الشارع المغاربي – جمعية القضاة: الحركة القضائية حلقة جديدة من حلقات استهداف استقلال القضاء والقضاة واعتماد منطق زبونية جديدة في ادارة المسارات المهنية

جمعية القضاة: الحركة القضائية حلقة جديدة من حلقات استهداف استقلال القضاء والقضاة واعتماد منطق زبونية جديدة في ادارة المسارات المهنية

قسم الأخبار

5 سبتمبر، 2023

الشارع المغاربي: اعتبرت جمعية القضاة التونسيين اليوم الثلاثاء 5 سبتمبر 2023 ان” الحركة القضائية هذه السنة كانت بالكامل وبشكل جلي لا يدع مجالا لأي شك من تصور وتصميم وإعداد وزيرة العدل ” وانها جاءت “في سياق حملات استهداف بينة للقضاة بأسمائهم وخططهم تولاها أشخاص بوجوه مكشوفة ومديرو صفحات تشويه وثلب وهتك للأعراض وغرف مظلمة تدعي النشاط السياسي لفائدة رئيس الجمهورية.”

واكدت الجمعية في بيان صادر عنها حول الحركة القضائية للقضاة العدليين للسنة القضائية 2023 -2024 ان الحركة” تمثل حلقة جديدة من حلقات استهداف استقلال القضاء والقضاة والنفس الاستقلالي الحر والكفء والنزيه داخله واعتماد منطق زبونية جديدة تقوم على الانعدام الكلي للمعايير في إدارة المسارات المهنية للقضاة عدا معياري القرب أو البعد من رغبات السلطة وتوجهاتها”.

واعربت في هذا السياق “عن عميق انشغالها لما آلت إليه الأوضاع من مزيد اختلال التوازن كليا بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية من خلال سلب القضاة كل مقومات الأمان في مساراتهم المهنية بما سيفضي إلى مزيد إضعاف دورهم في إقامة العدل وتكريس علوية القانون وحماية الحقوق والحريات”.

ودعت” القضاة رغم صعوبة الظرف وقتامته إلى التمسك باستقلاليتهم وحيادهم وبأداء رسالتهم النبيلة في إقامة العدل وتطبيق القانون بشكل سليم وحماية الحقوق والحريات على أكمل وجه وعدم الانسياق وراء أية طلبات قد تقدم إليهم أو تأثيرات قد تسلط عليهم من أية جهة كانت.”

واعلنت عن نيتها عقد ندوة صحفية لمزيد إنارة الرأي العام القضائي والوطني حول مخرجات الحركة القضائية وتداعياتها.

وسجلت “موافقة رئيس الجمهورية في النهاية عليها بكل خروقاتها ” معتبرة ان ذلك يجعل منها “حركة السلطة التنفيذية في إحكام القبضة على القضاء واستعادة نظام الجزاء والعقاب”.

واكدت الجمعية ان جملة من الاخلالات والانحرافات شابت الحركة سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون كاشفة البعض من خفاياها وتداعياتها التي وصفتها بالخطيرة.

وبخصوص الاخلالات الشكلية لاحظت الجمعية ان الحركة الصادرة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم الأربعاء 30 أوت المنقضي شملت 1088 قاضيا وقاضية لافتة الى انها تعتبر بذلك من أكبر الحركات القضائية عدديا.

واوضحت انه يمكن حصر الاخلالات الشكلية في النقاط التالية:

1) الإعلام بالحركة القضائية من خلال نشرها مباشرة بأمر رئاسي بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عـ100ـدد الصادر بشكل خاص يوم الأربعاء 30 أوت 2023 دون أية إشارة أو ظهور مباشر أو غير مباشر للمجلس المؤقت للقضاء العدلي الذي أوكل له المرسوم عدد 11 لسنة 2022 في فصله 18 مهمة إعداد الحركة القضائية بما يجعل من رئيس الجمهورية هو صاحب القرار النهائي في الحركة القضائية حال أن ذلك المرسوم الذي أعده بنفسه لم يوكل له إلا سلطة الاعتراض على تسمية أو تعيين أو ترقية أو نقلة بناء على تقرير من وزير العدل (الفصل 19) ونشر الحركة بأمر في أجل سبعة أيام (الفصل 21).

2) عدم بيان رئاسة الجمهورية المصدرة للحركة القضائية للرأي العام ما حققت من إصلاح قضائي عبر الحركة القضائية باعتبار الحركة من الأدوات الأساسية في إدارة المحاكم ومرفق العدالة.

3) عدم شمول الحركة القضائية أي قاض من القضاة المعفيين بموجب الأمر الرئاسي عدد 516 المؤرخ في 1 جوان 2022 المتحصلين على أحكام باتة من المحكمة الإدارية منذ 9 أوت 2022 بايقاف تنفيذ أمر الإعفاء الظالم الصادر ضدهم بما يؤكد إصرار السلطة على عدم الالتزام بالأحكام القضائية وبعلويتها وانتهاكها مبدأ سيادة القانون وانتهاجها نهج التسلط والانغلاق وعدم الانصاف في التعاطي مع ملف القضاة المعفيين ظلما.

4) الاكتفاء في الإعلام بالحركة القضائية على الشكل الرسمي الجاف دون إرفاقها بتقرير يتضمن المعايير التي اعتمدتها والمنهجية التي اتبعتها والمحاور التي تناولتها وركزت عليها ضمن رؤية متكاملة لإصلاح القضاء وضمان استقلاله وحسن سيره وجعله في خدمة المتقاضي.

5) خرق الحركة مبادئ الشفافية بعدم الاعلام عن سير أعمالها وإجراءاتها وتاريخ صدورها خاصة مع تواتر الأخبار عنها وعن مضمون قراراتها عبر بعض الأشخاص وبعض الصفحات على شبكة التواصل الاجتماعي وعن وجود بعض الصراعات حول عديد المناصب القضائية الهامة وما رافق ذلك من حملة تسريبات حول بعض الأسماء بعينها إما لتثبيتها في مواقعها أو للدفع نحو تغييرها.

6) انعدام كلي لمبادئ الحوكمة الرشيدة وتكافؤ الفرص بين جميع القضاة كانعدام المفاضلة الموضوعية بينهم بخلو الحركة من بيان المؤشرات المعتمدة لتحديد معايير الكفاءة والنزاهة والحياد والاستقلالية والخبرة في إسناد الخطط القضائية وكيفية تطبيق المعايير الدولية لاستقلال القضاء في دراسة طلبات التعيين والنقل والبت فيها طبق ما يقتضيه الفصل 15 من المرسوم عدد 11.

7) عدم الإعلان عن إجراءات الاعتراض على الحركة لا بصفة متزامنة مع صدورها ولا بصفة لاحقة وتذكير القضاة بآجاله ضمانا لحقوقهم خاصة مع تأخر صدور الحركة عن مواعيدها المعقولة وقربه من بداية السنة القضائية.

وبخصوص الاخلالات التي شابت الحركة من حيث المضمون اكدت الجمعية انها تتمثل في:

1) المساس بتركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء العدلي وبسلطة القرار داخله لفائدة السلطة التنفيذية. ولاحظت ان الحركة القضائية تضمنت على غير العادة وبصفة غير منتظرة بتاتا قرارا يتعلق بنقلة عضوين من أعضاء مجلس القضاء العدلي بالصفة وهما السيد فتحي عرّوم وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب الذي تمت نقلته رئيسا أولا لمحكمة الاستئناف ببنزرت والسيد أحمد الحافي رئيس المحكمة العقارية الذي سمي رئيس دائرة بمحكمة التعقيب في عملية استعراض للقوة واستهداف واضح يرمي إلى تجريدهما من عضوية المجلس المؤقت للقضاء العدلي وبالتبعية من عضوية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والحط من المسؤولية القضائية السامية التي كانا يضطلعان بها والتوجه لاستبدالهما بغيرهم من الأعضاء لمزيد تهميش هذا المجلس وضمان مطابقة قرارته لقرارات وزارة العدل ورئاسة الجمهورية في اتجاه مستقر.

2) المصادقة على جميع تعيينات وزيرة العدل وقراراتها دون مراجعة أو تعديل مشيرة الى ان الحركة القضائية تضمنت بطالعها مصادقة كاملة وحرفية على تعيينات وزيرة العدل الاستباقية بواسطة مذكرات العمل المتخذة في 29 و 30 ماي 2023 وذلك بالرغم من الاخلالات الكبيرة التي شابت تلك التعيينات على أكثر من وجه لعل أبرزها:

– تعارض تلك التعيينات مع مبدأ الشفافية بعدم إعلام الرأي العام القضائي والوطني بها بالرغم من أهمية المناصب القضائية التي شملتها.

– خروج تلك التسميات عن صلاحيات واختصاصات وزيرة العدل وعدم انبنائها على أي سند قانوني يسمح بتدخلها في المسارات المهنية للقضاة بعد إلغاء كل الأحكام المخولة لذلك سابقا ضمن القانون الأساسي للقضاة لسنة 1967 وعدم إدراج أية أحكام جديدة تشرعها بالمرسوم عدد 11 لسنة 2022.

– عدم خضوع تلك التسميات الهامة والحساسة لمبدأ التناظر بين القضاة لاختيار الأفضل بينهم من المجلس بوصفه الجهة الوحيدة المختصة في ذلك على أساس موضوعي يرتكز على معايير الكفاءة والحياد والنزاهة والاستقلالية والأقدمية.

– شمول تلك التسميات لمنصب المتفقد العام بوزارة العدل ومنصب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس ومنصب الوكيل العام لديها رغم خضوع تلك المناصب لإجراءات خاصة من حيث التسمية بوصفها من بين الخطط القضائية السامية (ضمن السبعة الكبار) والتي تقتضي فتح باب الترشح في شأنها وأن تتم التسمية فيها بناء على ترشيح من المجلس المؤقت للقضاء العدلي عملا بالفصل 19 من المرسوم عدد 11 لسنة 2022 وهي إجراءات لم يقع احترامها والتقيد بها مطلقا.

– تضمن تلك التسميات لترقيات واسناد لخطط قضائية خارج كل إطار قانوني يخول لوزيرة العدل ذلك.

– خرق تلك التسميات لمبدأ التراتبية في القضاء بتضمنها لتعيين وكيل عام ووكيل للجمهورية بنفس الدائرة القضائية (دائرة نابل) دون احترام الأقدمية في القضاء وفي الرتبة الثالثة باعتبار الوكيل العام المعين بتلك الدائرة والرئيس المباشر لوكيل الجمهورية يقل عنه أقدمية بسنوات.

– تعميم الخرق الفادح لمعيار الأقدمية في إسناد الخطط الحساسة بما آل إلى تسمية القضاة الأقل تجربة وهو ما يسهّل عملية تطويع هؤلاء القضاة وتوجيهم من قبل السلطة التنفيذية.

– انتهاك معياري الكفاءة والنزاهة في أكثر من تسمية وتعيين بما ينزع على الحركة التوجه الاصلاحي المزعوم الذي تذرعت به السلطة للاستئثار بكامل الشأن القضائي ولتقويض مكتسبات القضاء المستقل.

ولفتت في نفس الاطار الى انه مثلما تبنت الحركة القضائية تعيينات وزيرة العدل بواسطة مذكرات العمل رغم كل الخروقات الإجرائية والأصلية صادقت كذلك على جميع قرارات الإيقاف عن العمل التي اتخذتها الوزيرة ضد مجموعة من القضاة في المدة الأخيرة بسد الشغورات التي أحدثتها تلك القرارات بالرغم من مخالفتها للقانون الذي لا يسمح مطلقا لوزير العدل بإيقاف القضاة وللمرسوم عدد 11 وللدستور الجديد الذين لم يمنحاه تلك الصلاحية وبالرغم من عدم الإعلام بها وبأسبابها بشكل رسمي وما اكتنفها من غموض بعد تداولها من قبل بعض الأشخاص والصفحات المشبوهة على شبكات التواصل الاجتماعي في غياب كامل للشفافية والوضوح من الجهات الرسمية بما يكشف العلاقة بين وزارة العدل وصفحات التشويه ودوائر الضغط من خارج المؤسسات.

3) إعادة هندسة المشهد القضائي بالكامل وتجريف السلسلة الجزائية لصالح السلطة التنفيذية مبزرة في هذا الاطار أن الحركة القضائية 2023-2024 من أضخم الحركات في تاريخ القضاء التونسي ليس من حيث العدد فقط وإنما كذلك من حيث عدد المحاكم التي تدخلت فيها وحجم الوظائف والمسؤوليات القضائية التي مستها والدوائر القضائية الجديدة التي أعادت تشكيلها مؤكدة ان ذلك يحتاج إلى قراءة متبصرة لتفكيكها ومعرفة طبيعة هذه التدخلات والهدف منها وبيان مدى ارتباطها بمسألة الإصلاح القضائي وتطوير أداء القضاء ومردوديته من عدمه.

واوردت الجمعية في نفس الاطار الملاحظات التالية:

– شملت الحركة القضائية 1088 قاض وقاضية بحساب 425 بالرتبة الثالثة و332 بالرتبة الثانية و331 بالرتبة الأولى كما شملت ثلاثة مناصب قضائية سامية (وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب والمتفقد العام بوزارة العدل ورئيس المحكمة العقارية) و 10 رؤساء أول لمحاكم الاستئناف و 10 وكلاء عامين من بينهم 7 رؤساء أول و 7 وكلاء عامين بنفس المحكمة كما شملت الحركة 13 رئيس محكمة ابتدائية و16 وكيل جمهورية من بينهم 9 رؤساء محاكم و 9 وكلاء جمهورية بنفس المحكمة وهذه الأعداد الكبيرة تبين حجم التدخل وأهميته من خلال الحركة القضائية في مستوى المسؤوليات القضائية الكبرى بالمحاكم بغاية إعادة تشكيل المشهد القضاء بشكل شبه كامل.

– شملت الحركة أيضا تدخلا واضحا على مستوى محكمة التعقيب من خلال تعيين 11 رئيس دائرة جديد مقابل إخراج 7 رؤساء دوائر منها لأسباب مختلفة مع تسمية رئيس دائرة بمحكمة التعقيب بخطة وكيل للرئيس الأول بنفس المحكمة.

– تضمنت الحركة بشكل غير مسبوق تسمية خمس وكلاء أول لرئيس المحكمة العقارية (برتبة رؤساء دوائر بمحكمة التعقيب) دون حاجة لذلك بما يرجح أنها ستكون مناصب للتجميد دون أعمال أحدثت بسبب استبعاد القضاة المعنيين بها من مسؤولياتهم الأصلية بمحكمة التعقيب وبوزارة العدل بغاية تخصيصها من قبل الوزيرة للمقربين.

– تضمنت الحركة أيضا بشكل لافت تجريفا للسلسة الجزائية وإعادة تشكيلها بمختلف المحاكم وخصوصا بمحاكم تونس الكبرى على مستوى الوكالة العامة بتسمية وكيل عام جديد لمحكمة الاستئناف بتونس وثلاثة مساعدين أول وقاض من الرتبة الثالثة كان يشرف على إدارة النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس منذ إعفاء وكيل جمهوريتها السابق وعلى مستوى وكالة الجمهورية من خلال تسمية وكلاء جمهورية جدد بكل من تونس وأريانة ومنوبة مؤكدة انه تم اختيارهم بعناية من وزيرة العدل وعلى مستوى دوائر الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس بتجديد رئاسة أربع دوائر من بين خمسة أي بنسبة 80 % وعلى مستوى الدوائر الجنائية الاستئنافية بتسمية ثلاث رؤساء جدد لها وتعزيز عضويتها بمن يجاهر من القضاة بدعمه للسلطة وتوجهاتها وكذلك الدوائر الجنائية الابتدائية بتغيير رئاسة اثنين منها فضلا على قضاء التحقيق وقضاة النيابة العمومية الذين شملهم التغيير والتبديل بشكل واسع ولافت من ذلك شمول التسميات 7 قضاة تحقيق أول و5 قضاة تحقيق ونائبا لوكيل الجمهورية و5 مساعدين أول و6 مساعدين بالمحكمة الابتدائية بتونس وحدها بما يثير التساؤلات المشروعة حول الجدوى من ذلك والخشية والمخاوف الجدية من انسياقه ضمن مخطط يهدف إلى التحضير والاستعداد وتهيئة الأرضية لمحاكمات سياسية في المستقبل بالاستناد إلى الولاء القضائي للسلطة معربة عن املها في الايكو نالمخطط حقيقيا.

– كرست الحركة عملية فرز ممنهجة على خلفية مدى التزام القضاة بالتحركات الرافضة لكل الاعتداءات التي طالت المؤسسة القضائية بدءا بحل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي انتهاء إلى التصدي لقرارات الإعفاء الجائرة إذ نشهد من خلالها إغداقا للخطط على الكثير من القضاة الذين ساندوا الوزارة في محاولات افشال تحركات القضاة وعبروا بوضوح على صفحاتهم على شبكة التواصل الاجتماعي Facebook على مساندتهم لمسار السلطة وعلى استعدائهم لجمعية القضاة إذ تم إسنادهم الخطط بمحكمة الاستئناف بتونس في خرق فاضح لقواعد الأقدمية نذكر من ذلك خطة مساعد أول للوكيل العام وخطة رئيس دائرة بمحكمة الاستئناف بتونس وخطة عضو بالدائرة الجنائية الاستئنافية، وفي مقابل كل ذلك تم تجميد نقل وترقيات من ساند تحركات القضاة والتزم بها.

كما تم منح أفضل الخطط وأماكن العمل لقضاة ممن وافقت أعمالهم توجيهات السلطة التنفيذية العلنية من ذلك إسناد منصب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس ومنصب عميد قضاة التحقيق، وهما من أخطر المناصب القضائية وأهمها، بداية من 29 ماي 2023 إلى قاضيين ينتميان إلى الفوج 11 لم يلتحقا بالقضاء إلا في 16/09/2000 وبالرتبة الثالثة إلا بداية من 16/19/2018 على حساب غيرهما من قضاة الأفواج السابقة كلها في تمييز واضح وجلي ينطبق بدوره على الترقيات والتعيينات بالتفقدية العامة بوزارة العدل طبق ما سيقع التعرض له لاحقا وعلى عديد التعيينات الأخرى التي شملت المسؤوليات الأولى بكل من محاكم أريانة ومنوبة وزغوان وكل التسميات تقريبا وعلى وجه الخصوص بدائرة قضاء محكمة الاستئناف بنابل أين كانت كل من وزيرة العدل والمتفقدة العامة تباشر عملهما القضائي والتي حظيت بعناية خاصة منهما.

– في مقابل تجريف السلسلة الجزائية ومراجعة أغلب التعيينات بمحاكم تونس الكبرى ونابل شهدت المحاكم داخل الجمهورية وخاصة محاكم الجنوب عملية تجفيف غير مسبوقة فعلى مستوى النيابة العمومية تمت نقلة مساعد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتطاوين ليبقى وكيل جمهوريتها ممثلا وحيدا للنيابة العمومية يباشر صلاحياتها المتعددة وحصص الاستمرار بمفرده دون أي مساعد كما تمت نقلة المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بمدنين دون تعويض وبقى وكيل الجمهورية وأحد مساعديه بمفردهما لمجابهة جميع الأعباء والمهام المتعددة للنيابة العمومية بمدنين أما محاكم صفاقس التي تعرف حجم عمل قياسي فقد نالها بدورها ما نالها من التجفيف بإفراغها من الإطار القضائي اللازم بنقلة عديد وكلاء الرئيس وعديد القضاة الجالسين دون تعويض فضلا على الإبقاء على عديد الخطط القضائية الهامة بالرتبة الأولى مثل قاضي الائتمان والتصفية وقاضي السجلات وقاضي الضمان الاجتماعي بحالة شغور.

4) حركة تستهدف القضاة المدافعين عن استقلال القضاء والمسؤولين القضائيين المستقلين وجمعية القضاة التونسيين واعتبرت الجمعية ان السلطة عمدت من خلال الحركة القضائية 2023-2024 إلى القيام بحملة نقل واسعة استهدفت من خلالها مجموعة كبيرة من القضاة المعروفين بمواقفهم الجريئة ونشاطهم العلني في الدفاع عن استقلال القضاء وعن القضاة المعفيين وعدد من المسؤولين القضائيين المعروفين باستقلال قرارهم القضائي كما استهدفت بعض القضاة بشكل خاص مشيرة من ذلك :

– نقلة القاضي عفيف الجعيدي من محكمة التعقيب إلى محكمة الاستئناف بسليانة والقاضية أنيسة الترشلي من محكمة الاستئناف بتونس إلى محكمة الاستئناف بجندوبة والقاضية إيمان العبيدي من محكمة الاستئناف بتونس إلى محكمة الاستئناف بسليانة ونقلة القاضيتين مفيدة محجوب وإيمان بن شعبان من المحكمة الابتدائية بالمهدية إلى محكمة الاستئناف بسيدي بوزيد فضلا عن النقل التعسفية الأخرى التي طالت عديد القضاة الآخرين من مختلف الرتب دون مراعاة أوضاعهم الصحية والعائلية والمالية سواء بالتعلل بمقتضيات المصلحة العامة التي تم اللجوء إليها 84 مرة أو بدونها بغاية إشاعة أجواء الخوف والرعب بين كل القضاة وحملهم على التخلي عن الدفاع عن قضاياهم المشروعة والعودة إلى مربع الولاء الكامل والتبعية المطلقة للسلطة التنفيذية.

– استهداف عدد من المسؤولين القضائيين السامين من شيوخ القضاء الأجلاء وغيرهم من المسؤولين المحترمين بالنقلة والإبعاد عن مقرات سكناهم العائلية على خلفية مواقفهم الثابتة في نصرة القضاء المستقل والقضاة المظلومين وعدم انخراطهم في حملات إفساد تحركات القضاة وعدم تورطهم في إعداد قائمات القضاة المضربين عن العمل وتمسكهم باستقلالية قراراتهم القضائية من ذلك ما تعرض له الرؤساء الأول لمحاكم الاستئناف بكل من المنستير وسوسة والقيروان ومدنين والوكلاء العامون بكل من بنزرت وسوسة وصفاقس ورؤساء المحاكم بكل من أريانة وقرمبالية وقبلي ووكلاء الجمهورية بكل من صفاقس وقرمبالية.

– إفراد القاضية عزيزة الجندوبي المعروفة بشجاعتها ودفاعها المستميت عن القضاء المستقل وضمانات استقلال القضاة بوضعية انتقائية وانتقامية خاصة من خلال حرمانها من حقها في الترقية إلى الرتبة الثالثة إثر قضاء المدة المستوجبة بالرتبة الثانية ظلما وتنكيلا دون غيرها من زملائها أبناء الفوج 16 الذين تمت ترقيتهم جميعا في تراجع خطير عن مبدأ الترقية الآلية الذي يمثل أحد المكاسب الهامة التي تحققت للقضاة منذ الثورة.

كما كشفت الحركة القضائية الأخيرة عن استهداف السلطة لجمعية القضاة التونسيين بشكل واضح من خلال تسليط العقوبات الجماعية على رموزها التاريخية ومسؤوليها الحاليين من أعضاء مكتبها التنفيذي وهيئتها الإدارية وعدد كبير من نشطائها ومنخرطيها بغاية إسكاتهم وترهيبهم وثنيهم عن مواصلة مواقفهم وتحركاتهم المدافعة عن مقومات القضاء المستقل وضماناته المهدورة وعن حقوق المواطنين وحرياتهم وقد تبين ذلك جليا من خلال استعادة ممارسات النظام الدكتاتوري بالاعتماد على النقل التعسفية وعدم الاستجابة إلى طلبات النقل المستحقة والحرمان من الخطط القضائية المشروعة ولعل أبرز الأمثلة في ذلك:

– نقلة الرئيسين الشرفيين لجمعية القضاة السيد أحمد الرحموني من خطة رئيس دائرة بمحكمة التعقيب إلى خطة وكيل أول لرئيس المحكمة العقارية والسيدة روضة القرافي من خطة رئيس دائرة بمحكمة التعقيب إلى خطة رئيس دائرة جنائية بمحكمة الاستئناف بباجة رغم قضائها قرابة 12 سنة من مسيرتها القضائية في العمل بالمحاكم داخل تراب الجمهورية كل ذلك دون طلب وخارج ضوابط ومبررات النقلة لمصلحة العمل.

– نقلة عضو المكتب التنفيذي للجمعية السيد عادل هلالي إلى المحكمة الابتدائية بباجة وعضو المكتب التنفيذي السيد رضا بوليمة إلى نفس المحكمة مع نقلة زوجته إلى محكمة الاستئناف بنابل في عملية تنكيل وتشتيت عائلي واضحة مقابل عدم الاستجابة طلب النقلة المقدم من عضو المكتب التنفيذي السيد أمير قوبعة رغم عمله مدة أربع سنوات كاملة بمحكمة الاستئناف بقابس في نطاق تلبية مقتضيات مصلحة العمل واستجابته لشروط النقلة الوجوبية.

– تعمد نقلة عدد من أعضاء الهيئة الإدارية بصفة تعسفية إلى خارج دائرتهم التمثيلية دون طلب وعدم الاستجابة إلى طلبات النقل وطلبات اسناد الخطط القضائية لعدد آخر رغم أنها طلبات مستحقة ومشروعة.

5) حركة تحول التفقدية من تفقدية عامة بوزارة العدل إلى تفقدية وزيرة العدل واكدت في هذا الاطار انه” اضافة الى ما تم التعرض اليه من إغداق الحركة القضائية على عديد القضاة بالنقل والترقيات والتسميات في الوظائف القضائية خارج معايير الأقدمية والاستقلالية والكفاءة شهدت الحركة الأخيرة أيضا عطاء بلا حدود وسخاء منقطع النظير على عدد من القضاة على مستوى التفقدية العامة بوزارة العدل التي تم إعادة تشكيلها بالكامل إذ بالإضافة إلى تسمية متفقدة عامة على رأس التفقدية وفي شكل ترقية مباشرة من وزيرة العدل بناء على العلاقة الشخصية التي تربطها بها ودون احترام الإجراءات القانونية وفي مخالفة صريحة للصلاحيات الممنوحة لوزير العدل ودون أي نوع من أنواع التناظر أو المفاضلة الموضوعية بالرغم من تعلق تلك التسمية بأحد أهم المناصب القضائية وأخطرها فقد تم إضافة إلى ذلك إدخال تغييرات كبيرة وعميقة على الإطار القضائي للتفقدية بإبعاد المتفقد العام المساعد منها بعد تجميد نشاطه خلال الأشهر الماضية إثر خلافات كبيرة بينه وبين وزيرة العدل ونقلة أربعة متفقدين مع متفقد مساعد وتعويضهم بمتفقدين جدد تم اختيارهم بعناية مع ابعاد المتفقد المساعد في شكل عقوبة إلى محكمة الاستئناف بسيدي بوزيد وفي مقابل ذلك تم الاستبقاء على ثلاثة متفقدين ومتفقد مساعد مع إسنادهم ترقيات استثنائية وغير مسبوقة بتسمية المتفقدين الثلاثة بخطة متفقد عام مساعد بما يعادل رتبة رئيس دائرة بمحكمة التعقيب وتسمية المتفقد المساعد بخطة متفقد بما يعادل رتبة رئيس دائرة بمحكمة الاستئناف دون الحصول على الأقدمية اللازمة في عملية انتقاء وتمييز واضحة وفي تجاوز مفضوح لأفواج وأفواج من القضاة ممن يسبقونهم في الرتبة والأقدمية بسنوات وسنوات لتُحكم بذلك وزيرة العدل قبضتها بالكامل على جهاز التفقدية بتسمية وترقية من أبدوا فروض الولاء والطاعة الكاملة لها وانخرطوا معها في مظلمة تكوين الملفات وتلفيق التهم والافتراءات وإثارة التتبعات الواهية ضد عديد القضاة المعفيين والمباشرين ليتحول بذلك هذا الجهاز من تفقدية عامة بوزارة العدل إلى تفقدية وزيرة العدل”.

6) حركة تستبق تركيز المحكمة الدستورية وتهيئ لتسمية أعضائها من القضاة العدليين واشارت الجمعية في هذا الاطار الى انه “لا شك ان تركيبة المحكمة الدستورية وعضويتها كان حاضرا وبقوة في ذهن معد الحركة ويتبين ذلك من الحركية الكبيرة التي شهدتها محكمة التعقيب على مستوى رؤساء دوائرها خروجا ودخولا إذ بالإضافة إلى حالات الإحالة على التقاعد بموجب رفض طلب التمديد غادر المحكمة سبعة رؤساء دوائر ممن تزيد أقدميتهم فيها عن أربع سنوات في حين التحق بها مؤخرا 11 رئيس دائرة جديد في عملية انتقاء واضحة وعلى المقاس من خلال توظيف عملية التسمية بخطة رئيس دائرة بمحكمة التعقيب والتجريد منها طبق خيارات السلطة السياسية وتصورها لتركيبة المحكمة الدستورية في تسييس واضح لهذه المحكمة ومس من استقلاليتها وتعد كبير على حقوق رؤساء الدوائر المبعدين من محكمة التعقيب لأغراض لا علاقة لها بالإدارة الموضوعية والشفافة لمسارتهم المهنية.'”

7) حركة تجهز نهائيا على المسار القضائي للعدالة الانتقالية وفي هذا الاطار قالت الجمعية “في حركة غير مسبوقة منذ تركيز الدوائر الجنائية للعدالة الانتقالية بموجب الأمر عدد 2887 المؤرخ في 08 أوت 2014 وشروعها في العمل بعد القيام بالتكوين اللازم لرؤسائها وأعضائها تم بموجب الحركة القضائية لهذه السنة تغيير سبعة رؤساء دوائر جنائية للعدالة الانتقالية بكل من بنزرت والكاف ومدنين وقابس وصفاقس وسوسة ونابل بنسبة 53.8 % وتغيير عدد من أعضائها ومن أعضاء باقي الدوائر مثل دائرة العدالة الانتقالية بتونس في نهج واضح ومدبر للقضاء نهائيا على المسار القضائي للعدالة الانتقالية والإجهاز عليه.

واشارت الجمعية الى ” انعدام أي أثر أو إحالة على الرأي الاستشاري للمجلس المؤقت للقضاء العدلي بخصوص الحركة وعدم الإعلان على تاريخ إحالتها على رئيس الجمهورية الملزم وجوبا بإمضائها في أجل 21 يوما من تاريخ الإحالة.

ووقفت الجمعية على” حجم التغييرات الحاصلة في الجسم القضائي بمقتضى الحركة القضائية وخاصة في إسناد المسؤوليات القضائية في خرق فادح لذلك المعيار وتناقض كلي مع المعايير المعلن عنها سابقا من المجلس المؤقت وتطابق مع ما سبق أن قررته وزيرة العدل من تسميات بمذكرات عمل.

ولاحظت ان”التدخل بواسطة الحركة للمساس بتركيبة المجلس الموقت العدلي في حد ذاته في خرق للمرسوم الرئاسي نفسه الذي يخضع تعيين أعضائه بالصفة للترشيح خارج الحركة القضائية.”مشيرة الى عدم صدور أي تبني من المجلس المؤقت للقضاء العدلي للحركة.

وذكرت الجمعية بان هذه الحركة هي الأولى بعد الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في 25 جويلية 2021 وبعد حل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي من قبله شفاهيا يوم 6 فيفري 2022 ورسميا بموجب المرسوم عـ11ـدد المؤرخ في 12 فيفري 2022 وتعويضه بمجلس مؤقت تابع كليا في تعيين أعضائه وفي صلاحياته للسلطة التنفيذية وبعد إعفاء 57 قاضيا وقاضية بموجب الأمر الرئاسي عـ516ـدد الصادر بتاريخ 1 جوان 2022 وبعد إصدار رئيس الجمهورية للدستور الجديد الذي خصص بابه الخامس للوظيفة القضائية على أنقاض دستور 27 جانفي 2014 الذي اعترف للقضاء بصفة السلطة وأدرج ضمن أحكامه مقوماتها وضمانات استقلالها المؤسسي والوظيفي”.

كما ذكرت بانها “جاءت بعد حجبها السنة الفارطة في سابقة تاريخية لم تحصل من قبل وفي خرق وعدم تقيد بالمرسوم عدد 11 لسنة 2022 الذي وضعه رئيس الجمهورية بنفسه والذي ينص على إمضاء الحركة في أجل 21 يوما من إحالتها عليه وعلى نشرها بالرائد الرسمي في أجل 7 أيام وبان الحركة لم “تتضمن أيو إشارة إلى تاريخ إحالتها على رئيس الجمهورية وما نتج عن ذلك الحجب من تعطل مصالح المتقاضين وكل المتعاملين مع الشأن القضائي بشكل لافت بمفعول الشغورات الكبيرة التي لم يقع سدها ومن حرمان القضاة بموجب ذلك الحجب من حقهم في النقلة والترقية وإسناد الوظائف القضائية”.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING