الشارع المغاربي – البنك المركزي في تونس: بين‭ ‬القانون‭ ‬المُتحجّر‭ ‬والتضليل‭...‬ضاع‭ ‬ الوطن/ بقلم: جمال الدين العويديدي-مختص في الاقتصاد والتنمية

البنك المركزي في تونس: بين‭ ‬القانون‭ ‬المُتحجّر‭ ‬والتضليل‭…‬ضاع‭ ‬ الوطن/ بقلم: جمال الدين العويديدي-مختص في الاقتصاد والتنمية

قسم الأخبار

27 سبتمبر، 2023

الشارع المغاربي: قرر‭ “‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الياباني‭ ‬مُؤخرا‭)‬نقلا‭ ‬عن‭ ‬وكالة‭ ‬رويتر‭( ‬في‭ ‬حركة‭ ‬وُصفت‭ ‬بغير‭ ‬مُفاجئة،‭ ‬أن‭ ‬يُبقي‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬مُنخفضة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التضخم‭”. ‬فهو‭ ‬بذلك‭ ‬وخلافا‭ ‬للمؤسسات‭ ‬النقدية‭ ‬الأخرى‭)‬الأمريكية‭ ‬والإنكليزية‭ ‬خاصة‭ ( ‬اختار‭ ‬اتباع‭ ‬سياسة‭ “‬مرنة‭” ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬المنخفضة‭ ‬سعيا‭ ‬لشراء‭ ‬الأصول‭ ‬بقيمة‭ ‬مُيسّرة‭. ‬حيث‭ ‬حدد‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬المديرية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬حدود‭ %‬0,1-‭  ‬رغم‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬إلى‭ %‬3,1‭ ‬حاليا‭. ‬

هذا‭ ‬القرار‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬تحليل‭ ‬ذاتي‭ ‬يخدم‭ ‬الأهداف‭ ‬الكبرى‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الياباني‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬والمتوسط‭. ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ “‬في‭ ‬سياق‭ ‬المخاطر‭ ‬العالية‭ ‬للغاية‭ ‬المحيطة‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬والأسواق‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬العالم،‭ ‬يعتزم‭ ‬بنك‭ ‬اليابان‭ ‬مواصلة‭ “‬التيسير‭ ‬النقدي‭”‬‭ “‬بتأني‭”‬،‭ ‬مع‭ ‬الاستجابة‭ “‬بمرونة‭” ‬للتطورات‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والأسعار‭ ‬وتقلبات‭ ‬الأوضاع‭ ‬المالية‭.” ‬

هذا‭ ‬المثال‭ ‬يبين‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬ينحصر‭ ‬بطريقة‭ “‬دغمائية‭” ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬الحالي‭ ‬فقط‭ ‬رغم‭ ‬أهميته‭ ‬القصوى‭ ‬وضرورة‭ ‬سحبه‭. ‬وإنما‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬جدوى‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذها‭ ‬عبر‭ ‬الترفيع‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬المديرية‭ ‬بطريقة‭ ‬مُتحجرة‭ ‬آلية‭ ‬ومُشطّة‭. ‬حيث‭ ‬تبين‭ ‬بالنتائج‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬لا‭ ‬يتلائم‭ ‬مع‭ ‬اقتصاد‭ ‬وطني‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ركود‭ ‬شبه‭ ‬تام‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭. ‬والحال‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬للاستثمار‭ ‬الداخلي‭. ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬انهيار‭ ‬تام‭ ‬لقيمة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ينتج‭ ‬ويعتمد‭ ‬على‭ ‬التوريد‭ ‬المفرط‭ ‬والعشوائي‭ ‬وفي‭ ‬وضع‭ ‬مديونية‭ ‬خارجية‭ ‬متسارعة‭ ‬تمثل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ %‬63‭ ‬من‭ ‬المديونية‭ ‬العمومية‭ ‬حاليا‭. ‬

ولمزيد‭ ‬التوضيح‭ ‬فإن‭ ‬التعريف‭ ‬المُعتمد‭ ‬دوليا‭ ‬يعتبر‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ “‬مؤسسة‭ ‬مُكلّفة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدولة‭   ‬باتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬اعتماد‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬عبر‭ ‬تطبيق‭ ‬كل‭ ‬أو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأدوار‭ ‬الثلاثة‭ ‬التالية‭:‬

•‭ ‬ضمان‭ ‬إصدار‭ ‬العملة‭ ‬الورقية‭ ‬وبالتالي‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭.‬

•‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية،‭ ‬وضمان‭ ‬الامتثال‭ ‬للوائح‭ ‬المخاطر‭ ‬للمؤسسات‭ ‬المالية‭ (‬وخاصة‭ ‬بنوك‭ ‬الودائع‭).‬

•‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬مقرض‭ ‬الملاذ‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حدوث‭ ‬أزمة‭ ‬وطنية(‬وهو‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬تونس)‬

كما‭ ‬نص‭ ‬التعريف‭ ‬بأن‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بأدوار‭ ‬متطابقة‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭. ‬من‭ ‬ذلك‭ “‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الأوروبي،‭ ‬أو‭ ‬جزئياً،‭ ‬مثل‭ ‬الاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حيث‭ ‬تتقاسم‭ ‬فيه‭ ‬المسؤولية‭.  ‬

كما‭ ” ‬تختلف‭ ‬أهداف‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬للبنوك‭ ‬المركزية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قوانينها‭ ‬الأساسية‭. ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشمل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬الأسعار،‭ ‬أهدافًا‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬البطالة‭ ‬وتشجيع‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الأوروبي‭ ‬احتفظ‭ “‬بهدف‭ ‬رئيسي‭ ‬وحيد‭ ‬وهو‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الأسعار‭. ‬وهو‭ ‬توجه‭ ‬ليبرالي‭ ‬مُفرط‭ ‬فرضته‭ ‬ألمانيا‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬بنك‭ ‬الاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لديه‭ ‬ثلاثة‭ ‬أهداف‭: ‬‭”‬العمل‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬التشغيل،‭ ‬وضمان‭ ‬أسعار‭ ‬مستقرة،‭ ‬وأسعار‭ ‬فائدة‭ ‬منخفضة‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬لتشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬والنمو‭”. ‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬يتبين‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬عدد‭ ‬35‭ ‬الذي‭ ‬صادق‭ ‬عليه‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬أفريل‭ ‬2016‭ ‬احتفظ‭ ‬شططا‭ ‬بهدف‭ ‬وحيد‭ ‬وهو‭ ‬استقرار‭ ‬الأسعار‭ ‬أسوة‭ ‬بالبنك‭ ‬المركزي‭ ‬الأوروبي‭. ‬أكيد‭ ‬بضغط‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬لوعي‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬بتواطئ‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشعب‭ ‬والسلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬آنذاك‭ ‬بخطورة‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭.‬

خاصة‭ ‬إذا‭ ‬أخذنا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬غياب‭ ‬المخططات‭ ‬التنموية‭ ‬وتقلص‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬المحلي‭ ‬وركود‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وما‭ ‬انجر‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬استفحال‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬والهجرة‭ ‬السرية‭.  ‬حيث‭ ‬ذكر‭ ‬التقرير‭ ‬السنوي‭ ‬للبنك‭ ‬المركزي‭ ‬لسنة‭ ‬2021‭ ‬أن‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬لا‭ ‬يتحصل‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬3‭,‬2‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬77‭,‬6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬من‭ ‬القروض‭ ‬الممنوحة‭ ‬للقطاعات‭ ‬الاقتصادية‭.   ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬مساهمة‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ %‬8‭ ‬و‭%‬10‭. ‬كما‭ ‬بين‭ ‬أن‭ “‬إحداث‭ ‬الشغل‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2018‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬28‭ ‬ألف‭ ‬موطن‭ ‬فقط‭ ‬مقابل‭ ‬58‭,‬8‭ ‬ألف‭ ‬سنة‭ ‬2019‭ ‬وسلبي‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬133‭- ‬ألف،‭ ‬نتيجة‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭-‬19‭. ‬وهي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬أرقام‭ ‬دون‭ ‬المبتغى‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬الوافدين‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الشغل‭ ‬سنويا‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬المخزون‭ ‬المرتفع‭ ‬من‭ ‬البطالة‭. ‬

‭ ‬معادلة‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للحل‭ ‬يسردها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬تقاريره‭ ‬السنوية‭ ‬عرضيا‭ ‬ويتنصل‭ ‬من‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬بقانون‭ ‬أساسي‭ ‬مُجرّد‭ ‬لا‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬واقع‭ ‬البلاد‭. ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يُرفّع‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬المديرية‭ ‬في‭ ‬حدود‭ %‬8‭ ‬ويُصنّف‭ ‬المؤسسات‭ ‬المتعثرة‭ ‬مما‭ ‬يُعتبر‭ ‬صدّ‭ ‬أبواب‭ ‬الاستثمار‭ ‬والنهوض‭ ‬بما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭.   ‬

في‭ ‬غياب‭ ‬دراسات‭ ‬مُعمّقة‭ ‬وجديّة‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬المحوري،‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬الزيارات‭ ‬المتتالية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬مؤخرا‭ ‬لإحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬البنكية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬زيارة‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬فرصة‭ ‬للخوض‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭. ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬تساءل‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬حول‭ ‬جدوى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬البنوك‭ ‬التجارية‭ ‬لإقراض‭ ‬الخزينة‭ ‬العمومية‭ ‬بنسبة‭ ‬فائدة‭ ‬مشطة‭. ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يتلق‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬المركزي؟

من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬بمقتضى‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬المتحجر‭ ‬الذي‭ ‬يتعامل‭ ‬به‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬حاليا‭ ‬والذي‭ ‬حدد‭ ‬له‭ ‬مهمة‭ ‬وحيدة‭ ‬ضيق‭ ‬عبرها‭ ‬الخناق‭ ‬لكي‭ ‬يتنازل‭ ‬عن‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬محورية‭ ‬وليتنازل‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تجلى‭ ‬بوضوح‭ ‬من‭ ‬مضمون‭ ‬رسائل‭ ‬النوايا‭ ‬التي‭ ‬أُرسلت‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬وسنة‭ ‬2016‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬محافظ‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬ووزراء‭ ‬المالية‭ ‬آنذاك‭ ‬إلى‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬بإيعاز‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭.    ‬

‭  ‬أما‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬البنوك‭ ‬العمومية‭ ‬وعددها‭ ‬ثلاثة،‭ ‬والتي‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تتعرض‭ ‬للشيطنة‭ ‬مؤخرا،‭ ‬نُذكّر‭ ‬أن‭ ‬تقرير‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬لسنة‭ ‬2021‭ ‬بيّن‭ ‬أنها‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬بواقع‭ ‬قائم‭ ‬قدره‭ ‬31‭,‬3‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬مما‭ ‬يمثل‭ %‬40,3‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬77‭,‬6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬قروض‭ ‬للقطاعات‭ ‬الاقتصادية‭. ‬مما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نتساءل‭ ‬أين‭ ‬دور‭ ‬البنوك‭ ‬الخاصة‭ ‬وعددها‭ ‬عشرون‭ ‬بنكا‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تتباهى‭ ‬بأرباح‭ ‬قياسية‭ ‬سنويا؟

أمام‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬تراجع‭ ‬فيه‭ ‬دور‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬بطريقة‭ ‬خطيرة،‭ ‬مطلوب‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتخطيط‭ ‬التحرك‭ ‬بسرعة‭ ‬لوضع‭ ‬مُخطّط‭ ‬تنموي‭ ‬يُحدّد‭ ‬أولوية‭ ‬القطاعات‭ ‬المُنتجة‭ ‬الواجب‭ ‬تطويرها‭ ‬وتحديد‭ ‬المبالغ‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬رصدها‭ ‬حسب‭ ‬احتياجات‭ ‬كل‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬كافة‭ ‬البنوك‭ ‬وبنسبة‭ ‬موحدة‭.‬

كما‭ ‬يرجى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬للبنك‭ ‬المركزي‭ ‬ليشمل‭ ‬مهام‭ ‬تعهده‭ ‬بالحرص‭ ‬على‭ ‬التشغيل‭ ‬عبر‭ ‬تشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬الداخلي‭ ‬لدفع‭ ‬النمو‭ ‬أسوة‭ ‬بمهام‭ ‬الفدرالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬وهو‭ ‬اقل‭ ‬ما‭ ‬نقول‭ ‬فيه،‭ ‬وسحب‭ ‬الفصل‭ ‬الذي‭ ‬منع‭ ‬عليه‭ ‬إقراض‭ ‬الخزينة‭ ‬العمومية‭ ‬مباشرة‭ ‬بطرق‭ ‬ميسرة‭ ‬واسترجاع‭ ‬دور‭ ‬البنوك‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أساسا‭.  ‬

كما‭ ‬يرجى‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬تطبيق‭ ‬النشرية‭ ‬السادسة‭ ‬لدليل‭ ‬ميزان‭ ‬الدفوعات‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2009‭ ‬طبقا‭ ‬لقانون‭ ‬نظام‭ ‬المحاسبة‭ ‬العمومية‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬سنة‭ ‬2008‭. ‬المصادق‭ ‬عليه‭ ‬دوليا‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تونس‭ ‬والذي‭ ‬ألغى‭ ‬احتساب‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬للشركات‭ ‬غير‭ ‬المقيمة‭ ‬والمصدرة‭ ‬كليا‭ ‬التي‭ ‬تبقى‭ ‬ملكيتها‭ ‬لغير‭ ‬المقيمين‭ ‬والتي‭ ‬اعتمدت‭ ‬دوليا‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2010‭ ‬ولا‭ ‬تطبق‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭.    ‬

هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬قابلة‭ ‬للتنفيذ‭ ‬بسرعة‭ ‬وتُعتبر‭ ‬محرك‭ ‬أساسي‭ ‬لدفع‭ ‬النمو‭ ‬والتشغيل‭ ‬سعيا‭ ‬لإنقاذ‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الركود‭ ‬والتخبط‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 26 سبتمبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING