الشارع المغاربي : نشر موقع “ليدرز” مقالا بإمضاء العقيد المتقاعد من الجيش الوطني محمد قصد اللهحمل عنوان “الانتقال الديمقراطي والعسكريون بتونس وبدول أخرى؟” تقتبس منه أسبوعية “الشارع المغاربي” الجزء المُخصّص لتونس.
“أثبتت مختلف تجارب انتقال السلطة في العالم (البرتغال، الشيلي، اسبانيا) ان للعسكريين بشكل أو بآخر دورا عليهم القيام به. وزيادة على ذلك يمكن لعوامل باطنية ترافق كل انتقال ديمقراطي للسلطة ان تفرز فرصا تاريخية تدفع نحو التغيير مثل تجنيد المجتمع المدني او حصول ادراك جماعي بحتمية التغيير ويكون مصحوبا بظهور قيادات مقتنعة بذلك.
بعد التسليم بذلك وفي ظل المعنويات المنهارة لا يفوت احدا أنّ بلادنا تجتاز حاليا مرحلة فاصلة من تاريخها موسومة بتهديدات خطيرة متعدّدة الأشكال تستهدف الدولة في كيانها ووظائفها وسيادتها ومؤسساتها. تهديدات تزداد حدّتها مع اقترانها بتدهور اقتصادي واجتماعي غير مسبوق فيما بدت السلطة الحاكمة عاجزة عن حلّ المشاكل والخلافات الاجتماعية وتلك القائمة بين احزاب تحرّكها دوافع شخصية أكثر منها موضوعية.
أمام هذا الوضع ووفاء منهم للقسم الذي أدّوه باسم الوطن والشهداء وممارسة لحق المواطنة وبمساندة من كوكبة من الشخصيات المدنية شعرت مجموعة من ضباط الجيش السامين المتقاعدين بضرورة حشد القوى الحيّة للامّة حول أمر واحد هو الدفاع عن وحدة الشعب وانجاح الانتقال الديمقراطي… ضباط قرّروا مقايضة اللغة الخشبية بلغة الحقيقة وسلك الطريق الشرعية والممكنة الوحيدة، طريق الانخراط في النضال السياسي ضمن حركة قد لا تكون بالضرورة حزبا وإنّما تجمّعا يضمّ رجالا ونساء من كل التوجهات ولهم نفس القناعات ونفس الحلول لمشاكل البلاد.
“لنتحرّك من أجل تونس” هو اسم هذا التجمّع الذي هو قيد التأسيس وهدفه ارساء رؤية مستقبلية لتونس على مدى الـ50 سنة القادمة مبنيّة على تقييم موضوعي للأوضاع وعلى اقتراحات ملموسة ومجدّدة للخروج من الازمة يمثّل الانسان ورفاهيته جوهرها.
لقد بات من المستحيل اليوم معرفة من يدير خيوط اللعبة الديمقراطية بالنظر للغموض الذي يلفّ نظاما سياسيا يتميّز بتشتت السلطة وانحلالها عبر تدابير واجراءات لا تُحتمل.
لأجل ذلك يعتزم العسكريون المتقاعدون الخروج من الظلّ للاستثمار بشكل واسع في الحقل السياسي وفرض خيار ممكن أو على الاقل قوّة اقتراح يمكنها المشاركة في اتخاذ القرارات في ظلّ معارضة منقسمة وغير مهيكلة.
“لنتحرّك من أجل تونس” هي مبادرة تسعى لإرساء رؤية أخرى لتونس من قبل وطنيين حقيقيين يقودهم الوفاء للوطن وهم على أتمّالاستعداد لتعويض طبقة من المتنفّذين في مواقع الدولة أعماهم ثراؤهم عن رؤية حالة التسوّل التي باتت عليها البلاد”.
صدر بأسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر بتاريخ الثلاثاء 8 جانفي 2019.