الشارع المغاربي – كريمة السعداوي: نشر يوم أمس الخميس 13 جانفي 2022 المرصد التونسي للاقتصاد مذكرة محورها “الانتقال الطاقي في بلدان المغرب العربي: من يمتلك ماذا؟ من يفعل ماذا؟ من يحصل على ماذا؟ مصالح من تأتي في المرتبة الأولى؟”.
وبينت مذكرة المرصد ان معطيات تم تداولها في أواخر سنة 2021 ومطلع سنة 2022 ابرزت توجه بلدان منطقة المغرب العربي نحو الانطلاق الفعلي في الانتقال الطاقي من خلال الإعلان عن استثمارات جديدة في المجال حيث أعلنت الشركة الوطنية الجزائرية “سونطراك” عن إمضاء اتفاقية استراتيجية مع مجموعة “إيني” الايطالية تهدف الى التطوير المشترك للطاقات المتجددة والجديدة لا سيما في مجالات انتاج الطاقة الشمسية واستكشاف الليثيوم وانتاج الوقود الحيوي وانتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق.
كما اعلنت وزيرة الانتقال الطاقي المغربية في 29 ديسمبر 2021 عن اعتزام المملكة المغربية انتاج أكثر من 52 بالمائة من طاقتها الكهربائية من مصادر متجددة قبل حلول 2030 إضافة الى توقيع اتفاقيات مع ألمانيا والبرتغال على التوالي سنة 2020 وسنة 2021 لتطوير قطاع الطاقة الشمسية وتخزين الهيدروجين تمهيدا لنقله الى أوروبا.
وأبرز المرصد ان الوزير الأول الموريتاني دعا في خطاب القاه خلال إشرافه على انطلاق فعاليات اليوم الوطني الموريتاني في معرض “إكسبو 2020” دبي وزراء خليجيين، الى الاستثمار في بلاده وتمويل المشاريع الكبرى التي تعتزم الحكومة الموريتانية إطلاقها في إطار النهوض بالاقتصاد الموريتاني مع التأكيد على مقدرة موريتانيا الهائلة في مجالات الطاقة بكل مصادرها وخصوصا في مجال الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر حيث تبحث الحكومة الموريتانية عن شركاء جدد.
اما على الصعيد التونسي فلازال انتاج الهيدروجين الاخضر قيد الدرس رغم تصريح شركة “سنام” الإيطالية خلال لقاء جمع رئيسها المدير العام برئيس الحكومة السابق هشام المشيشي سنة 2021 عن استعداد الشركة لإنشاء قطب صناعي في تونس لصناعة الهيدروجين الأخضر وتوزيعه في كامل أوروبا.
وتجدر الإشارة الى أن شركة “سنام” الايطالية اشترت مؤخرا 49.9 بالمائة من استثمارات شركة “ايني” الايطالية ايضا في خطوط أنابيب الغاز التي تربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس. وتعمل تونس حاليا على وضع إطار تشريعي جديد ينظم قطاع الطاقات المتجددة تطرق له المرصد في نشرية سابقة .
وتم التأكيد على ان الاستثمار في الانتقال الطاقي يعتبر في منطقة المغرب العربي خطوة تخطوها بلدان المنطقة نحو اقتصاد مستدام يحد من الاعتماد على المحروقات خاصة مع ارتفاع الاسعار العالمية في السنوات الاخيرة وما يمثل دعم المحروقات في هذه البلدان من عبء على المالية العمومية. فعلى سبيل الذكر لا الحصر تتوجه كل من تونس والجزائر نحو الرفع التدريجي للدعم عن المحروقات وإرساء أطر تشريعية جديدة تأخذ الاهتمام المتزايد للدول الأوروبية للاستغلال الهيدروجين الأخضر بعين الاعتبار في كل من قانوني المالية لسنة 2022 لتونس والجزائر لكن ليس كل ما يلمع ذهبا حسب مذكرة المرصد التونسي للاقتصاد.
وجرى الاستناد في هذا السياق الى ما نشر حمزة حموشان وهو باحث جزائري ومنسق برامج شمال افريقيا في المعهد الدولي TNI وتحديدا مقاله الذي جاء بعنوان “الانتقال الطاقي في شمال افريقيا حضور الاستعمار الجديد.. مجددا” والذي صدر في اكتوبر 2021 في اطار تطرقه الى المشاريع التي يتم تمويلها من قبل البلدان الاوروبية في المغرب العربي في مجال الانتقال الطاقي حيث بين ان الاسباب الحقيقية خلف هذا التمويل المهول هو مواصلة تأمين احتياجات البلدان الاوروبية من الطاقة وخاصة الطاقة المتجددة عن طريق الاستثمار في منطقة المغرب العربي اين تتوفر هذه الطاقات بصفة وافرة على عكس القارة الاوروبية.
كما أشار الباحث الجزائري في مقال اخر نشر بموقع Capcov.org الى أن بلدان الإتحاد الأوروبي تعطي أولوية قصوى للاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر والى انها تعتمد أساسا على المغرب العربي لتزويدها به خاصة مع وجود البنية التحتية وهي الأنابيب التي تربط المنطقة بالقارة الأوروبية ويتم اعتمادها لنقل الغاز حاليا.
وبينما يبدو أن طفرت الاستثمار الأوروبي الموجه للطاقات النظيفة في المغرب العربي خاصة الهيدروجين الأخضر تعتبر فرصة ذهبية لبلدان المنطقة فإن المرصد يوضح انه وكما أشار له حمزة حموشان في مقالاته التحليلية أن غاية البلدان الأوروبية تنحصر فقط في تأمين مخزون لا ينفد من الطاقة دون مراعاة الأثار الجانبية البيئية والمجتمعية لهذه الاستثمارات على سكان المغرب العربي.
ويطرح الامر عدة أسئلة : من يمتلك ماذا؟ من يفعل ماذا؟ من يحصل على ماذا؟ من يفوز ومن يخسر؟ ومصالح من تأتي في المرتبة الأولى؟ وهو ما يقتضي الابتعاد عن المنطق المالي والعرقي (وكذلك الجندري) لتحميل العبء للآخرين، الذي إذا تُرك دون الحد منه، فإنه لن يؤدي إلّا إلى استعمار أخضر ومزيد من السعي للاستخراج والاستغلال من أجل أجندة خضراء مزعومة وفق ما يبين حمزة حموشان.