الشارع المغاربي : بعد هروب الرئيس الأسبق بن علي ، كُشف الدور السياسي شبه المحوري لمن كانت تُلقب بالسيدة الاولى «ليلى بن علي » ، وكيف كانت تُسطر القرارات صلب حزب التجمع ، وبالدولة أيضا وكيف كانت وراء تعيين وإقالة وزراء وكيف كان تأثيرها على الرئيس بن علي قادرا على تغيير
كل المعادلات ..كما تتغير اليوم مع اختلاف الفاعلات ، من السيدة الاولى الى حرمي رئيسي الجمهورية والحكومة تنضاف اليهما فاعلات أخريات
متزوجات بماسكين بثنايا الحكم ، هذا ما يتداول في الكواليس وخرج مؤخرا للإعلام .. فهل تونس في حضرة حاكمات من وراء الستار ؟ ام ان
الروايات المتداولة في هذا الشأن تندرج في اطار حملات تشويه ؟
تتالت خلال الفترة الأخيرة تصريحات سياسيين بخصوص الدور السياسي الخفي لحرمي حاكمي تونس على رأسي السلطة التنفيذية ، آخرها ما
جاء على لسان القيادي بحركة النهضة السيد الفرجاني في حواره التلفزي الاخير لقناة نسمة بخصوص حرم رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، واتهامه إياها بالضغط على معارضي «زوجها » داخل النهضة ، لتلتحق بذلك حرم الشاهد بدوائر الشخصيات المثيرة للجدل بعد سنتين قضتهما في الخفاء بعيدة عن الإعلام ، ولا يذكر حتى اسمها ولا تقدم الا بصفتها حرم رئيس الحكومة .
من هن ؟
تُعد عائلة رئيس الجمهورية اكثر تعرضا للإعلام خاصة بعد تزعّم حافظ قائد السبسي حزب حركة نداء تونس ، وبدء التنديد بعودة التداخل بين العائلة والدولة وتشابك المصالح العائلية مع التعيينات منذ نجاح الحزب في الانتخابات بشقيها الرئاسي والتشريعي . وشكلت حرم الرئيس محورا أساسيا لحديث جل الفاعلين ، الحرم الملقب لدى السياسيين ب «سيدونة » ، وب » الماجدة » اللقب الذي عاد للقصر الرئاسي بعد ما يقارب الثلاث عقود وتلقب به السيدة « شادلية فرحات » زوجة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ، وهي التسمية التي اختارها الزعيم الراحل بورقيبة لعقيلته وسيلة بن عمار .
للسيدة « السيدة « دور كبير في صعود الابن « حافظ » أقرب المقربين اليها من بين ابنائها الاربعة ، الكهل لا يزال طفلا في عيون الأم صاحب التأثير
السياسي والحازمة في كل ما يتعلق بمستقبل الابن ، اذ أنها قد تكاد تكون الشخصية الوحيدة في تونس التي تؤمن بمؤهلات «حافظ » وبقدرته على ادارة
حزب ودولة ، بل بأحقيته أيضا في خلافة «الاب » الرئيس ، وجرّه لصف الابن كلما ازداد الضغط لابعاده عن الحزب .
وتحيط حرم رئيس الجمهورية نفسها بعناية عائلية خالصة تتمثل في الابنة «سلوى » التي تدير مكتبها في القصر الرئاسي ، حسب ما يتداول في
الكواليس ، وابنة الكاف لها اتصالات واستقبالات تشمل وزراء وقيادات بنداء تونس ، ويصفها كل من يجالسها بخارقة الذكاء وواسعة الثقافة وبصاحبة حسّ سياسي ، وايضا بالقوية المتصلبة في كل ما يتعلق بالابن المدلل حافظ وهي اقرب المقربين للرئيس ، ويقول احد كبار المسؤولين في عهد بورقيبة انه رغم قرب « سي الباجي » من السيدة وسيلة ، فانها كانت بعيدة عن دوائر « الماجدة » ولم تكن من زائراتها ولا من صديقاتها المقربات .
