الشارع المغاربي – رئيس اتحاد الكتاب التونسيين د. العادل خذر لـ"الشارع المغاربي": التطبيع مع الكيان الصهويني خط أحمر

رئيس اتحاد الكتاب التونسيين د. العادل خذر لـ”الشارع المغاربي”: التطبيع مع الكيان الصهويني خط أحمر

قسم الأخبار

28 أكتوبر، 2023

الشارع المغاربي-حاورته:عواطف البلدي: باحث وأستاذ جامعي حاصل على دكتورا دولة في اللّغة والآداب العربية بكلية الآداب بمنّوبة. مدير أسبق بمعرض الكتاب الدولي ورئيس اتحاد الكتاب التونسيين الحالي. صاحب مؤلفات قيّمة ودراسات علمية حول الأدب القديم والحديث. ضيفنا اليوم هو الدكتور العادل خضر الذي يرى أن الكتّاب والأدباء والمفكّرين يحتكرون ادوات العبارة والبروباغندا والانتليجنسيا” ونراه بدورنا يحتكر “اساليب الديبلوماسيين ” في هذا الحوار.

“الشارع المغاربي” تحدّث مع د. خضر حول دعم الاتحاد للقضية الفلسطينية وعلاقة هذا الهيكل بالسلطة وحول مواقف بعض المثقفين المتراوحة بين الصمت والتردد .. 

سنفتتح الحوار بسؤالين الأول مباشر والثاني غير مباشر: لماذا تأخر بيان اتحاد الكتاب التونسيين حول طوفان الأقصى؟ ثانيا اتحاد الكتاب مؤسسة عرفت تاريخيا بتطابق مواقفها مع السلطة إن لم نقل بولائها لها. فهل يمكن أن نستنتج بوضوح بأن هذا البيان يصب في وادي السلطة أم هو نقلة نوعية في نهج هذه المؤسسة وعلاقتها بالقضايا العربية وقضايا التحرر بصفة عامة ؟

لم نصدر بيانا واحدا. أصدرنا بيانا أول حتى نسجل موقفا رصينا وصارما يعبر عما يجول في ضمير الكاتب التونسي دون زيادة او نقصان ودون بهرج عاطفي بلا فائدة. انا ضد الخطابيات واللهجات المتحمسة والمهم بالنسبة لي ان تكون الكلمات مختصرة ودقيقة وتعبر عن موقف واضح. سجلنا موقفا وكنا السبّاقين بين كل اتحادات ونقابات الكتّاب العرب وهو تقريبا اول بيان اقدم على هذه الخطوة المساندة للمقاومة الفلسطينية خلال “طوفان الأقصى”. اما البيان الثاني فكان مناصرة ومساندة للكاتبة الفلسطينية عدنية شلبي اثر حرمانها من جائزة والمشاركة في معرض فرانكفورت للكتاب الذي هو في الحقيقة يعبر عن الموقف الالماني المتناسق مع السياسة الاوروبية اذ كل من يناصر او ينتمي للقضية الفلسطينية تشن عليه حرب شعواء سواء كان هذا المناصر مثقف او رياضي او اكاديمي او صحافي.

 اما سؤالك في ما يخص علاقتنا بوزارة الثقافة فهي علاقة قديمة وعريقة ولكننا احيانا نتعارض في مواقف. ثم ما معنى مع السلطة؟ ان نكون مثلا في الجانب المعارض؟ اولا الاتحاد هو جمعية قبل كل شيء وليست مؤسسة كبيرة. منضبطون بنظام الجمعيات الذي جاء في بنده الثامن “يمنع ان نكون بوقا لأية سلطة او لأي حزب مثلا الفصل الثامن يمنع اي قيادي بحزب من الاحزاب ان يكون عضوا بالهيئة المديرة للاتحاد. اذن نحن لا نقوم بالدعاية السياسية على حسابنا لان ذلك مخالف لقوانين الجمعيات ولنظام الداخلي للاتحاد.

