الشارع المغاربي: خلال النّدوة التي نظّمت يوم السبت 11 فيفري 2023 بمدينة العلوم بتونس إحتفالا مع سائر دول العالم باليوم العالمي للمرأة والفتاة في مجال العلوم والتي قدّمت فيها جملة من المحاضرات وورقات البحث لسيّدات تونسيّات من مختلف المجالات العلمية وخاصّة في ما يتعلق بالطب والبيئة والاقتصاد والطاقات المتجددة. أفادت السيّدة نجوى باي وهي إطار سام بمدينة العلوم بأنّ دراسة نشرها البنك الدولي سنة 2019 صنفت المرأة التونسية الثانية عالميا في مجال العلم على 114 دولة وأنّ اختصاصات 58 بالمائة من خريجات الجامعة التونسية علمية تليها في ذلك ايطاليا وفرنسا وسويسرا.. وهي دراسة تؤكد تفوّق التونسيات وتفوق المرأة عموما…..
وبعيدًا عن التقييمات المتعصّبة التي تتكئ بأظافرها دائمًا في تراثنا البشري كلّه وبلا استثناء على قلب وطُحال وكبد الحقيقة يتّضح أن الذَكَر لم ينجز في هذه الحياة الأولى التي نمارس حقّ المواطنة فيها وحتى هذه اللّحظة غير الحروب والبغضاء والأحقاد وتأجيج الكراهية وإنتاج الموت بكلّ أشكاله وأصنافه رغم أنّه في الواقع ـ طبعًا أقصد الرجل من جديد غير مطالب بأكثر من أن يحافظ على مزاج رائق ليرتفع كلّ شهر في الجوّ لمدة أقصاها ثلاثة أيام هيّ موعد نضارة الخصوبة وفتح فجّ الرحم في حفير الأرض الولادة ليصطاد بويضة واحدة لا يزيد عليها إلا نادرًا من رحم أنثى حبيبة أو زوجة مدموغ اسمها إلى جواره أسفل وأعلى وثيقة رسمية بختم مأذون أو أختام ودمغة مؤسسة بلدية. وليس عليه إلا أن يربطها إلى معصم أحد قادة جيوشه من البويضات الذكورية الفحلة النكرة. لينتج حياة جديدة ولتستمرّ المهزلة. وله بعد ذلك أن يحبّ أو يكثر أو يهيم أو يرجع أو يمشى ويقضى حياته في لعب النرد أو متابعة الحلقة الألف من المسلسل التركي الجديد… هل تتابعني؟ ….لكنك بدلاً من ذلك أهليتنا بنزقك ومبالغتك في الضرب على صدرك كلّ مرة تبدو فيها بارقة من الأمل مطلقًا صيحات مثل صيحات القردة المذعورة ومنددًا بأنك الأصل. وبأنّ المرأة ليست سوى ضلعًا من أفرع ذلك الصدر المليئ بالشعر فيك وغصنًا من تلك الشجرة التي تظنها ــ يا للخيبة ــ نفسك وكمال الوجود.
وما أقبح وأغبى تصورك هذا أيها الأهطل الأخرق مثل حفيدك ومثل أبيك فالروح كما أكّد الله لا ذكر ولا أنثى. والروح في اللغّة العربية أيضًا وهي سرّ أسرار الخالق لقوله تعالى: (وأنزلناه بلسان عربيّ مبين) ولجوهر معنى قول الله تبارك وتعالى: بأنه (في البدء كانت الكلمة) وهي أي الروح تؤنث وتذكر في لغتنا التي لا نكاد نفهمها أو نعرفها وهي من أعظم ما أنتج الكائن البشري ولها من الجيوب والخفايا والأسرار والإمكانيات التي تجدون بعض قوالبها القليلة في متاريس القواميس القديمة والجديدة من لسان العرب وحتى القاموس الجامع والأطلس وقاموس القريب والبعيد ولن تبلغ نصف هباءة من إمكانياتها المذهلة التي يشيب له شعر رأس الوليد.
