الشارع المغاربي : نشرت هيئة الحقيقة والكرامة، مساء اليوم الأربعاء 14 مارس 2018، وثائق ومعطيات تاريخيّة تؤكّد أنّ المحتلّ الفرنسي أحكم استغلاله للثروات الباطنية التونسية قبل الاستقلال، وأبرم عقودا بشكل يهدف إلى تأبيد استغلاله الفاحش لثروات البلاد.
وكشفت الهيئة، في بلاغ على موقعها الرسمي، أن المحتل الفرنسي سنّ، قبل استقلال تونس عام 1956، تشريعات لاستغلال الثروات الباطنيّة التونسيّة لضمان وضع يده على الثروات الباطنيّة بالأراضي التونسيّة، على غرار تكوين شركات منحته حقوق استغلال الحقول النفطيّة والمقاطع في إطار لزمات أو عقود استغلال أو رُخص تفتيش وغيرها.
وأكدت الهيئة أن فرنسا أقرّت تشريعات لضمان الاستغلال المفرط للموارد النفطية مثل “أمر سنة 1948” الذي يسمح باستغلال المواقع المُكتشفة دون ترخيص إضافي مع دفع أتاوة الاستغلال بالفرنك الفرنسي أو بالعملة الوطنيّة، في حين أنّ عملة الدينار التونسي لم تُحدث آنذاك بعد، وهو ما يؤشّر إلى ديمومة هذا الوضع لاحقا.
كما أفادت الهيئة أنّ السلطات الفرنسيّة استمرّت في “استغلال الدولة التونسيّة واستنزاف ثرواتها” عبر استغلال الأراضي التونسيّة لنقل البترول من الجزائر بما لا يضمن حقوق الدولة التونسيّة، مشيرة إلى أن فرنسا كوّنت شركة لنقل البترول من الجزائر إلى ميناء الصخيرة التونسية بالجنوب التونسي، وأنّ الحكومة التونسيّة لم تكن طرفًا في النقاش مع الجانب الجزائري حول هذه الاتّفاقيّة، وهو ما أضرّ بالحقوق التونسيّة.
وأضافت أنّ الحكومة التونسيّة لم تُطالب بتحيين قيمة عوائدها من عمليّة نقل البترول، موضّحة أنها حصلت على وثيقة وهي عبارة عن مراسلة من السفير الفرنسي تبيّن أنّ وزير الاقتصاد الوطني بالحكومة التونسيّة في 1971 (الشاذلي العياري حينها)، كان قد ”أبدى امتعاضه” من الوضعيّة الجديدة ومن نقص مداخيل الدولة التونسيّة، غير أنّ الحكومة التونسيّة أوكلت التفاوض من جديد مع الجانب الجزائري للدولة الفرنسيّة. وهو ما جعلها تفوّتُ بذلك في حقوق وثروات طائلة للشعب التونسي.
كما جاء في الوثائق المنشورة أمر منذ 1949 يمنح شركة “COTUSAL” المكوّنة نتيجة اندماج مجموعة شركات فرنسيّة للملاّحات، مع تمتيعها بدفع أتاوة استغلال تُحتسب باعتماد أدنى سعر من السلّم العام لاستغلال أراضي الدولة التونسيّة. وقالت الهيئة إنّ هذه الاتّفاقيات لم تضمن الحقوق الدنيا لحماية مصلحة البلاد التونسيّة.
وبيّنت الهيئة أنّه في إطار “حماية فرنسا لمصالحها الاستعماريّة”، قامت بتضمين فصلين في اتّفاقيّة الاستقلال الداخلي لحماية مصالحها، وهما فصلان ينُصّان على التزام الدولة التونسيّة بمنح حقّ الأفضليّة للمشاريع الفرنسيّة عند تساوي الشروط للحصول “على رُخص التفتيش والاستثمار وعلى اللزم”، وكذلك عدم قدرة الدولة التونسيّة على تغيير آجال اللزمات والاتّفاقيات ورُخص التفتيش والاستثمار المبرمة أو الممنوحة إلاّ بموافقة الطرف الفرنسي”.
كما شدّدت هيئة الحقيقة والكرامة على أنّ الشركات الأجنبيّة وتحديدًا الفرنسيّة منها قامت باستغلال فاحش لموارد البلاد التونسيّة الباطنيّة، فقد كان للشركات الفرنسيّة نصيب الأسد من هذه التراخيص بوجود 7 شركات فرنسيّة من جملة 15 شركة، مُرجعة هذا الاستغلال الفاحش لثروات البلاد التونسيّة إلى ما تضمّنه الفصلان 33 و34 من اتّفاقيّة الاستقلال الاقتصاديّة والماليّة، وكذلك إلى ما أقرّته فرنسا الاستعماريّة من اتّفاقيات بشروط مجحفة…
يُذكر أنّ حزب “التيار الديمقراطي” كان قد وجّه، يوم الاثنين 12 مارس 2018، محضر تنبيه إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد بواسطة عدل منفذ، للتنبيه عليه بضرورة إنهاء الاتفاقية الممضاة مع الشركة العامّة للملاحات التونسية (كوتيزال) التي تستغلّ مناجم الملح التونسيّة بملاحات “طينة والساحلين”، وذلك في الآجال قبل التمديد الآلي للعقود الاستعمارية المبرمة مع هذه الشركة، من أجل وضع حدّ لتبديد ثروات البلاد التونسيّة.
أنظر مقال “الشارع المغاربي” :
تستغل ملح تونس منذ 1949 بفرنك للهكتار : التيار الديمقراطي يتوعّد بمقاضاة الشاهد إذا لم يُنه اتفاقية “كوتيزال”