الشارع المغاربي – حمزة الحسناوي: أثار إصرار أمين عام حزب المسار ووزير الفلاحة سمير الطيب على الحضور في اجتماع ما بات يعرف باللجنة العليا لما تبقى من الاطراف الممضية على وثيقة قرطاج  وإدعاؤه الحصول على وثيقة لتمثيل حزبه في المشاورات المذكورة جدلا واسعا وإنتقادات كبيرة وجهت للطيب ليجد نفسه معزولا مجرّدا من كل حليف.

إثر اجتماع الأطراف الممضية على وثيقة قرطاج يوم الجمعة الماضي شهد حزب المسار سليل الحزب الشيوعي التونسي حالة من الغليان داخله  لأول مرة منذ تأسيسه في 1934 سببها امينه العام والمؤتمن على وحدة الحزب وتماسكه حتى انّ أغلبية أعضاء المكتب السياسي للمسار المجتمع أوّل امس الاحد طالبت بتجميد نشاطه ، كيف لا ومصلحته الخاصة تقوده الى تجاوز المؤسسات و“الرفاق” الأكفاء والمشهود لهم بالقدرة على التفاوض وإدارة الصراعات فقط لاجل وزارة هو فاشل اصلا في سياسة شؤونها؟.

ويأتي ها الموقف نتيجة لما اعتبرته قيادة حزب المسار  محاولة لضرب “العلاقة التاريخية التي تجمع الاتحاد العام التونسي للشغل بحزبها بعد ان اتهم الطيب الاتحاد ببث الفتنة” .

وحسب المعطيات التي تحصّل عليها “الشارع المغاربي” فإنّ هذا الاتهام يأتي اثر ورود معطيات تُؤكد نقل سمير الطيب معلومات مغلوطة للمنظمة الشغيلة بخصوص مواقف القيادي جنيدي عبد الجواد ممثل الحزب في المشاورات الجارية حول وثيقة قرطاج 2، وتعمده الاتصال بقيادات “المركزية النقابية” مباشرة بعد استقبال الامين العام نور الدين الطبوبي وفدا عن حزب المسار يوم السبت وهو تصرّف أدانته أغلبية اعضاء المكتب السياسي للحزب وقالت إنه” لا يليق بالمسار ، ويتنزل في اطار زرع الفرقة بين الحزب واتحاد الشغل والتشويش على علاقتهما“.

تصرفات الطيب أثارت حفيظة  رئيس منظمة الأعراف سمير ماجول ايضا حين حاول التدخل كمفاوض بين الحكومة واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في ملف مساهمة المنظمة في إنقاذ الصناديق الاجتماعية وهو ما جعل ماجول يرفض هذا التدخل قائلا إنّ  “الطيب هو وزير الفلاحة، ڤدّ فلاحتك.. ونشاله تڤدّها هو ما عندوش الملف وما هوش فاهمو” متابعا “هناك وزراء أرادوا التدّخل في هذا الملف في حين هو ملف بيننا وبين رئيس الحكومةا… ما نيش باش نحكي مع سمير الطيب في ملف هو محل نقاش مع الحكومة..وإذا أرادت الحكومة تكليف الطيب عليها أن ترسل التكليف نتناقش فيه وقد نرفضه”.

منصب الوزارة أنسى سمير الطيب أصدقاء ورفاق الامس القريب الذين شاركهم الشوارع والدعوة إلى الإحتجاج في اكثر من مناسبة ليخرج إثر الإحتجاجات التي شهدتها البلاد موفي 2017 ومطلع 2018 ضد مشروع ميزانية 2018  ويرمي التّهم جزافا للجبهة الشعبية بالتحريض على الإحتجاج محملا إياها مسؤولية عمليات السرقة والنّهب التي حصلت آنذاك.

هذه الإتهامات تبرأ منها حزب المسار على لسان القيادي جنيدي عبد الجواد الذي إعتبر أنها لا تمثل الحزب ولا تلزمه وأن الطيب يمثل الشاهد وليس “المسار” لاسيما وأن الناطق الرسمي لجبهة لم يقف مكتوف الايدي ورد إتهامات الطيب عليه واصفا إياه ” بالمفتري الذي يزيف الواقع لإرضاء اعرافه“.

يظهر مما سبق ان الطيب أمعن في نسف جبهة الاصدقاء المفترضة مضيقا على نفسه الخناق فقط ليحافظ على تموقعه في حكومة هو نفسه مؤمن بانها جاءت في ظروف إستثنائية ونتيجة إكراهات غير دائمة وانها يمكن ان تتغير في أي وقت لكنه في المقابل آل على نفسه “لبوس” وزارة جنبا إلى جنب مع خصومه الذين شنفوا  آذاننا بنقدهم وكيل الإتهامات لهم، أو ليس وزيرا في حكومة اغلب أعضائها من حزبي النهضة والنداء، ومن لا يذكر صولات الطيب وتوجيهه أصابع الإتهام في كل منبر بمناسبة أو دونها لحركة النهضة بمسؤوليتها في الإغتيالات السياسية وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر والفشل في إدارة شؤون البلاد، لكن سبحان مغير المواقف والمصالح فهؤلاء اليوم ناجحون جدا في قيادة البلاد والمؤشرات الاقتصادية تؤيد بقاءهم في الحكم وحتى كميات الامطار المسجلة إبان حكمهم تضاعفت بفضل جهودهم وحكمتهم.

إنقلابات الطيب على مواقفه السابقة لم تقف عند هذا الحد، فحتى القوى الإقليمية التي كان يرى في تدخلها في شؤون البلاد  وجب التصدي له أصبحت شريكا هاما في نهضة اقتصادها  “حلزون القطريين” مثلا.

مواقف الطيب من قطر تغيّرت تدريجيا منذ اطلاق حزبه ما سمي بمبادرة “الانقاذ الوطني” التي كانت بوابة لمشاركة “المسار “مُمثلا في شخصه في حكومة “الوحدة الوطنية”، لتنطلق  رحلة تعديل المواقف وموائمتها مع موقعه الجديد، ليبقى السؤال المطروح :  ما سر تغيّر موقف الطيب مع التأكيد على ان مشاريع قطر وهمية وانها غطاء للاستحواذ على الاراضي الفلاحية إلى دعوتها بنفسه.