات مكلفة.. ألا يعتبر الشروع في انجاز استثمارات وتوريط الشركة في التزامات مالية مُجحفة وبلا أية فائدة ثم التراجع عنها بعد مرور سنوات تخطيطا ممنهجا لتفليسها؟ نفس الشيء بالنسبة لشركة التوزيع التي طلبوا مني بعثها متعهّدين بتوفير التمويلات اللازمة ثم تراجعوا بما تسبب لي في خسارة بـ 250 ألف دينار بعد اقتناء 13 شاحنة ودفع اقساط اولى وسداد معاليم التأمين وتوريط شركة المياه المعدنية في ديون بـ 450 ألف دينار..
ولكنك كنت عضوا بمجلس ادارة الشركة وتشغل خطة رئيس مدير عام بها. ما الذي منعك من التصدي لهذه القرارات أو كشف ما تعتبره الآن تخطيطا مُمنهجا لتفليسك؟
لقد تم تغييبي عن جل تفاصيل التسيير بما إني لم أكن على اطلاع بما يجري صلب لجنة التدقيق ولجنة المالية قبل ان اتفطن في ما بعد لكل ما يجري من الاعيب وتجاوزات..
ألم تكن حاضرا في مجالس ادارة الشركة وعلى بيّنة من كل القرارات المتخذة؟
للأسف عملوا على تفليس الشركة ثم مرّوا الى مرحلة تفليسي بقرارات واجراءات مختلفة بما تسبب لي منذ سنة 2015 في التعويل على شيكات بلا رصيد للإيفاء بالالتزامات المالية.
والى أين ذهب رأسمال شركة Royale Drinks الذي كان في حدود 30 مليون دينار؟
يمكن تلخيص ذلك في الترفيع الوهمي في رأسمال الشركة وتوريطها في التزامات مالية واستثمارات وانتدابات دون ان يتم الايفاء بها مع العلم ان الشركة شرعت تبعا لذلك في تهيئة 7 آلاف متر مربع بمعمل الكريب من ولاية سليانة.. لقد كان تخطيطهم افراغ الشركة من اموالها ثم تفليسي كمستثمر حتى لا اتمكن من مواجهتهم.. هنا علي التوضيح انهم قرروا اضافة اصول عين سكرة التي تعود لي شخصيا بعد تقييمها بـ 3 ملايين دينار الى اصول الشركة في 16 مارس 2015 وكلفوا شركة “سيكار” تدعى Atid باجراء المرافقة القانونية مقابل 28 ألف دينار فهل قام هذا الشريك بهذه المرافقة؟
الا يفترض شغلك منصب رئيس مدير عام للشركة علمك بهذه المرافقة؟
كان كل شيء تحت سيطرة ممثلي شركات “سيكار”.. لقد طلبوا مني منذ البداية التكفل بالتسويق وبالاتصال وبالعلاقات العامة مقابل إمساكهم بكل بقية المهام الادارية.
وهل تم توثيق تقسيم المهام في محاضر جلسات مجالس ادارة الشركة؟
للاسف لا.
لماذا خضعت لهذه الشروط والاملاءات دون التنصيص على ذلك في محاضر جلسات او اتفاقيات رسمية في مشروع بعشرات ملايين الدنانير؟
هذه ليست شروط.. ثم ان تعهدهم بالترفيع في رأسمال الشركة من 30 الى 59 مليون دينار دفعني الى الانغماس في الحلم وفي العائدات الكبرى التي سأحققها. في المقابل كان من الصعب علي التكهن بما كانوا يضمرون لي ولمشاريعي.. لم يدر بخلدي انهم سيتصرفون في اموال عمومية وخاصة بكل ذلك الخبث والدهاء والهدر.. كنت احسبهم مسؤولين فاكتشفت عكس ذلك.. قد يبدو الامر اليوم غريبا لكنه كان حينها اعقد مما تتصور.. لقد كنت منشغلا بعديد المهام واكتشفت كل هذه الحيل في وقت متأخر.. هل يعقل اذن ان يدخل البنك الوطني الفلاحي بـ 12.5 مليون دينار في مشروع دون ان يتم غلق خطة التمويل؟ البنك الفلاحي موّل المشروع لا حبّا في حافظ حميد او في مشروعه وإنما خدمة لمصالح مسؤولين في البنك العربي لتونس بما ان ر.م.ع البنك الفلاحي في ذلك الوقت عمل قبل ذلك موظّفا بالبنك العربي لتونس.. اذكر انه اتصل بي في 2014 ليؤكد ان مصلحته ليست في تمويل شركتي وانها مع تمويل شركة منافسة هي شركة صناعة المشروبات التي كان يديرها المرحوم حمادي بوصبيع.. البنك الوطني الفلاحي الذي هو شريك في رأسمال شركة صناعة المشروبات وافق على تمويل شركتي التي تنشط في نفس المجال.. ألا يعتبر ذلك تضارب مصالح؟ ويا خيبة المسعى ان كان عدد من مموّلي مشروعي من بنوك وشركات “سيكار” شركاء مع الموظف السابق معي في مصحة خاصة برأسمال في حدود 300 مليون دينار.. اكرر مرة اخرى تساؤلي: كيف لمدير عام مساعد لا تتجاوز جرايته في شركتي بضعة آلاف الدنانير ان يكون شريكا في مصحة بمئات آلاف الملايين؟ موضوع آخر على غاية من الخطورة ويهم محمد صالح فراد مدير عام “شركة الخليج المتّحد للخدمات المالية – إفريقيا الشمالية” وهو في اعتقادي الرأس المدبر لعديد القرارات التي حطمتني.. وهناك من يتهمه بالانتماء للجهاز المالي السري لحركة النهضة. فراد راسلني في مارس 2015 واشترط غلق بيانات الشركة المالية بعد امضائي على احالة ترخيصي استغلال الارض الغابية والماء اللذين حصلت عليهما من السلطة الى شركة Royale Drinks.. كما تفطنت صدفة الى محاولة انتحال صفتي ببعث مراسلة باسمي الى وزارة الفلاحة لطلب تغيير هذين الترخيصين باسم الشركة.
تتحدث أيضا عن محاولة تدليس وثائق؟
هي بالفعل محاولة تدليس وبتواطؤ من احدى المحاميات.. اضف الى ذلك عملية ايهام بالترفيع في رأسمال الشركة وتسجيلها بالسجل الوطني للمؤسسات رغم ان احالة اصولي في مشروع عين سكرة لم تتم وبقيت مجرد طلب منهم.. هنا اطالب سجل المؤسسات بالتثبت في العملية والتحقق من وثيقة الاحالة… فهل يمكن تسجيل عملية ترفيع في رأسمال شركة بناء على مجرد فرضية مع العلم انه لا يمكن إحالة هذين الرخصتين قانونا؟ وفي مواصلة لعملية التفليس الممنهج قرروا في 2015 اتخاذ قرار في مجلس ادارة الشركة بالتراجع عن عملية الترفيع في رأسمالها من 30 الى 59 مليون دينار فحصلت بعد جهد جهيد على تعهّد من بنوك اخرى للحصول على تمويل ولكنهم تصدوا للأمر. في المقابل اوكلوا لشركة الخليج المتّحد للخدمات المالية – إفريقيا الشمالية الشريكة في المشروع والتي يديرها محمد الصالح فراد مهمة اعادة تأهيل الشركة والنظر في قانونية تركيب التجهيزات في عين سكرة العائدة لي بالنظر عوض تركيبها بالكريب رغم موافقتهم على ذلك في وقت سابق تحت غطاء اجراء عملية اكتتاب بالبورصة والترفيع في رأسمال الشركة بإضافة اصولي الى اصولها.
لماذا اعتبرت البنك الوطني الفلاحي شريكا في اهدار اموال عمومية وخاصة؟
اضافة الى ما سبق لي ذكره عن البنك اذكر ان بعض مسؤوليه رفضوا تمويلي بمليوني دينار بعد دخول معمل المياه المعدنية مرحلة الانتاج رغم ان البنك مساهم فيه بأكثر من 12 مليون دينار. ألا يعتبر ذلك تضحية بالأموال العمومية التي تم ضخّها سابقا؟ ولماذا موّلوا شركتي الثانية ((Excel fish بـ 500 ألف دينار رغم علمهم بأنها مفلسة منذ بداية نشاطها ولم ينقذوا معمل المياه المعدنية بتمكينه من قرض للتصرف؟ أكاد اجزم بأنهم كانوا يمولون في الحقيقة بعض المسيرين المنتمين سابقا للبنك العربي لتونس.
