الشارع المغاربي-العربي الوسلاتي: ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية بخبر إبعاد الدكتور شكري حمّودة من ادارة الرعاية الصحيّة الأساسية واختفائه المفاجئ من المشهد الطبّي الاتصالي المتعلّق بفيروس كورونا. وقد ذهب البعض الى التأكيد على أنّ شكري حمودة الذي سطع نجمه مؤخرا تزامنا مع وصول الفيروس اللعين الى تونس تمّ إعفاؤه من مهامه وتحييده كليا عن أشغال اللجنة الخاصة بمتابعة فيروس كورونا قبل أن يظهر وزير الصحّة عبد اللطيف المكّي على “فايسبوك ” من خلال تدوينة عنوانها “الجقيقة” يفنّد فيها “الاقالة” وقال فيها إنه خلافا لما راج فإنّ شكري حمودة وبالتشاور معه تمّت ترقيته الى مدير عام للهيئة الوطنية للارشاد والاعتماد. ولم يكتف السيّد الوزير بذلك بل قال إنه بحث عن تمكين حمودة من ” راحة” في موقعه الجديد مضيفا أنه مستعد لإعادته الى موقعه السابق إذا لم ترضه الترقية.
توضيح الوزير لم ينه الجدل بل زاد من حدّته ووتيرته فالحديث عن ترقية في هذا الظرف بالذات الذي تعيش فيه تونس على وقع رجّات كبيرة خلّفها تفشّي الفيروس في كامل مفاصل البلاد لا يبدو منطقيا بالمرّة كما أنّ وزارة الصحّة ليس لها ملفات أكبر من ملف كورونا حتى تنشغل بها وأيّ مسؤول يقع إبعاده من هذا المربّع الخطير في هذا التوقيت بالذات يعني تحجيما لدوره ولمكانته ولكفاءته وليس ترقية مثلما يحاول السيّد الوزير وجماعته الترويج له.
تدوينة الوزير عبد اللطيف المكّي زادت في تأجيج التخمينات حول وجود انقسامات داخل الوزارة والحقيقة إن معركة كسر العظام التي بدأت تفوح رائحتها من داخل أروقة الوزارة لا علاقة لها حسب ما تؤكّد مصادر موثوقة لـ”الشارع المغاربي” بأية أجندات سياسية أو بأيّة خصومات سابقة ولكن أصل الخلاف حسب ما تصرّ على تسريبه المصادر ذاتها يعود الى اختلاف كبير في وجهات النظر بين المدير الادارة العامة للرعاية الصحيّة الأساسية السابق شكري حمودة وبين وزير الصحّة عبد اللطيف المكّي والاختلاف يتعلّق بمواضيع مفصلية وهامة في الحرب التونسية على كورونا.
المصادر ذاتها تفيد بأنّ شكري حمّودة يرى أنّ طبيعة المرحلة الحالية تقتضي المرور تدريجيا الى رفع الحجر الصحي العام الشامل وانتهاج سياسة مناعة القطيع ولو بشكل تدريجي مخفّف مع مصارحة الشعب التونسي ببعض الحقائق التي قد تبدو في أوّلها وظاهرها صادمة للعيان وهذا يتعارض مع قناعات الوزير وشقّ كبير من اللجنة المنكبة على متابعة التطوّر اليومي للفيروس والذي يتبنّى طرح الوزير الرامي الى الابقاء على نفس السياسات والاستراتيجية المتّبعة لتطويق الفيروس. وهذه النقطة تحديدا خلقت برودا كبيرا داخل الخليّة المكلّفة بمتابعة الفيروس وجعلت رقعة الانقسامات والخلافات تتسّع يوما بعد يوم وهو ما دفع شكري حمودة الى مقاطعة الاجتماعات الأخيرة للجنة. في المقابل نصح الوزير مستشاريه الذين على تواصل دائم ببعض وسائل الإعلام بعدم توجيه الدعوة لشكري حمودة في كل المنابر الاعلامية تفاديا لحصول تناقضات بخصوص بعض الحقائق أو التصريحات وهو ما حصل فعلا بدليل اختفاء الرجل من المشهد الاعلامي “الكوروني” في الايام الماضية بعد أن سطع نجمه طوال أيّامه الأولى رفقة نصاف بن عليّة مديرة مرصد الأمراض الجديدة والمستجدة والتي فسحت المجال بدورها للوزير ليكون نجم الصفّ الأوّل في كل الفضاءات والمنابر الاعلامية رغم تعددها ورغم الجهد المضني والشاق والوقت الكبير الذي بات يقضيه خلف الميكرو والكاميرا.
في السياق ذاته تشي بعض المصادر الموثوقة بأنّ شكري حمودة رفض التعليق على قرار ترقيته “الغريب” تفاديا لحصول صدام علني مع السيّد الوزير لكن ذلك لم يمنع المدير العام الجديد للهيئة الوطنية للإرشاد والاعتماد من تمرير تذمّره لبعض مقرّبيه في شكل رسائل مشفّرة بهدف تسريبها الى الرأي العام وهو ما حدث تقريبا حيث تسرّبت عناوين الترقية “المسترابة” في شكل إقالة وهي تخمينات لم تكن لتصدر عن أصحابها لو لم يقم شكري حمودة بالإفراج عنها تباعا ومن دون تصريحات رسمية تلزمه شخصيا.
الترقية المثيرة للجدل قد لا تكون آخر عنوان مثير في دفاتر السيّد الوزير خاصة أنّ مترصّديه كثر كما أنّ الحديث الخافت عن تصدّر المواقع الأمامية في المعركة الوطنية مع الفيروس بدأ يحدث ضجيجا ويخرج للعلن والبعض لم يعد يتحرّج من التأكيد على أن تصاعد أسهم شكري حمودة في الآونة الأخيرة أزعج كثيرا السيّد الوزير الذي يبحث عن تسجيل اسمه من ذهب في التجربة التونسية الرائدة والاستثنائية في القضاء على كورونا مثلما صرّح بذلك في أكثر من مناسبة سابقة.