الشارع المغاربي – قسم الرياضة: يطير اليوم وفد الترجي الرياضي التونسي الى قطر استعدادا لخوض غمار منافسات مونديال الأندية. ويبحث الترجي في هذه الرحلة عن طرد النحس و”العين” والعبور الى مربّع الكبار عبر بوّابة الهلال السعودي الذي سيكون منافس الترجي يوم غد السبت. كتيبة الترجي تحرّكت باتجاه الدوحة يقودها المدرّب معين الشعباني الذي تحدّث عن هذا الموعد الهام والمرتقب لكل العائلة الترجيّة كما تحدّث عن تألّق الترجي على المستوى القاري بالإضافة الى ترشيحه لنيل لقب أفضل مدرّب في افريقيا.
عن كلّ هذه النقاط وعديد المحاور المهمّة الأخرى تحدّث معين الشعباني في حوار لـ”الشارع المغاربي” ساعات قليلة قبل إقلاع وفد الفريق الى العاصمة القطرية.
– الترجي الرياضي التونسي يبدأ حملة الدفاع عن لقبه الافريقي بكل نجاح واقتدر وبالعلامة الكاملة وبانتصارين مهميّن قبل انطلاق رحلة المونديال؟
الحمد لله… نسير على الطريق الصحيحة وحققنا الأهداف التي رسمناها الى حدّ الآن… البعض يعتقد أن الفوز بات أمرا محسوما كلما تعلّق الأمر بالترجي ولكن الحقيقة ليست كذلك فنحن نواجه فرقا محترمة لها وزنها وتاريخها في افريقيا… المهمّ الآن أننا بقينا في دائرة النتائج الايجابية وعرفنا كيف نتعامل مع الغيابات والاصابات والخروج بالعلامة الكاملة لأنه لم يكن من السهل علينا تجهيز اللاعبين نفسيا وذهنيا أياما قليلة قبل انطلاق مغامرة كأس العالم للأندية التي تسيطر على أذهان اللاعبين.
– قبل الحديث عن المونديال المرتقب… انتصارات الترجي المتواصلة على المستوى الافريقي جعلته دائما مرشحا فوق العادة لتحقيق الانتصار ولا شيء غير ذلك… ألا يشكّل ذلك ضغطا كبيرا على اللاعبين والاطار الفنّي؟
بطبيعة الحال… اليوم هناك من لا يهضم أن يقبل دفاع الترجي هدفا في شباكه وكأننا اليوم نلعب لوحدنا في الميدان. البعض لا يتقبّل فكرة أن يكون بعض اللاعبين منهكين أو ليسوا في أفضل حالاتهم… حتى عند الانتصار هناك من يتحدّث عن فارق النتيجة وهناك من يتحدّث عن التوازن الدفاعي وهناك من يتحدّث عن ضعف المنافس أو عن تأخّر التغييرات… المهمّ أن هناك دائما من يفتي في بعض التفاصيل غير المهمّة لا لشيء سوى لاستنقاص من قيمة الانجاز والفوز الذي نحققه.ما أودّ التأكيد عليه هو أنه ليس من السهل أن تبقى دائما في القمّة 3 سنوات متتالية وهذا يتطلّب تركيزا كبيرا من اللاعبين وجهودا كبيرة للمحافظة على هذه المكانة.
– الفوز على الرجاء في المغرب بالذات يجعل الجميع يراهن على فوز الترجي مجدّدا بلقب دوري الابطال للعام الثالث على التوالي؟
لقب دوري أبطال افريقيا يبقى دائما هو الهدف الأوّل للترجي… نحن ندخل غمار المسابقة الحالية دون أن نضع في الحسبان أننا توّجنا بها العامين الماضيين والجميع في الترجي يبحث عن الفوز بلقب النسخة الحالية. صحيح أن الترجي يختلف في نسخته الحالية عن ترجي المواسم السابقة ولكن مثلما قلت لك سابقا دوري الابطال يبقى دائما هو الهدف الأوّل للفريق.