وما مصير العقود التي أبرمتها مع شركات متعدّدة الجنسيات؟
بالفعل… كنت قد ابرمت عقدين مع شركتين عالميتين لإدخال ماركات عالمية الى تونس وتصدير المشروبات الى ليبيا لكن الاتفاقين مع اطراف اوروبية وامريكية اثارا حفيظة بعض المنافسين وتسببا في منع تمويل شركتي بل اديا حسب اعتقادي الى محاولة ادخال شريك جديد هو رجل اعمال ورئيس جمعية رياضية عريقة عبر التفريط له في اسهمهم وسعوا الى اقناعي أيضا بيع أسهمي في الشركة.. وبعد أن باءت المفاوضات بالفشل استنجدوا بتاجر ملابس مستعملة (فريب) وأسسوا له شركة حديثة ثم مكنوه على وجه الكراء من معمل عين سكرة ومنعوني من دخوله… هل يعقل أن يتم في 2018 تكليف تاجر “فريب” بتسيير المعمل رغم عدم خبرته في المجال؟ لماذا لم يتم تفعيل المنافسة وفق معايير موضوعية تراعي مصلحة الشركة؟ وتفطنت في ما بعد إلى انه تم السطو على اموال الشركة عبر تحويل اموال مبيعات الى حساب موظفة بها قبل ان تقدم استقالتها. اعود مرة اخرى الى محمد صالح فراد المحسوب على النهضة فقد عيّن مديرا عاا بشركتي يدعى محمد معرّف وهو موظف سابق بسفارة قطر في تونس وهذا المدير العام كان وراء جلب تاجر “الفريب”.. ثم ان فراد كان يحتمي بحركة النهضة التي كان لها نفوذ قوي في عديد القطاعات كالقضاء والادارة العمومية.. وقد لمست ذلك حين اعلمني قاض سابق بأنه تلقى تعليمات بإيقافي.
وهل حاولت التصدي لما اعتبرته تفليسا ممنهجا لمشاريعك وإهدار أموال عمومية وخاصة؟
اتصلت في البداية بإدارة البنك الوطني الفلاحي وواجهتهم بكل الوثائق التي تثبت التلاعب بالأموال فلم اجد اذانا صاغية وتوجهت بمحاضر تنبيه الى شركائي في ادارة شركة المياه المعدنية فعزلوني من منصبي كرئيس مدير عام مستغلين ايقافي لمدة أربعة أشهر في قضية بيع قارب لم اقم به.
الا ينص الاتفاق المبرم مع شركات “سيكار” على امكانية عزل الرئيس المدير العام في صورة عجزه عن اداء مهامه؟
صحيح ان الاتفاق ينص على ذلك ولكنهم سعوا الى ذلك عبر رفض حصول الشركة على تمويل من بنك آخر بـ 12 مليون دينار والتالي أرادوا تعميق عجزي عن الإيفاء بالتزاماتي المالية والدخول في متاهة الشيكات بلا رصيد.. هؤلاء عصابات ومافيات بربطة عنق اعتمدوا على اكثر من غطاء للاستيلاء على أموال الشركة والاموال العمومية والخاصة من بينها تاجر “فريب” الذي تبين انه يملك نفوذا كبيرا في محكمة سليانة التي تكفلت بانقاذ الشركة من الافلاس فتم اقتراف عدة تجاوزات والتغاضي عن عديد الاخلالات… ثم ان الاعتماد على هذا الغطاء قد يخفي تلاعبا في مبيعات الشركة دون ان يتورط الممولون او من يمثلهم في ذلك مع العلم ان ابني وهو مساهم في الشركة وعضو بمجلس ادارتها حاول في سبتمبر 2019 الاطلاع على الاتفاق المبرم مع تاجر “الفريب” لكنهم رفضوا تمكينه من نسخة منه بدعوى انه محكوم بشروط سرية. وفي 2020 حصلوا على قرار من محكمة سليانة بعجز الشركة عن الايفاء بالتزاماتها المالية دون ان يتم استدعائي من المحكمة والاستماع لأقوالي والاطلاع على ما بحوزتي من وثائق باعتباري مسؤولا سابقا بالشركة. بل سلبوا مني رخصة استغلال الملك الغابي بالتواطؤ مع احد ولاة سليانة رغم رفض وزارة الفلاحة معتمدين في ذلك على محضر جلسة لمجلس ادارة الشركة تضمن قرار عزلي من منصب ر.