وكان الأمر كذلك إلى اليوم
ونعود لنؤكد أنّ الروح لُغة وعبارة تمامًا كما البئر والحبل والسكين والنفس… فنقول: هذا الروّح ويصحّ القول: هذه الرّوح. وكلاهما في البلاعة والنحو والصرف صحيح. وحتى الصَدرُ المُرضع يؤنث ويذكرّ وقد قال الأعشى أحد الغيلان والأساطين السّبع في تراثنا العربي:
وتشرقُ بالقول الذي قد أَذَعْتَهُ كما شَرِقَتْ صدُر القناةِ من الدمِ
ومنذ كبُرَ أولّ ذَكَرٍ وترعرع (وهو أوّل أجدادنا الذكور بعد آدم) الذي أسموه قابيل أو هابيل (في رواية أرضية أخرى) واشتدّ عوده نظر وتدبرّ وفكّر وبئس ما نظر وما قدّرَ وما فكرّ وما دبّر فكَبُر عليه أن ينعم في الأرض كأبيه سابقًا في الجنّة بالحبّ والسكينة والصفاء ويتأمّل ويبدع ويبتكر ويخلق ولم يجد من سبب يفتح فيه ماسورة وبالوعة الدّماء التي لم تغلق بعد ذلك حتى يومنا هذا وبان الشرّ والرجس وطبيعة الذباب في أصله الذكوري فأتى أخاه وأصابه بحجر في رأسه مدّعيا أنه لا يصحّ أن يستأثر دونه وينكح أخته التوأم الجميلة ــ إقليما ــ (على ما يُذكر) وما كان ذلك سوى سبب وتعلّة ليست هيّ المحرّك والأصل فالقاتل حين تعصف به طبيعة الرغبة المدمرّة والتعطش للدماء لا يحتاج بالضرورة سببًا آخر للإندفاع إلى أزهاق روح. بل أقرب روح إليه.
ولو كان لقابيل (أو هابيل) أخوة كُثر لوجد لكلّ منهم على حدة سببًا لفشخ رأسه بقصبة عضمة خنزير أو ثور أو حجر كبير ولكان قتله أيضًا بالـتأكيد.
لكنّه لم يجد من الذكور غير أب واهن وأخ شاب متوقّد ومحبوب مقرّب لله ولأبويه بالرضى والعرفان والطاعة فدبّر قصة ووجد سببًا وهوى بالصخرة على جمجمة أخيه الوحيد بكلّ وحشية ثم قرفص على خراء ندمه باكيًا وشاكيًا حظّه حتى كاد أخاه أن يتعفّن بين يديه فأكرم الله القتيل بأن أوحى لأحطِّ وأوضع وأحقر طيور الأرض وأبشعها صوتًا وصورة فحطّ غراب ذكر أسود قربه قاتلاً مثله أخيه بمنقار غادر لئيم دمويّ وشاء الله جلّ جلاله وعظمت حكمته أن يكون أولّ معلّم لنا في الأرض هو أحطّ طيور الأرض (وأنا بالمُناسبة أسميه منذ كنت في روسيا بحمار الطيور لصوته البشع ويا كم أكرهه) وعلّم الغراب القاتل (قابيل أو هابيل القاتل الشبيه) بشكل بليغ وعمليّ كيف يواري سوءة جثة أخيه بدفنها وارجاعها إلى كريات الطين.
وكان الأمر كذلك إلى اليوم رغم بدعة الحرق عند عبدة البقر وعبدة الأرض والصكوك والبنوك من الضالين في آسيا وفي أعتى الحضارات الأوروبية على السواء. وقد رأيتُ وعشتُ وعاشرت بنفسي في ألمانيا التي ضيعتُ في صقيعها أكثر من ثلث قرن من حياتي القصيرة قضيتها فيها مستغربًا من عجب ربي ورأيتُ بأمّ عيني ودهشتي من بلادتهم ونفوسهم الميتة كيف أن أغلبهم يتخلص من جثة وثقل مصاريف القبر بحرق أمه أو أبيه أو عزيزًا عليه مع وضع باقة من الزهور الملفوفة بعناية لم ينس أن يشتريها بسرعة من محلّ الزهور الملاصق للكنيسة ورأيتهم خلال تأبين معّد على عجل يمسحون دمعة عصيّة وتكاد تخون في هذه الظروف الرسمية المهيبة. ويا كم كنتُ أتعجّب ويا ما كنت أتألمّ خصوصًا إذا كان الميّت صديقًا ولا حيلة لي في إقناع أهله وثنائهم على ذلك الجرم ولا قدرة لي على خطفه ودفنه كما يليق وكما علّمنا الغراب عبر إلهام من ربّ العزّة.
وسيكون عَليّ أن أبتلع ريقي متأسفًا مُشفقًا من عنادك وجهلك وجهل نصف الأمّة الغمّة من الذكور وأن أردّ عن سؤالك الذكوري الفَرْعَ المضلّلَ من جديد بأنّ الله تبارك وتعالى أعظم من أن يُخطئ هذا الخطأ الفاحش في التقسيم وهو الربّ الحكيم وأنّه جمع القاتل والمقتول في مرتبة الأخوّة فقط ولم يحدد اسم من قتل مَن بالتحديد. لأن هذا غير مهمّ على الإطلاق والتأكيد عليه ينفي عمق وبعد الحكمة الإلهية أصلاً في التقسيم كون النفس واحدة خارج كَبسَة الفخّار والسؤال فيه أشبه بمن يركّز على إصبعك الممتدّ إلى فوق حين تشير له أن ينظر إلى القمر فيتابع كلّ الوقت وبعناد إصبعك لا يحيد عنه قيد أنملة…
وأتحدى أيّ كان من العلماء والمتحذلقين والمُزيفين وأنصاف المثقفين أن يقول لي أحدهم الخبر اليقين. ويذكر لي بالضبط أين ذكر الله اسم قابيل أو هابيل أصلاً (بالاسم) في القرآن الذي هوّ مرجعي الأصل الثابت الذي لا يأتيه باطل ولا يلحقه تضليل من شيطان أو إبليس زنيم… وأُصِرّ أن كلّ ما هوّ مَذكور (لحكمة إلهية) أنهما فقط نصفان أحدهما خير وطاعة وتقوى والآخر شرّ وخبث ولؤم… واسمهما لا يعرفه أحد إلا ما ذكرته اليهود من أسماء قريبة من هذه التسمية. وهو موضع خلاف منذ قرون وقرون. ولن يحسم أبدًا لأنه غير مهم على الإطلاق… ومثله كمثل صديق لجوج ثرثار يُضيع عليك استحلاب دمعة نادرة خلال متابعة شريط سينمائي مؤثر جدًّا بسؤاله المتكرر عن اسم البطل أو البطلة الذي لا تذكره أنت أصلاً ولا يهمك أن تذكره ولا يعنيك كثيرًا في تلك اللحظة بالذات اسمه.
الحلّ هو النساء
ولكن وبصراحة دعونا نتحدث للمرة الأولى بشجاعة ودعونا نتخلص من عطانة هذه الكراهية وهذا الزهو الذكوري البشع الذي أُبتلينا به فأنا مثلكم. ويوجعني ذلك مثلكم وربّما أكثر منكم كوني انتبهت له وهو يحرقني ويشويني منذ نعومة أظافري بين أسوار القيروان العجوز ولم أتخلص من ثقله ووزره المزيف إلا بعد رحلة طويلة دامت ثلث قرن من الوحدة والتأمّل والبحث والملاحظة والتعمقّ في تقشير الشفرة والأحجية والتوغل في جوهر خبايا السؤال والبحث عن الخارطة الأولى للطريق من أجل إنقاذ نفسي من الضلالة وتصحيح مسار الرحلة الذكورية التي انحرفت منذ أول قاتل وأول مقتول في متاهات الوحشة العامرة بالوحوش ولم يزدكم التقدم فيها غير الخسران والضعة والضياع. حتى عبدتم العجول والبقر والحلوى والخشب والمال وأرباب العمل والبيوت والحيطان والإسمنت والحديد والتكاثر وتوحشتم كالكواسر والسّباع.
ولكن يوجعني أن أسكت عمّا أرى وما تأتون وما تُكابرون وما تحتالون حتى لا يُفضح ولا يُرى فيكم. وهو بيّن لكم مثل الشمس وحارق لكم من الداخل مثل جمر الأتون.
وإليك حتى لا أطيل عليك فتغصّ قابليّة فهمك الضيّقة كالمنخار وتختنق مع أولّ قطرة أمدّك بها ممّا ألهمني الله فيضيع جهدي هباء.
