الشارع المغاربي – يوسف الصديق : ما جاء به المُعتزلة ثورة .. وحان الوقت للاقتداء به

يوسف الصديق : ما جاء به المُعتزلة ثورة .. وحان الوقت للاقتداء به

28 يناير، 2018

الشارع المغاربي: اعتبر الباحث الأنثروبولوجي والفيلسوف التونسي يوسف الصديق أنه “من الخطير أن نقول إن الله يكلم العالم … وأن كلمات الله ليست ألفاظا، والدليل في آية “يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم”، كلمة أصبحت عيسى، والكلمة يمكن أن تصبح زلزالا مثلا. أما أن يكون لله حديث لجيل معين، فهذا ما ينقص من مكانة الله عز وجل”.

واضاف في حوار لموقع قناة الحرّة “أنا أعتقد أن الوقت حان لأن نعود لما جاءت به المعتزلة كثورة، وما حاول طه حسين أن يحييه في القرن الماضي، وهو أن الله يلهم المعاني، وهذا ما حاول طه حسين أن يقوله فزلزلت عليه الأرض، وأجبر على أن يتنحى من السياسة ومن وزارة التربية” مؤكّدا انه “لابد أن نعود على هذه الأشياء البسيطة، وإذا كان القرآن لغة قريش ومصحف عثمان، فإن لنا أن نتخذها نصوصا نتصرف بها ونعود إلى منابعها الأولى الآرامية واليونانية، وأن نعتبر أن هذا القرآن ملك للبشرية، ويجب أن يكون هناك جمع للمفسرين والرهابنة للبحث فيه، وهذه يجب أن تكون ثورتنا الآتية”.

وشدّد على ان يكون ما يراه المفكرون المعاصرون في الإسلام بان ما بين يدينا ليس القرآن بل هو الكتاب يجب أن يكون “في صلب الثورة المعرفية التي لابد لنا أن نقوم بها، لأن المصحف هو عمل سياسي بشري، هو عمل اختاره عثمان بن عفان، يقول لنا التراث إنها طرق بدائية، جمع الطوال مع الطوال والقصار مع القصار، بينما يقول آخرون: لا، إن جبريل عليه السلام هو الذي رتبه. ابن كثير يقول “كنا نقرأ سورة الفيل وسورة قريش سورة واحدة، حتى جاء عثمان فأراد أن يجعل سورة باسم قريش ففرقهما”، وهذا معقول من ناحية اللغة. لذا لابد أن نراجع سياسة وأيديولوجية صناعة المصحف”.

واكّد الصديق  على ضرورة مقارنة الانسان بين ما كانت عليه الأديان السماوية “المسيحية كانت أفظع في ممارستها للعنف مما كان في الإسلام. كانت تحرق الناس في الشارع حتى القرن السابع عشر، تحرق العلماء والفلاسفة وحتى البسطاء، العجوز التي كان يرافقها قطّ أسود كانت تحرق في الشارع… المجتمعات المسيحية أنقذت نفسها لأنها راجعت التاريخ من دون خوف، ولا مشكلة من أية مراجعة. فلا ضير أن ينظر الإنسان إلى مستقبله ويراجع كل شيء”.

وأضاف “شُنق المفكر محمود محمد طه لأنه كتب كتابا بعنوان “الرسالة الثانية من الإسلام”، قال فيه شيئا مُهما أننا “عشنا دجلا كبيرا في قضية الناسخ والمنسوخ”، هذا المفكر قال إن الزمن هو الذي ينسخ، الزمن تطور فيه الإنسان إلى حد أنه ألغى العبودية فلم تعد آيات الرق إلا منسوخة بالزمن. وهذا هو موقفنا، ويجب أن تكون حولنا مؤسسات وجامعات، حتى أن يكون لهؤلاء الذين قتلوا أو هددوا أو شنقوا أن يكون لهم الأمر في أن يحاولوا بكل صدق وأمانة واعتزاز بالإسلام أن يقوموا بالقراءة المعاصرة للدين”.

وعبّر عن امكانية أن يلجم الفكر بأي أداة من الأدوات قائلا “وهذا أقوله للأزهر والمرجعيات الأخرى في تونس والمغرب، فإذا أرادوا أن يرتفعوا بدينهم فلابد أن يرفضوا قوانين تتهم بـ “ازدراء الاديان… المسيحية أصبحت في تبلور ورقيّ حتى وصل الأمر بالبابا إلى القول إن الله أرحم من أن يكون هناك جهنم، جهنم ليست موجودة، لأن وراءهم مفكرين وفلاسفة تبنوا هذه الفلسفة حتى أن الدين ارتقى من دين العامة إلى دين الفكر والعقل. لكن عندنا فلاسفة الإسلام مثل الفارابي وابن رشد والكندي (أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي) مهمّشون”.

وأشار إلى أن “فلاسفة الإسلام في صراع مع فقهاء الدين، ولكل منهم وجهته التي يرتئيها في تفسير الدين وان على الأرض جماعات تقتل وتسفك الدماء في العراق وسوريا ودول العالم باسم الإسلام قائلا “العنف موجود منذ تاريخ الإسلام وذلك وفقا لما جاء في كتب التاريخ كأن يقتل المتوكل 20 ألف عالم من المعتزلة في بغداد في ثلاثة أيام لأنهم لم يقولوا بأن القرآن غير مخلوق وفرقة المعتزلة تعتبر أن القرآن مخلوق وليس كلام الله المنزل على نبيه محمد كما يؤمن المسلمون”.

وتابع بالقول إن “الحشاشين، وهي كلمة توازي بالفرنسية كلمة القاتل، هي من الفرق الأيديولوجية، وكانت موجودة في أرقى أيام العرب، كانت هناك فرقة تقتل وتغتال الناس بكل أريحية حتى أن الشعراء والمفكرين كانوا على أجندة الاغتيال والقتل، ولهذا فان الأمر ليس جديدا، إسلام الطقوس فقط يفرز العنف”.

وأكّد الصديق أن الدين يُولد العنف إذا تحول إلى مفهوم الدولة أو ما يوصف بالإسلام السياسي قائلا “انظر مثلا عندما يكون المسلم في موقف أعتبره شخصيا “موقفا صحيحا”، والذي يجعله فردا متجها عموديا إلى الخالق ليعبده، عندما يكون متصوفا مثل الحلاج (الحسين بن منصور الحلاج)، ومحيي الدين بن عربي، والسهروردي (أبو الفتوح يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي) فإنهم يقتَلون، كلهم قُتلوا لأنهم كانوا يؤمنون بالموقف العمودي الذي يصل الناس بالله، وهذا يكون خطرا كبيرا على المساحة والحيز السياسي فيقتل ويصلب ويعذب ويضرب عنقه، وهذه أمور علينا أن نتفكر فيها”.

واعتبر أن الفقهاء سواء في الأزهر أو في السعودية يعارضون التشدد والعنف ويؤكدون أن الدين براء من العنف فانهم يرفعون مجرّد شعارات حتى “يتوافق هذا البلد أو هذا النظام مع الغرب، وكي يتواصل معه”.

من جهة اخرى قال يوسف الصديق ان الخلاف بدأ بين السنة والشيعة “مع خزعبلة وفذلكة تاريخية كبيرة، عندما تبوأ معاوية الحكم، فقسم الإسلام إلى قسمين آل البيت وأهل السنة. وهذا تقسيم سياسي، لذا لابد لنا من أن نتواصل ونتحدث إلى أهل الشيعة على مسألة آل البيت ومسألة من عاداهم ومن ظلمهم، وتاريخيا هؤلاء قمعوا ولوحقوا وكان لهم من المظالم التي لابد من أن تُحل تاريخيا وليس دينيا، بأن نتمعن في قضية كربلاء وآل البيت”.

 

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING