الشارع المغاربي – حمل الدولة التونسية الثقيل: الفلاحون الصغار/ المولدي الاحمر

حمل الدولة التونسية الثقيل: الفلاحون الصغار/ المولدي الاحمر

قسم الأخبار

10 سبتمبر، 2023

الشارع المغاربي: منذ‭ ‬النهاية‭ ‬المأساوية‭ ‬لسياسة‭ ‬التعاضد‭ ‬في‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬خلالها‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬التونسية‭ ‬إدخال‭ ‬تغييرات‭ ‬راديكالية‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬الفلاحية،‭ ‬قررت‭ ‬هذه‭ ‬النخبة‭ ‬أن‭ ‬تنآى‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬المباشر‭ ‬والقوي‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭ ‬لإحداث‭ ‬تحولات‭ ‬سريعة‭ ‬وكبيرة‭ ‬قد‭ ‬تهدد‭ ‬سلطتها‭ ‬وشرعية‭ ‬قيادتها‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭. ‬وبذلك‭ ‬اختارت‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬فئة‭ ‬الفلاحين‭ ‬الصغار‭ ‬والمتوسطين‭ ‬حليفا‭ ‬أو‭ “‬محايدا‭” ‬لها،‭ ‬توزع‭ ‬عليه‭ ‬الإعانات،‭ ‬وتسكن‭ ‬مطالبه‭ ‬الحياتية‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬ب‭”‬التدخلات‭ ‬العاجلة‭” ‬و‭”‬الزيارات‭ ‬الفجئية‭”‬،‭ ‬آملة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تبذله‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬بمشاريع‭ “‬التنمية‭ ‬الريفية‭”  ‬أو‭ ‬ب‭ “‬التنمية‭ ‬المندمجة‭” ‬سيوفر‭ ‬بعض‭ ‬مستلزمات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الضرورية‭ ‬لجلب‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الفلاحة‭ (‬الطرقات‭ ‬والسدود‭ ‬وغيره‭)‬،‭ ‬تاركة‭ ‬للمدرسة‭ ‬والديمغرافيا‭ ‬والسوق‭ ‬عهدة‭ ‬إحداث‭ ‬تحول‭ ‬نوعي‭ ‬فارق‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬الفلاحة‭ ‬التونسية‭.  ‬لكن‭ ‬حساب‭ ‬البيدر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬دقيقا،‭ ‬فالبرامج‭ ‬التنموية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬تحديثات‭ ‬تقنية‭ ‬وقانونية‭ ‬بل‭ ‬مضمخة‭ ‬بالسياسة‭ ‬وبالمصالح‭ ‬والمنافع،‭ ‬وكيفما‭ ‬توجهها‭ ‬تنتج‭ ‬عنها‭ ‬تحولات‭ ‬اجتماعية‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬المنعطفات‭ ‬التاريخية‭ ‬بلغة‭ ‬سياسية‭. ‬وفي‭ ‬سنة‭ ‬2010‭-‬2011‭ ‬انفجرت‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬النظام‭ ‬القائم‭ ‬كل‭ ‬سياسات‭-‬حسابات‭ ‬التنمية‭ ‬الريفية‭ ‬والتنمية‭ ‬المندمجة‭ ‬والديمغرافيا‭ ‬والمدرسة‭ ‬والبنية‭ ‬الفلاحية‭ ‬بأكملها‭: ‬48‭% ‬من‭ ‬الذين‭ ‬خرجوا‭ ‬في‭ ‬مظاهرات‭ ‬سيدي‭ ‬بوزيد‭ ‬والقصرين‭ ‬يسكنون‭ ‬خارج‭ ‬المدينة،‭ ‬وقسم‭ ‬كبيرمن‭ ‬ال‭ ‬52‭% ‬الآخرين‭ ‬لهم‭ ‬علاقة‭ ‬مباشرة‭ ‬بالفلاحة‭.‬

