الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اصدر اليوم الجمعة 4 جوان 2021 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة حول ازمة المالية العمومية ركزت على افاق تطورها وابعادها سيما خلال الاشهر القريبة القادمة. واكد المنتدى ان دراسته تندرج في اطار تجاوز القراءة التقليدية للميزانية العمومية حيث تم التركيز على تحليل انطلاق ظاهرة انتشار الجائحة من جهة، وظاهرة العجز الكبير لميزانيتي 2020 و2021 من جهة أخرى، مع التشديد على اهمية بعض الإشكاليات الحاسمة والعميقة المرتبطة بالظواهر المشار إليها.
وفي هذا السياق، ابرز المنتدى ان الدراسة تتعرض بالتحليل في نقطة أولى الى الظروف التي تخص المرحلة الأولى من انتشار الوباء والتي تميزت بهشاشة النسيج الاجتماعي وهشاشة المنظومة الصحية وهشاشة النسيج الاقتصادي. وفي نقطة ثانية، جرى تحليل إشكاليات تمويل عجز الميزانية خاصة في ما يتعلق بمسألة استقلالية البنك المركزي في ظل ضعف الموارد العمومية الذاتية وارتفاع المديونية العمومية وتفكك النسيج المؤسساتي.
وفي المحور الاخير للدراسة وقع الربط بين مقتضيات الحلول العاجلة لعجز الميزانية ومتطلبات أخذ المتغيرات القادمة المرتقبة في مرحلة ما بعد كورونا بعين الاعتبار في إطار البحث عن بديل تنموي يمكن من فتح أفاق واعدة وقادرة على رفع التحديات الكبرى التي يواجهها الاقتصاد التونسي.
ومهما كان مآل التطورات الاقتصادية المستقبلية التي ستبقى بالأساس رهينة تطور الوضع الصحي فإن الميزانية العمومية لسنة 2021 أي على المدى القصير ستحتاج إلى اقتراض أكثر من 20 مليار دينار وفقا للمنتدى وبالتالي فإن تونس اليوم أمام منعرج خطير جدا وغير بعيدة عن السيناريوهات الكارثية التي تجعل منها بلدا مسلوب الإرادة يخيم عليه شبح “الكومسيون المالي” والاملاءات الخارجية المجحفة والقاسية نتيجة انهيار الأوضاع على كل المستويات ومخاطر الإفلاس التي تهددها.
لذلك فإن المرحلة تحتم حسب المنظمة غير الحكومية الحسم في المدى القصير بين اختيارين لا ثالث لهما : إما التعويل على النفس للرفع من الموارد العمومية الذاتية عبر اعتماد إجراءات استثنائية عاجلة أو الاستمرار في اللجوء الى المؤسسات المالية العالمية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي لتوفير الشروط السانحة لمواصلة التداين الخارجي مقابل قبول الشروط المجحفة وارتهان السيادة الوطنية. وهذه الشروط المجحفة تتمثل في الالتزام بالقيام “بالإصلاحات الكبرى” دون مراوغة أو احتراز أو مماطلة مثلما حدث ذلك سابقا.
ولتحقيق ذلك قد يلجأ صندوق النقد الدولي هذه المرة وفقا لتقييم دراسة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الى طلب ضمانات خارجية أو داخلية استثنائية نظرا الى أن السلط القائمة أصبحت بالنسبة للصندوق فاقدة لكل مصداقية. علما أن الصندوق يشترط وضع برنامج يتضمن في العاجل ثلاث نقاط أساسية: الغاء منظومة دعم المحروقات وتوجيه دعم المواد الغذائية الأساسية الى مستحقيه من جهة وإصلاح المؤسسات العمومية عبر خوصصتها كاختيار أول وفتح رأسمالها كاختيار ثان أو دفعها لإقامة شراكة مع القطاع الخاص كاختيار ثالث من جهة أخرى وأخيرا القيام بإصلاحات تخص الوظيفة العمومية في اتجاه تقليص عدد الموظفين ونسبة أجورهم من الناتج المحلي الإجمالي.
هذه الإصلاحات تندرج حسب الدراسة في مسار تقليص دور الدولة وضرب كل تمش إرادي تنموي كما تتطلب الاستمرار في تطبيق سياسات تقشفية ستزيد في تهميش وتفقير فئات شعبية واسعة وفي تراجع ما تبقى من طبقة وسطى.
أما على المديين المتوسط والبعيد فقد أصبحت هناك وفقا للدراسة ضرورة قصوى لبلورة بديل تنموي قادر على فتح آفاق واعدة في مستوى التحديات المتنوعة والتطلعات الكثيرة وتغيرات المستقبل حيث من المرتقب أن يشهد العالم في المستقبل تنامي الجوائح مما سيفرض العمل على إعادة النظر في أهم الاختيارات النيوليبيرالية القائمة إلى حد الآن وبلورة بدائل تنموية قادرة على مواجهة المتغيرات المنتظرة.
https://ftdes.net/rapports/crisefi2021.pdf?fbclid=IwAR12zeE01NyyZ3Sa-IBDaTE_bQGazeUzB5iXjVddaJVgSqXMzY0kr4VIteA