وحول « كأس الشاي » تقاسم السيدة « السيدة » النقاش حول الشأن العام ، وتطورات الامور في نداء تونس وغيرها من الملفات مع ضيوفها ، ورغم
تقدمها في السن فهي كحال زوجها ، سريعة البديهة لم تؤثر فيها الشيخوخة ولم تحل دون ان يكون لها نشاط سياسي يبدو انه ازداد خلال هذه
الأزمة ، وكانت خلالها من الفاعلات فيها ، وتقول كواليس القصر إن نجاحها في فرض الابن وحمايته من قرارات يقال ان الرئيس كان قاب قوسين من
اتخاذها من ذلك إزاحة نجله ، لم يمنع فشلها في التأثير في قرارات اخرى .
فاستنادا الى مصدر قريب من القصر لم تنجح «سيدونة » مثلما تُلّقب ، في ابعاد عدد من المستشارين المغضوب عليهم بسبب تنسيقهم مع القصبة ، وقد يكون الرئيس رغم كل ما يتداول بخصوص تأثير الزوجة في حياته السياسية في نداء تونس ثم في مؤسسة رئاسة الجمهورية ، حافظ على مسافة وعلى حدود لتأثير الزوجة على الدولة ،ولها رغم ذلك قول في تعيينات المقربين منها سواء عائلية او من دوائر الاصدقاء المؤتمنين على مستقبل الابن ، الشرط الاساسي الذي تضعه الام لفتح ابواب التنسيق او الاتصالات بها .
وليس بعيدا عن زوجة الرئيس ، نجد زوجة اخرى مؤثرة أيضا ، هي زوجة المدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي ، السيدة ريم الفالح التي كانت من اول الفاعلات في نداء تونس دون صفة رسمية ، الا انها رغم ذلك كانت حاضرة باستمرار بالمقر المركزي ولها مكتب تدير فيه شؤون الحزب بالخارج ، وكانت من بين المشرفين على تنظيم اجتماعات نداء تونس هناك ، ومنهم اجتماع نيس وايضا احد الاجتماعات الحزبية بالعاصمة الفرنسية باريس. بعد نجاح نداء تونس في فرض نفسه في المعادلة السياسية ، وقبل فترة من الانتخابات التشريعية والرئاسية غادرت حرم حافظ قائد السبسي المقر ،وبقيت رغم ذلك فاعلة في الشأن الحزبي ، توصف بالمقربات من الرئيس قائد السبسي ، شكلت مع والدتها احد محركات الحزب في «الصالونات ، »
ولا تغيب لا هي ولا الوالدة ولا الصديقات عن كل الاحداث الكبرى التي عاشها الحزب ، منها مؤتمر سوسة الشهير وقبلها ما يسمى باعتصام االرحيل
بباردو .
وعرفت علاقة الزوجة فتورا مع الحزب ، جعلها تبتعد عن المشهد ، ثم تبتعد عن رئاسة الجمهورية ، يقول المقربون من العائلة ، إنها كانت تقيم في الرئاسة وأنها غادرتها بعد فترة ، وان عودتها الى المشهد جاءت خاصة ابان الانتخابات البلدية ، والسيدة ريم كانت رئيسة للحملة الانتخابية للحزب والحاضرة باستمرارة في مقره الخاص بالحملة لكن دون تكليف رسمي .
في الكواليس ، يقال انها وراء الطموحات المتضخمة للزوج «حافظ » ، وانها من تدفعه للتمسك بموقعه الحالي بنداء تونس ، وانها أيضا ابرز مهندسي العديد من التغييرات التي عرفها الحزب ، وانها تعد العدة ، مدعومة بنصائح الام ، للتحول الى «السيدة الاولى » ، وانها اضطرت مؤخرا لابتعاد تكيتكي بعد تعدد التصريحات المنددة بدورها السياسي الخفي .