والآن‭ ‬ظهر‭ ‬ثمن‭ ‬سكوت‭ ‬هذه‭ ‬النخبة‭ ‬عن‭ ‬الترهل‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تعرفه‭ ‬الفلاحة‭ ‬التونسية‭ ‬كقطاع‭ ‬إقتصادي‭ ‬حيوي،‭ ‬وعن‭ ‬الأزمة‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬مجتمع‭ ‬الفلاحين‭ ‬الصغار‭ ‬والمتوسطين،‭ ‬الذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬يشترون‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬كل‭ ‬غذاءهم‭. ‬وقد‭ ‬أنتجت‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الإقتصادية‭-‬البيروقراطية‭ ‬تضخما‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭ ‬لوزارة‭ ‬الفلاحة‭ (‬ربما‭ ‬تفوق‭ ‬كلفة‭ ‬عدد‭ ‬موظفيها‭ ‬بأساطيلهم‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬والإدارات‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬حاجة‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬موارد‭)‬،‭ ‬وارتباكا‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬مشروع‭ ‬إصلاحي‭ ‬عميق‭ ‬للإزمة،‭ ‬وجبن‭ ‬سياسي‭-‬بيروقراطي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المسألة‭ ‬علنا،‭ ‬بوضوح‭ ‬ومسؤولية‭.‬

وهاكم‭ ‬التضاريس‭ ‬القاسية‭ ‬للأزمة‭ ‬العميقة‭ ‬والخطيرة‭ ‬المسكوت‭ ‬عنها‭: ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1962‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬المالكين‭ ‬المستغلين‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬326‭ ‬ألفا،‭ ‬واليوم‭ ‬وعوض‭ ‬أن‭ ‬يتقلص‭ ‬عددهم‭ ‬لفائدة‭ ‬عدد‭ ‬أقل‭ ‬مع‭ ‬مستغلات‭ ‬أكبر‭ ‬يسهل‭ ‬تطويرها،‭ ‬أصبح‭ ‬عددهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬516‭ ‬ألفا‭! ‬وفي‭ ‬الأثناء‭ ‬أصبحت‭ ‬نسبة‭ ‬الذين‭ ‬يملكون‭ ‬منهم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬هك‭ ‬54‭% ‬مع‭ ‬تذرر‭ ‬للملكيات‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قطعة‭ ‬صغيرة‭ (‬سنة‭ ‬1962‭ ‬كانت‭ ‬النسبة‭ ‬41‭%). ‬ومن‭ ‬مجموع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المالكين‭ ‬هناك‭ ‬قرابة‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬،‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬60‭% ‬،‭ ‬لا‭ ‬يعيشون‭ ‬من‭ ‬فلاحتهم‭ ‬إلا‭ ‬جزئيا،‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يحصلون‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬دخل‭ ‬صوري‭ ‬ضئيل‭ ‬جدا‭. ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬منهم‭ ‬تعيش‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬جانبية‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬مساعدة‭ ‬أبنائها‭ ‬الذين‭ ‬غادروا‭ ‬المجال‭ ‬الفلاحي‭ ‬وأصبحوا‭ ‬موظفين‭ ‬أو‭ ‬عمالا‭ ‬أو‭ ‬هاجروا‭ ‬للعمل‭ ‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬مع‭ ‬محافظتها‭ ‬على‭ ‬أملاكها‭ ‬دون‭ ‬استغلال‭ ‬مكثف‭. ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬95‭% ‬من‭ ‬جميع‭ ‬المالكين‭ (‬كل‭ ‬الفئات‭ ‬مجتمعة‭) ‬يستغلون‭ ‬أراضيهم‭ (‬عندما‭ ‬يستغلونها‭) ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬ولا‭ ‬يؤجرونها‭ ‬ولا‭ ‬يسلمونها‭ ‬لغيرهم‭ ‬وفق‭ ‬عقود‭ ‬مزارعة،‭ ‬وهم‭ ‬بنسبة‭ ‬80‭% ‬لم‭ ‬يشتروها‭ ‬بل‭ ‬ورثوها‭ ‬عن‭ ‬أهلهم،‭ ‬أي‭ ‬وصلت‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬السوق‭ ‬العقارية،‭ ‬وهذه‭ ‬النسبة‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬أينما‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬وسطها‭ ‬أو‭ ‬جنوبها‭. ‬وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الخصائص‭ ‬فإن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬87‭% ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬المالكين‭ ‬لا‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬البنوك‭. ‬وإذا‭ ‬أضفنا‭ ‬لهذه‭ ‬المسائل‭ ‬حالة‭ ‬قطاع‭ ‬أراضي‭ ‬الدولة‭ ‬وسوء‭ ‬استغلالها‭ ‬والفساد‭ ‬الذي‭ ‬صاحب‭ ‬عمليات‭ ‬التفريط‭ ‬فيها‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬الحالة‭ ‬مستعصية‭ ‬فعلا‭.‬

