الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: تواجه المالية العمومية يوما بعد يوم تحديات كبرى خصوصا على مستوى سد ثغرة الميزانية والتي بلغت وفق آخر المعطيات المُحيّنةُ لوزارة المالية 3.4 مليارات دينار أواخر ماي الفارط..
وفي هذا الإطار، يعتبر التحدي كبيرا أمام سهام البوغديري نمصية المكلّفة بتسيير وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار باعتبار أن أول عملية مالية ضخمة تتحملها للتخفيف من وطأة هذه الثغرة هي إنجاح تعبئة القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني 2021 والذي تٌقدّرٌ قيمة الاكتتاب فيه بـ 500 مليون دينار قابلة للزيادة – استنادا الى معطيات مؤسسة “التونسية للمقاصة” – بنحو 400 مليون دينار.
ونصّت اللائحة الإعلامية للوزارة الصادرة يوم اول أمس الخميس 12 اوت الجاري بخصوص الشروع في تعبئة هذا القسط المهم من القرض على انطلاق الاكتتاب يوم 18 أوت الجاري الى غاية يوم 24 من نفس الشهر.
وبشكل مفصّل، بيّنت اللائحة أن الاكتتاب سيكون موزعا على ثلاثة أصناف حيث يتعلّق الصنف الأول (أ) بالأشخاص الطبيعيين ويكون اصدار الرقاع بقيمة اسمية تساوى 10 دنانير مع أجل تسديد على 5 سنوات منها 3 سنوات امهال وذلك بنسبة فائدة خام قارة تعادل 8.70 بالمائة سنويا. وفي ما يتعلّق بالصنف الثاني (ب)، فان الاكتتاب يهم رقاعا قيمتها الاسمية 100 دينار مع أجل تسديد بـ 5 سنوات في نهاية المدة وبنسبة فائض خام قارة تناهز 8.80 بالمائة.
أما في ما يهم الصنف الثالث من الاكتتاب في القرض الرقاعي الوطني (ج)، فان قيمة الرقاع هي 1000 دينار مع التسديد على 7 سنوات منها 5 سنوات امهال وذلك بنسبة فائض خام قارة في حدود 8.90 بالمائة.
وسبق اعلان وزارة الاقتصاد والمالية على هذه المعطيات لحسن الاستعداد للعملية تنظيم اجتماع أشرفت عليه المكلفة بتسيير الوزارة مع ممثلي أبرز مؤسسات الساحة المالية في تونس من المديرين العامين للبنوك والوسطاء في البورصة والرؤساء المديرين العامين لشركات التامين.
وكانت حكومة المشيشي قد أعلنت بداية جوان الفارط عن إطلاق قرض وطني يهدف لدعم الموارد المالية للدولة من السوق النقدية المحلية رغم لجوئها الى هذه السوق وبالتحديد للبنوك مرتين لاقتراض أموال ضخمة بالعملة الأجنبية لتسديد قروض خارجية وهو ما اعتبر خطأ فادحا على المستوى الفني والمنهجي استنكرته بوضوح مؤسسة فيتش رايتينغ للتصنيف الائتماني التي قامت بتخفيض ترقيم تونس الى “ب سلبي” في 8 جويلية المنقضى.
كما تم انتقاد الحكومة، في ذات السياق لكونها تسعى آنذاك للبحث عن أموال لدى الأشخاص الطبيعيين وصغار المدخرين لتحمل تسببها في التوسع المتواصل لعجز الميزانية والمدفوعات الخارجية.
وجرى اختتام الاكتتاب في القسط الأول من القرض الوطني يوم 28 جوان دون بلوغ الأهداف المرسومة، في هذا المجال، حيث تمت تعبئة 715,6 مليون دينار منها 6 ملايين دينار لا غير بعنوان اكتتابات الأشخاص الطبيعيين، في حين ناهزت نسبة اكتتابات الصناديق المشتركة للتمويل 52 بالمائة من اجمالي قيمة القسط الأول ووصلت نسبة مساهمة البنوك الى 27 بالمائة، كما شارك الوسطاء بالبورصة لحسابهم الخاص بما يعادل 18 بالمائة من اجمالي الاكتتاب.
واتسمت العملية، اجمالا بمناورات ترجيح بين نسب القسط الأول من القرض ونسب اقراض المؤسسات المالية للدولة في إطار إصدارها رقاع الخزينة وذلك في اتجاه ربحي محض وغير مقبول معياريا.
غير أن العديد من التقديرات، تٌشير الى أن اكتتاب الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات في القسط الثاني من القرض رغم ضعف الادخار الوطني سيكون أعلى من قيمة الاكتتاب في القسط الأول وذلك لعدة أسباب أغلبها عودة الثقة في التعاملات الاقتصادية والمالية بعيدا عن مناورات تحقيق الأرباح بالمضاربة على الفوائض على حساب الدولة.
كما يبدو واضحا أن البنوك ووسطاء البورصة وشركات التامين حددت سقفا عاليا لاكتتابها بالاتفاق مع وزارة الاقتصاد والمالية في ظل تغير الأوضاع والتي باتت تملي تحليا خاصا بالروح الوطنية والمصداقية في تمويل الاقتصاد الوطني.