الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: رغم تداعيات الجائحة الصحية والظرف الاقتصادي الصعب، حققت جل البنوك التونسية وفق قائماتها المالية المنشورة على موقع هيئة السوق المالية للعام الفارط نتائج ايجابية وذلك بالأساس على مستوى تحسن الارصدة الوسيطة للتصرف ودعائمها المالية رغم فرض البنك المركزي قواعد صارمة امتثالا للمعايير الدولية بخصوص رصد مدخرات كافية للتوقي من مخاطر نشاط القرض وما شابهها.
غير ان النجاحات المحققة في القطاع والتي مكنت من توفير سيولة كافية لتمويل انشطة المؤسسات والدولة التونسية، لم تخف تسجيل عدد ضئيل من البنوك سيما الصغرى منها خسائر محاسبية متباينة بما اثر على مؤشرات مردوديتها ودعائمها المالية ومنها خاصة البنك العربي لتونسATB.
القطاع البنكي في 2021 : تماسك عام للدعائم المالية
شهد القطاع البنكي العام الفارط تطورا ملحوظا على مستوى نشاط الاستغلال والوساطة 1 حيث ارتفع قائم ودائع واموال حرفاء البنوك المدرجة بالبورصة الى 77347 مليون دينار نهاية 2021 مقابل 71938 مليون دينار سنة 2020 مما يعادل زيادة قيمتها 5409 مليون دينار ونسبتها 52،7 بالمائة.
كما زادت الاقتراضات والموارد الخصوصية بـ40 مليون دينار اي بنسبة 1 بالمائة لتناهز في موفى العام الفارط 5798 مليون دينار.
كما ازدادت الاموال الذاتية بشكل لافت خلال الفترة الممتدة من ديسمبر 2020 الى ديسمبر 2021 من 15743 إلى 16648 مليون دينار، مسجلة بذلك تطورا بـ 906 ملايين دينار اي بنسبة 5.75 بالمائة.
وقد مكن تطور الموارد المالية للقطاع من دعم المستحقات على الحرفاء التي نمت من 73606 ملايين دينار في 2020 إلى 76828 مليون دينار في نهاية عام 2021، مسجلة بذلك زيادة بنحو 3222 مليون دينار او 4 بالمائة.
وتبرز هذه المؤشرات الجهود المبذولة من قبل البنوك على مستوى تمويل انشطة الاطراف الفاعلة اقتصاديا على الرغم من الصعوبات التي تواجهها المؤسسات منذ بداية عام 2020 بالإضافة إلى ذلك، تظهر ذات المؤشرات تمكن البنوك التونسية بشكل عام من ضمان التناسب الأمثل بين الموارد والاستعمالات، مما مكنها من التقيد بالمعايير المطلوبة خصوصا في ما يتصل بالسيولة قصيرة الأجل وتطوير مردود الأصول والأموال الذاتية.
وفي ذات السياق، سجل اجمالي اصول البنوك المدرجة ارتفاعا مهما من 101858 مليون دينار في 2020 إلى 109388 مليون دينار في اواخر السنة المحاسبية المنقضية، وهو ما يوافق زيادة مهمة قيمتها 7530 مليون دينار ونسبتها 7.39 بالمائة.
وبالنظر لهذه المعطيات فقد عرفت عموما ايرادات الاستغلال تطورا مهما مقابل التحكم في الاعباء مما مكن من تسجيل تحسن في القيمة الاجمالية للنتائج الصافية رغم رصد 1033 مليون دينار كمخصصات مدخرات ونتيجة تصحيح قيم، حيث تطورت من 962 إلى 1098 مليون دينار بين 2020 و2021، أي بزيادة قيمتها 136 مليون دينار أو 14.14 بالمائة مما مكن من تحسن العائد على الأموال الذاتية في حدود نسبة 6.6 بالمائة.
البنك العربي لتونس : بعد خسائر 2021، هل يتدارك ؟
رغم ما حقق قطاع البنوك المدرجة بالبورصة من نتائج ايجابية فقد شهد كل من البنك العربي لتونس ATB وبنك تونس والامارات نتائج سلبية تعود الحصة الاكبر منها للبنك العربي لتونس.