بما أننا لا يمكن أن نفلت من قبضة الأحداث الراهنة ما هي الأنشطة التي بمستطاع اتحاد الكتاب القيام بها لدعم القضية الفلسطينية؟

 الانشطة لم تبرمج بعد ولكن في الوقت الحاضر الاولوية لاتخاذ المواقف والمساندة الحية بالشارع. اعتقد ان الكاتب التونسي لا يمكن ان يظهر في خضم الجماهير التي تخرج للمساندة ولكن الكتلة التي تملا الشوارع هي اهم من ظهور الافراد. شخصيا افضل العمل في هذه الفترة على ان نبدأ بمواقف لأن المواقف موجودة وحاضرة بقوة فبالنسبة لي وللكتاب التونسيين مثلا، التطبيع مع الكيان الصهيوني خط احمر ولا يمكن تجاوزه او مسه ولأنه من الثوابت. ثمة مواقف لا يمكن تنظيمها لأنها فردية على فايسبوك وكل كاتب يرد بطريقته.

لكن ليس كل كاتب يدوّن موقفه على فايسبوك ينتمي بالضرورة الى اتحادكم؟ 

 لدينا حوالي 1300 منخرط ولا استطيع ان اتابع الجميع حول ما يكتبون ولكن حسب اطلاعي البسيط وحسب متابعتي لفايسبوك هناك الكثير من الاسماء هم كتاب منخرطون باتحاد الكتاب التونسيين. كما لاحظت مساندة متنوعة على صفحاتهم ولكن تبقى على مستوى الخطاب او على المستوى الفعلي المتمثل في المظاهرات والبيانات والمساندات. في هذه المرحلة هذا هو ما يمكن فعله لاننا في حالة حرب. هي حرب تُخاض بعيدا عنا وما يمكن القيام به هو امور رمزية ومعنوية وما يتجاوز هذا يدخل في باب المبالغات اما ان نساهم مثلا في المساعدات الطبية والغذائية ما امكن ولكن فوق ذلك لنكون واقعيين المساندة الرمزية هي ما يحتاج الشعب الفلسطيني في انتظار خطوات اخرى يمكن ان تتجاوز ذلك اذا ما سمح بفتح ممرات او طرق مختلفة لدخول غزة ونذهب كوفد يمثل كل الكتاب التونسيين.

 نحن في لحظة حرب ويبدو ان اتجاها عاما للموقف العام وهو مناهض ومندد للعمل الوحشي الذي يقوم به الكيان الصهيوني من قصف يومي لغزة. كما اعتقد ان اسرائيل خسرت هذه الحرب من الناحية الاعلامية ومن ناحية رص الصفوف في هذا المستوى قد تبقى الان خطوات اخرى سياسية وحربية وهذا في اعتقادي يتجاوز دور الاديب والافراد ويحتاج الى حرب دول قبل كل شيء.

 فهمت من حديثك انك اطلعت على مواقف بعض الكتاب والمثقفين التونسيين والعرب من طوفان الاقصى وتوجههم المستفز للضمير التونسي والعربي وبعيدا عن منطق التخوين الا تعد مثل هذه المواقف في هذا التوقيت بالذات غير وجيهة؟

 ظهر المثقف في بداياته مع ظهور الصحافة ووحدتهم الكلمة الشهيرة التي نطق بها ايميل زولا “انا ادين”  يعني ان دور المثقف بصفة عامة هو حماية المقدس وتعريف المقدس هو ما لا يُلمس واقدس شيء هي الروح البشرية التي لا ينبغي ان تلمس وأن تحميها كل الشرائع والاديان. ولا ينبغي قتل النفس الا بالحق والذي يدافع عن هذا الحق هو مثقف ولا يمكن ان نربطه لا بالكاتب ولا بالاديب ولا بالمفكر هؤلاء ربما يحتكرون ادوات العبارة والبروباغندا والانتليجنسيا وغير ذلك ولكن حتى الانسان البسيط الذي يحمل علم في مثل هذا الظرف وينحاز الى القضية اعتبره مثقفا لانه يناصر قضية تدعو الى حماية  الروح البشرية التي تزهق في غزة بشكل سريع جدا انا لا اريد ان اخوّن فقط ننتظر نجاعة الفعل هذا ما ستحسمه الدول. كلنا على قلق ونأمل ان تنتهي هذه المشكلة وانقاذ ما يمكن انقاذه لان ما حدث هو كارثة عظيمة تخرج الضمير الانساني ولاننا لا نمتلك وسائل للمشاركة في الانقاذ غير المساندة والوقوف مع الشعب الفلسطيني بشتى الوسائل الممكنة. اعرف جيدا ان هذا ما يؤلمنا جميعا لان المواقف غير كافية ولان الحرب حرب افعال بينما يأتي الكلام عبر صناعة الوعي وهذا دوره وهو ان نجعل الانسان العربي يعي بعدالة القضية الفلسطينية ويناضل لاجلها بشتى الوسائل. في اعتقادي ان هذا ما يمكن فعله بعيدا عن المبالغات والعنتريات غير المحبذة .

