الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: نشرت اول يوم امس الاثنين 12 سبتمبر 2022 مؤسسة “فريدريش إيبرت” تقريرا حول حقوق وحريات الفئات الهشة زمن الازمات الصحية والسياسية في تونس سلط قسم منه الضوء على الحق في الصحة واشكالات النفاذ لهذا المرفق الحيوي سيما في ما يهم الفئات الاجتماعية الهشة.
وابرز التقرير الدولي الذي شاركت في اعداده المنظمة الاورو -متوسطية للحقوق ان اوجه عدم المساواة الاجتماعية والجهوية على مستوى النفاذ للمرفق الصحي تفاقمت بشكل خاص منذ 2017 وانها احتدت مع الجائحة الصحية مشيرا الى ان ضعف تمويل الهياكل الحكومية ادى الى تردي جودة الخدمات الصحية بما وضع تونس في المرتبة 91 دوليا من اصل 156 دولة في الحق في الصحة والبقاء على قيد الحياة.
وشدد التقرير على ان الارقام، في هذا الصدد، مفزعة وعلى ان معدل الوفيات يبلغ عند الولادة 11.5 في الالف وعلى انه لم توجد في تونس سنة 2019 سوى 28 الة لتصوير الاثداء بالأشعة وعلى ان الازمة الصحية الناتجة عن كوفيد – 19 زادت في تعكير الوضع.
كما تفاقم حسب التقرير تدهور اداء البرنامج الوطني للصحة الانجابية بعد ان بدا في التراجع منذ سنة 2018 لتصل نسبة النساء بين 15 و49 سنة اللاتي لا يستعملن اية وسيلة من وسائل التنظيم العائلي الى 49.3 بالمائة.
ودعت مؤسسة “فريدريش إيبرت” السلط التونسية الى جعل النفاذ الى الخدمات الصحية اكثر انصافا سيما من خلال توسيع نطاق تغطية التامين الصحي ليشمل مليوني شخص غير مشمولين (عاطلون عن العمل ومسنون وشباب ومهاجرون) وتحسين تمويل الهياكل الصحية العمومية عبر الترفيع سنويا بنسبة 0.5 بالمائة في حصة ميزانية وزارة الصحة من ميزانية الدولة حتى بلوغ نسبة 8 بالمائة سنة 2025 .
في جانب اخر كانت دراسة أعدها حديثا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالتعاون مع الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بعنوان “الحق في الصحة زمن جائحة كوفيد-19” قد بينت أن القطاع الصحي يحتل دائما المراتب الثلاثة الأولى ضمن أكثر القطاعات فسادا. ففي تقرير صادر في 2019 عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد احتل القطاع الصحي المرتبة الثالثة ضمن القطاعات الأكثر عرضة للفساد وذلك حسب 41.9 من المستجوبين. أما تقرير مدركات الفساد في تونس الصادر في 2018 ضمن استطلاع لـ “افروباروميتر” فقد اظهر أن نسبة التونسيين المستعدين لدفع رشاوي للحصول على خدمات صحية تبلغ 11 بالمائة.
يذكر ان القطاع الصحي العمومي يعاني بشكل حاد، نتيجة الفساد وسياسات التقشف المتواصلة من تدهور كبير في بنيته التحتية وهو ما يستمر مع الحكومة الحالية سيما انها خفضت ميزانية وزارة الصحة للعام الحالي بـ16 بالمائة مقارنة بسنة 2021، مكتفية بتخصيص نفقات تقدر بـ3.2 مليارات دينار، مقابل 3.8 مليارات دينار، السنة السابقة، في ظرف لا يزال الوباء يفرض تحديات كبيرة على القطاع الذي اوشك على الانهيار في السنة المنقضية بسبب تفشي الفيروس الذي تسبّب في وفاة أكثر من 25600 تونسي.
ولم يتم رصد أي مخصّصات مالية لإنشاء مشاريع صحية كبرى بما في ذلك مشروع المدينة الصحية بولاية القيروان، الذي يتبناه الرئيس قيس سعيد وتحدث عنه في أكثر من مناسبة. كذلك لا تكشف الميزانية عن أية اعتمادات خاصة لمكافحة كورونا، رغم تحذيرات الاطارات الطبية من إمكانية تسجيل موجة وباء جديدة ناتجة عن تفشي متحوّرات مستجدة.