الحلّ يا ولدي النِساء…
وأعيدها وأكرّرها… الحلّ هوّ النّساء.
فسلموهن مقاليد الحكم والقيادة يقودونكم صوب الخلاص ويرجعنكم إلى أّوَّل طريق الحقّ والخير والطيّب المثمر ولن تمض سوى سنوات قليلة حتى تعوّضوا كلّ ما فاتكم من الخير عبر متاهة آلاف أن لم يكن عبر ملايين السنين.
ووالله لو أنصتّم وآمنتم وفهمتم وتنازلتم عن وهم حقكم في هذه السلطة الموهومة وتنازلتم عن افتعال نخوتكم المقيتة وكبريائكم التي لم يجرحها أحد غيركم لرأيتم الجنّة فوق الأرض ولكان الخطاب بينكم شعرًا سلسًا موقّعًا على بحور جديدة من النور وليست بحور تافهة كبحور ومغاليق الخليل ولعادت التحيّة بينكم سلام حقيقيّ وليس لفظًا ولا تضليلاً ولعادت المحبّة دينكم الرشيد الذي سيباركه الربّ كون المحبّة أيضًا دين خالقنا وسرّه الظاهر والدّفين. ولآشرقت في ظلمات أنفسكم شموس لن يخطر روعة نورها ودفئها وفتنتها ولم تخطر ببالكم أبدًا على بال.
ولو قال لكم هذا الذي أحدثكم به الآن امرأة مهما علا شأنها ومهما خصّها الله به من بلاغة وقبول لأعرضتم بشدة ولقلتم إنّما هيّ امراة أنثى طريّة ولقلتم عنها إنّها متعصّبة لبني جنسها وإنّها مُرّة علقمٌ حقودة ضيّقة الآفاق صغيرة النفس وفاقدة للأنوثة.
ويا ما حاربتم من آلهة الجمال ويا ما ذبحتم من النساء الرائيات المنذورات منذ زرقاء اليمامة التي اجتثثتم بؤبؤ عينها وتعجبتم من عروقها السود ونقشتموها لذلك فقط في زبيب حكايات الليل التي تسليكم بها شهرزادكم وكأن العروق السود هي المسألة لكنكم حكمتم وحسبتم حسبتكم بمنطق الكاره الحاقد وقدرتم العقاب ونفذتموه فورًا وبلا تأخير أو نظر وتركتموها حيّة تنزف وأخرجتم منها بيّنتها وعلامتها كي لا ترى ثانية ما لا تريدون.
ما أشد عداءكم للفجر والضياء والنور وما أضيق نفوسكم وأبعدها عن سقف السماء وما أضلّ الأرضيّ فيكم وما أسخف ما تعتقدون وتحسبون وأنتم هباءة وطفل عار يلهو في حوض من الكبريت والدّم والبارود والسّم والقصدير…
ومن أخبرك بذلك أيّها الذكوري البليد…
من أخبرك غير هذه الإجتهادات الوهابية الأفغانية التافهة التي لم يقلها نبيّ ولا حصّنها رسول ولا قدّرها الله العلي العليم…
من قال لك أنه لا تجوز إمامة الأنثى؟!
أوَ نسيتَ أنّ تونس نفسها التي تغار عليها لم تكن أكثر من غابات شوك ومرتع للوحوش والزواحف والحطب اليابس واليباب والجوع والجهل والكهوف والقبائل البدائية المتناحرة بقيادة ميمنة بربروس وميسرة الترشيشيّ حتى جاءتك نبيّة في قارب هاربة من قصور الشام وظلم خالها الذكر المستبد فاشترت من أرضك ما يكفي مساحة جلد ثور ثم بعبقرية ونفاذ الأنثى النحلة الدؤوبة الفاتنة بسطت جلد الثور شريطًا رفيعًا وعانقت به مساحة أوسع قليلاً ولكنها لم تكن أكثر من ألفي متر أو أقل لا تكفي إلا لإشعال قِرَى للبخور والنداء لهبوط الغيم وحلول المُعجزة وكان ذلك فعلاً كذلك ولم تمض سنوات تحسب على أصابع أيديكم وأرجلكم يا ضعيفي الذاكرة وعديمي الموهبة في الحساب حتى فجّرت لكم من طوب الأرض الجبلية المهجورة حضارة خرّت لها الجبابرة وما زالت بعد آلاف السنين تُنعتُ بالبَنانِ وينظر لها بعين الدهشة والإنبهار ألم تبني لكم حضارة سحقت وفاقت حضارة الروم وبجند قليل؟!
ألم تنافس الفراعين ولا يهود عندها من جيوش البنائين؟!
ويا ما كنتُ أرغب في الإعتذار بدلاً عنكم للعظيمة ــ عليسة ــ أولّ رئيسة للبلاد التونسية في عهد لم تعرف الأرض فيه بعد غير الملوك والأباطرة والطغاة.
وما كان لها أن تكون أو تسمى ملكة لأنّ المُلك يورث أبًا عن جدّ أو يُفتكّ بالسمّ أو بحدّ السلاح والحصار والدمار والمؤامرات والدسائس والعار.
وهي لم ترث تونس عن أبيها ولا افتكت الأرض واغتصبتها من عمّها أو أخيها ولأن تونس لم تكن أرضها فقد كانت حسب اعتقادي ومفهومي الأعمق لمنصب الرئيس فعلاً أوّل رئيس منتخب بأصوات محبّة الشعب وقبل خلق بدعة الصناديق.
وقد أحبت الأرض وعمرّتها وجعلتها خضراء بكلّ معاني عظمة اللون الأخضر في البناء والعمران كرمز وكصفة. وخرج من رحم حضارتها عظام الأرض وليس أشهرهم ــ حنّبعل ــ ولا ابن خلدون ولا حتى آخرهم أبو القاسم الشابي الذي أعادوه ــ مشكورين للمرة الأولى ــ إلى بيته الشعري الفاره من جديد بعد انتظار عشرات السنين في القبر…
ولكنّ ذاكرتكم أيضًا مقعّرة جوفاء وروحكم من أصول روح الذباب الذي لا يصبر ولا يرى غير ما يجد من قمامة في منتصف الطريق.
فهل فهمتم الآن ما الفرق بين الذكر والأنثى؟
بين روح النحلة وروح الذبابة؟
بين غاية وهدف تلك ووجهة الأخرى وخبيئتها؟
سلّموها للأنثى
وهل تحتاجون بيانًا أكثر؟! لتقتنعوا بأنّ خيركم في تسليم مقاليد الحكم إلى أنثى ــ امرأة ــ من خير نسائكم تختارونها بمحبة وتذودون عنها كما فعلتم في بدء فجر التاريخ مع حبيبتكم ــ عليسة ــ لأن ذلك سيكون إختصارًا بصراحة لكلّ ما سأقول وما سأعدكم به من خير عميم كان يمكنني أن أسوقه في مؤلف كامل متين وأعكف عليه سنة أو تزيد… ولكنني لا أريد منكم مجدًا ولا تهليلاً…أريد أن تقشروا رمانة الكلام وحبات العبارة والعِبر لتتسّاقط بين أياديكم طيب حباتها السكّر ويمتلئ حوشكم بالرطب والثمار والبركة والمنّ والسلوى وتجري بينكم الأنهار قِربًا…
سلموها لأنثى وتحديدًا لامراة منكم ومن نسلكم تختارونها أنتم على شرط أن تكون عاشقة مخلصة للبلاد وحدودها اللغوية والحضارية والنفسية والأخلاقية والجغرافية ولا تكون مغتربة مثلي هاربة من مواجهتكم وتحملكم ولا مسرفة في لثغتها الأجنبية ولهجتها الغريبة عنكم ولا هي متحيزة لثقافة الغرب وجارية له تعبده ولا هي كارهة للإسلام الوسطي البنّاء ولا هي شرقية ولا هيّ غربية إنما أن تكون منكم… نبتة طيّبة تربت في بيت تونسي اصيل ومن طينة طيبة ونقية.
حينها فقط سأنظر صوب السماء ملتمسًا برفق ومحبة أن يُغمض الله عينيّ وانا مرتاح البال وعلى يقين بأن بلدي الحبيب سيكمل ما بدأته عليسة وسيعيد امجاده.
*نشر باسبوعية الشارع المغاربي الصادرة بتاريخ الثلاثاء 14 فيفري 2023