م.ع. هذا يعني ان هناك من كان يملك نفوذا حتى على والي سليانة آنذاك. في المقابل لم يقدروا على سلبي رخصة استغلال المياه رغم محاولاتهم المتكرّرة مع وزارة الفلاحة. ومنذ 2019 يواصل تاجر “الفريب” التصرف في الشركة بل تحوّل الى مساهم بها بعد شراء اسهم على ملك ابنتي. وبأموالي في الشركة وبعائداتها تمكن من الدخول كشريك في رأسمالها. بل اصبح يقوم بتوسعة في معمل الكريب من ماله الخاص رغم انه مجرد مستأجر للمعمل.. الا يحق لي التساؤل عن مصدر الاموال التي ينفقها؟ الا يمكن أن يكون ذلك ناتجا عن عملية تبييض اموال؟ وماذا في الاتفاق السري بينه وبين ممثلي “سيكار”؟
ألم تقل إن المحكمة تكفلت بإنقاذ الشركة بتعيين متصرف قضائي؟
بالتأكيد.. وقد سبق لي في 2020 ان اتصلت بالمتصرف القضائي واحطته علما بكل ما يثبت عملية تفليس الشركة وبكل ما يؤكد تواطؤ عديد ممثلي البنوك و “سيكار” في افشال المشاريع وقدمت نبذة عن تجاوزات أخرى… إثر ذلك ابلغ المتصرف المحكمة بهذه الإخلالات فتمت إحالة الملف الى وكيل الجمهورية والى يوم الناس هذا لا نعلم شيئا عما وصلت اليه القضية.. كما سبق لي التبليغ لدى هيئة مكافحة الفساد ولدى وزارة الوظيفة العمومية حين كان محمد عبو على رأسها ولدى فرقة الابحاث التابعة للحرس الوطني بالعوينة ووكيل الجمهورية بسوسة واخيرا لدى رئاسة الجمهورية التي أحالت الملف الى الفرقة العدلية بالقرجاني.. نفس الشيء بالنسبة لمحكمة سوسة التي قضت بإفلاس شركتي Excel Fish مع العلم ان أمين الفلسة الذي تم تعيينه ربح ابتدائيا قضية الافلاس قبل ان يخسرها استئنافيا ولكنه لم يواصل عمله في نفس الاتجاه للتبليغ عن الفساد والتصدي للفاسدين.. للأسف تم استغلال حتى متصرفين قضائيين للإضرار بشركاتي وبمصالحي.. الم يكن من باب اولى واحرى ان يتدخل قاضي المؤسسات لإيقاف هذا التيار خاصة بعد لفت انتباهه من قبل المتصرف القضائي؟ على عكس ذلك تمت السمسرة بمصالحي وبمصالح بقية افراد عائلتي وتجويعنا بعدما استنجدنا ببنوك وشركات “سيكار” للاستثمار وتمويل مشاريع كان يفترض ان تكون ناجحة..
ما مصلحة شركات “سيكار” في تفليسك والاضرار بمشاريعك؟
هي مصلحة أشخاص استغلوا مناصبهم لتحقيق منافع والا بما تفسر تمكين تاجر “فريب” من التصرف في معمل للمياه المعدنية او اتصالهم بمستثمر آخر لبيع حصصهم ومحاولة اقناعي ببيع اسهمي في الشركة؟ كيف يمكن لشركات تنشط في قطاعات مربحة وتقف وراءها مؤسسات مالية كبرى ان تفلس؟ هؤلاء عبثوا بالمال العام دون اي رقيب مع العلم ان شركة “سيكار” ذات تمويل عمومي لم تموّل مشروعا الا وكان مصيره الافلاس عدا مشروع واحد.. في هذا السياق اتوجه بنداء الى رئاسة الجمهورية ولوزارتي المالية والعدل والبنك المركزي ودائرة المحاسبات لإيلاء ملفي اهمية قصوى ومن ورائه ملف شركات “سيكار” لانقاذ الاقتصاد وايقاف نزيف التلاعب بالأموال العمومية.
*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 11 جويلية 2023