الشارع المغاربي: اعتبر عبد القادر بودريقة استاذ الاقتصاد اليوم الخميس 15 جوان 2023 ان توجه تونس الى صندوق النقد الدولي ضروري وانه لا يرى حلولا اخرى غير ذلك متسائلا عما اذا كانت تونس مستعدة بجدية للذهاب الى اتفاق مع النقد الدولي وعما اذا كان الاعتراض فقط على مسألتي رفع الدعم وخوصصة المؤسسات العمومية.
وقال بودريقة في حوار على اذاعة “اكسبراس اف ام ” تعليقا على ما يروج حول اعتزام تونس تقديم اقتراحات جديدة الى صندوق النقد الدولي” هذا ليس بالجديد ومنذ شهر مارس كان مسؤولون تقنيون بالصندوق يقولون انهم في انتظار برنامج من تونس والذي كان من المفروض ان يقتصر على بعض التفاصيل التي كان من الممكن مراجعتها …ومثلما تعلمون فان صندوق النقد الدولي لا يقتصر على الجانب التقني وانما هناك جانب سياسي له اهمية كبيرة وعلى ما يبدو منذ الزيارة الاخيرة لوفد الاتحاد الاوروبي وقبل ذلك التحرك النشيط من الجانب الايطالي وايضا تصريح بلينكن وزير الخارجية الامريكي يوم اول امس بانه يرحب بتقديم تونس برنامج معدل الى الصندوق.. لا نعرف ما ان كان الامر يتعلق بمفاوضات جديدة ام ان ملف تونس سيتجه مباشرة الى اجتماع مجلس ادارة صندوق النقد الدولي ..”
واضاف من المهم جدا ان الجانب السياسي اصبح متلائما مع البعد التقني …السؤال المهم هو هل ان تونس مستعدة بجدية للذهاب الى اتفاق مع صندوق الدولي ام ان الاعتراض هو فقط على مستوى نقطتين هما مسألة رفع الدعم ومسالة خوصصة المؤسسات العمومية؟ وهذا يمكن ان تجيب عنه السلطات التونسية … سيكون هناك على الاقل مستوى ادنى او اقصى من التنازلات التي يمكن ان تقدمها تونس والتي ترضي صندوق النقد الدولي ليس في جانب الاملاءات فهو لا يقدم املاءات وانما شروطا وهي تهم بالاساس مسألة عجز الميزانية ومسألة تفاقم الدين العمومي ومن الضروري ان تظهر تونس ان برنامجها يمكّن من التحكم في عجز الميزانية بصفة مستدامة وايضا من الحفاظ على التوازنات الكبرى في ما يخص الدين العمومي بمعنى ان تكون لها القدرة على سداد الدين العمومي..”
وتابع ” اذا افترضنا ان تونس ترغب في ابرام اتفاق مع الصندوق فانه يمكن في تقديري الحسم بسرعة في الموضوع بالتوجه نحو اعتماد اقتراح يتناسب مع الخيارات السياسية لتونس وخاصة خيارات الرئيس قيس سعيد الذي يعتبر مسألة رفع الدعم خطا احمر وايضا مسألة خوصصة المؤسسات العمومية وتُظهر تونس ان المهم ان برنامجها يوقف نزيف هذه المؤسسات العمومية والمهم ان يكون اتفاقا جديا وليس بالضرورة الخوصصة ولكن المهم ان نقدم برنامجا يمكن من اعادة التوازن لهذا المؤسسات ويجنبها الخسائر والتصرف غير الناجع فيها ..”
وحول الخيارات الاخرى المتوفرة امام تونس للحصول على تمويلات قال بودريقة :” المهم ليس التوصل لاتفاق مع النقد الدولي وانما الحصول على التمويلات الضرورية لميزانية 2023 …واذا كان من الممكن الحصول عليها من غير صندوق النقد الدولي نظريا دون المس بالسيادة الوطنية فمرحبا بذلك … وهناك من يتحدث عن الجانب الصيني.. فالصين اصبحت منذ سنة او سنتين اول مدين ثنائي في العالم و40 بالمائة من الدين الثنائي في العالم لدى الصين خاصة في البلدان الافريقية ويمكن للصين ان تمثل خيارا اخر ..لكن ينبغي الانتباه فالصين في وضعية خاصة لانها لما تدخل بلادا يمكن ان تمس السيادة الوطنية باعتبار انها ضمن لعبة جيوسياسية على المستوى الدولي وليست ملائكة …اذا كانت هناك حلول اخرى فمرحبا لكن حتى في حالة الجانب الصيني فان تصريحاتهم الاخيرة سواء بالنسبة لزمبيا او لتونس تشير الى ضرورة التوجه الى صندوق النقد الدولي بمعنى انهم يعرفون بدورهم مجال تدخلهم ..
واضاف متسائلا ” هل يكمن الحل في “افريكان زيم بنك” الذي تحصلت منه تونس على 500 مليون دولار بشروط تمويل جيدة مقارنة بالتمويل على مستوى السوق الدولية وهناك الجزائر ووكالة فيتش تتحدث عن وعود ب2.5 مليون دولار لسنة 2023 ممكنة خارج الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وهذا المبلغ غير كاف لان تونس ستكون في مثل هذه الوضعية مطالبة بتوفير 5000 او 6000 مليون دينار لاغلاق الميزانية ولا ننسى ان لدينا سنة 2023 في حدود 50 يوم توريد خدمة دين خارجي وهذا سوف يؤثر على مخزون العملة الصعبة. وفي غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي وتمويلات اجنبية فقد نجد ان لنا من هنا الى نهاية السنة مخزون عملة صعبة ضعيفا قد يؤثر على قدرة البنك المركزي على المحافظة على قيمة الدينار ..لهذا نقول ان الوضعية صعبة وانه من الضروري الحصول على تمويلات…. الفسفاط يمكن ان يمثل حلا ولكن بالنظر للوضعية الحالية فانه يصعب بلوغ هدف انتاج بـ 5.8 ملايين طن بالنظر لوجود اشكاليات في الانتاج وفي التوزيع ..اليوم من الواضح انه من الضروري الذهاب الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لاني لا ارى حلولا اخرى …عمليا من الجيد اننا تفاوضنا وغيّرنا طريقة التفاوض …”