الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اكدت المنظمة غير الحكومية “روزا لوكسمبورغ – مكتب شمال افريقيا” في ورقة بحثية نشرتها مؤخرا بعنوان “ديمقراطية ام اقتصاد: ما الذي يجب تغييره للخروج من الطريق المسدود في تونس؟” انه يجب إذا لم يسمح الوقت للمفاوضات المتعددة الأطراف بمواجهة التهديدات الوشيكة التي تحدق بتونس على مستوى مزيد تفاقم عجز القطاع الخارجي وفي حال لم يكن لدى البلاد الفرصة لإعلان تخلّفها عن السداد إجراء مفاوضات ثنائية عاجلة بشأن إلغاء الديون مع ألمانيا وفرنسا والمملكة العربية السعودية بصفة هذه الدول من كبار الدائنين الثنائيين وان ذلك قد يمثّل الخيار الأكثر واقعية في البيئة الجيوسياسية المتغيّرة في الوقت الراهن.
واوضحت المنظمة في ورقتها البحثية ان هذه الخطوة ستكون في نهاية المطاف أقلّ كلفة سياسيا واقتصاديا لهذه البلدان من عواقب عدم التحرّك.
ويمثّل، وفقا للمنظمة غير الحكومية، الترفيع في مستوى التجارة والاستثمار مع ليبيا، التي تعدّ سوقا مهمّا للمواد الفلاحية ولقطاع البناء في تونس، أمرا ضروريا في المستقبل القريب.
واوصت المنظمة انه من مصلحة تونس في سياق ارتفاع أسعار الزيوت النباتية أن تتفاوض على إزالة القيود المفروضة من جانب الإتحاد الأوروبي على الحصص السنوية لزيت الزيتون التونسي وخاصة الزيت المعبّأ.
وبالتوازي مع تنفيذ هذه الخطوات اكدت المنظمة على ضرورة أن ينعكس التمشي بتونس في صنع السياسات الذي يركز على أولوية خدمة الدين الخارجي كذلك على دعم اقتصاد أكثر مرونة يضمن خلق فرص العمل وخلق قيمة عالية وتوفير أجر لائق، بما من شأنه أن يشجّع في النهاية على عدم الهجرة.
وبعبارة أخرى، سوف تقتل التدابير التقشفية – حسب تقييم “روزا لوكسمبورغ – مكتب شمال افريقيا” – أي مشروع للتعافي الاقتصادي في مهده، باعتبار ان الإنفاق العام ليس قضية محايدة وانما هو خيار استراتيجي يجب أن يفي بأهداف سيادة الغذاء والطاقة، وباحتياجات التونسيين قبل إعطاء الأولوية للدائنين.
كما يجب أن يتم التخطيط للإنفاق العام المستقبليّ على مدى يتجاوز دورة سداد الديون وأن تكون أهدافه قابلة للقياس الكمي والتقييم أي على سبيل المثال تقييم الرفاهية التي ستنتج عن هذا الانفاق وكيفية إعادة توزيعها بشكل عادل.
يذكر ان موضوع إعادة جدولة الدين الخارجي التونسي يظل مطروحا بحدة وذلك في ظل تفاقم مخاطر عدم سداده، من ناحية ووسط التعويل المكثف على الاقتراض الداخلي بالدينار والعملة الأجنبية، من ناحية أخرى.
وتشير أحدث معطيات وزارة المالية، الى ان فرنسا تمثل أول دائن على مستوى الدين الخارجي بحجم دين بلغ 2804.4 مليون دينار في 2021 أي بنسبة 24.9 بالمائة من الدين الثنائي، تليها ألمانيا بحجم دين بيلغ 2159.2 مليون دينار (19.2 بالمائة من الدين الثنائي) ثم المملكة العربية السعودية بما يقارب 1804.9 مليون دينار (أي بنسبة 16.0 بالمائة من مجموع الدين الثنائي).
من جانب اخر، تكشف المعطيات ارتفاع نسبة الدين الخارجي مقارنة بالدخل القومي الإجمالي إلى 91.4 بالمائة في نهاية عام 2021. ومثلت الديون المستحقة كذلك 203.7 بالمائة من صادرات البلاد في حين بلغت خدمة الدين 21.2 بالمائة من الحجم الإجمالي للصادرات.
كما تظهر البيانات أن الدين قصير الأجل مثل 32.4 بالمائة من إجمالي رصيد الدين الخارجي في عام 2021. كما تدهورت نسبة الاحتياطيات مقارنة بالديون المستحقة بشكل حاد وذلك إلى حدود نسبة 20.3 بالمائة في نهاية عام 2021، مما قد يزيد من مخاطر التخلف عن السداد في حالة حدوث المزيد من التدهور في الرصيد الجاري للميزانية.