الشارع المغاربي- كريمة السعداوي: نشر المرصد التونسي للاقتصاد، وهو مركز بحثي مستقل، نهاية هذا الاسبوع دراسة تحليلية تحت عنوان “الخيارات السياسية والاقتصادية في تونس تعيق خلق فرص العمل داخل الولايات” خلصت الى ثلاثة استنتاجات مهمة تتمثل في ان معدلات خلق فرص العمل للفرد في الولايات الداخلية التونسية لا تزال الأدنى حتى بعد الثورة والى أنّ كل الولايات فقدت رغم خلق بعض الوظائف نصف قدرتها على خلق فرص عمل لسكانها بعد سنة 2011 .
وابرزت الدراسة ان الاستثمار الأجنبي المباشر في تونس العاصمة (7680 مليون دينار) يمثل ستة اضعاف قيمته في الولايات المصنفة في مجموعة الولايات الأدنى من حيث خلق فرص العمل مجتمعة وهي ست ولايات (1403 ملايين دينار). واستند المرصد التونسي في دراسته اساسا على بيانات الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل.
وكشفت الدراسة التحليلية أن عدم قدرة معظم الولايات على خلق فرص عمل لسكانها متجذر في الخيارات السياسية والاقتصادية للحكومة منذ الاستقلال موضحة ان متوسط توزيع فرص العمل لكل 1000 مواطن بين عامي 2009 و 2018 بين الـ 24 ولاية يصنف على مستوى 3 مجموعات قالت الدراسة ان المجموعة الاولى تشكل المناطق شديدة الترابط من حيث إمكانات النقل والخدمات اللوجستية والقدرة على استقطاب الاستثمار الأجنبي.
ووفق الدراسة تشمل المجموعة الثانية المناطق التي بها أنشطة اقتصادية ذات قيمة مضافة متوسطة او محدودة، في حين تتكون المجموعة الأخيرة من المناطق ذات الأنشطة الاقتصادية المنخفضة الزخم الإنتاجي باعتبار عدد الشركات وقيمة الاستثمار وبالتالي توفر فرص عمل أقل بكثير لسكانها. وبشكل أكثر تحديدًا، ظلت سيدي بوزيد ومدنين والكاف وقبلي والقيروان الولايات التي شهدت أدنى نسبة خلق فرص عمل للفرد خلال السنوات العشر الماضية حتى بعد الثورة التي طالبت في المقام الأول بالتشغيل .
ويبين المرصد التونسي للاقتصاد انه ثبت تاريخيا أنّ التركيز المفرط على سياسات التجارة الخارجية وسلاسل القيمة المضافة الدولية تسبب في تفاوت كبير بين المناطق مشيرا في هذا الصدد الى ان الولايات التي بها مطارات ولديها منفذ على البحر اصبحت أكثر جاذبية لرأس المال الوطني والخارجي تاركةً معظم الولايات الداخلية وراءها. واكدت الدراسة التحليلية للمرصد انه على سبيل المثال، وحتى الآن، يمثل الاستثمار الأجنبي المباشر في ولاية تونس ستة أضعاف ما يوجد في الولايات الأدنى من حيث خلق فرص العمل مجتمعة (1403 ملايين دينار ). كما اعتبرت الدراسة المناطق الساحلية أكثر جاذبية للصناعات، إذ تضم حوالي 90 بالمائة من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم بالإضافة إلى غالبية وحدات السياحة والتصنيع وفقًا لوكالة تشجيع الاستثمار الأجنبي.
ويؤدي، وفق المرصد، عدم الاستقرار السياسي وديناميكيات القطاع الخاص المنخفضة إلى تعقيد الوضع أيضاً. وفي هذا الصدد، تشير بيانات الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل إلى أن معظم الولايات فقدت نصف قدرتها على بناء فرص عمل جديدة في القطاع الخاص بعد الثورة. وبناء على هذه المؤشرات أصبح وجود قائمة (خارطة) استثمار خاص بكل جهة يمكن من تشخيص الإمكانات الحقيقية ويستفيد من الاحتياجات والمزايا المحددة لكل ولاية على حدة ضرورة لتعزيز العدالة الإقليمية من حيث خلق فرص العمل وفقا لنفس المصدر.
يذكر انه وفقا لآخر البيانات المتعلقة بمؤشرات التشغيل والبطالة للثلاثي الثاني من 2021 والصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء في 15 اوت المنقضي، تواصل انخفاض عدد المشتغلين حيث سجل تراجعا بـ 21.9 ألف مشتغل خلال الثلاثي الثاني لسنة 2021. وقدر عدد السكان المشتغلين في الثلاثي الثاني لسنة 2021 بـ 3406.9 ألف مشتغل. كما بلغ، حسب المعطيات الاحصائية، عدد السكان النشيطين في تونس، من خلال المسح الوطني حول التشغيل للثلاثي الثاني من سنة 2021، نحو 4153.3 ألفا، مقابل معدل 4171.6 ألفا خلال الثلاثي الأول من سنة 2021، أي بانخفاض يقدّر بـ 18.3 ألف. وبالتالي، انخفضت نسبة النشاط بـ 0,5 نقطة مقارنة بالثلاثي الأول لسنة 2021 لتبلغ 47 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من نفس السنة. وأفرزت نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للثلاثي الثاني من سنة 2021، وجود 746.4 ألف عاطلا عن العمل لتناهز نسبة البطالة 17.9 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من السنة الحالية.