وتتشعب‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬أكثر‭ ‬عندما‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬الفلاحية‭ ‬أصبحت‭ ‬تنحو‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬نحو‭ ‬تشغيل‭ ‬المرأة،‭ ‬وأن‭ ‬جزء‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الظاهرة‭ ‬غير‭ ‬مرئي،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬تعمل‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬وفي‭ ‬تربية‭ ‬الماشية‭ ‬المنزلية‭ ‬معينة‭ ‬فلاحية‭ ‬للزوج‭ ‬أو‭ ‬الإبن،‭ ‬دون‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬أجر‭ ‬خاص،‭ ‬ودون‭ ‬تغطية‭ ‬صحية‭ ‬أو‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬منحة‭ ‬تقاعد،‭ ‬ودون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المورد‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬الفلاحة‭ ‬وهو‭ ‬ملكية‭ ‬الأرض‭ (‬حوالي‭ ‬7‭% ‬فقط‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬يملكن‭) .‬

وهناك‭ ‬خصائص‭ ‬أخرى‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الفلاحين‭ ‬أخطر‭ ‬وأبعد‭ ‬تأثيرا‭ ‬في‭ ‬تعقيد‭ ‬الأزمة،‭ ‬وفي‭ ‬تكثيف‭ ‬ما‭ ‬تولده‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬مسكوت‭ ‬عنها‭: ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1962‭ ‬كان‭ ‬عمر‭ ‬33‭ % ‬من‭ ‬جميع‭ ‬المالكين‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬سنة،‭ ‬أما‭ ‬سنة‭ ‬2005‭ (‬والأمر‭ ‬زاد‭ ‬استفحالا‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭) ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يتجاوزون‭ ‬نسبة‭  ‬13‭%‬‭  ‬من‭ ‬المجموع‭. ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تعيش‭ ‬بين‭ ‬الفلاحين،‭ ‬بما‭ ‬يتطلبه‭ ‬عملهم‭ ‬من‭ ‬مشقة‭ ‬وعناء،‭  ‬كتلة‭ ‬من‭ ‬43‭ % ‬من‭ ‬المالكين‭ ‬زاد‭ ‬عمرهم‭ ‬عن‭ ‬الستين‭ ‬سنة‭ ‬وضعفت‭ ‬همتهم‭ ‬وأدائهم‭. ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬87‭% ‬من‭ ‬المالكين‭ ‬المستغلين‭ ‬إما‭ ‬لا‭ ‬يكتبون‭ ‬ولا‭ ‬يقرؤون،‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يتجاوزوا‭ ‬مرحلة‭ ‬الدراسة‭ ‬الابتدائية‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفلاحة‭ ‬التونسية‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تحصين‭ ‬البلاد‭ ‬غذائيا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الحرجة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬العالم،‭ ‬ليس‭ ‬السياسي‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬المناخي‭ ‬أيضا‭. ‬ونحن‭ ‬اليوم‭ ‬نحصد‭ ‬ثمن‭ ‬الإهمال‭ ‬واللامهنية،‭ ‬وتقديم‭ ‬المنفعة‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬الفئوية‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن،‭ ‬والجبن‭ ‬السياسي‭-‬البيروقراطي‭ ‬الذي‭ ‬شعاره‭ “‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬منصبك‭ ‬فلا‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬التوازنات‭ ‬ومن‭ ‬روتين‭ ‬العمل‭”. ‬وبهذا‭ ‬المنطق‭ ‬فإن‭ ‬أهم‭ ‬مخرجات‭ ‬الإدارة‭ ‬هو‭ ‬اتفاق‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الرداءة‭.‬

إن‭ ‬مشاكل‭ ‬الإنتاج‭ ‬والغذاء‭ ‬وتصدير‭ ‬المواد‭ ‬الفلاحية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تختزل‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬القط‭ ‬والفأر‭ ‬السياسية‭ ‬المعروفة‭ ‬للجميع،‭ ‬والتي‭ ‬يربحها‭ ‬دائما‭ ‬الشاطر‭ ‬بموارده‭ ‬الخفية‭ ‬وتجربته‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬معارك‭ ‬الباب‭ ‬الدوار‭. ‬إنها‭ ‬مشاكل‭ ‬هيكلية‭ ‬لا‭ ‬تتزحزح‭ ‬إلا‭ ‬بالكشف‭ ‬عنها،‭ ‬وبتشخيصها،‭ ‬وبالتخطيط‭ ‬الدقيق‭ ‬لتفكيكها،‭ ‬وبجمع‭ ‬التوافق‭ ‬الشجاع‭ ‬حول‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬حلها،‭ ‬فتكون‭ ‬سياسة‭ ‬طويلة‭ ‬النفس‭ ‬تتجاوز‭ ‬التداول‭ ‬على‭ ‬السلطة،‭ ‬وتلزم‭ ‬الدولة‭ ‬باتباعها‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬تضمنت‭ ‬توجهات‭ ‬مؤلمة،‭ ‬قد‭ ‬تنتهي‭ ‬بتفكيك‭ ‬الارتباط‭ ‬بين‭ ‬مفهوم‭ ‬الملكية‭ ‬ومفهوم‭ ‬الشرف‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفردي،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬كرامة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬تسير‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬بصعوبة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬وعر،‭ ‬حاملة‭ ‬بين‭ ‬ذراعيها‭ ‬كتلة‭ ‬من‭ ‬الفلاحين‭ ‬المزعومين‭ ‬الفقراء،‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬أبنائهم‭ ‬الموظفين‭ ‬أوالعاملين‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬لا‭ ‬تدري‭ ‬ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬بهم‭ ‬أو‭ ‬لهم،‭ ‬ولا‭ ‬تجرؤ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتكلم‭ ‬بشأنهم،‭ ‬وتكتفي‭ ‬بإرضاعهم‭ ‬واستغلالهم‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت،‭ ‬تارة‭ ‬بالعفو‭ ‬عن‭ ‬متخلداتهم‭ ‬أو‭ ‬بمنحهم‭ ‬تعويضات،‭ ‬وتارة‭ ‬بطحنهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تثبيت‭ ‬أسعار‭ ‬منتجاتهم‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يجزيهم‭ ‬حقهم،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬تحترف‭ ‬التيارات‭ ‬السياسية،‭ ‬بمختلف‭ ‬أصنافها،‭ ‬الكذب‭ ‬عليهم‭ ‬واستدرار‭ ‬أصواتهم‭ ‬بالمقرونا‭ ‬أو‭ ‬بالأيديولوجيا‭…‬تماما‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬يفعل‭ ‬التجمع‭ ‬الدستوري‭ ‬الديمقراطي‭.‬

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 5 سبتمبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING