الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أكد البنك الدولي الأسبوع الفارط، وفق دراسة انجزها حديثا، أن العالم قد يتجه نحو ركود اقتصادي في 2023 وسلسلة من الأزمات المالية ستؤثر على اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية وذلك بالتزامن مع قيام البنوك المركزية بالترفيع في نسب الفائدة لمكافحة التضخم.
وبينت الدراسة أنه من المرجح ان تواصل البنوك المركزية الترفيع في نسب الفائدة العام القادم، وان هذا المسار غير كاف للنزول بمعدلات التضخم الى مستويات ما قبل الجائحة. ويتوقع المستثمرون حسب البنك الدولي قيام البنوك المركزية في العالم برفع نسب الفائدة الأساسية إلى نحو 4% خلال عام 2023، وهي زيادة تفوق بنقطتين مئويتين متوسط نسب الفائدة في عام 2021.
وشددت المؤسسة المالية الدولية على ان الزيادات في نسب الفائدة قد تفضي في ظل عدم تحسن وضعية المبادلات التجارية اضافة لغياب انحسار للبطالة،إلى ارتفاع معدل التضخم الأساسي على مستوى العالم (ما عدا الطاقة) في 2023 إلى نحو 5 بالمائة، أي ما يعادل تقريبا ضعفي المتوسط في السنوات الخمس التي سبقت تفشي الجائحة. ووفقاً للنموذج الذي اعتمدت عليه الدراسة قد يتعين على البنوك المركزية لخفض التضخم العالمي إلى المستويات المستهدفة، زيادة أسعار الفائدة بنقطتين مئويتين إضافيتين وانه اذا صاحبت هذه الإجراءات زيادة الضغوط في الأسواق المالية سيتراجع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي إلى 0.5 بالمائة في 2023.
ووفق البنك الدولي يتعين ايضا على البنوك المركزية أن تواصل جهودها لاحتواء التضخم، وبما يمكن القيام به دون التسبُّب في ركود اقتصادي عالمي مستدركا بأن ذلك سيتطلب إجراءات متنوعة من جانب البنوك المركزية التي يتعين عليها ان تعمل سيما في خصوص اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، على دعم القواعد التنظيمية الاحترازية الكلية والحفاظ على احتياطات ملائمة من النقد الأجنبي.
كما يتعين على السلطات النقدية أن تدرس بعناية رفع الدعم في إطار خطط واضحة توضع على المدى المتوسط وتمكن من توجيه مساعدات إلى الأسر الأشد احتياجاً.
يذكر ان الوضع في تونس لا يختلف كثيرا عما يتسم به في العالم على مستوى ترفيع البنك المركزي في نسبة الفائدة المديرية مؤخرا الى 7 بالمائة بحجة مجابهة التضخم. ومن المرجح في ظل ازدياد التضخم واستمرار اتباع البنك المركزي سياسة نقدية تشديدية ان يتم الترفيع مجددا في نسبة الفائدة وهو ما تسعى مؤسسة الإصدار لتجنبه لما له من تداعيات على التوازنات المالية للمجمعات الاقتصادية الكبرى بشكل خاص فضلا عن تأثيره على مستوى زيادة أقساط خلاص ديون الاسر والافراد. غير انه من الواضح ان البنك المركزي يعمل كذلك على تثبيت نسبة الفائدة الرئيسية في انتظار فهم المآلات السياسية بالبلاد وذلك على الأقل على المدى القريب.
وكان معز العبيدي العضو السابق بمجلس إدارة البنك المركزي قد رجح في ماي الفارط إمكانية لجوء البنك إلى الترفيع مرة أخرى في نسبة الفائدة الرئيسية في صورة تواصل ارتفاع نسب التضخم، داعيا إلى ضرورة تنفيذ الإصلاحات الضرورية من أجل تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد. واعتبر أن الترفيع في نسبة الفائدة إجراء معمول به في جميع دول العالم، مشيرا إلى أن 117 بنكا مركزيا في العالم رفعت في نسب الفائدة من أجل مجابهة عديد الإشكالات وعلى رأسها ارتفاع نسبة التضخم.
في المقابل، أوضح المرصد التونسي للاقتصاد في مذكرة أصدرها حديثا ان لتواتر الأزمات والجوائح العالمية أثر هام على الاقتصاد التونسي وانه رغم ثراء وتنوع النسيج الاقتصادي التونسي يبقى الاقتصاد الوطني رهين الاسواق العالمية في كل المجالات . ويعود هذا الارتهان، وفق المذكرة، الى إهمال الإنتاج المحلي والتعويل على التوريد خاصّة المواد الأساسية على غرار المحروقات والحبوب وخير دليل على ذلك إعادة تفعيل التعديل الالي لأسعار المحروقات حسب التطورات في السوق العالمية وارتفاع كلفة مصاريف المواد المدعمة لتصل الى 4300 مليون دينار خلال السنة الحالية حسب وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي التي ارجعت هذا الارتفاع الى ارتفاع كلفة هذه المواد التي يتم توريدها وأساسا منها الحبوب والزيت