الشارع المغاربي: اعرب حسين الديماسي استاذ الاقتصاد ووزير المالية الاسبق اليوم الجمعة 2 فيفري 2024 عن خشيته من نتائج التساهل في اللجوء لطلب التسبقات من البنك المركزي لفائدة خزينة الدولة محذرا من ان تغرق البلاد بصورة هيكلية في اعتماد هذه الالية وما قد ينجر عنها من تضخم وانخفاض في قيمة الدينار اذا لم تتوفر 3 شروط اساسية.
وقال الديماسي في حوار على اذاعة “الجوهرة اف ام” تعليقا على الجدل القائم بعد تقديم الحكومة مشروع قانون يتعلق بالترخيص للبنك المركزي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية:” .. اقول انه بقطع النظر عن كل الاجراءات الحينية اذا لم تتوفر 3 شروط فاننا سنغرق بصورة تكاد تكون هيكلية في التساهل للجوء الى اموال البنك المركزي اولا اذا لم نُدخل اصلاحا هيكليا اساسيا على المالية العمومية وثانيا اذا لم نمكن الاقتصاد من دفع قوي لتحسين الموارد الذاتة للميزانية وثالثا اذا لم نحسن من جديد علاقاتنا وصورتنا على الساحة الخارجية. واذا بقينا على نفس الحال في علاقاتنا بالمؤسسات المالية وحتى على المستوى الثنائي فمن شأن هذا ان يبقينا لمدة طويلة دون سند خارجي من العملة الصعبة في كل حاجاتنا سواء في ما يتعلق بالاستثمار او بالميزانية او غير ذلك وبالتالي سنواجه عجزا مستمرا في ميزانية الدولة وبالتالي اللجوء بصفة مستمرة لاموال البنك المركزي وما قد ينجر عن ذلك من الفيروسين المدمرين وهما التضخم وانخفاض قيمة الدينار …”
وذكر الديماسي بأن قانون سنة 1958 للبنك المركزي كان يسمح له في حدود وبشروط معينة بتقديم تسهيلات للخزينة من بينها الا تتجاوز قيمتة التسهيلات 5 بالمائة من موارد ميزانية السنة السابقة وان يتم ارجاعها في نفس السنة.
واضاف ” ملثما تذكرون جاء قانون 2016 وترك للبنك المركزي سلطة تامة ومثلما تذكرون كنا ضد هذا التوجه واصدعنا بان الاستقلالية التامة للبنك المركزي ليست ايجابية وشددنا انذاك على ضرورة تحسين الاستقلالية وعلى ضرورة ان يبقى هناك دائما تشاور وتعاون بين مؤسسة البنك المركزي والحكومة وحاليا الاطار العام لهذا الحدث الهام حتى لا اقول الخطير هو اعادة النظر في قانون 2016 وعدنا للتسبقات ولكن بصورة مختلفة لما كانت عليه في قانون 1958 ليس لان المسؤولين الحاليين لم يعجبهم قانون سنة 2016 وانما لان هناك ضرورة.. وفي نص المشروع الجديد يُسمح للبنك المركزي بصورة استثنائية ونخشى ان يصبح الاستثناء هو القاعدة …المهم هو ان المأزق ان ميزانية 2024 تضمنت قروضا بقيمة تقارب 26 و 25 مليار دينار وهو حجم مخيف والمشكل هو ان منها 10.4 مليارات دينار خارجية ولم تجد الحكومة مصدرا لها ووزيرة المالية كانت قد اكدت يوم امس اننا وجدنا صعوبة في الحصول على قروض خارجية … ولذلك نلتجىء الى قروض داخلية ولم يجدوا منفذا غير البنك المركزي ولقائل ان يسال لماذا لا نواصل الاعتماد على رقاع الخزينة؟ لاننا لاحظنا انه لم يعد للبنوك سيولة وهذا هو المنفذ الذي وجدوه ويبدو وكأنه ايجابي …..والتسبقات او التسهيلات في حدود ما يقارب 7 مليارات دينار وبلا فائدة وبمدة سداد على 10 سنوات مع فترة امهال ب3 سنوات وهذا شيء سلبي عكس ما كان عليه الامر في قانون 58 …فهذا من قبيل ضخ اموال بلا مقابل ونتيجة ذلك واضحة وهي الزيادة بشكل كبير في التضخم وانخفاض قيمة الدينار.”
وتابع ” مثلما قلت… ظاهريا يبدو ذلك شيئا ايجابيا ويخفف من حدة مازق الميزانية لكن ذلك يطرح تساؤلات : هل يكفي مبلغ 7 مليارات دينار لتغطية حاجات الميزانية والتي هي مثلما قلت في حدود 25 مليار دينار؟ ومن اين ناتي بالبقية؟ هذا السؤال خطير لانه اذا كان الجواب بـ”لا “فمعنى ذلك اننا سنواصل اعتماد نفس الالية وندخل في دوامة لا تنتهي ..والسؤال الثاني اذا لم تكف فاننا نكاد نلجأ بصفة كاملة الى القروض الداخلية سواء بصفة مباشرة من البنك المركزي او من البنوك المحلية …25 مليار دينار حجم كبير علما ان ميزانية الدولة في حدود 70 مليار دينار ويُضخّ هذا في الاقتصاد والسؤالين الفرعيين هما : اذا كنا سلنجا الى القروض الداخلية فمن اين سنجلب العملة الصعبة لجلب المواد الاساسية والمواد الضرورية للاقتصاد ومن اين سنجلب العملة الصعبة الضرورية للخدمات علما ان هناك 4 موارد للعملة هي التصدير وتحويلات التونسيين بالخارج والسياحة والقروض الخارجية؟ …والتساؤل الفرعي الثاني هو كيف يمكن للبلاد مجابهة تبعات اقتصاد كله اموال داخلية من تضخم وتراجع قيمة عملة البلاد؟ …والتساؤل الاخير هو انه اصبح هناك خطر من ان يتحول هذا المنفذ الصغير الذي هو استثناء الى قاعدة …وهذا وارد … واول مرة حصل ذلك كان سنة 2020 لما حول البنك المركزي ما يقارب 2.9 مليار دينار في ظرف استثنائي وهو ازمة كوفيد لكن الامر يتعلق الان بمبلغ اكبر…. “