الشارع المغاربي- كريمة السعداوي: قال الاقتصادي “جوزيف ستيغليتز” الحائز على جائزة نوبل، بداية الأسبوع إن التضخم الأمريكي يصعد بأسرع معدلاته منذ عقود وان البنك الفيدرالي الأمريكي لن يحل مع ذلك المشكلة عن طريق رفع أسعار الفائدة. واكد في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” على هامش منتدى دافوس بسويسرا، أن رفع أسعار الفائدة لن ينتج المزيد من الغذاء وإنه سيجعل الأمر أكثر صعوبة لأنه لن تكون هناك قدرة على القيام باستثمارات.
وأدلى ستيغليتز الذي نال جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001 بتصريحاته قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بالفيدرالي الامريكي في جوان القادم، والذي يتوقع المستثمرون أن يتم فيه رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. وقد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس منذ مارس، بحجة مكافحة التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عامًا. واتبعت عدة بنوك مركزية في العالم هذا التمشي لنفس السبب.
وأشار ستيغليتز الأستاذ في جامعة كولمبيا بالولايات المتحدة الامريكية إلى أن من شان التدخلات على مستوى العرض أن تخدم بشكل أفضل أكبر اقتصاد في العالم. وتابع: “أعتقد أنه يمكننا أن نفعل أكثر بكثير مما نفعل” مضيفا: “قتل الاقتصاد من خلال رفع أسعار الفائدة لن يحل مشكلة التضخم في أي إطار زمني”.
كما لفت إلى أن الزعماء في جميع أنحاء العالم يجب أن يركزوا على تكثيف إنتاج الغذاء، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة كانت لديها فوائض غذائية ويمكنها تحقيقها مرة أخرى حيث انه على الأقل يتعين محاولة القيام بكل ما يمكن فعله على مستوى العالم لزيادة الإمداد باعتبار انه سيكون لذلك أثر أكبر في التعامل مع المشكلة من التسبب في الكساد.
في المقابل، نشر صندوق النقد الدولي يوم أمس الأربعاء 25 ماي 2022 مذكرة بعنوان “تداعيات سلبية على البلدان المستوردة للسلع الأولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب ارتفاع الأسعار” أبرز فيها محرروها وهم جهاد أزعور و”جيتا مينكولاسي” و”رودريغو غارسيا-فيردو” وكلهم مسؤولون في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي ان ارتفاع أسعار السلع الأولية، الذي تفاقم بفعل الحرب في أوكرانيا، سيؤدي إلى آثار اقتصادية هائلة على المنطقة.
وجرى التأكيد، في هذا الإطار، على انه تم بالنسبة للبلدان المستوردة للنفط، تخفيض التوقعات بسبب ارتفاع أسعار السلع الأولية الذي ساهم في تفاقم التحديات الناجمة عن زيادة مستويات التضخم والدين، وتدهور الأوضاع المالية العالمية، والتقدم المتفاوت في توفير اللقاحات، ومواطن الهشاشة الأساسية والصراعات في عدد من البلدان.
وشددت مذكرة المؤسسة المالية الدولية على ازدياد صعوبة المفاضلة بين السياسات على المدى القريب في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المستوردة للنفط سيما ان احتواء التضخم يمثل أولوية أساسية بالرغم من هشاشة التعافي الراهن. وفي البلدان التي تواجه خطر ارتفاع التوقعات التضخمية أو اتساع نطاق الضغوط السعرية، سيتعين رفع أسعار الفائدة الأساسية. وسيكون من الضروري التواصل بشكل واضح وشفاف لتوجيه الأسواق.
كذلك يتعين، وفق مذكرة صندوق النقد، على البلدان مواجهة خطر انعدام الأمن الغذائي والتخفيف من تداعيات ارتفاع الأسعار الدولية على الفقراء على وجه السرعة وتتمثل الوسيلة الأكثر فعالية على الإطلاق في ضمان حماية الأسر الضعيفة من خلال توفير تحويلات موجهة ومؤقتة في إطار من الشفافية. وحيثما كانت شبكات الأمان أقل قوة، يمكن زيادة الأسعار تدريجيا. وفي البلدان منخفضة الدخل، سيكون من الضروري مواصلة الدعم المالي المقدم من المجتمع الدولي.
يذكر ان مجلس إدارة البنك المركزي، كان قد قرر في اجتماعه الدوري، يوم 17 ماي الجاري، الزيادة من نسبة الفائدة الرئيسية بـ 75 نقطة أساسية لتصبح هذه النسبة في مستوى 7.0 بالمائة حيث تم تعليل القرار بالسعي للحد من الضغوط التضخمية وتفاقم لعجز القطاع الخارجي.
واثار القرار جدلا واسعا باعتبار ان القرار سينجر عنه تزايد كساد الاقتصاد التونسي ووصل هذا الجدل الى مستوى السلط المالية نفسها اذ صرح وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد في حوار لقناة اجنبية يوم 19 ماي الجاري أنه يتساءل عن قرار البنك المركزي المتعلق بالزيادة في نسبة الفائدة المديرية الى 7 بالمائة.
وشدد على أن البنك المركزي مؤسسة مستقلة ويشتغل بكل استقلالية، مفيدا: “وأنا لا يمكن لي التدخل في قرارات البنك” قبل أن يضيف قائلا “ولكن من حيث المبدأ أنا لست ضد الرفع في نسبة الفائدة بــ 75 نقطة نظرا للظروف الصعبة التي تستوجب التحكم في التضخم المالي وتفادي انهيار العملة”.
وأضاف وزير الاقتصاد “ولكن في بعض الظروف كان علينا أن نضع حوارا استشاريا بين مختلف الاطراف المعنية”.