– الانسحاب من البطولة العربية شكّل ضربة كبيرة للاعبين وللمدرّب خاصة على الصعيد المعنوي وعادت الانتقادات مجددا لتنال من معين الشعباني؟
أتقبّل الانتقادات بصدر رحب… أنا بطبعي لا أجيب سوى بلغة الميدان ومن حق جمهور الترجي المطالبة دائما بالتتويجات والبطولة العربية كانت من بين أهدافنا… لكن هناك حقائق تخفى على البعض والترجي لا يلعب وحده… هناك منافسون لهم من الامكانات ما يجعلهم يتحدون الترجي ثمّ إن مواجهة الترجي والفوز عليه أصبح اليوم غاية عديد الفرق. الانسحاب أمام أسفي يبقى بالنسبة لي أمرا غير مقبول خاصة بعد المباراة الكبيرة التي قدمناها في المغرب ولكن وقعنا في فخّ الاستسهال ودفعنا الفاتورة غاليا لذلك أتحمل مسؤوليتي كاملة ولكن ردّنا كان واضحا في مباراة الرجاء. مشكلة البعض اليوم أن الترجي من وجهة نظرهم بات مطالبا بتسجيل صابة من الاهداف في كل مباراة وأنه ليس للفرق المنافسة في المقابل الحقّ في افتكاك الكرة وهذا أمر غير مقبول ولا يستقيم… أحيانا تنتظر وأنت لست في أفضل حالاتك وأحيانا تقدّم مباراة كبيرة وتنهزم أو تتعادل وتلك أحكام كرة القدم بدليل ما يحصل مع أكبر الأندية في أوروبا. “نحن لا نلعب وحدنا”…
– سنعود للحديث أكثر عن معين الشعباني ولكن دعنا الآن نفتح قوس المونديال؟
تحدّ جديد وكبير ينتظر الترجي وان شاء الله نكون في مستوى انتظارات الجماهير.
– الترجي يبحث عن مشاركة تاريخية هذه المرّة وفكّ عقدة المباراة الافتتاحية؟
بالفعل… دفعنا في السابق فاتورة استسهال بعض المنافسين… الجميع في وقت ما رشّح الترجي لعبور مباراة السدّ القطري بكل سهولة والنتيجة كانت عكسية ونفس السيناريو حصل في مباراة العين الاماراتي… الاشكال الذي نقع فيه دائما هو أنّنا ننظر للفرق الخليجية على أنها أقّل منا فنيا وتكتيكيا وهذا غير صحيح. بعض اللاعبين الذين ينشطون في الدوريات الخليجية أماكنهم محجوزة في أوروبا وأتذكّر في مباراة العين أن الفريق الاماراتي تعاقد مع لاعب روما “دومبيا” بمبلغ خيالي فقط للفوز على الترجي… هذه الفرق ترصد مبالغ مالية ضخمة وتتعاقد مع اسماء كبيرة والمقارنة لا تجوز… ولكن مع ذلك يبقى الترجي فريقا كبيرا وله حظوظه كاملة وسنفعل ما بوسعنا لتحقيق الترشّح.
– في مواجهة العين والسدّ كان الترجي هو الفريق الأقوى على الورق ولكن اليوم البعض يرشّح الهلال ليكون الفريق الفائز في مواجهة السبت القادم؟
الكرة علّمتنا أنه ليس هناك فائز على الورق ولا تعترف بلغة المنطق… كما قلت الترجي كان مرشّحا للفوز في مباراة العين والسد ولكنه خسر… واليوم هناك من يعتبر الهلال الاقرب للفوز وربّما قد يكون هذا الأمر لصالحنا… في كثير من المباريات خرج الترجي بطلا رغم أنه لم يكن المرشّح الأقوى ومن صالحنا أن يكون الضغط مسلطا على الخصم. كلمة فقط للتوضيح الهلال السعودي فريق كبير والرصيد البشري الذي يملكه في الوقت الحالي يكفي مؤونة التعليق والترجي يبقى دائما في المواعيد الكبرى موجودا.
– النجم الساحلي أطاح بنفس الفريق في نهائي البطولة العربية الموسم الفارط فهل تشكّل هذه النقطة ضغطا على الترجي؟
أوّلا لنكن واضحين… مبروك قبل كل شيء للنجم الساحلي ولكن ذلك الهلال ليس هو الهلال الذي سنواجهه… النجم الساحلي في ذلك الوقت تمتّع براحة اضافية وتم تأجيل مباراته أمام الهلال السوداني في دوري أبطال افريقيا ووجد الوقت الكافي لتحضير مباراة الهلال السعودي الذي كان في ذلك الوقت منشغلا بالتحضير لمباراة دوري أبطال اسيا وعاد بعد يومين لمواجهة النجم ولم يكن جاهزا بدنيا وفنيا لمقارعة النجم الساحلي. هذا ليس استنقاصا من استحقاق النجم الذي فاز باللقب عن جدارة واستحقاق ولكني أردت فقط توضيح هذه النقطة. اليوم الهلال السعودي في قمة جاهزيته والفريق ككل جاهز وأقوى من نسخة الموسم الفارط. الترجي يمثّل تونس وافريقيا ونحن مطالبون بتقديم صورة مشرّفة و”إن شاء الله نفرّحوا التوانسة لكل”…
– هو تحدّ كبير لبطل افريقيا ولكنه كذلك تحدّ أكبر لمعين الشعباني الذي ينافس على لقب أفضل مدرّب في افريقيا؟
الفضل لله وحده… وأنا مدين للترجي كهيئة ومسؤولين وللاعبين الذين أعمل معهم… لا أحبذّ الدخول في لغة التحديات ولكن هي مجرّد أرقام… السنة الماضية تحصلت على المركز الثالث في افريقيا والثامن عالميا وأحسن مدرّب عربي وأفضل مدرّب افريقي محلّي هذه السنة… الحمد لله هذه نجاحات شخصية ستبقى في الذاكرة ولكن الهدف الأوّل بالنسبة لي هو تحقيق الانتصار الأوّل في المونديال لأنّ ذلك سيبقى محفورا في التاريخ.
– كل هذه الأرقام والنجاحات التي حقّقها معين الشعباني في ظرف وجيز مع الترجي لم تكف لجعلك خارج دائرة الانتقادات؟
الانتقادات داخلة في قانون اللعبة…أنا أحاول دائما الاجتهاد وتطوير نفسي… شكرا لمن أشاد بي وبعملي على رأس الترجي وباستثناء ذلك فأنا لا أركّز حقيقة مع بعض الأمور الجانبية.
– لنعدّل السؤال … هل تشعر بأن هناك اعترافا بقيمة العمل الذي قمت به وهل بلغت المكانة التي تستحقها جماهيريا واعلاميا؟
“في تونس الناس لكل تفهم في الكورة وفي السينما وفي المسرح وفي السياسة وفي الدين وتعرف تنقد وتقيّم…” وهذه تقاليد راسخة فينا ومعروف كذلك أن “بوبرطلة نمجّدوه ونضخّموه”… المدرّب الأجنبي في تونس يتحصّل على لقب محلّي نجعل منه “فلتة زمانو”… تخيّل معي عربي لو كان مدرّب أجنبي يتوّج بلقبي دوري أبطال افريقيا في ظرف ستة أشهر ويتوّج بالبطولة التونسية بالتشكيلة الثانية تقريبا… اليوم الترجي معي لعب 17 مباراة في افريقيا دون أيّة هزيمة وعلى أبواب تحطيم رقم الأهلي المصري بـ19 مباراة…ثمّ يُتوّج برابطة الأبطال الافريقية بلا هزيمة فماذا سيقولون عنه؟ للأسف نحن في تونس “كي نحبو عبد نردّوه ما ثمّاش كيفو وكي نحبو نقزمّو عبد نشكّكو في كل انجازاتو”… من يحاول تقزيم عملك لن يشقى في ايجاد التعلات مثلا عوض أن يقول أن المدرّب قام بتغيير ناجح يسأل لماذا لم تبدأ المباراة بنفس اللاعب في حين أنه لو كان المدرّب أجنبيا لقالوا “كوتشينغ ممتاز”… لذلك أنا لا أركّز في هذه الأمور وهذا لا يعني أن الكثير من “الوخيّان” يقولون كلمة حقّ ويشيدون بمستوى الترجي وبقيمة العمل الذي أقوم به. الحمد لله ثمّة أشخاص يؤمنون بأن النجاح عقلية ويدافعون دائما عن المدرّب التونسي…
قد أكون مقصّرا كثيرا في هذه النقطة لأني لست حريصا على التواجد الاعلامي بكثرة رغم أنه توجّه لي عديد الدعوات لحضور البرامج التلفزية والاذاعية…
أنا أحبّذ أن أكون دائما بعيدا عن الأضواء وأفضّل أن أجيب على الميدان وأن تدافع خدمتي عليّ”… والمهم بالنسبة لي هو أن نبقى محافظين على تركيزنا وندافع عن لقبنا القاري لا ننسى أن اللاعبين مرهقون من ماراطون المباريات كما أن المجموعة شهدت دخول عديد الأسماء الجديدة مقارنة بالمواسم الفارطة وهذا ما يتطلّب بعض الوقت لكي نصل الى أعلى درجات الانسجام واللحمة والتفاهم على الميدان وخارجه.
– “إن شاء الله مربوحة”…
شكرا لك… ان شاء الله نكون في مستوى الانتظارات ونتمكّن من اسعاد جماهيرنا وتشريف كرة القدم التونسية والافريقية.
صدر بالعدد الأخير لأسبوعية الشارع المغاربي بتاريخ الثلاثاء 10 ديسمبر 2019