الشارع المغاربي: نزل الرئيس قيس سعيد بثقله الدستوري إلى الميدان السياسي لإعادة البعض من الحركات إلى رشدها ومنعها من التمادي في غيّها في نفس اليوم الذي كنا نحتفل فيه بعيد الجمهورية وهي المناسبة التي استغل فيها الشعب محاسبة حركة النهضة على العشر سنوات من حكمها التي أدت بالبلاد إلى الإفلاس والهوان حيث تم الهجوم على مقراتها وتدميرها بالكامل في الكثير من المدن. ما حدث لم تعرفه النهضة سابقا ولا اكتوت بناره لأنها هي التي كانت تهاجم مقرات الأحزاب الأخرى سواء كان ذلك خلال فترة السرية أو حتى في فترة العلنية، وهو ما يدفعنا إلى استنتاج ما يجب والنظر في ردود الفعل الممكنة من الحركة ولي على ذلك جملة من الملاحظات كالتالي:
1) خلال الندوة الصحفية التي عقدتها قيادة الحركة غاب عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى الهيكل الأهم بعد المؤتمر وهو غياب ملحوظ بعد خطابه عن التعويضات الذي أثار غضب الجميع لِما يحمل من استخفاف بمعاناة التونسيين. وفي المقابل لاحظنا وجود عبد اللطيف المكي الذي عُرف برفضه ترشح الغنوشي لفترة رئاسية جديدة في المؤتمر القادم.
2) لم تتوقف الحركة منذ مدة عن تهديد مخالفيها بقوتها التي ظهر أنها كذبة لا وجود لها إلا في عقل من روّج لها. فمقراتها استبيحت بالكامل وتم تدميرها ولم يظهر ما سمي في الخطاب الرائج “مناضلو الحركة” للدفاع عن حركتهم وهو أمر يحيلنا إلى ما حدث لـ”التجمع” أيام كان على رأسه محمد الغرياني مستشار الغنوشي اليوم.
3) ضعف الأجهزة الأمنية للحركة وعدم قدرتها على استشراف ما سيحدث للتوقي بحيث بقيت مقراتها بلا حماية لتجد في نهاية الأمر وثائقها ملقاة في الشوارع كاشفة عن خنارها من ذلك أن من بين الأسباب الموجبة للحصول على التعويض أن إحداهن كان زوج أختها منتميا وحوكم بسبب ذلك.
4) استعداد الحركة للوصول في صراعها مع مخالفيها إلى القتل وهو ما ظهر جليا في حادثة رمي مواطن كان يحمل العلم الوطني من أعلى سطح بناية في مدينة القيروان بنيّة قتله من طرف أحد منتسبيها.
5) المتأمل في ردود فعل الذين أعلنوا سابقا انسحابهم من الحركة نجدهم قد نكصوا على أعقابهم اليوم من خلال صفحاتهم ومن خلال تصريحاتهم التي وصفوا فيها الإجراءات الرئاسية بأنها انقلاب وهو ما يؤشر على أن هؤلاء الغاضبين بين قوسين سيعودون للدفاع عنها وعلى أن استقالاتهم وهمية كما صنعوا في الفترة التي شهدت فيها بؤرة القرضاوي اعتصام الحزب الدستوري الحر حيث تنادى الإخوانجية من كل حدب وصوب للمناصرة.
6) إعادة النظر في النسيج الجمعياتي الذي كوّنته الحركة ورعته طوال العشر سنوات الماضية حتى يكون حزام أمان لها، تبيّن بالتجربة أنه عاجز عن أداء دوره في الحصول على الخبر خصوصا وفي تكوين رأي عام مناصر من خلال المدارس القرآنية والجمعيات وغيرهما.
7) تغيير السياسة الإعلامية التي توختها الحركة منذ سنوات وظهر أنها لا تصلح للتأثير في الرأي العام رغم الأكاذيب التي لم تتوقف بعض الوسائل الإعلامية عن ترويجها بهدف تلميع صورة الحركة وتشويه خصومها.
الدفع بنواب الحركة إلى الاعتصام خارج المجلس في باردو في استنساخ لِما حدث في “ميدان رابعة” حتى يلفتوا نظر وسائل الإعلام العالمية وغاب عن أذهانهم أن الأوضاع في مصر هي غيرها في تونس.
هكذا كشفت أحداث 25 جويلية ما عليه حركة النهضة من ضعف وهوان إذ عجزت عن الدفاع عن مقراتها وانتاب الذعر قادتها في ندوتهم الصحفية لأنهم يعلمون جيدا أن قوتهم التي كانوا يتبجحون بها سابقا إنما هي مستمدة أساسا من ضعف البعض وانتهازية البعض الآخر خصوصا من الذين يصفون أنفسهم بالعائلة الوسطية وهم في الحقيقة لا يمتلكون من الوسط إلا سرعة الميلان إلى الشق الحاكم أيا كانت هويته تجمعيا كان أو إسلاميا، وانتظروهم غدا إن تمكن قيس سعيد من تقليم أظافر الحركة فسوف يرتمون في الخط “الثوري” للرئيس للدفاع عنه وعن تصحيح مسار الثورة التونسية !!!!!!!
نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” بتاريخ الثلاثاء 27 جويلية 2021