بصفتك رئيسا للاتحاد وكاتبا كيف قرأت مواقف بعض المثقفين كالمغربي الطاهر بن جلون؟

 هذا لا يحتاج الى نقد. ففي الحرب اما ان تكون هنا او هناك وبن جلون اختار الشق الذي اراد ان يسانده . وفي الحرب ايضا لا يوجد صديق او عدو واذا اختار الشق الاخر حسم الامر ولا فائدة من الاكثار من الكلام . هو يساند العدو ولا ينظر الى الفظاعات التي ترتكب يوميا بغزة ثم يبدي موقفا مخجلا مما يجري الان.

استبشر الجميع بصعودك على رأس اتحاد الكتاب آملين في ضخ دماء جديدة في هذه المؤسسة. وفي الوقت الذي كنا ننتظر هذا التغيير بلغتنا أنباء عن انشقاقات بين الأعضاء. من ورائها وما هي اسبابها ؟

اولا اتحفظ على هذا، لأنه  شأن داخلي. ولكن اجيبك بصفة عامة كل هيئة مديرة تُغضب شقا وتُعجب شقا اخر وبصفة عامة حاولت ترسيخ اخلاقيات جديدة مع كثير من الموجودين في الهيئة المديرة او في الفروع من بينها ان نكون في خدمة الجمعية وليست الجمعية في خدمة الافراد فمن يريد خدمة الاتحاد فالاتحاد معه ومن يريد ان يستعمل الاتحاد لخدمة اغراضه الشخصية فنحن لسنا معه. هذا هو المبدأ بطبيعة الحال عندما تفرض  هذه  القاعدة سوف يغضب من تعود على سلوك ما وهذا مفهوم لا يقلقني لانها مسؤوليتي ومسؤولية الهيئة المديرة. اخترنا منذ البداية هذا الاتجاه عبر تغيير العقليات واخلاقيات العمل ان امكننا ننجح ولكن في نفس الوقت واجهتنا مشاكل كثيرة تجاوزنا الكثير منها. عموما مازالت سنة او سنتين للقيام على الاقل بما اريد القيام به كتأسيس موقع الكتروني خاص بالاتحاد والعمل على ارشفة كل ما كتب ورقمنة الكثير من الاشياء والاشتغال على الفروع حيث جددنا اكثر من 14 فرعا وسوف ننظّم مؤتمرا ننصت في بدايته الى المشاكل وبعد ذلك نخطط لاستراتيجية حتى يصبح كل كاتب تونسي مسموع ومرئي ويُقرأ له حتى ندخله في العهد الرقمي اذ من غير المعقول ان ينتظر الكاتب  متى سيطبع كتابه كما نأمل ان تصبح كل الفروع متواصلة ومتنافذة عبر مواقعها مع بعضها بعض إضافة الى ابرام اتفاقيات مع كثير من الاتحادات العربية كاتحاديْ كتاب عمان وموريتانيا ومع اتحادات اخرى حتى تكون العلاقات الخارجية متينة وهذا يتطلب توسيع اسباب العمل حتى يجد الكاتب التونسي ظروفا طيبة للعمل.

هل ثمة خطة معينة لوضع حد نهائي للمتطفلين على الكتابة ولاعادة هيبة الكاتب والكتاب؟

هناك دراسة للانتاج الادبي لمن يرغب بالانخراط وفق شروط كأن يكون للكاتب اصداران على الاقل يرفقهما مع مطلب وتقرأ الكتب قراءة اكاديمية ولكن ايضا بذوق وحس فاذا كان عمله في مستوى الكاتب والصورة التي نريد ان نرسخها فيا حبذا. نحن الان بصدد الاعداد لندوة اعتبرها محورية ونقلة نوعية، عنوانها “هوية المؤلف في الالفية الثالثة” تعرفين انه من بين الازمات التي تحدث للكاتب هي تغيير وسائط العمل. فعندما تأسس الاتحاد كان جميع الكتاب يستعملون القلم والورق ويرسلون الى المطبعة. ثمة وسائط أخرى اليوم بين يدي الكاتب كالرقميات بجميع انواعها ولدينا المدونين وكتّاب السينما وكتّاب المسرح يعني ان هوية المؤلف تغيرت وقد تحتاج الى تغيير قوانين ايضا منها حقوق التأليف. فهل يمكن ان نزج بانواع جديدة من الكتابات بالاتحاد وفي نفس الوقت نتعامل مع النصوص القانونية القديمة لحقوق التأليف والحقوق المجاورة التي ينبغي ان تتابع هذا لنغير القوانين لان هذا الزمن ليس ذاك فللكاتب اليوم طرقا جديدة ويستطيع ان يكتب بألف طريقة غير الورق والقلم. شخصيا ادعو الى نشر الكتب الكترونيا وسنستعد جيدا لذلك رغم انه امر صعب جدا وسيواجه رفضا لكن مع الوقت سيصبح امرا مقبولا.

نفس هذه الافكار حدثت بها عدة اصدقاء من العالم العربي فتحمسوا كثيرا. نحن في عصر الرقمي إضافة الى ان الكتاب الورقي اصبح باهظا. ثم ان الكتاب الرقمي لن ينتظر في ما بعد انتظام المعارض وانتقال الناشر من بلد الى اخر يحمل اطنانا من الكتب. اليوم بكبسة زر يصل الكتاب في لحظات.

لكن هذه الرؤية قد تقضي على عمل المعارض ودور النشر؟

لا غير صحيح اعطيك قاعدة مثلا في علم الوسائطية الوسيط الجديد مثلا الكتاب الرقمي لا يقتل الكتاب الورقي بل يقويه على سبيل المثال نأخذ الكتاب المنسوخ كانت النسخة الواحدة تجهز بعد سنة مثل كتاب “الطبري” كان يحتاج نسخه قديما الى سنة او سنتين وعندما ظهرت المطبعة اول مرة طبعت 100 نسخة من الانجيل في يوم واحد بمعنى ان المطبعة لم تقض على النسخ. بالعكس أصبحت المخطوطات ثمينة جدا والعثور عليها ثروة طائلة ويحافظ عليها بشتى الوسائل التقنية لتظل تحت ملكية اكبر المكتبات العالمية. ثم ان الطباعة بتقنيات قديمة جدا تغيرت اليوم واصبحت تستعمل عبر الحاسوب ولذلك يمكن الناشر ان يطبعها في شهر واحد اكثر من 100 عنوان اي اكثر من 100 الف نسخة.

تعرفون أكثر من غيركم أن عددا غير قليل من الكتاب يرفضون الانخراط باتحاد الكتاب لممارسات قديمة أقل ما يقال عنها إنها مثقلة بالمجاملات. هل بإمكانكم وأنتم القامة الجامعية أن ترسموا خطا جديدا لهذه المؤسسة؟

قدم الكتّاب مطالب لاستعادة عضويتهم . وتقريبا في كل اجتماعات الهيئة المديرة نجد مطالب الانخراط  ومطالب استعادة عضوية بل كثيرون من اصدقائي الذين كانوا بالاتحاد وخرجوا منه لاسباب متنوعة قالوا لي عندما نصّبت على رأس الاتحاد سنعود لأنك انت فيه فقلت لهم شكرا على الثقة.. نحن لم نغلق الابواب ولكن الكاتب الذي لا تكون لديه اخلاقيات لن يكون بيننا.. لسنا صغارا حتى نفهم من هو الشخص الذي يريد ان يخدم الاتحاد والذي يريد ان ينتفع من خدماته بدليل اننا اعدنا كتابا سقطت عضوياتهم في هيئات سابقة بينما اتخذنا مواقف صارمة في شأن اخرين وهم اقل من 10% ولا فائدة من الخوض فيها.

بالنسبة إلي لا أستطيع أن أدير حوارا معك دون ان أعرّج على مسألة مهمّة تتعلق بالانتداب في الجامعة. ألا ترى أن كل لجنة توجَّه لها التهم نفسها أم أن الأمر موصول بمنهج الانتداب بصفة عامة؟

  هذه مسألة معقدة جدا ويؤسفني انني لا استطيع ان اخوض فيها لانني كنت في لجنة وانسحبت منها ولا فائدة في ذكرها. يصعب جدا ان تجد انسجاما بين لجان اعضاء اللجنة الواحدة، اذ لكل واحد موقفه وعلاقاته وضغوطاته. ولكن نسبة كبيرة من اللجان ناجحة وملتزمة بالقوانين وبقراءة الملفات والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه لكن ينبغي ان نتساءل عن امر مهم اذا كان امام لجنة 100 ملف ينبغي ان تفهمي حجم الضغط على افراد هذه اللجان في تنظيم الملفات الورقية . اؤكد لك انني امضيت شهرا في تنظيم تلك الملفات فبعد ايداعها بسنة وجدت وثائق زيد في ملف عمر والعكس صحيح وقد يحتاج تنظيمها الى وقت طويل ثم بعد ذلك مسألة العثور على الانسجام وعلى مقاييس مضبوطة تحترم القوانين ثم تقييم أناس انجزوا اطروحاتهم وهذا ليس بالامر الهين. طبعا انا لا ادين اية لجنة وشكرا لهم جميعا على الوقت الذي تجشموا فيه قراءة ملفات عديدة اي ان كل عضو بالجنة كان يقرا اكثر من عشرة الاف صفحة لان عدد المترشحين يفوق احيانا 200 مترشحا ولو كان عددهم يتراوح بين 20 و 30 مترشحا لهان الامر.

وما صحة المزاعم التي تقول بوجود لوبيات تنتصر لاعمال الاكاديميين ؟

 اكثر الكتاب التونسيين دخلوا الجامعة هذا امر مفروغ منه فهل ينبغي ان نعاقبهم؟ هل نعاقب مثلا المنصف الوهابي الكاتب والشاعر والروائي والناقد لأنه اكاديمي هل نقول له لا تكتب ولا تتحصل على جائزة ؟ هذا غير معقول نسبة كبيرة من الكتاب اكاديميون ونسبة اخرى  لم تدخل الى الجامعة ولكنها مبدعة  هذه  قضية زائفة ولا استطيع ان اقول انه ثمة لوبيات من عدمها.

 ليست زائفة اذا دققنا بالارقام وفي عدد المتوجين من الاكاديميين وحتى من خلال احتجاجات غير الاكاديميين سنلاحظ الفرق

شخصيا شاركت في لجان جوائز كثيرة اؤكد لك اننا نضع مقاييس صارمة ..  هناك مثلا جوائز تسند لكتاب القصة القصيرة وكان من بين الفائزين عيسى الجبلي هو قرأ بالجامعة ولكن لا يدرس فيها فهل نعتبره جامعيا او غير ذلك؟ بالنسبة لي كل حاصل على شهادة جامعية هو جامعي. ثم ان شخصا واصل دراسته واصبح يدرس بالجامعة من حقه ان يكتب ويبدع  على غرار الكاتبة اميرة غنيم التي تدرس بالجامعة فهل فازت بجائزة لانها جامعية ام لأن روايتها تستحق الجائزة. كذلك امنة الرميلي هل تحصلت على جائزة لانها جامعية ام لانها مبدعة؟ متى يصبح الامر غير مقبول؟ عندما يحصل اكاديمي على جائزة ونصه هزيل هذه تصبح فضيحة. كذلك عندما يحصل كاتب غير اكاديمي على جائزة ونصه هزيل هي ايضا فضيحة وايضا ان يكون غير جامعي ونصه متين جدا ويُحرم من الجائزة فهي فضيحة أيضا لأن النصوص القوية تفرض نفسها بنفسها. نجد أيضا كمال الزغباني الذي ابدع في “ماكينة السعادة” رواية راقية ورائعة جدا. قرأت له أيضا قصة “الاخر” التي تشبه “الاخر” لبورخيس في عمقها وطرافتها. هل ينبغي ان نعاقبه لأنه كان اكاديميا؟  لا. في اعتقادي ان مشكل تونس ليس في الابداع فقط بل لأنها لا تمتلك حزاما نقديا صارما يجعل القارئ التونسي يرتقي بذائقته الى اعلى المراتب. فعندما اتابع وانصت الى اراء القراء الاحظ ان النص قوي وان النقد لا يصل الى حجم ذلك النص حتى وان كان الناقد اكاديمي. اعطيك مثالا بسيطا: القصاص محمود بلعيد يكتب القصة وصادف ان قدم لي محمد المي مجموعة من القصص، قال لي ستشارك في تكريم الرجل كنت قرأت نصوصه وانا تلميذ بالصادقية ولكن عندما قرأته الان بعين اخرى اكتشفت انه يمتلك نصا قويا وقارئه لم يرتق الى قوة نصّه. كذلك البشير خريف هو رجل مشهور وكاتب ممتاز ولكن عندما تقرا القراءات التي كتبت حول نصوصه لا تصل الى تفكيك عمق هذه  النصوص التي اعتبرها رائعة من الروائع.

ماذا عن كتاب اليوم؟

ثمة نصوص جيدة وفلتات فمثلا عيسى الجابلي يكتب بتوهج وبجنون وبطريقة جميلة جدا وخارجة عن المعهود. ثمة ايضا طارق الشيباني مجنون يلعب ويكتب بأريحية عجيبة جدا. انا مطمئن على القصة التونسية.. هي بخير.

 ماذا عن الرواية؟

مرة يصدر نص جيد جدا ومرة ننتظر سنوات عجاف. من الصعب العثور على نص رائع لأن الكتابة الروائية صعبة جدا تحتاج الى مثابرة وتقريبا بعد المسعدي والبشير خريف انتظرنا طويلا حتى ظهر محمد الباردي الذي يملك مدونة رهيبة وجميلة لم تتذوقها الاجيال التي تلته بعد لذلك ينبغي علينا ان نعتني بهؤلاء الكتاب ثمة ايضا رضوان الكوني لديه مدونة جميلة كما لدينا اسماء بارزة ونصوص قوية فكما ذكرت “ماكينة السعادة” نص رهيب ومتين ويحتاج الى قراءة معمّقة ثم ان النص الجيد يفرض على قارئه القراءة من الصفحة الأولى. هناك الكثير من البروباغندا الفايسبوكية الى درجة أصبحنا نقرا فنسمع جعجعة ولا نرى طحينا.

بيت الشعر القيرواني وحكايات مطولة عن العلاقة بين هذه المؤسسة والإمارات. هل تقبلون أنتم الارتماء في أحضان البيترودولار تحت أية يافطة من اليافطات أم ستواصلون إرساء علاقات مع الإمارات وغيرها وفق ما تقتضي النواميس في هذا الصدد؟

 في تقديري بيت الشعر القيرواني مكسب حقيقي مثل اية مؤسسة ثقافية ثم إن بيت الشعر لم يحتضن شعراء غرباء وكل الشعراء التونسيين مروا بالقيروان وكانوا يقرؤون ويشاركون اسبوعيا.

ليس جميعهم ثمة من يرفض الى اليوم المشاركة في انشطة البيت القيرواني ..

نشأ بيت الشعر القيرواني قبل مسألة تطبيع الامارات مع اسرائيل فهل ينبغي ان نغلق البيت؟ مسألة صعبة جدا عندما يلتقي السياسي والفكري والادبي والجمالي السياسي يفصل ويدمّر. بطبيعة الحال انا ضد تطبيع ولكن هل يعني ان جميلة الماجري مطبعة او الذين شاركوا مطبعون؟ اعرف ان هذه  المسألة اثيرت لاحداث الفتن او ربما تدخل في باب المنافسة..  طيب ماذا عن الذين يشتغلون بالامارات هل هم مطبعون أيضا؟ وهل ينبغي ان نقتلهم؟ لماذا لا نذكر مصر مثلا وهي مطبعة ايضا. لماذا الامارات بالتحديد؟

على ذكر المثقفين التونسيين الذين يشتغلون بالامارات او غيرها.. بم تفسر صمت بعضهم ان لم نقل جلّهم؟

خلّينا رايضين…

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 24 اكتوبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING