الشارع المغاربي – كوثر زنطور : خلال الايام القليلة الماضية، وجه قاضي التحقيق العسكري استدعاء للمدير التنفيذي لحزب حركة نداء تونس حافظ قائد السبسي للحضور كشاهد في قضية تتعلّق برجل الاعمال شفيق جراية، استدعاء رد عليه قائد السبسي بالتجاهل مما يجعله مهددا ببطاقة جلب ..
اكدت مصادر موثق بها لـ “الشارع المغاربي” أن “حافظ” لا يعتزم الاستجابة للدعوة الموجهة اليه من قبل القضاء العسكري للإدلاء بدلوه في قضية تهم شفيق جراية رجل الاعمال الذي يواجه تهم ” الاعتداء على أمن الدول الخارجي والخيانة والمشاركة في ذلك ووضع النفس تحت تصرف جيش أجنبي زمن السلم“.
تقنيا ومبدئيا، تؤكد هذه الدعوة استقلالية جهاز القضاء العسكري وتعاطيه مع القضية بعيدا عن الحسابات السياسية، المؤاخذة التي تلاحق هذه المؤسسة قبل وبعد الثورة وتكررت على لسان أكثر من طرف آخرها النقابة العامة لموظفي وحدات التدخل .
لكن مع ما تعكسه الدعوة من استقلالية كما ذكرنا، فان تبعات رفض الحضور ومدى تطبيقها والالتزام بها من قبل هذا الهيكل ستزيد من تعزيز أو دحض هذه الاستقلالية والتعامل مع كل المذكورين في القضية بعيدا عن الضغوطات والتدخلات، طبعا إن وجدت.
تبعات عدم الحضور
ترفق المحكمة العسكرية الدائمة بتونس بنفس وثيقة الاستدعاء تنبيها مكتوبا فيه حرفيا ” كل شاهد يتخلف عن الحضور يعاقب بخطية تتراوح بين 10 د و20 د واذا لم يحضر بعد استدعائه للمرة الثانية جاز اصدار بطاقة جلب ضده طبق الفصلين 61 و159 من مجلة الإجراءات الجزائية“.
ويقول الفصل 61 من المجلة المذكورة ” إذا لم يحضر الشاهد بعد استدعائه فإنه يسوغ لحاكم التحقيق بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية أن يسلط عليه خطية تتراوح بين عشرة دنانير وعشرين دينارا فإذا حضر الشاهد بعد ذلك وأبدى أعذارا مقبولة جاز لحاكم التحقيق أن يعفيه من الخطية بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية.وإذا لم يحضر الشاهد بعد استدعائه مرة ثانية جاز إصدار بطاقة جلب في شأنه.
ويمكن بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية تسليط خطية تتراوح بين عشرة دنانير وعشرين دينارا على الشاهد الذي حضر وامتنع من أداء اليمين أو من الإدلاء بشهادته.”
ومنذ ايقاف جراية يوم 9 ماي 2017، استقبل قاضي التحقيق العسكري كبار مسؤولي الدولة ونوابا واعلاميين كشهود ومتهمين، منهم الحبيب الصيد رئيس الحكومة السابق والمنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت السابق وعلي العريض رئيس حكومة أسبق وعبد الرحمان بلحاج علي مدير عام الامن الوطني الاسبق وناجم الغرسلي وزير داخلية سابق واخر سفير لتونس بالمغرب .
ووفقا للمعطيات المتوفرة، امتثل جل من وجه لهم قاضي التحقيق العسكري “استدعاء” بالحضور، مما يطرح سؤالا حول أسباب امتناع حافظ قائد السبسي عن الحضور خاصة انه سبقته لمكتب قاضي التحقيق العسكري شخصيات تحملت مسؤوليات ثقيلة في الدولة بما يرفع عنه ” سياسيا” الحرج .
بين جراية .. وحافظ
من المهم القول ان توجيه استدعاء الى حافظ قائد السبسي للحضور كشاهد لا يعني بأي شكل من الاشكال ادانة له، لكنه يبدو في المقابل “منطقيا” بالنظر الى العلاقة “الوطيدة” التي كانت تجمعه بجراية خلال السنتين المنقضيتين قبل ان تشهد تطورات جعلتهما يتحولان من حليفين الى خصمين.
والخصومة مردها تزايد نفوذ جراية في الحزب، وتأثيره بالخصوص على كتلته النيابية التي يتحصل جل مكوناتها، وفقا للسجال الذي جد بين عدد من النواب عقب ايقاف رجل الاعمال المذكور، على رواتب شهرية تصل الى 15 الف دينار ومنهم من تحصل على سيارة وحتى على شقة فخمة .
والمعلوم ان شفيق جراية تحول من ممول للصحف “الصفراء” الى ناشط سياسي يلتقي الوزراء والمسؤولين منذ نجاحه في اختراق حزب نداء تونس بمساهمة مباشرة وغير مباشرة من قبل جل قياداته المنسحبة والرابضة بمقره المركزي بالبحيرة الى اليوم، وحتى من الوافدين الجدد الذي يقول احد اصدقاء “شفيق” المرشح السابق للانتخابات الرئاسية صافي سعيد ان جراية وراء عملية انتدابهم ووراء التغيير الحاصل في مشهده القيادي بنداء تونس.