لكن الامر يختلف مع حرم رئيس الحكومة ، السيدة هالة الزهواني التي كانت لا تقدم الا بصفتها زوجة رئيس الحكومة ، كان أول ظهور رسمي لها يوم 13 اوت 2016 في الحفل الضخم الذي أقيم بمقر رئاسة الجمهورية بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة ، خطفت الاضواء يومها رغم انها حرم رئيس حكومة مكلف ولم يتحصل على ثقة البرلمان بعد .
منذ ذلك التاريخ اختفت السيدة الشقراء عن المشهد الاعلامي ، ولم تظهر الا نادرا فقط في المناسبات الرسمية وحول الموائد في الزيارات الرسمية لرؤساء دول أو حكومات ، أو في تنقلات برتوكولية مصحوبة بزوجات ضيوف تونس ، من ذلك مرافقتها زوجة الرئيس الفرنسي ايموانويل ماكرون في احدى جولاتها عند زيارتها تونس .
وخلال الازمة السياسية الحالية ، وما يتناقل بخصوص طموحات تقودها زوجة رئيس الحكومة لانتخابات الرئاسية ، وتوتر القائم في علاقاته مع القصر ، وضع القيادي بحركة النهضة السيد الفرجاني ، حرم الشاهد في قلب التجاذبات السياسية متهما اياها بالضغط على زملاء له في الحركة ، من معارضيه ومن الشق الرافض لموقف النهضة الداعم ليوسف الشاهد دعما غير مشروط.
سرعة رد الحركة وإصدارها بيان تبرأت فيه من تصريحاته ، يشيران إلى ان القصبة دخلت على الخط وأنها عبرت عن رفضها وغضبها من حشر حرم رئيس الحكومة في المعركة السياسية ، واتهمت القناة والفرجاني وشقا من نداء تونس بتدبير رواية تدخل الزوجة في الشأن السياسي للشاهد لضربه .
السياسي للزوجة الشقراء ، ولوالدها خاصة في الحصول على دعم لوبيات من الساحل له ، فالوالد القريب من المسؤولين في فريق النجم الساحلي
والشخصية المرموقة بسوسة والمسؤول السابق بالبلدية من مهندسي تقارب الشاهد مع عدد من التجمعيين وايضا من العائلة النافذة في الجهة .
وتوصف حرم رئيس الحكومة بصاحبة «القوة الناعمة » ، ويُتداول أنها من بين اهم الفاعلين في فريقه المضيق ، وانها ترتب اللقاءات التي تتم في قصر الضيافة وبمقر سكنى رئيس الحكومة وتنظر في تفاصيل تفاصيلها ، وأنها على علاقة ايضا بعدد من زوجات الوزراء وتجمعها علاقة صداقة بوزراء في الحكومة ممن كانوا اصدقاء لزوجها قبل تقلدهم حقائب وزارية ، ومنهم من كانت زميلة لها في الدراسة .
تتعدد الروايات بخصوص الدور السياسي للشخصيات المذكورة ، وهناك اختلاف في تقييم مدى أحقيتهن بلعب مثل هذه الأدوار ، المعروف انها موجودة في العالم ككل ولا يقتصر أمرها على تونس ، لكن طرح هذا الملف يعتبر استهدافا مباشرا لحكام تونس ، وضربا لهم ، والأمر قد يكون مفهوما في ظل الإشاعات والمبالغات التي ترافق هذا الطرح .
مهما يكن من أمر ، وبعيدا عن الاستهداف ومنطق المؤامرات فإن الحديث عن حرم الرؤساء ، عادة إعلامية يحق تناولها ، وتوضيح خفاياها للرأي العام حتى تبقى الدولة منيعة عن تداخل الذاتي بالموضوعي ، وحتى لا تصبح اكراهات العائلة محركا من محركات الحكم.