الشارع المغاربي – انتاج الحليب في تونس: مخاطر‭ ‬الانهيار‭ ‬وتحدّيات‭ ‬البقاء

انتاج الحليب في تونس: مخاطر‭ ‬الانهيار‭ ‬وتحدّيات‭ ‬البقاء

قسم الأخبار

10 سبتمبر، 2023

الشارع المغاربي-كريمة‭ ‬السعداوي:شهدت‭ ‬صناعة‭ ‬الحليب‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬إذ‭ ‬يعاني‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭. ‬وتؤثر‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

غير‭ ‬أنّ‭ ‬أسباب‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬تتنوّع‭ ‬بين‭ ‬ظرفية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالتقلبات‭ ‬المناخية‭ ‬والسياق‭ ‬العالمي‭ ‬وأخرى‭ ‬هيكلية‭ ‬صارت‭ ‬تهدد‭ ‬وجود‭ ‬القطاع‭.‬

أسباب‭ ‬الأزمة

يُرجع‭ ‬خبراء‭ ‬قطاع‭ ‬إنتاج‭ ‬الألبان‭ ‬أسباب‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬منها‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الأعلاف‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬عبئًا‭ ‬ماليًا‭ ‬لا‭ ‬يطاق‭ ‬على‭ ‬مربيّي‭ ‬الأبقار‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الإنتاجية‭  ‬مما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬كميات‭ ‬الحليب‭ ‬المنتجة‭ ‬وتوفرها‭ ‬في‭ ‬السوق‭. ‬وأكد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاطار‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬ديوان‭ ‬تربية‭ ‬الماشية‭ ‬وتوفير‭ ‬المرعى‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬شلغاف‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬تربية‭ ‬الأبقار‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬عديد‭ ‬الإشكاليات‭ ‬وأن‭ ‬ثمة‭ ‬مؤشرات‭ ‬تدل‭ ‬بصفة‭ ‬ملموسة‭ ‬على‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬الأبقار‭.‬

وقال‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬ندوة‭ ‬عقدت‭ ‬ضمن‭ ‬فعاليات‭ ‬الدورة‭ ‬14‭ ‬للصالون‭ ‬الدولي‭ ‬للاستثمار‭ ‬الفلاحي‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬بعنوان‭ “‬الموارد‭ ‬العلفية‭ ‬والرعوية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديّات‭ ‬المناخية‭” ‬في‭ ‬موفى‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022‭ ‬إن‭ ‬قطيع‭ ‬الأغنام‭ ‬والماعز‭ ‬يعدّ‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬رأس‭ ‬أنثى‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وأن‭ ‬عدد‭ ‬قطيع‭ ‬الأبقار‭ ‬يبلغ‭ ‬410‭ ‬آلاف‭ ‬رأس‭ ‬أنثى‭ . ‬وصرح‭ ‬بأن‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬تربية‭ ‬الماشية‭ ‬وتوفير‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬للحيوانات‭ ‬أبرزها‭ ‬الجفاف‭.‬وشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬حالات‭ ‬المراعي‭ ‬وإنتاج‭ ‬الزراعات‭ ‬العلفية‭ ‬المرتبطة‭ ‬أساسا‭ ‬بتهاطل‭ ‬الامطار‭.‬

كما‭ ‬أفاد‭ ‬شلغاف‭ ‬بأن‭ ‬ظهور‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬أثّر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الأعلاف‭ ‬عالميا‭ ‬وأن‭ ‬اندلاع‭ ‬الأزمة‭ ‬الروسية‭ – ‬الأوكرانية‭ ‬فاقم‭ ‬أزمة‭ ‬الأسعار‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬الغذائية‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تعيش‭ ‬عجزا‭ ‬هيكليا‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬العلفية‭ ‬والرعوية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬المناخية‭ ‬تتراوح‭ ‬نسبته‭ ‬بين‭ ‬25‭ ‬بالمائة‭ ‬و30‭ ‬بالمائة‭ ‬مبرزا‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تستورد‭ ‬30‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬حاجات‭ ‬القطيع‭ ‬وخاصة‭ ‬حبوب‭ ‬الصوجا‭ ‬كمصدر‭ ‬للبروتين‭ ‬والذرة‭ ‬والشعير‭ ‬كمصدر‭ ‬للطاقة‭ . ‬واعتبر‭ ‬شلغاف‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يجعل‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬ارتباط‭ ‬كلي‭ ‬بالخارج‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتغذية‭ ‬الحيوانية‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬الدفع‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬بدائل‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬البروتينية‭ ‬والطاقة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬المتوسط‭ ‬والبعيد‭.‬

تراجع‭ ‬عدد‭ ‬القطيع‭ ‬بـ‭ ‬30‭ ‬بالمائة‭ ‬

حسب‭ ‬مصادر‭ ‬رسمية‭  ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬رؤوس‭ ‬الأبقار‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬حوالي‭ ‬646‭.‬2‭ ‬ألف‭ ‬رأس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ . ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2023‭  ‬يقدر‭ ‬ديوان‭ ‬تربية‭ ‬الماشية‭ ‬وتوفير‭ ‬المرعى‭ ‬قطيع‭ ‬الأبقار‭ ‬بنحو‭ ‬410‭ ‬آلاف‭ ‬رأس‭ ‬أنثى‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬في‭ ‬الأثناء‭ ‬نقلت‭ ‬وكالة‭ ‬تونس‭ ‬افريقيا‭ ‬للانباء‭ ‬مؤخراً‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬قولها‭ ‬إن‭ ‬ظاهرة‭ ‬التهريب‭ ‬تُضعف‭ ‬سوق‭ ‬اللحوم‭ ‬المحلية‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬رؤوس‭ ‬الأبقار‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تهريبها‭ ‬عبر‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة‭ ‬الحدودية‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬250‭ ‬بقرة‭ ‬يومياً‭.‬

العلف‭ ‬النادر

تشير‭ ‬مصادر‭ ‬متطابقة‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬الفلاح‭ ‬كان‭ ‬يشتري‭ ‬قبل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬كيس‭ ‬العلف‭ ‬البالغ‭ ‬وزنه‭ ‬50‭ ‬كيلوغراما‭ ‬بعشرة‭ ‬دنانير‭ (‬حوالي‭ ‬3‭,‬5‭ ‬اورو‭) ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬الثمن‭ ‬إلى‭ ‬81‭ ‬دينارا‭ (‬حوالي‭ ‬24‭ ‬اورو‭).‬

ويوضح‭ ‬أنيس‭ ‬خرباش‭ ‬مساعد‭ ‬رئيس‭ ‬الاتحاد‭ ‬التونسي‭ ‬للفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬أنّه‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ “‬ارتفاع‭ ‬جنوني‭” ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬الأعلاف‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬‭ ‬بمعدّل‭ ‬سنوي‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬30‭ ‬و40‭ ‬بالمائة‭  ‬مرجعا‭ ‬الأمر‭ ‬الى‭ ‬تداعيات‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬أهم‭ ‬مصدر‭ ‬استيراد‭ ‬حبوب‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬تونس‭.‬

ولم‭ ‬يعد‭ ‬الفلاحون‭ ‬يعتمدون‭ ‬بشكل‭ ‬حصري‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬على‭ ‬المراعي‭ ‬الطبيعية‭ ‬بسبب‭ ‬تراجع‭ ‬كميات‭ ‬الأمطار‭ ‬نتيجة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬توفر‭ ‬العشب‭. ‬وتشهد‭ ‬تونس‭ ‬موجة‭ ‬جفاف‭ ‬حادة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ولم‭ ‬تتجاوز‭ ‬نسبة‭ ‬امتلاء‭ ‬السدود‭ ‬عتبة‭ ‬30‭ ‬بالمئة‭  ‬وفق‭ ‬مصادر‭ ‬رسمية‭.‬

