الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: استقبلت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي بوم الأربعاء 2 مارس 2022 بمقر الوزارة وفدا رفيع المستوى عن البنك الدولي يتقدمهم المدير التنفيذي للبنية التحتية لشمال افريقيا والشرق الأوسط “بول نومبا اوم” وبحضور “ألكسندر اروبيو” الممثل المقيم لمكتب البنك في تونس وعدد من إطارات الوزارة.
وكان اللقاء وفق بلاغ رسمي للوزارة على صفحتها في مواقع التواصل الاجتماعي مناسبة للحديث عن آفاق التعاون والشراكة بين مصالح الوزارة ومجموعة البنك في مختلف القطاعات سيما في مجالي الطاقة والطاقات المتجددة ومتابعة مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا.
و أعرب “بول نومبا اوم” عن استعداد البنك للاستثمار في مجال الطاقات المتجددة وتقديم المساندة الفنية للمؤسسات الناشطة في القطاع على غرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز قصد تحسين أدائها وتطوير مردوديتها وتطوير الشبكة الوطنية لنقل الكهرباء.
من جهتها ثمنت القنجي جهود البنك في مساندة المشاريع التنموية بتونس مستعرضة البرنامج الوطني لإنتاج 30% من الكهرباء من الطاقات المتجددة في أفق سنة 2030 وإمكانات تونس الهامة في مجال البنية التحتية الطاقية مشيرة إلى توفر الإطار التشريعي المشجع على الاستثمار في هذا القطاع الواعد.
غير ان اللقاء هو في الواقع تمهيد لتنفيذ توصيات البنك الدولي التي ما انفك يشدد عليها منذ سنوات والقاضية بخوصصة القطاع الطاقي في تونس تحت غطاء الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص رغم تأكيد الحكومة والبنك ذاته ان القطاع يعاني من خسائر كبرى وان لا افاق مالية مربحة له مبدئيا سواء في مجال الطاقة الاحفورية او في ما يتعلق بالطاقات المتجددة لغياب ربحيتها في ظل المطالب والاضطرابات الاجتماعية في جنوب البلاد.
وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد أشرفت مساء يوم الأربعاء أي عشية نفس يوم زيارة وفد البنك الدولي لتونس بقصر الحكومة بالقصبة على موكب المصادقة على مشاريع الإنتاج الخاصة بالكهرباء من الطاقات المتجددة في إطار نظام اللزمات أي بالاعتماد على منظومة التراخيص التي تؤكد الحكومة على اجحافها ورفضها لها على غرار ما يؤكد البنك الدولي ذاته وجل المؤسسات الدولية الدائنة وذلك بقدرة 500 ميغاواط . وتم الموكب بحضور عدد من الوزراء والسفراء وممثلين عن المؤسسات المانحة والمستثمرين أصحاب اللزمات (تراخيص).
وتأتي هذه اللزمات في إطار تنفيذ البرنامج الوطني لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة – وفق الحكومة – ضمن برنامج الانتقال الطاقي وذلك من خلال دفعة أولى من المشاريع تستهدف انتاج 500 ميغاواط من الطاقة الشمسية الفولطا ضوئية بخمس ولايات وهي تطاوين (200 ميغاواط) وتوزر (50 ميغاواط) وسيدي بوزيد (50 ميغاواط) والقيروان (100 ميغاواط) وقفصة (100 ميغاواط). وتقدر قيمة الاستثمارات الجملية لهذه المشاريع بـ 1200 مليون دينار في انتظار تركيز مشاريع إضافية في افق 2030 بطاقة 3800 ميغاواط.
يذكر ان نقابات الشركة التونسية للكهرباء والغاز تتهم منذ سنوات سلط الاشراف بالتواطؤ في تمييز المشاريع الجديدة في الطاقات المتجددة على حساب الوضعية المالية المتدهورة لشركة الكهرباء والغاز. وتؤكد النقابات انها ليست ضد إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة، وانها تشجع هذه التقنية النظيفة وذات المردودية المالية الهامة، والتي تخفف من عبء كلفة إنتاج الكهرباء، وانها تشدد في المقابل على أن القوانين المنظمة لهذا المجال تعد مجحفة وجائرة في حق الشركة.
ويتم التأكيد باستمرار على أن القانون 12 لسنة 2015 المتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة وأوامره الترتيبية، يعد جائراً، وفيه هضم لحق الشركة ولم يُراعِ وضعيتها اذ منح المستثمرين الخواص إنتاج الكهرباء عبر الطاقات المتجددة (أساساً الطاقة الشمسية)، وحصر الشركة بأن تكون هي المشتري الوحيد مع إعطائها حصة بـ380 ميغاواط لإنتاجها من الطاقات المتجددة، منها 80 ميغاواط تم إيجاد ممول أجنبي ممثل في بنك خارجي وافق على تقديم الدعم المالي لإنتاج هذه الكمية في الجنوب علما أن قانون تحفيز الاستثمار لعام 2019 أجاز للمستثمرين الخواص نقل الكهرباء المتأتية من الطاقات المتجددة عبر شبكة الشركة بأثمان زهيدة جداً في حدود 7 مليمات عن كل كيلواط.
وتؤكد عدة أطراف متابعة للشأن الاقتصادي الوطني ان الخسائر المتراكمة للشركة التونسية للكهرباء والغاز والتي ترجع للاقتراض الخارجي تأتي في سياق تفليسها والتخطيط للخوصصة التدريجية لإنتاج الكهرباء في تونس وفسح المجال للخواص لبيع الكهرباء ونقلها عبر الشبكة الوطنية إلى المواطنين لترويجها بشروط مخالفة لمعايير المنافسة الدولية والتراتيب النافذة في مجال التصرف في قطاع الطاقة.