يبدو أننا فقدنا السيطرة على التضخم/ بقلم: عز الدين سعيدان
قسم الأخبار
12 أغسطس، 2022
0share
الشارع المغاربي: نشر المعهد الوطني للإحصاء منذ أيام قليلة تقريره حول نسبة التضخم المالي لشهر جويلية من سنة 2022.
نسبة التضخم المالي أ بمعدل ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك ارتفعت في شهر جويلية اذ أصبحت تساوي 8,2٪ مقارنة بـ 8,1 ٪ بالنسبة لشهر جوان 2022. وهكذا عنونت العديد من وسائل الاعلام مقالاتها كما يلي “ارتفاع طفيف في نسبة التضخم المالي : 8,2 ٪ بالنسبة لشهر جويلية مقارنة بـ 8,1 في شهر جوان”.
من بين مشاكلنا في تونس أننا لا نقرأ وإذا قرأنا فنحن نتوقف عند العنوان ونمرّ مرّ الكرام.
وضع التضخم المالي في تونس أخطر ممّا تقول هذه العناوين بكثير.
نفس تقرير المعهد الوطني للإحصاء يبيّن ما يلي :
1 – نسبة التضخم المالي المذكورة أي 8,2 ٪ هي نسبة التضخم المالي بالانزلاق السنوي أي أنها تغطي فترة 12 شهر من 1 أوت 2021 إلى 31 جويلية 2022.
2 – أما نسبة التضخم المالي لشهر واحد أي لشهر جويلية 2022 مقارنة بشهر جوان 2021 فقد كانت 1 ٪ وهذا النسق يعتبر مرتفعا جدّا اذ أن 1 ٪ لشهر واحد يساوي 12 ٪ على مدى سنة كاملة (إثنا عشر شهرا X 1 ٪ = 12 ٪). بمثل هذا الارتفاع يبدو أننا فقدنا السيطرة على نسبة التضخم المالي المقبول عالميا والتي لا يجب أن تتجاوز مستوى 3 ٪ سنويا. وإذا تجاوزت نسبة التضخم المالي هذا المستوى أي 3 ٪ لابد للدولة وللبنك المركزي من اتخاذ كل الإجراءات قصد السيطرة على التضخم المالي. وهذه الإجراءات تكون اقتصادية ونقدية حسب مصدر التضخم المالي.
3 – إذا تفحصنا في مزيد من التفاصيل نجد أنه في موفى جويلية 2022 :
• أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسق 11 ٪ على مدى سنة.
• أسعار البيض ارتفعت بنسق 24,2 ٪.
• أسعار الزيوت النباتية ارتفعت بنسق 22,3 ٪.
• أسعار الغلال الطازجة ارتفعت بنسق 18,6 ٪.
• أسعار الخضر ارتفعت بنسق 19,9 ٪.
• أسعار لحوم الضأن ارتفعت بنسق 11,9 ٪.
أما بالنسبة لشهر واحد أي شهر جويلية فقد ارتفعت الأسعار عند الاستهلاك كما يلي :
– المواد الغذائية : 1,9 ٪ أي 22,8 سنويا.
– الدواجن : 7,9 ٪ أي 94,8 سنويا.
– الخضر : 3,3 ٪ أي 39,6 ٪ سنويا.
– الزيوت النباتية : 1,9 ٪ أي 22,8 سنويا.
– البيض : 2,9 ٪ أي 34,8 سنويا.
– لحوم الضأن : 2,6 ٪ أي 31,2 ٪ سنويا.
العالم يمرّ بأزمة تضخم مالي
العديد من بلدان العالم تمر بفترة تضخم مالي مرتفع. ولكن حذاري من أن نستهين بما يحصل في تونس باعتبار أننا نعيش مثل بقية بلدان العالم نسب تضخم مالي عالية. العديد من بلدان العالم تعيش تضخما ماليا ولكنها تحقق في نفس الوقت نسب نمو عالية وتخلق مواطن شغل بنسق سريع. كما أنها في معظمها دول غنية ولها قدرة عالية على التأقلم وعلى مجابهة التضخم المالي.
تونس تحقق نسب نمو ضعيفة وتعاني من بطالة مرتفعة. المواطن التونسي خسر ما يفوق 40 ٪ من قدرته الشرائية منذ 2011 الى الآن. والتضخم المالي يواصل تدمير القدرة الشرائية.
يبدو أننا فقدنا السيطرة على التضخم المالي في تونس اذ أننا لا نرى أية سياسات أو أية إجراءات من شأنها مجابهته أو حتى محاولة كبح جماحه.
في أفريل وماي 2020 لما توقفت المؤسسات الاقتصادية عن النشاط بسبب الجائحة كنا اقترحنا على البنك المركزي والسلط التونسية بصفة عامة وضع سياسة ضخ سيولة استثنائية قصد الحفاظ على مؤسساتنا الاقتصادية وعلى مواطن الشغل ولكن البنك المركزي رفض اقتراحاتنا آنذاك قائلا أن دوره يقتصر على السيطرة على التضخم المالي الذي كان في مستوى 6,3 ٪ في أفريل 2020.
نتيجة هذه السياسة النقدية الخاطئة أن :
+ الاقتصاد التونسي يمر بفترة ركود خطيرة اذ أنه أصبح عاجزا عن خلق النمو وخلق الثروة وخلق مواطن الشغل.
+ تونس خسرت حوالي 140,000 مؤسسة اقتصادية جلها صغرى ومتوسطة.
+ تونس شهدت ارتفاعا كبيرا في نسبة البطالة.
+ 11,000 صاحب مؤسسة صغرى ومتوسطة غادروا تونس منذ 2020 بسبب الصعوبات المالية والشيكات بلا رصيد.
ومع كل هذه النتائج السلبية فشل البنك المركزي وفشلت تونس في السيطرة على التضخم المالي.
التضخم المالي يدمر القدرة الشرائية ويتسبب في مزيد انخفاض قيمة الدينار.
التضخم المالي يدمر الطبقة الوسطى أو ما تبقى منها. كما أنه يتسبب في انخرام كل التوازنات الاقتصادية والمالية في تونس.
نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 9 اوت 2022