وفي هذا الاطار ووفقا للبيانات المفصح عنها، فقد سجل البنك العربي لتونس وهو الذي يساهم في راس ماله البنك العربي بنسبة 64.24 بالمائة نتيجة صافية سلبية سنة 2021 تقدر بـ 68.5 مليون دينار مقابل ارباح ناهزت 8.2 ملايين دينار في 31 ديسمبر .2021
وتكشف معطيات القائمات المالية للبنك ومؤشراته المنشورة بتقرير التصرف لسنة 2021 بموقع هيئة السوق المالية تراجع قائم ودائع واموال الحرفاء من 5970 الى 5902 مليون دينار خلال الفترة ديسمبر 2020 – ديسمبر 2021 مما يعادل نقصا قيمته 68 مليون دينار تعلق اساسا بالودائع لأجل (- 188 مليون دينار) وبدرجة اقل بالودائع عند الطلب (- 10 مليون دينار).
وفي المقابل، استقرت المستحقات الصافية على الحرفاء اواخر العام الفارط عند 5156 مليون دينار في حين تقلص رقم المعاملات بنسبة 2.7 بالمائة عند 603 ملايين دينار وذلك بالتزامن مع ازدياد الاعباء العامة بنحو 12.7 بالمائة لتصل الى 206 مليون دينار.
في جانب اخر، تراجع مؤشر العائد على الاموال الذاتية بشكل لافت الى 12.33 بالمائة سلبي رغم الترفيع فيها في سنة 2021 بـ 70 مليون دينار ونزل كذلك مؤشر مردود الاصول طيلة الفترة 2020 – 2021 من0.11 بالمائة الى 0.89 سلبي.
كما هبط مؤشر السيولة بشكل لافت في حين ناهز مؤشر الملاءة المالية 12.25 بالمائة وذلك بالتوازي مع تسجيل ارتفاع نسبة الديون المشكوك في استخلاصها والتي هي محل نزاع مقارنة بإجمالي قائم محفظة الديون.
وأتت هذه النتائج على وقع ما أكدته في 10 افريل الفارط وكالة فيتش للتصنيف السيادي من وضع التصنيف طويل المدى للبنك العربي لتونس عند “ب سلبي” مع افاق مستقبلية سلبية.
وصنفت فيتش، في ذات السياق، البنك من حيث الجدوى في خانة “س س س” (وضعية مخاطر عالية) مبينة في تقرير أصدرته للغرض ان هذا الترقيم – الذي يعتبر من بين الاضعف على مستوى تصنيفاتها للبنوك التونسية- يعكس مستوى ارتفاع الخسائر واعتبار قيمة الديون المشكوك في استردادها وحجم الأموال الذاتية والهوامش المتاحة للترفيع فيها. وفسرت الوكالة تصنيفها بالظرف التشغيلي للبنك غير انها أوضحت ان دعم الشركة الام وهي البنك العربي ومقرها الأردن يبقى مهما واستراتيجًيا للبنك بحكم وزنها في راس مال البنك كمساهم مرجعي.
ووفقا لمصدر موثوق به من البنك العربي لتونس فإن مجلس إدارة البنك الذي سينعقد يوم 24 جوان سيحسم في مصير مديره العام أحمد رجيبة.
والمعلوم أن رجيبة تحمّل مسؤولية إدارة البنك منذ 30 ماي 2019، يعني منذ أن بدأ البنك في حصد النتائج السلبية.
القرار الأخير سيؤول الى ممثل البنك العربي لتونس الشريك الأم صاحب أغلبية الأصوات في المجلس بناء على حسابات الربح والخسارة لضمان آفاق واضحة حتى يتدارك بنك ATB الخسائر ويتواصل نشاطه بشكل إيجابي على غرار بقية البنوك التونسية.
نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة يوم الثلاثاء 21 جوان 2022