نتيجة‭ ‬نقص‭ ‬العلف ‬تراجعت‭ ‬كميات‭ ‬الحليب‭ ‬التي‭ ‬تدرها‭ ‬الأبقار‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬تغذية‭ ‬كاملة‭ ‬وتراجع‭ ‬معدل‭ ‬الإدرار‭ ‬اليومي‭ ‬إلى‭ ‬النصف‭ ‬تقريبا‭ (‬12‭ ‬لترا‭) ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬الفلاح‭ ‬صار‭ ‬يقدم‭ ‬لها‭ ‬نصف‭ ‬كمية‭ ‬العلف‭ ‬والعشب‭ ‬السابقة‭. ‬ويتكبّد‭ ‬بذلك‭ ‬الفلاح‭ ‬خسارة‭ ‬تقدر‭ ‬بثلاثين‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬عن‭ ‬كلّ‭ ‬لتر‭ ‬حليب‭ ‬يبيعه‭ ‬لأحد‭ ‬المصنّعين‭ ‬الكبار‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

مطالب‭ ‬بزيادة‭ ‬سعر‭ ‬الإنتاج

يطالب‭ ‬منتجو‭ ‬الحليب‭ ‬بزيادة‭ ‬عاجلة‭ ‬في‭ ‬سعر‭ ‬الإنتاج‭ ‬بمقدار‭ ‬500‭ ‬مليم‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬لتر‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭. ‬وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬سعي‭ ‬الفلاحين‭ ‬لتعويض‭ ‬الارتفاعات‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬تكاليف‭ ‬الإنتاج‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬المنتجات‭.‬

المخزونات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬السوق

شهدت‭ ‬المخزونات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للحليب‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬تدهورًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬حيث‭ ‬انخفضت‭ ‬من‭ ‬54‭ ‬مليون‭ ‬لتر‭ ‬في‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬إلى‭ ‬29‭ ‬مليون‭ ‬لتر‭ ‬في‭ ‬فيفري‭ ‬2023‭. ‬ويلقي‭ ‬هذا‭ ‬الانخفاض‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬السوق‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المستهلكين‭ ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬في‭ ‬السوق‭. ‬

وفي‭ ‬موفى‭ ‬شهر‭ ‬ماي‭ ‬2023‭  ‬أكّد‭ ‬منوّر‭ ‬الصغيّر‭ ‬مدير‭ ‬وحدة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الحيواني‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬التونسي‭ ‬للفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬أنّ‭ ‬توفّر‭ ‬الحليب‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬لا‭ ‬يحجب‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تعاود‭ ‬الظهور‭ ‬مع‭ ‬شهر‭ ‬أوت‭ ‬بتراجع‭ ‬الإنتاج‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬أزمة‭ ‬قطاع‭ ‬الألبان‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬متواصلة‭  ‬وأنّه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬معالجتها‭ ‬لتشجيع‭ ‬الفلاحين‭ ‬لمواصلة‭ ‬نشاطهم‭  ‬وذلك‭ ‬برفع‭ ‬سعر‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬توقّيا‭ ‬من‭ ‬أيّة‭ ‬تداعيات‭ ‬محتملة‭.‬

وقال‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬صحفي‭ ‬إنّ‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاج‭ ‬الحالي‭ ‬لا‭ ‬يمكّن‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬مخزون‭ ‬استراتيجي‭ ‬لتعديل‭ ‬العرض‭ ‬بالسوق‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬وجود‭ ‬نقص‭. ‬مؤكّدا‭ ‬أنّ‭ ‬الكميات‭ ‬المتوفّرة‭ ‬حاليا‭ ‬والمقدّرة‭ ‬بـ‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬لتر‭ ‬تمثّل‭ ‬مخزونا‭ ‬فنيا‭ ‬لا‭ ‬يلبي‭ ‬حاجات‭ ‬الاستهلاك‭ ‬سوى‭ ‬لمدّة‭ ‬10‭ ‬أيّام‭.‬

وأوضح‭ ‬الصغيّر‭ ‬أنّ‭ ‬منظومة‭ ‬الألبان‭ ‬توفّر‭ ‬عادة‭ ‬حوالي‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬لتر‭ ‬بين‭ ‬مخزون‭ ‬فني‭ ‬ومخزون‭ ‬استراتيجي‭ ‬مبرزا‭ ‬أنّ‭ ‬المخزون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬هو‭ ‬كميّة‭ ‬الإنتاج‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬معيّنة‭ ‬تقوم‭ ‬الدولة‭ ‬بتخزينها‭ ‬لاستهلاكها‭ ‬مدة‭ ‬معيّنة‭ ‬ويتمّ‭ ‬تجديدها‭ ‬بصفة‭ ‬دائمة‭ ‬مع‭ ‬توفّر‭ ‬الانتاج‭ ‬الجديد‭.‬

أمّا‭ ‬المخزون‭ ‬الفني‭ ‬فيتعلّق‭ ‬بكمية‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬معيّنة‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬ترويجها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬إلاّ‭ ‬بعد‭ ‬التثبت‭ ‬من‭ ‬خلوها‭ ‬من‭ ‬أيّ‭ ‬إشكالات‭.‬

تداعيات‭ ‬نقص‭ ‬الحليب

يؤدي‭ ‬نقص‭ ‬الحليب‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعاره‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬ميزانية‭ ‬المستهلكين‭ ‬ويعرضهم‭ ‬لضغوط‭ ‬مالية‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬يزيد‭ ‬هذا‭ ‬النقص‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬الفلاحين‭ ‬ويؤثر‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬تربية‭ ‬الأبقار‭ ‬مما‭ ‬يشكل‭ ‬تحديًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬أمام‭ ‬استدامة‭ ‬القطاع‭.‬

ردّ‭ ‬حكومي‭ ‬منقوص

تعتبر‭ ‬السلطات‭ ‬التونسية‭ ‬أن‭ ‬مردّ‭ ‬نقص‭ ‬التزويد‭ ‬أساسا‭ ‬المضاربة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭. ‬فقد‭ ‬اتهم‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬لمصنع‭ ‬لإنتاج‭ ‬الألبان‭ ‬أن‭ “‬المحتكرين‭” ‬هم‭ ‬السبب‭ ‬الأساسي‭ ‬وراء‭ ‬الأزمة‭  ‬واكتفت‭ ‬الحكومة‭ ‬بإقرار‭ ‬حذف‭ ‬الضرائب‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬استيراد‭ ‬مسحوق‭ ‬الحليب‭ ‬المجفف‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لعام‭ ‬2023‭  ‬واعتبر‭ ‬الاتحاد‭ ‬أنه‭ “‬كان‭ ‬من‭ ‬الأجدى‭ ‬توظيف‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬لدعم‭ ‬المنتجين‭ ‬المحليين‭”.‬

جهود‭ ‬التحسين‭ ‬وآفاق‭ ‬المستقبل

رغم‭ ‬التحديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬قطاع‭ ‬الحليب‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬فإن‭ ‬ثمة‭ ‬مساعيَ‭ ‬لتحسين‭ ‬وتطوير‭ ‬الوضع‭. ‬ولإنقاذ‭ ‬القطاع‭  ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ثمة‭ ‬خطط‭ ‬شاملة‭ ‬تستهدف‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬المنتجات‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬دعم‭ ‬للفلاحين‭ ‬عين‭ ‬لتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية‭.‬

وتعتبر‭ ‬صناعة‭ ‬الحليب‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬جزءًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬والغذائي‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جهود‭ ‬مشتركة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الحالية‭ ‬وضمان‭ ‬توفير‭ ‬منتجات‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬بأسعار‭ ‬معقولة‭ ‬للمستهلكين‭.‬

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 5 سبتمبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING